المبحث الأول: العناية بالأرض المقدسة والتوجه نحو التحرير:
كان التوجه نحو تحرير بيت المقدس في عهد النبي صلى الله عليه وسلم يوم بعث بكتابه إلى هرقل، ملك الروم، وهو في بيت المقدس. وقد كان آنذاك يحتفل بالنصر على الفرس عام 628م، أي أواخر السنة السادسة من الهجرة وبداية السنة السابعة
>[1] .
[ ص: 75 ]
وقد أكدت أحداث من السيرة النبوية العطرة هذا التطلع لهذه الأرض عبر سلسلة من السرايا والغزوات والبعثات؛ ومن ذلك واقعة الإسراء والمعراج، التي حملت أكثر من دلالة؛ وتبين لدى المسلمين الخيط الرابط بين المسجد الحرام والمسجد الأقصى.
هذا وقد كان في شهر ربيع الأول، من السنة الخامسة غزوة دومة الجندل؛ وهي مكان على بعد (450) كيلو مترا شمال تيماء.
في السنة السادسة بعث النبي صلى الله عليه وسلم عبد الرحمن بن عوف رضي الله عنه على رأس سرية مرة أخرى إلى دومة الجندل.
وفي شهر المحرم من السنة السابعة كانت غزوة خيبر؛ لأن يهودها كانوا يهددون الطريق إلى الشام.
وفي ربيع الأول من السنة الثامنة كانت سرية كعب بن عمير الغفاري رضي الله عنه إلى ذات أطلاح من ناحية الشام وهو في منطقة وادي عربة.
وفي جمادى الآخرة من السنة الثامنة نفسها كانت غزوة ذات السلاسل بقيادة عمرو بن العاص رضي الله عنه .
وفي السنة نفسها كانت سرية زيد بن حارثة رضي الله عنه إلى حدود فلسطين.
وكـذا غـزوة مؤتـة، التي جهزها النبي صلى الله عليه وسلم بثـلاثـة آلاف مقاتل، حدثت في جمادى الأولى عام ثمان للهجرة، قبل فتح مكة، لتؤكد على قوة المسلمين للمشركين في مكة وتؤكد على أهمية الشام وفلسطين وبيت المقدس.
[ ص: 76 ]
وكذا في معركة تبوك في التهيؤ لغزو الروم على الرغم من بعد الشقة، وعام العسرة وشدة الحر وجدب البلاد، وكان الجيش الإسلامي يتكون من ثلاثين ألف مقاتل لتحرير أرض فلسطين من الروم المتغطرسين فيها.
وقـد أكـد أبـو بـكر الصـديـق رضي الله عنه اهتمامه بتنفيذ قرار الرسول صلى الله عليه وسلم بإنفاذ جـيـش يقـوده الصـحـابي الجليل أسـامة بن زيـد، رضي الله عنهما، إلى الشـام. وكان أولى المعـارك بين المسـلـمـين والروم في فـلسـطـين معـركة (داثن)
>[2] يوم 24 ذي الحجة 12هـ.
وقد بعث عام 633م لفتح بلاد الشام بقيادة عمرو بن العاص وغيره من كبار الصحابة، رضي الله عنهم، فهزموا الروم في وادي عربة جنوب البحر الميت وتعقبهم حتى غزة في عام 634م، وكذا في معركة أجنادين جنوب غرب القدس بين الرملة وبيت جبريل، وقد فتحوا بيسان واللد ويافا.
وأما في عهـد الفاروق عمر بن الخطاب فقد فتحت مدينة القدس وتسلم مفاتيحها من بطريك الروم صفرونيوس في سنة 15هـ/الموافق 636م. وهنا بالضبط بدأ الحديث عن أرض فلسطين بأنها وقف إسلامي لكل الأجيال وكل الزائرين.
[ ص: 77 ]