الرئيسية
موسوعات
مقالات
الفتوى
الاستشارات
الصوتيات
المكتبة
المواريث
بنين وبنات
كتب الأمة
تعريف بالمكتبة
قائمة الكتب
عرض موضوعي
تراجم الأعلامالفساد المالي والإداري - رؤية إسلامية - في الوقاية والعلاج
الأستاذ / أمين نعمان الصلاحي
صفحة
17
المبحث الثاني
إدارة الدولة في الإسلام
المفهوم والخصائص
الإدارة مستـويات متـعـددة، ولـكل مسـتـوى تسميـتـه المعبرة عنه، وهي على اختـلاف مسـتوياتـها ودرجاتـها أحـد مجالات السياسـة الشرعية.. والمتأمل في الشريعة الإسلامية يرى أنها لم تأت بالأحكام التفصيـليـة لنظـام الإدارة، وإنما أتت بأسس ومبادئ وقواعد عـامة، تاركة أمر التفصيلات لاختلاف الزمان والمكان، والظروف والأحوال، وبالتالي فالإدارة الإسلامية هي تلك الإدارة التي تـخـضـع للموجهات العامة للشريعة؛ أي للمبادئ والقواعد الكلية التي جـاءت في القرآن الكريم والسنة النبوية الصحيحة.
ويمكن القول: إن مفهوم إدارة الدولة في الإسلام يتلخص بأنه: نشاط جماعي يقوم به الشخص المسؤول مع موظفيه العاملين في الأجهزة الحكومية وفقا لأنظمة وتعليمات مصدرها الشريعـة الإسـلامـيـة، بـهـدف خدمة [ ص: 17 ] الناس دونما تمييز، مع استغلال كافة الإمكانات المتاحة في سبيل تحقيق المصالح العامة >[1] .
ولإدارة الـدولة في الإسـلام خصائـص تميـزها، وأهمها ثلاث خصـائص وهي:
أ- ربط العمل الإداري بالإيمان والتقوى:
فلقد قامت إدارة الدولة في عهد الرسول صلى الله عليه وسلم وعهد خلفائه الراشدين على الإيمان والتقوى، وقد مثلت تلك المرحلة أنموذج الحكم الإسلامي الرشيد والذي كان بحق خير أنموذج لدولة العدل في تأريخ الإنسانية كلها.
إن الإسـلام لا يفصل، ولا يعـترف بالفـصل بين الحياة العامة والحياة الخاصـة، بل هو يعتبر صلاح الفرد واستقامته في حياته الخاصة شرطا أساسا لقبـوله في الحياة العـامة.. ومن هنا يشـترط الإسـلام (العدالة) فيمـن يـتولى الأعـمال والوظـائف الـعامـة، والعدالة هنا تعني صلاح الفرد واستقامته.
والرؤية الإسلامية تنطلق هنا من واحدية القيم وتكاملها، فـ "الإسلام ينطلق من مبدأ التكامل والوحدة، وهو مبدأ مطلق: من لا يصلح للحياة [ ص: 18 ] الخاصة لا يصلح للحياة العامة.. الأخلاقيات واحدة، ونظام القيم واحد متماسك في جميع عناصره" >[2] .
إن مفهوم إدارة الدولـة في الإسـلام يقوم على مبدأ كلي جامع، وذلك المبـدأ هو: التعاون على البر والتقوى، والسعي في تحقيق المصالح ودرء المفاسـد، وبالتالي فمهمـة الدولة في الإسـلام هي إدارة المصـالح لا إدارة الصراعات، وفي تقرير هذا المعنى يقول الإمام ابن تيمية (ت728هـ):
"ولاية أمر الناس من أعظم واجبات الدين، بل لا تمام للدين إلا بها، فإن بني آدم لا تتم مصلحتهم إلا بالاجتماع لحاجة بعضهم إلى بعض تعـاونا وتناصـرا، يتعاونون على جلب المنفعة، ويتناصـرون لدفع المضـرة، إذ الواحد منهم لا يقدر وحده على جلب جميع منافعه، ودفع جميع مضاره... فالواجب اتخاذ الإمارة دينا وقربة يتقرب بها إلى الله، فإن التقرب إليه فيها بطاعته وطاعة رسوله من أفضل القربات" >[3] .
ب- الشورى:
وإدارة الدولة في الإسلام تقوم على الشورى، بمفهومها الإسلامي المتميز، فهي إدارة شوروية لا مكان فيها للاستبداد، وفي نفس الوقت هي إدارة حازمة لا مكان فيها للضعف والتردد.
والشورى السياسية في الإسلام على قسمين:
القسم الأول: شورى في اختيار الحاكم (شورى الاختيار).
والقسم الثاني: شورى في إدارة وتدبير شؤون الدولة والرعية (شورى التدبير).
وشورى الإدارة والتدبير هي المقصودة بقوله تعالى: وشاورهم في الأمر (آل عمران:159).. يقول العلامة محمـد رشيـد رضا (ت1354هـ) في تفسير الأمر الوارد في الآية هو: "الأمر العام الذي هو سـياسة الأمة في الحـرب والسـلم، والخوف والأمن، وغير ذلك من مصالحهم الدنيوية" >[4] .
ج- الرعاية:
كذلك تقوم الدولة في الإسلام على مبدأ الرعاية، ويعد مبدأ الرعاية من المبادئ الأصيلة في الفكر السياسي والإداري الإسلامي، فكل من تولى [ ص: 20 ] عملا أو شأنا من الشؤون العامة للأمة فمهمته من منظور إسلامي هي رعاية مصالح الناس، وفي هذا يقول النبي صلى الله عليه وسلم: "ما من عبد استرعاه الله رعية فلم يحطها بنصيحة إلا لم يجد رائحة الجنة" >[5] .
ويقول صلى الله عليه وسلم: "ما من عبد يسترعيه الله رعية يموت يوم يموت وهو غاش لرعيته إلا حرم الله عليه الجنة" >[6] .
فالعلاقة بين الحاكم والمحكوم قائمة على رعاية المصالح، ويعبر عنها بالعلاقة بين (الراعي) و(الرعية)
>[7] .
[ ص: 21 ] والرعية هنا بمعنى "المرعية؛ أي: الملاحظة والمنظور إليها نظرة الرعاية والمحافظة والصيانة، فيكون معنى الراعي: المسؤول عن الرعية والمحافظة عليهم، واعتبارهم موضع رعايته وملاحظته ومسؤوليته" >[8] .
ويجب التنويه هنا أن الرعية ليست كما مهملا، أو جمعا مسلوب الإرادة، بل هي تقوم أيضا بأدوار حيوية منوطة بها في رعاية الآخرين، فالرعاية في الدولة والمجتمع الإسلامي هي عملية تبادلية وتكاملية، وفي الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم: "... كلكم راع، وكلكم مسئول عن رعيته" >[9] .
[ ص: 22 ]
إدارة الدولة في الإسلام
المفهوم والخصائص
الإدارة مستـويات متـعـددة، ولـكل مسـتـوى تسميـتـه المعبرة عنه، وهي على اختـلاف مسـتوياتـها ودرجاتـها أحـد مجالات السياسـة الشرعية.. والمتأمل في الشريعة الإسلامية يرى أنها لم تأت بالأحكام التفصيـليـة لنظـام الإدارة، وإنما أتت بأسس ومبادئ وقواعد عـامة، تاركة أمر التفصيلات لاختلاف الزمان والمكان، والظروف والأحوال، وبالتالي فالإدارة الإسلامية هي تلك الإدارة التي تـخـضـع للموجهات العامة للشريعة؛ أي للمبادئ والقواعد الكلية التي جـاءت في القرآن الكريم والسنة النبوية الصحيحة.
ويمكن القول: إن مفهوم إدارة الدولة في الإسلام يتلخص بأنه: نشاط جماعي يقوم به الشخص المسؤول مع موظفيه العاملين في الأجهزة الحكومية وفقا لأنظمة وتعليمات مصدرها الشريعـة الإسـلامـيـة، بـهـدف خدمة [ ص: 17 ] الناس دونما تمييز، مع استغلال كافة الإمكانات المتاحة في سبيل تحقيق المصالح العامة >[1] .
ولإدارة الـدولة في الإسـلام خصائـص تميـزها، وأهمها ثلاث خصـائص وهي:
أ- ربط العمل الإداري بالإيمان والتقوى:
فلقد قامت إدارة الدولة في عهد الرسول صلى الله عليه وسلم وعهد خلفائه الراشدين على الإيمان والتقوى، وقد مثلت تلك المرحلة أنموذج الحكم الإسلامي الرشيد والذي كان بحق خير أنموذج لدولة العدل في تأريخ الإنسانية كلها.
إن الإسـلام لا يفصل، ولا يعـترف بالفـصل بين الحياة العامة والحياة الخاصـة، بل هو يعتبر صلاح الفرد واستقامته في حياته الخاصة شرطا أساسا لقبـوله في الحياة العـامة.. ومن هنا يشـترط الإسـلام (العدالة) فيمـن يـتولى الأعـمال والوظـائف الـعامـة، والعدالة هنا تعني صلاح الفرد واستقامته.
والرؤية الإسلامية تنطلق هنا من واحدية القيم وتكاملها، فـ "الإسلام ينطلق من مبدأ التكامل والوحدة، وهو مبدأ مطلق: من لا يصلح للحياة [ ص: 18 ] الخاصة لا يصلح للحياة العامة.. الأخلاقيات واحدة، ونظام القيم واحد متماسك في جميع عناصره" >[2] .
إن مفهوم إدارة الدولـة في الإسـلام يقوم على مبدأ كلي جامع، وذلك المبـدأ هو: التعاون على البر والتقوى، والسعي في تحقيق المصالح ودرء المفاسـد، وبالتالي فمهمـة الدولة في الإسـلام هي إدارة المصـالح لا إدارة الصراعات، وفي تقرير هذا المعنى يقول الإمام ابن تيمية (ت728هـ):
"ولاية أمر الناس من أعظم واجبات الدين، بل لا تمام للدين إلا بها، فإن بني آدم لا تتم مصلحتهم إلا بالاجتماع لحاجة بعضهم إلى بعض تعـاونا وتناصـرا، يتعاونون على جلب المنفعة، ويتناصـرون لدفع المضـرة، إذ الواحد منهم لا يقدر وحده على جلب جميع منافعه، ودفع جميع مضاره... فالواجب اتخاذ الإمارة دينا وقربة يتقرب بها إلى الله، فإن التقرب إليه فيها بطاعته وطاعة رسوله من أفضل القربات" >[3] .
ب- الشورى:
وإدارة الدولة في الإسلام تقوم على الشورى، بمفهومها الإسلامي المتميز، فهي إدارة شوروية لا مكان فيها للاستبداد، وفي نفس الوقت هي إدارة حازمة لا مكان فيها للضعف والتردد.
والشورى السياسية في الإسلام على قسمين:
القسم الأول: شورى في اختيار الحاكم (شورى الاختيار).
والقسم الثاني: شورى في إدارة وتدبير شؤون الدولة والرعية (شورى التدبير).
وشورى الإدارة والتدبير هي المقصودة بقوله تعالى: وشاورهم في الأمر (آل عمران:159).. يقول العلامة محمـد رشيـد رضا (ت1354هـ) في تفسير الأمر الوارد في الآية هو: "الأمر العام الذي هو سـياسة الأمة في الحـرب والسـلم، والخوف والأمن، وغير ذلك من مصالحهم الدنيوية" >[4] .
ج- الرعاية:
كذلك تقوم الدولة في الإسلام على مبدأ الرعاية، ويعد مبدأ الرعاية من المبادئ الأصيلة في الفكر السياسي والإداري الإسلامي، فكل من تولى [ ص: 20 ] عملا أو شأنا من الشؤون العامة للأمة فمهمته من منظور إسلامي هي رعاية مصالح الناس، وفي هذا يقول النبي صلى الله عليه وسلم: "ما من عبد استرعاه الله رعية فلم يحطها بنصيحة إلا لم يجد رائحة الجنة" >[5] .
ويقول صلى الله عليه وسلم: "ما من عبد يسترعيه الله رعية يموت يوم يموت وهو غاش لرعيته إلا حرم الله عليه الجنة" >[6] .
فالعلاقة بين الحاكم والمحكوم قائمة على رعاية المصالح، ويعبر عنها بالعلاقة بين (الراعي) و(الرعية)
>[7] .
[ ص: 21 ] والرعية هنا بمعنى "المرعية؛ أي: الملاحظة والمنظور إليها نظرة الرعاية والمحافظة والصيانة، فيكون معنى الراعي: المسؤول عن الرعية والمحافظة عليهم، واعتبارهم موضع رعايته وملاحظته ومسؤوليته" >[8] .
ويجب التنويه هنا أن الرعية ليست كما مهملا، أو جمعا مسلوب الإرادة، بل هي تقوم أيضا بأدوار حيوية منوطة بها في رعاية الآخرين، فالرعاية في الدولة والمجتمع الإسلامي هي عملية تبادلية وتكاملية، وفي الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم: "... كلكم راع، وكلكم مسئول عن رعيته" >[9] .
[ ص: 22 ]
التالي
السابق
الخدمات العلمية
