أولا: الموازنة في صياغة (رؤية العروج) بين الشريعتين القرآنية والفطرية:
في المبتدأ نتعرف على مصطلحي: الشريعة القرآنية والشريعة الفطرية عند جولن، فالشريعة القرآنية هي القرآن نفسه، وقد عرفه بأنه: "مجموعة القوانين الإلهية، النازلة من الخبير المتعال والمشرقة على عالم بني الإنسان، والتي تتناول الإنسان من جميع جوانبه، من قلبه وروحه وعقله وجسمه"
>[1] .
وهذا التعريف الذي ينظر إلى القرآن كشريعة قانونية، يريد منه صاحبه لفت الأنظار - بقوة - إلى أن القرآن جاء لتطبيقه في الحياة كمنهج متكامل يجب على المسلم فهمه واتباعه.
[ ص: 104 ]
وبالمناسبة فإن أحد مصطلحات التعامل مع القرآن وهو (التلاوة) يأتي في العربية بمعنى الاتباع المباشر، وهذا ما جسده بالفعل رسول الله محمد صلى الله عليه وسلم وصحابته الكرام، فصاروا بفضل ذلك الاتباع خير أمة أخرجت للناس
>[2] .
أما الشريعة الفطرية فيقصد بها جولن آيات الأنفس والآفاق، وما يرتبط بهما من قوانين اجتماعية وكونية
>[3] .
ومن مجموع آيات القرآن الكريم تتكون لدى المسلم رؤية متكاملة حول طرق التعامل مـع الكون والحيـاة، ومركز الإنسان في هذه المجرة، مما يؤدي إلى صنع رؤية للنهوض الحضاري.
وتصبح هذه الرؤية كاملة وناضجة وفاعلة، بهذا التفاعل الخلاق بين الشريعتين القرآنية والفطرية، ما دام هذا التفاعل ملتزما بالشروط الآتية: