- الخصوصية التاريخية:
في العالم خصوصيات: تاريخية، ثقافية... إلخ، فلكل خصوصيته، (هنري لوفيفر) له كتاب جيد عنوانه: (نهاية التاريخ)، قامت د. فاطمة الجيوشي بترجمته للعربية، ونشر عام 2002م، وأشم من المؤلف رائحة (يسارية) وهو يتحدث عن إدراك المؤرخ لخصوصية التاريخ، وهذه الخصوصيات لها قيمة (إيجابية) ينظر إليها عادة باستحسان، بل يبحث عنها ويعرضها، ويعمل أحيانا على شرحها، ويعتقد أنها (تاريخية) بماهيتها وبوصفها موضوعات
[ ص: 170 ] لمعرفته، وعلى العكس يدرك الاقتصادي والمخطط والناظر للمستقبل، وكذلك صاحب الاستراتيجية، هؤلاء يرون في الخصوصيات (سلبية)
>[1] ....
الناس يختلفون ويتمايزون، وليسوا صورة (طبق الأصل) وكذلك الشعوب والأمم، هكذا خلقهم الله تعالى:
( ولو شاء ربك لجعل الناس أمة واحدة ولا يزالون مختلفين *
إلا من رحم ربك ولذلك خلقهم ) (هود:118-119)، البعض يعترف (بالخصوصية) في بلده، لكنه ينكرها ويتجاهلها عندما تكون له مصلحة في ذلك، ففي الولايات المتحدة الأمريكية كل شعب يحتفظ بثقافته (وكنيسته أو كنيسة) مع (لوبيه) الخاص به، وفي بلادنا العربية والإسلامية مطلوب إنكار وتجاهل أية خصوصية، (الوكلاء) يريـدون أن نـكون (نسخـة طبق الأصل) للثقافة الأمريكية والقيم الأمريكية، بل مطلوب للعالم على سعتـه أن يـكون (سوبر ماركت أمريكي) ومن يشاكس أو يعاكس أو يتذمر فهو معاد للتقدم وظلامي وعدواني ولا يستحق الحياة...
تاريخيا، لكل فترة خصوصيتها، وكل مرحلة من تطـور شعب أو أمـة له خصوصيته، وهل سيطبق هذا (التطبيع القسري) على إسـرائيل مثلا؟ وهي الدولة، التي تعلن يوميا كونها (يهودية)؟! إن إنكار الخصوصية الثقافية يلزم منه عدم وجود (اختلاف) بين البشر، ثقافيا أو اجتمـاعيا أو تاريخيا، فإذا كان الأمر كذلك فيمكن عندئذ سوق الكل (بالعصا) مع رفع شعار (العصى لمن شاكس وعصى)!!
[ ص: 171 ]