العنف الأسري ضد المرأة:
إن العنف الأسري هو: "كل عنف يقع في إطار العائلة ومن قبل أحد أفراد العائلة بما له من سلطة أو ولاية أو علاقة بالمجني عليه"
>[1] .
والعنف الأسري ضد المرأة هو "أحد أنماط السلوك العدواني، الذي ينتج عن وجود علاقات قوة غير متكافئة في إطار نظام تقسيم العمل بين المرأة والرجل داخل الأسرة، وما يترتب على ذلك من تحديد لأدوار ومكانة كل فرد في الأسـرة، وفقا لما يمليه النظـام الاقتصادي الاجتمـاعي السـائد في المجتمع"
>[2] .
وهـذا العنف الموجه للمرأة داخل الأسرة، "سواء كانت زوجة أو أما أو أختا أو ابنة، يتسم بدرجات متفاوتة من التمييز والاضطهاد والقهر والعدوانية، الناجمـين عن علاقات القوة غير المتكافئة بين المرأة والرجل، في المجتمع والأسرة على السواء، نتيجة لسيطرة النظام الأبوي بآلياته الاقتصادية والاجتماعية والثقافية"
>[3] .
وجاء في تعريف الأمم المتحدة للعنف الأسري أنه "كل سوء استخدام للقوة والسلطة من شخص بالغ في العائلة ضد أفراد آخرين منها".
[ ص: 14 ]
وجـاء أيضـا في تعليق عـلى كثرة العنـف المنزلي في المجتمع الأوروبي: "إن الخـطر، الذي يسـبـبـه العنـف المنـزلي على حيـاة النسـاء الأوروبيات بين الـ 15 والـ 44 سنة يفوق الأخطار، التي تسببها مجتمعة أمراض السرطان والملاريا، أو حتى حوادث السير والحروب مجتمعين"
>[4] .
ولا توجـد في لبنان، على سبيـل المثال، إحصائيات للعنف الموجه ضد المرأة في المجال الأسري إلا في دراسة أجراها صندوق الأمم المتحدة، في لبنان عام 2002م، على عينة من النساء تبلغ ألف امرأة، حيث تبين أن 33,33 % من نسـاء العـيـنة تعـرضن للعـنف. إلا أن هذه الدراسة بحثت فـقـط في العنـف الجسـدي واللفظي والجنسي الصادر من الزوج ضـد زوجـتـه، ولم تبحث في العنف الصادر عن الزوجة تجاه زوجها، بمختلف أشكاله.
عنف المرأة ضد المرأة في المثل واتقاء دعوة المظلوم:
يقال في المثل: "لا حماة ولا ضرة، بل سخطة من عند الله"، ويدل هذا المثـل على أن أكثر المشـكلات سببـها إمـا الحماة وإما الضرة، وحينما لا تكون لا هذه ولا تلك، يعبر عن صاحبة المشاكل بأنها هي المعنية بـ"سخطة من عند الله" أي عقاب من الله، والله بريء من كل ذلك، فقد
[ ص: 15 ] قال رب العزة على لسان المصطفى صلى الله عليه وسلم :
( يا عبادي: إني حرمت الظلم على نفسي وجعلته بينكم محرما، فلا تظالموا ) >[5] .
ويجب الحذر من الظلم ومن دعوة المظلوم على من ظلمه؛ لأن دعوته مستجابة، ليس بينها وبين الله حجاب، لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم :
( اتق دعوة المظلوم، فإنه ليس بينها وبين الله حجاب ) >[6] .
نماذج عنفية:
يحـدث العـنـف لحـظـة انفـجـار الحقيقة الكامنة في بنية التخـلف، وما يـؤكد ذلك هو ظهور الأشـكال الدمـوية والكاسحـة
>[7] ، ويمكن للعنف أن يكون جريمـة قتـل، أو ضـربا وإصابة بجروح من سلاح أو بدونه، أو تحرشا جنسيا، أو معاملة سيئة، أو ابتزازا ماليا، أو تخريب منشآت... إلخ
>[8] .
[ ص: 16 ]
ولم يعد العنف قاصرا على جنس معين أو فئة عمرية معينة، بل أصبح سلوكا يمكن أن تشارك فيه المرأة مع الرجل، وحتى الشباب والفتيات، وقد أشارت إلى ذلك صفحات الحوادث في الصحف اليومية المحلية والعربية، كوجود ابن يقتل أمه بسبب أساورها الذهبية، أو بسبب الطمع في شقتها، ومدرس يقتل والدته، وزوج يخنق زوجته حتى الموت، وزوجة تقطع زوجها إربا إربا وتضعه في أكياس بلاستيك، وآخر يطفئ نار السيجارة في وجه زوجته، وأب يهشم رأس ابنته لرفـضها الزواج من قريبه، وآخر يشعل النار في أطفاله، وطالب يذبح والدته لرفضها إعطاءه النقود.
وهذه السلوكيات بمجملها غريبة عن الأسرة المسلمة، وتكرارها إنما هو مؤشر على حدوث خلل اجتماعي يستحق المزيد من الدراسة والبحث حفاظا على استقرار وتماسك المجتمعات
>[9] .
وينطبق العنف
>[10] أيضا على مجموعة من السلوك الفظ، والذي هو "نوع من السلوك اليومي الذي يعطل حق الشخص بأن يكون محترما"
>[11] ، سواء أكان هذا السلوك لفظيا أم حركيا
[ ص: 17 ] .