ظاهرة التطرف والعنف (من مواجهة الآثار إلى معالجة الأسباب) [الجزء الثاني]

نخبة من الباحثين

صفحة جزء
سادسا: النوازل الشرعية:

النـوازل هي جمع نازلة، والنازلة هي الواقعة التي تنـزل بالفرد أو المجتمع أو الأمة أو العالم، كنازلة الاحتباس الحراري، والعولمة، والعنف والإرهاب، هذا فضلا عن الاستنساخ والتجارة الإلكترونية والتبرع بالأعضاء.

وهي تسمى بهذا الاسم عند المالكية بالخصوص، وذلك لتميزها عن الأسماء المرادفة لها، كالأقضية والوقائع والفتاوى والأجوبة والمسائل، ولإفرادها بمعنى مخصوص فيها، هو حلولها ومباغتتها وشدتها وتعقدها وتداخلها.

والتعبير بالنوازل الشرعية أعم من التعبير بالنوازل الفقهية، وذلك لاتصال الأولى بخصوص وعموم الأقضية والحوادث المستجدة، ولاتصال الثانية بالحـوادث الجزئية الفرعية التي تكون موضوعا لفقه الأحكام الجزئية أو موضوعا للفروع الفقهية التي لا تحتاج إلى كبير نظر استنباطي، والتي يتوصل في آخر مطافها إلى إصدار حكم جزئي خاص بها.

أما النوازل الشرعية فهي معقدة ومتسعة ومتداخلة ومتشابكة، ومثالها نازلة العنف والإرهاب، فهي من أخطر النوازل المعاصرة وأعقدها وتلبسها بغيرها، وهي تحتاج إلى نظر غير يسير لفهمها وفك غموضها ورفع لبسها وبيان حلولها وتحديد أحكامها وإدامة معالجتها.

وهذا ما عرف بفقه النوازل، وهو النظر الدقيق في الوقائع والنظر في حقائقها وعوارضها وملابساتها وتفرعاتها ومآلاتها، وهذا أمر شاق ودقيق ومضن لا ينهض به إلا المحقق الثاقب والمدقق الفاحص والمخلص الصادق. [ ص: 33 ]

وعليه، فإن معرفة فقه النوازل يعد إطارا كليا مهما للنظر الجزئي في الأحكام والمسائل والوقائع، ومنهجا أصيلا في معالجة الأحكام الشرعية العملية الجزئية. وبغير الإحاطة بهذا العلم تتناثر الجزئيات وتتعارض المعطيات وتتصادم الإرادات وتتجافى الحلول والمعالجات. والله سبحانه فوق كل ذي علم.

التالي السابق


الخدمات العلمية