ثانيا: في الحقل العقابي:
أ- الأحكام العقابية:
قسم الإسلام العقوبات إلى أربع، هي:
1- الحدود: تشمل الحدود جرائم السرقة والزنا والقذف وشرب الخمر والحرابة وقطع الطريق، فالسرقة عقابها قطع اليد:
( والسارق والسارقة فاقطعوا أيديهما جزاء بما كسبا نكالا من الله والله عزيز حكيم ) (المائدة:38)، والزنا عقابه الجلد:
( الزانية والزاني فاجلدوا كل واحد منهما مائة جلدة ) (النور:2)، وكذلك القذف عقابه الجلد:
( والذين يرمون المحصنات ثم لم يأتوا بأربعة شهداء فاجلدوهم ثمانين جلدة ولا تقبلوا لهم شهادة أبدا وأولئك هم الفاسقون *
إلا الذين تابوا من بعد ذلك وأصلحوا ... ) (النور:4-5).
أما شرب الخمر فقد وضعت له عقوبة الجلد مع اختلاف بين الفقهاء في عدد الجلدات، بينما الحرابة وقطع الطريق والإفساد في الأرض فقد نص الكتاب على عقوبتها بقوله تعالى:
( إنما جزاء الذين يحاربون الله ورسوله ويسعون في الأرض فسادا أن يقتلوا أو يصلبوا أو تقطع [ ص: 102 ] أيديهم وأرجلهم من خلاف أو ينفوا من الأرض ذلك لهم خزي في الدنيا ولهم في الآخرة عذاب عظيم ) (المائدة:33).
2- القصاص: وتشمل جرائم الاعتداء على النفس بالقتل أو بإتلاف عضو من أعضاء الإنسان كاليد والساق والعين والسن... إلخ، ويعاقب عليها بالقصاص أو الدية. والقصاص هو إنزال أذى بالجاني يماثل الأذى، الذي أنزله بالمجنى عليه، فجريمة القتل العمد عقوبتها القتل
( يا أيها الذين آمنوا كتب عليكم القصاص في القتلى ) (البقرة:178)،
( وكتبنا عليهم فيها أن النفس بالنفس ... ) (المائدة:45)، أما جرائم القتل شبه العمد والقتل الخطأ فعقوبتهما الدية أو الكفارة. فيما جرائم الاعتداء على ما دون النفس والتي تتمثل بالجروح والضرب والشج وما يؤدي إلى حدوث عاهة مستديمة فعقابها القصاص إذا ما جرى ذلك بشكل عمدي، والديه إذا لم يكن كذلك، مع إمكانية سقوط العقوبة بالعفو أو الصلح من قبل المجنى عليه
>[1] .
3- التعزيرات: وهي العقوبات، التي تترتب على المعاصي التي لم يرد بشأنها حد ولا قصاص ولا كفارة، والتعزيرات كثيرة ومتعددة ومتغيرة تشمل السب والشتم والغش والتزوير والاحتكار والرشوة وتزييف العملة والتلاعب بالأوراق الرسمية والاختلاس والتهريب والاشتغال بالسوق السوداء وجرائم النشر
[ ص: 103 ] والمرور وغيرها مما يجتهد التشريع في الدولة الإسلامية بوضع ما يناسبها من عقوبات، أي يترك تقدير عقوباتها إلى السلطات المختصة، وتتحدد عقوباتها بحسب نوع الجريمة وظروف ارتكابها وملاحقة مدى الأذى، الذي تسببه للمجتمع ومقدار الترويع أو الضرر، الذي ينتج عنها، فضلا عن طبيعة المجرم وتكوينه الشخصي.
وقد تكون العقوبة التقديرية الحبس أو الجلد أو التوبيخ أو النفي أو التقويم أو غير ذلك.
وفي مقـدمـات بعض الأفعـال الـمجرمة ما يخضع بحد ذاته إلى التعزير، كما في مقدمات الزنا، وهذا ما لا تعرفه أكثر القوانين الوضعية، التي تتساهل في مثل هذه الأمور، التي تحسبها وفقا لفلسفتها من أمور الحرية الشخصية لاسيما إذا ما تمت عن رضا.
ومن المهم أن نشير إلى أنه في ظل متغيرات العصر يمكن أن تنظم أكثر المعاصي والمخالفات على نحو تشريعي، وتحدد لها عقوبات ما بين حد أدنى وحد أقصى. كما أن المخالفات الإدارية المرتبطة بالأنشطة والمصالح العامة المختلفة يمكن وضع العقوبات المعنوية أو المالية لها أو حتى عقوبة السجن، وذلك بحسب نوع وجسامة المخالفة وما يترتب عليها.
ب- التربية الوقائية والانضباطية:
يبدأ عمل التربية الوقائية والانضباطية في الإسلام بالعمل على تطبيع الفكر والسلوك على تجنب الوقوع في الأعمال الإجرامية أو السلوكيات الممنوعة، وضبط الغرائز والتبصير بأهمية قوة الإرادة وعدم الاستجابة لنداء
[ ص: 104 ] الشهوات أو ثورات الغضب أو ردود الأفعال المتطرفة أو الجنوح نحو المخالفات أو الإهمالات الضارة.
فبالنسبة للوقاية من ارتكاب جريمة الزنا مثلا تشتغل التربية الإسلامية على التحذير من الممهدات لهذا الفعل، إذ تدعو إلى سد المنافذ، ابتداء من تحريم النظر السيء
( قل للمؤمنين يغضوا من أبصارهم ... ) (النور:30) باعتبار أن
( النظرة سهم من سهام إبليس مسموم، من تركها مخافتي أبدلته إيمانا يجد حلاوته في قلبه ) >[2] ، ونهيت النساء عن التبرج:
( ولا تبرجن تبرج الجاهلية الأولى ) (الأحزاب:33)، وألزمن بالحجاب لمنع عـوامل الإثـارة والإغـراء:
( وليضربن بخمرهن على جيوبهن ) (النور:31). بل نـهـين عن لـين الكـلام مع الغرباء:
( فلا تخضعن بالقول فيطمع الذي في قلبه مرض ) (الأحزاب:32). كما أكدت التربية الإسلامية على سلوكيات الحياء والتحصن، فضلا عن حرمة الخلوة
( ألا لا يخلون رجل بامرأة إلا كان ثالثهما الشيطان ) >[3] .
من جهة أخرى، وضمن الأهداف نفسها، تحث التربية الإسلامية على الزواج
( ومن آياته أن خلق لكم من أنفسكم أزواجا لتسكنوا إليها وجعل بينكم مودة ورحمة ) (الروم:21)، و
( وأنكحوا الأيامى منكم والصالحين من عبادكم وإمائكم ) (النور:32)، أضف إلى ذلك دعوتها
[ ص: 105 ] إلى تسهيل مشروع الزواج وتخفيف المهر وعدم المبالغة في النفقات
( إن أعظم النكاح بركة أيسره مؤنة ) >[4] . ويزداد الحث على إتمام المشروع المذكور حين تشكل الحاجة إليه ضرورة نفسية وجسدية ملحة.
وفي إطار العلاقة الزوجية تؤكد التربية الإسلامية على آداب العشرة الجنسية، ناهيك من التأكيد على تجنب مفارقة الزوجة أو الغياب عنها بأزيد من ستة أشهر، حتى أعطى القضاء الزوجة حق طلب التفريق إذا ما تجاوز غياب الزوج عنها أطول من هذه المدة، وذلك صيانة لها من الضياع
>[5] .
كل هذه التعاليم والتوجهات هي بمثابة تربية وقائية وصيانية تعمل على ضبط السلوك وحمايته وتحصينه من الانحراف أو الوقوع في الجريمة.
فضلا عن تبشيع التعاليم للجريمة والأفعال المحظورة، ففي وصفه تعالى الزنا:
( إنه كان فاحشة وساء سبيلا ) (الإسراء:32) وبيانه في الحديث:
( إياكم والزنا، فإن فيه أربع خصال: يذهب البهاء عن الوجه، ويقطع الرزق، ويسخط الرحمن، والخلود في النار ) >[6] .
أما بخصوص جريمة القتل أو الاعتداء على النفس فقد أكدت التربية الإسلامية أن:
( من قتل نفسا بغير نفس أو فساد في الأرض فكأنما قتل الناس جميعا ) (المائدة:32). وفي هذا النص تنبيه لخطورة وفداحة الإقدام على جريمة إزهاق النفس البشرية، التي لا يمكن أن
[ ص: 106 ] يرتكبها الإنسان المؤمن عامدا... ولهذا وصف الله المؤمنين بأنهم لا يقتلون النفس التي حرم الله إلا بالحق، وقد اعتبر جزاء مرتكبها العقاب المضاعف يوم القيامة:
( والذين لا يدعون مع الله إلها آخر ولا يقتلون النفس التي حرم الله إلا بالحق ولا يزنون ومن يفعل ذلك يلق أثاما ) (الفرقان:68-69).
بل أن المشاركة في القتل لا تقل تجريما عن القتل نفسه، قال صلى الله عليه وسلم :
( من أعان على قتل مؤمن بشطر كلمة ، لقي الله عز وجل مكتوب بين عينيه آيس من رحمة الله ) >[7] .
أما بشأن الخمر فإن الإسلام قبل أن يحرمه قانونا مهد إلى ذلك بالتنفير من شربه، وضمن درجات متصاعدة، وحين حرمه وجعل عقوبته الجلد استمر على المنهج التربوي بموازاة الحكم القانوني، قال تعالى:
( إنما يريد الشيطان أن يوقع بينكم العداوة والبغضاء في الخمر والميسر ويصدكم عن ذكر الله وعن الصلاة فهل أنتم منتهون ) (المائدة:91). كما عمل التوجيه التربوي على التضييق عليه بسد جميع منافذه حين لم يقصر تحريمه على من يشربه بل تعداه إلى الساقي والناقل والبائع والجليس كما في الحديث، الذي أخرجه أبو داود والحاكم:
( لعن الله الخمر، وشاربها، وساقيها، وبائعها، ومبتاعها، وعاصرها، ومعتصرها، وحاملها، والمحمولة إليه ) وهذا يعني إبعاد الإنسان عن كل ما يمت إلى الخمر بصلة.
[ ص: 107 ]
أما بالنسـبة إلى السرقة، فإن التربية الإسلامية تعلم الإنسان عفة اليد، وإن من الإيمان والتقوى أن لا يمد المرء يده إلى أموال الآخرين، كما أن حد السرقة ينطـوي بدوره عـلى هـدف تربوي قوامـه الردع الخاص الموجـه للجاني لكي لا يكرر جريمته، وإشعاره بالحاجة إلى التكفير عن الذنب والتنقية من خطيئة السرقة
>[8] ، أضف إلى ذلك هدف الردع العام الموجه للآخرين عبر تشكيلهم سلوكيا، بعيدا عن التفكير بمثل هذه الجريمة وتوعيتهم بخطرها الاجتماعي، فضلا عن نتائجها المؤذية ماديا ومعنويا على من يقترفها.
كما أن التربية الإسلامية وهي تستهدف تقوية الرابطة الاجتماعية والإنسانية بين أفراد المجتمع، فإنها تعمل على تثمين حالة التراحم والتزام حقوق الجار، والحث على نزع مشاعر الغيرة والحسد، وتقوية الإيمان بأن الله هو الرزاق الوهاب، وكل ذلك من شأنه أن يساعد على تنقية الذهن والوجدان من نوازع الشر والعدوان والرغبة في الجريمة
>[9] .
ومن الجرائم ما يسمى في القوانين الحديثة بجرائم النشر، والمسلم في إطار التربية الإسلامية مدعو إلى التبين وعدم الطعن بالآخرين أو توجيه التهم إليهم من دون دليل. كما نهي عن الجهر بالسوء من القول من دون مبرر أو الافتراء الباطل، كل ذلك مما يحمي من الوقوع تحت طائلة القانون
( يا أيها الذين آمنوا إن جاءكم فاسق بنبإ فتبينوا ) (الحجرات:6).
[ ص: 108 ]
وفي الجنح المتعلقة بخرق قوانين المرور نجد أن من المسلمين المعاصرين من قدم مجموعة من الفتاوى الموجهة للسائقين، وهي بمثابة تربية مرورية بما انطوت عليه من أحكام وضوابط وإرشادات، مثل ضرورة الالتزام بالسرعة المحددة، وعدم مخالفة الأنظمة المرعية، والتقيد بالإرشادات المعتمدة محليا ودوليا، وعدم السياقة في حالات التعب أو الإجهاد، والالتزام بحزام الأمان، ونحو ذلك
>[10] .
والحقيقة أن التربية الإسلامية حين تعمل على تهذيب النفس وتوجيه السلوك، خاصة في إطار اجتماعي ملائم، فإن ذلك من عوامل الضبط السلوكي، التي تساعد الأفراد على الابتعاد عن سبل الانحراف والجريمة. وهذا يعني أن الضبـط السـلوكي عند الإنسـان الـمؤمن لا يتأتى من قـوة القانـون أو حضور السلطة بقدر ما يتأتى من التربية العميقة، التي تضيئ الوعي بحقيقة أن الله صاحب العلم المطلق، الذي لا تخفى عليه خافية
( يعلم خائنة الأعين وما تخفي الصدور ) (غافر:19)،
( وهو معكم أين ما كنتم والله بما تعملون بصير ) (الحديد:4)، و
( يوم تشهد عليهم ألسنتهم وأيديهم وأرجلهم بما كانوا يعملون ) (النور:24). إن من يعتقد بذلك سيحسب ألف حسـاب قبـل أن يفـكر بارتـكاب ما هو محـرم أو مجـرم، فـالإحسـان:
( أن تعبد الله كأنك تراه، فإن لم تكن تراه فإنه يراك ) >[11] .
[ ص: 109 ]
علما بأن التـربية الإسـلامية وهي تعمـل على الضبط السـلوكي فإنها لا تخاطب عنصرا من دون آخر من عناصر التكوين البشري، بل تخاطب القلب والعقل والحس.
إن التربية المسبقة من شأنها إيقاظ الضمير في مواجهة الخطأ حتى بعد الوقوع فيه، الأمر الذي يدفع أحيانا إلى الاعتراف على النحو، الذي يساعد على إثبات الجريمة
>[12] .. وهنا يبرز دور الشعور بالذنب، الذي يتمخض عادة عن مخزون تربوي يدفع إلى إعـلان التوبة ومحاولة إعادة التشكيل الذاتي على نحو إصـلاحي، بخـلاف المجـرم في ظـل القوانـين الوضعية الذي قـد يخرج إذا ما عوقب أكثر ضراوة
>[13] .
إذن فالتوبة، التي تعني الكف عن المعاصي وعدم تكرار الجريمة تمثل حالة من اختزان الإمكانية التربوية للإصلاح.
وإذا كانت العقـوبة تنقضي في ظل القـوانين الوضعية بالتنفيذ أو الموت أو الصلح أو التقادم أو العفو، فإنها في ظل النظام الإسلامي قد تنقضي في بعض المعاصي أو المخالفات بالتوبة
( فمن تاب من بعد ظلمه وأصلح فإن الله يتوب عليه ... ) (المائدة:39)،
( إلا الذين تابوا من قبل أن تقدروا عليهم فاعلموا أن الله غفور رحيم ) (المائدة:34).
[ ص: 110 ]
وأخيرا، يمكن القول: إن غياب التربية الإيمانية قد يؤدي إلى تشجيع الأفـراد على اخـتراق القـوانين أو التحـايل عليها بسهـولة، كما ويسهل احتواء القائمـين على تنفيـذهـا بالرشا وشراء الذمم أو بالتهديد والوعيد أو بالأذى أو غير ذلك.
لقد نفذت عصابات الجريمة المنظمة في بلدان كألمانيا وإيطاليا وأمريكا وروسـيا أساليبا إلى درجة حيدت من خلالها القوانين أو سيرتها في خدمتها.
من هنا نقول: إن الضبط الذاتي، الذي توفره التربية الإسلامية له قيمته ودوره في دعم القانون وتسهيل تطبيقاته. والحقيقة، إذا ما قارنا بين نسبة الجـرائم والانحرافات، التي تقع في المجتمع الإسـلامي والجـرائم والانحرافات، التي تقع في المجتمعات، التي تفتقد إلى قيم الدين، سنجد أن الإحصاءات تشير إلى ارتفاعها في الثانية أكثر من نسبتها في المجتمع الأول.
ولعل ما يحدث - ولأكثر من مرة- في بعض الولايات المتحدة الأمريكية - وفي غيرها- من هجوم لآلاف الناس على الأسواق والمخازن ونشوء الفوضى وارتكاب بعض الجـرائم والتعـديات إثر انطفاء التيار الكهربائي المركزي فيه ما يدل بوضوح على خطورة الانفصال بين التربية والقانون، إذ بمجرد غياب سلطة القانون ولو لساعات حتى تسود الفوضى ويعم الخراب.
تعليق:
لقد شهدت التجربة الإسلامية الأولى في عهد النبي صلى الله عليه وسلم وفي الصدر الأول للإسلام انخفاضا كبيرا في نسبة جرائم القتل والسرقة والزنا ونحوها من الجنايات والجنح مقارنة بما كان عليه الحال قبل الإسلام. وهذا في حقيقته نابع من أن
[ ص: 111 ] واقع العرب في الجزيرة قد شهد عملية تحول وتغيير اجتماعي شامل كانت الـتربية أساسـه الأول، فالتربية الاجتماعية قـد سبقت الأحـكام أو رافقتـها أو لحقت بها عبر مراحل التنزيل المختلفة، التي اتبع فيها الإسلام منهاجا تدرجـيا كان الهـدف منه الإعـداد والتهيئـة السـلوكية لقبـول الأحـكام والتوافق معها.. من هنا ما كان الإسلام ليطرح مجمل قوانينه بمعزل عن مشروع إعادة البناء التربوي والثقافي.
ولقد أدى التفاعل والتعاضد والتكامل بين التربية والقانون في ظل هذه التجربة إلى نجـاح كبير في التطبيق لاسيما مع حضور المربي الأعظم النبي القائد صلى الله عليه وسلم ، حيث هجر الكثير من الناس العديد من العادات الجاهلية السابقة، سواء في القتل أو النهب أو السلب أو الزنا أو الربا أو الاحتكار أو غيرها من الممارسات الذميمة.
بل أن القانون الإسلامي بحـد ذاته قد انطـوى في فلسفته على مضامين قيمية. فالزنا - مثلا- هو بحد ذاته مستقبح، ومحرم أخلاقيا قبل تحريمه قانونيا، على خـلاف المنظـور المـادي الذي يحـكم معظم القوانين الوضعية، حيث لا يدعو إلى إيقاع العقاب على هذا الفعل إلا بوصفه مخالفة قانونية فقـط، بدليل أن لا عقـاب عـليه إذا ما تـم برضـا الطرفـين أو من دون قهر أو اغتصاب.
ثم لابد من القول: إن تحقيق الأمن الاجتماعي يتطلب العقاب الرادع، ومن غير المقبول أن يدلل المجرمون بحجة حقوق الإنسان؛ لأن هذا التوجه
[ ص: 112 ] يشـكل عامـلا مشـجعا على اسـتسـهال الجريمة، ذلك أن من لم يجد شـدة في العقاب سيتمادى في غيه ويرتكب الجرائم وهو على قدر ما من الطـمأنينة. لذا فإن التشديد في القانون الإسلامي، فضلا عن العلانية في تطبيق بعض عقوباته لهما الأثر في تضييق الخناق على نوازع الجريمة وأفكار التجاوز. وبهذا ينطوي العقاب الإسلامي بحد ذاته على تطويع فعال للسلوك الإنساني.
وفي ظل معادلة الترابط والتعاضد والتبادل والتكامل بين التربية والقانون يمكن للتربية، كما يمكن للقانون، تحقيق الأمن الاجتماعي المطلوب.
ولاشك في أنه في ظل مجتمع يؤمن بشرعية كل من التربية والقانون ستأخذ معادلة الترابط والتكامل المذكورة أثرها المنتج الفعال.