عاشرا: الحضارة لا تبدأ من الصفر:
البشر ينقلون خبراتهـم وتجاربهم ومعارفهم عبر الحدود، وكل حضارة تخلف غـيرها، تستفيـد من سابقتها، وقد شهد عالمنا أكثر من (26) حضارة، كما يرى المؤرخ البريطاني (توينبي)، كل منها فيه قديم وجديد، ذاتي ومقتبس، فـإذا أنكر الغرب ذلك اليـوم فقد عاش قرونا لم يكن لديه علم ولا معرفة، ولن تكون حضارة (اليوم) بدعا مغايرا لكل الحضارات؛ وتفوق الغرب اليوم علميا وتقنيا (ظاهرة حديثة) - بمقياس التحضر - ويوم أهدى الخليفـة العباسي الرشيد إلى (شارلمان) ساعة، اندهش وشعبه، وربما اعتقد أن نفرا من الجن والعفاريت (تسكنها) وتحركها، وأن مكتبة (شخصية) لوزير عباسي (الصاحب بن عباد) كانت تحـوي من المراجـع والكتب ما يفوق كل مقتنيات المكتبات العامة في القارة الأوروبية بشهادة (ديورنت) في كتابه (قصة الحضارة)!
وأختم: من المسلم به أن اقتباس العناصر الحضارية هو أحد أهم شروط نمو الحضارة وازدهارها".
>[1] [ ص: 149 ]