الخاتمة
تتمثل القيم الحضارية في نسق من المفاهيم والمثل الاعتقادية والسلوكية، التي تشكل معايير أساسية مهمة تمنح المرء القدرة على الحكم على سلوكه وتصرفاته واختياراته، رفضا أو قبولا، تحسينا أو تقبيحا، أمرا أو نهيا.
فالقرآن الكريم كتاب هداية، وتمتد هذه الهداية إلى جوانب حياة الإنسان المختلفة، ومن ثم فإن موضوع القيم احتل مكانة واسعة بين دفتي المصحف الشريف، مع أن موضوع القيم تحت هذا المسمى ما زال في بدايات تناوله من جانب الباحثين.
وقد اشتملت سورة العنكبوت على محاور ثلاثة أساسية من القيم الحضارية، تمثل المحور الأول بالإيمان وما تشعب عنه من مفاهيم مختلفة شكلت قيما أساسية للتحسين والتقبيح والأمر والنهي في المجالين الاعتقادي والسلوكي، لعل أبرزها قيمة الإيمان الحق، وقيمة توحيد الله سبحانه وتعالى، وكذا الحال فيما يتعلق ببقية أركان الإيمان. إذ تحتل قيمة الإيمان بالله وتوحيده رأس الهرم في نسق القيم الإسلامي، فمن دونهما لا يمكن الاعتداد بأية فضيلة مهما كانت أهميتها.
[ ص: 195 ]
أما المحور الثاني فتمثل بقيم ضابطة لعملية البناء الحضاري، التي شكلت الدعوة حجر الزاوية منها، فضلا عن مجموعة من القيم، التي تسهم في تعزيز الجانب الإيجابي لعملية البناء الداخلي للإنسان.
وجاء المحور الثالث بقيم الفضيلة ومكارم الأخلاق، التي تسهم في تعزيز البناء الاجتماعي للمجتمع الإسلامي في تكوينه الحضاري المميز، انطلاقا من بناء الأساس الداخلي لهذه القيم، المتمثل بـ (الضمير) أو (التقوى) ثم بقية مجالات الفضيلة المتعلقة ببر الوالدين، وصولا إلى فئات المجتمع المختلفة، وانتهاء بطريقة التعامل مع المخالفين من أهل الكتاب.
[ ص: 196 ]
و
( الحمد لله الذي هدانا لهذا وما كنا لنهتدي لولا أن هدانا الله ) .