ثانيا: مفهوم التكامل الحضاري
يشير مصطلح التكامل إلى مستوى معين من التفاعل بين جماعات متعددة، وذات خلفيات حضارية متباينة، ويفترض أن يبتعد بها عن الصراعات والحروب، ليرسخ بدلا من ذلك حالة السلام، الأمر الذي يمكن تلك الجماعات من مواجهة ما يعترضها من مشكلاتها بكفاءة واقتدار، وتحقيق ما تصبو إليه من تطور وتقدم إنساني عام. التكامل بهذا التحديد عملية تطورية تراكمية تنهي مرحلة معينة من حياة الجماعات البشرية لتبدأ مرحلة أخرى مختلفة في ظل حالة من الاستقرار
>[1] .
وقـد برز الاهتمـام بالتكامـل بداية في مجـال العـلاقات الـدولية، حيث عكف عدد من المفكرين على دراسته، فالاتحاديون يرون أن نهاية عمليـة التكامل تتمثل في نمو اتحاد فديرالي بين الدول المكونة له، و"أرنست هاس Ernst Haas"، مثـلا، رأى فيـه عمـلية خلـق تجمعات سياسية محددة بتعبيرات مؤسسية وسلوكية
>[2] . ونادى به "روجيه
[ ص: 35 ] غارودي Roger Garaudy" انطلاقا من نظرة الإنسان إلى الآخر على أنه جزء من ذاته، يكمل كل واحد منهما الآخر ويكشف له عما يعوزه
>[3] .
ونحن هنا نتناول جانبين رئيسين: اصطلاح التكامل من جهة والخطوات، التي تؤدي إليه من جهة أخرى.