3- تحديد مرجعية التفاعل:
إن أي لقاء بين طرفين أو أكثر لا يستقيم إلا بالاستناد إلى رؤية مشتركة، تكفل ضبطه وتوجيهه الوجهة الصحيحة. ولذلك يجري الاتفاق بين الأطراف ذوي التوجهات المختلفة على رؤية واحدة، تمثل القاعدة المشتركة الأساسية، التي يتم تبادل الآراء في ضوئها والاحتكام إليها في حسم ما يطرأ من خلافات
>[1] .
ولعل العقل هو الشيء المشترك في الحضارتين الغربية والإسلامية، فالغربيون يعلنون دائما اعتمادهم عليه في كل شيء، والمسلمون لا يرون فيه أي تعارض مع الدين. فالشريعة تؤكد أن العقل البشري يمثل أصلا
[ ص: 114 ] من أصول المرجعية الشرعية، وتدعو إلى الاحتكام إليه في الحوار مع غير المسلمين، في مختلف الموضوعات. والقرآن الكريم يعتمد في الإقناع على البراهين المنطقية والحجج العقلية
>[2] .
وتحـديد مرجعـية الحـوار لابد أن يعتمـد على التوافق بين الأطراف إذا أريد لعملية التفاعل أن تتكلل بالنجاح، ولن يتحقق ذلك بطبيعة الحال إذا انفرد أحدها بصياغة أسس الحوار وقواعده. تؤكد ذلك خبرة الحوار بين الشرق والغرب في المراحل السابقة. فخلال العقود الخمسة الأخيرة من القرن الماضي، التي شهدت جولات كثيرة من الحوار بين المسلمين والغرب، اتخذت شكل مؤتمرات وندوات، كان الطرف الثاني هو الذي يحدد مرجعيتها، ويختار قضاياها وموضوعات برامجها، ولذلك لم تؤد إلى نتائج فاعلة للطرفين
>[3] .