المجال الرابع: إصلاح طرق التقويم في مناهج العلوم الإسلامية:
لئن أوضحنـا ما يناط بالمجالات الثلاثة من دور وأهمية في الارتقاء بمناهج العلوم الإسـلامية السـائدة، وإعادة صياغتها صياغة معـبرة عن هوية الأمة وفي إطار من التصور الإسلامي الكلي الشامل للإنسان والكون والحياة والوجود،
ولئن سلطنا الضوء على كيفية إصلاح تلك المرتكزات، فإن هذا المرتكز الأخير، لا يحتاج بيان طريقة إصلاحه إلى جهود كبيرة، ذلك لأنه كالمرتكزات التي قبله، يتطلب إصلاحه إلى صياغة طرق التقويم صياغة تستند إلى التصور الإسلامي الكلي في مجال التقويم والاختبار، مستحضرا قيم العدالة والإنصاف والشفـافية، ومستحضرا كون التقويم نوعا من الشهادة، التي يسأل عنها المرء يوم القيامة، فإن شهـد بحق، كان له ثواب، وإن شهـد بغير ذلك تحمل عواقبه ونتائجه.
إن إصلاح هذه الطرق بالالتزام التام بالقيم المتعلقة بالشهادة، من شأنه إعداد جيل سليم واثق من نفسه، وعارف قدراته وإمكاناته، مما يدفعه إلى التفاعل البناء مع المجتمع بإيجابية وفاعلية.
وإذا اختلت هـذه القيم في هذه الطرق، كان ذلك مدعاة إلى تخريج جيل مضطرب غير واثق من نفسه، فلا يؤمن على نفسه ولا على مجتمعه بله على أمته. [ ص: 155 ]
وأيا ما كان الأمر، فإن على القائمين على شؤون مناهج العلوم الإسلامية انتقاء الطرائق التقويمية، التي يرونها قادرة على تعريف النشء بقدراتهم وإمكاناتهم دون بخس أو نقص، نعني أنه ينبغي أن يكون الإنصاف أساسا وقيمة لا ينازع فيها.
فليس من العدل حرمان أحد ما يستحقه، كما أنه ليس من العدل إعطاء شخص ما لا يستحقه، وإنما العدل، كل العدل، إعطاء كل ذي حق حقه، وفي ذلك التزام بالمنهج الإسلامي في التقويم والاختبار. [ ص: 156 ]
التالي
السابق