977 - مسألة :
والأضحية جائزة بكل حيوان يؤكل لحمه من ذي أربع ، أو طائر ، كالفرس ، والإبل ، وبقر الوحش ، والديك ، وسائر الطير والحيوان الحلال أكله ،
[ ص: 30 ] والأفضل في كل ذلك ما طاب لحمه وكثر وغلا ثمنه .
وقد ذكرنا في أول كلامنا في الأضاحي قول
nindex.php?page=showalam&ids=115بلال : ما أبالي لو ضحيت بديك ، وعن
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس في ابتياعه لحما بدرهمين وقال : هذه أضحية
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس .
وروينا أيضا من طريق
nindex.php?page=showalam&ids=17277وكيع عن
كثير بن زيد عن
عكرمة عن
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس وكثير بن زيد هذا هو الذي عولوا عليه في احتجاجهم بالأثر الذي لا يصح " المسلمون عند شروطهم " وثقوه هنالك ولم يروه غيره .
nindex.php?page=showalam&ids=14117والحسن بن حي يجيز
الأضحية ببقرة وحشية عن سبعة ، وبالظبي أو الغزال عن واحد .
وأجاز
nindex.php?page=showalam&ids=11990أبو حنيفة وأصحابه
التضحية بما حملت به البقرة الإنسية من الثور الوحشي ، وبما حملت به العنز من الوعل .
وقال
nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك : لا تجزي إلا من الإبل ، والبقر ، والغنم .
ورأى
nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك : النعجة ، والعنز ، والتيس أفضل من الإبل ، والبقر : في الأضحية .
وخالفه في ذلك
nindex.php?page=showalam&ids=11990أبو حنيفة ،
nindex.php?page=showalam&ids=13790والشافعي فرأيا الإبل أفضل ، ثم البقر ، ثم الضأن ، ثم الماعز - وما نعلم لهذا القول حجة فنوردها أصلا ، إلا أن يدعوا إجماعا في جوازها من هذه الأنعام ، والخلاف في غيرها .
فهذا ليس بشيء ، ويعارضون بما صح في ذلك عن
nindex.php?page=showalam&ids=115بلال ، ولا يعرف له في ذلك مخالف من الصحابة رضي الله عنهم ، وهذا عندهم حجة إذا وافقهم .
وأما مراعاة الإجماع فيؤخذ به ويترك ما اختلف فيه ، فهذا يهدم عليهم جميع مذاهبهم إلا يسيرا جدا منها ، ويلزمهم أن لا يوجبوا في الصلاة ، أو الصوم ، والحج ، والزكاة والبيوع ، إلا ما أجمع عليه ، وفي هذا هدم مذهبهم كله .
قال
nindex.php?page=showalam&ids=13064أبو محمد : وأما المردود إليه عند التنازع فهو ما افترض الله تعالى الرد إليه فوجدنا النصوص تشهد لقولنا ، وذلك أن الأضحية قربة إلى الله تعالى ، فالتقرب إلى الله تعالى - بكل ما لم يمنع منه قرآن ولا نص سنة - حسن ، وقال تعالى : {
وافعلوا الخير [ ص: 31 ] لعلكم تفلحون } والتقرب إليه عز وجل بما لم يمنع من التقرب إليه به فعل خير .
نا
يونس بن عبد الله بن مغيث نا
أحمد بن عبد الله بن عبد الرحيم نا
nindex.php?page=showalam&ids=12252أحمد بن خالد نا
محمد بن عبد السلام الخشني نا
محمد بن بشار بندار نا
nindex.php?page=showalam&ids=16231صفوان بن عيسى نا
ابن عجلان عن أبيه عن
nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : {
nindex.php?page=hadith&LINKID=48936مثل المهجر إلى الجمعة كمثل من يهدي بدنة ، ثم كمن يهدي بقرة ، ثم كمن يهدي بيضة } .
وروينا من طريق
nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك عن
سمي مولى أبي بكر عن
أبي صالح السمان عن
nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة " أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : {
nindex.php?page=hadith&LINKID=49955من اغتسل يوم الجمعة ثم راح فكأنما قرب بدنة ، ومن راح في الساعة الثانية فكأنما قرب بقرة ، ومن راح في الساعة الثالثة فكأنما قرب كبشا أقرن ، ومن راح في الساعة الرابعة فكأنما قرب دجاجة ، ومن راح في الساعة الخامسة فكأنما قرب بيضة } .
ففي هذين الخبرين هدي دجاجة ، وعصفور ، وتقريبهما ، وتقريب بيضة ; والأضحية تقريب بلا شك ، وفيهما أيضا فضل الأكبر فالأكبر جسما فيه ومنفعة للمساكين ، ولا معترض على هذين النصين أصلا .
قال
nindex.php?page=showalam&ids=13064أبو محمد : ومن البرهان على أن الإبل والبقر أفضل من الغنم الخبر الثابت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم كما روينا من طريق
nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري ، والخبر الذي أوردنا في المسألة التالية
[ ص: 32 ] لهذه ففيها أمره عليه السلام في الأضاحي بالنحر .
ولا يخلو هذا من أن يكون عليه السلام أمر بالنحر في الإبل والبقر ، أو في الغنم ، فإن كان أمر بذلك في الغنم ، فهذا مبطل لقول
nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك : إن النحر في الغنم لا يحل ، ولا يكون ذكاة فيها ، وإن كان أمر بذلك عليه السلام في الإبل والبقر والغنم لحسن المحال الباطل الممتنع بيقين لا شك فيه أن يكون عليه السلام يحض أمته وأصحابه على التضحية بالإبل والبقر مع عظيم الكلفة فيها وغلو أثمانها ويتركون الأرخص والأقل ثمنا وهو أفضل ، وهذه إضاعة المال التي حرمها الله تعالى ، وإنما التضحية بالغنم ضأنها وماعزها رفق بالناس لقلة أثمانها وتفاهة أمرها وتخفيف لهم بذلك عن الأفضل الذي هو أشق في النفقة لله عز وجل ، وهذا مما لا شك فيه .
واحتج من رأى أن الضأن أفضل بخبر رويناه من طريق
nindex.php?page=showalam&ids=17241هشام بن سعد عن
nindex.php?page=showalam&ids=15944زيد بن أسلم عن
nindex.php?page=showalam&ids=16572عطاء بن يسار عن
nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة {
أن جبريل قال للنبي صلى الله عليه وسلم يوم الأضحى : يا محمد إن الجذع من الضأن خير من السيد من المعز ، وإن الجذع من الضأن خير من السيد من البقر ، وإن الجذع من الضأن خير من السيد من الإبل ، ولو علم الله ذبحا هو أفضل منه لفدى به إبراهيم عليه السلام } .
وبخبر رويناه من طريق
nindex.php?page=showalam&ids=16360عبد الرزاق nindex.php?page=showalam&ids=17124معمر عن
nindex.php?page=showalam&ids=17298يحيى بن أبي كثير عن
محمد بن عبد الرحمن بن ثوبان قال : {
nindex.php?page=hadith&LINKID=49957مر النعمان بن أبي فطيمة على رسول الله صلى الله عليه وسلم بكبش أقرن أعين فقال عليه السلام : ما أشبه هذا الكبش بالكبش الذي ذبح إبراهيم عليه السلام } .
وروي نحوه من طريق
زياد بن ميمون عن
nindex.php?page=showalam&ids=9أنس .
وبخبر رويناه من طريق
nindex.php?page=showalam&ids=17277وكيع عن
nindex.php?page=showalam&ids=17241هشام بن سعد عن
حاتم بن أبي نصر عن
nindex.php?page=showalam&ids=16294عبادة بن نسي عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : {
nindex.php?page=hadith&LINKID=49958خير الأضحية الكبش } .
قال
nindex.php?page=showalam&ids=13064أبو محمد : هذه أخبار مكذوبة - :
أما خبر
nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة ،
nindex.php?page=showalam&ids=16294وعبادة بن نسي فعن
nindex.php?page=showalam&ids=17241هشام بن سعد وهو ضعيف جدا ، ضعفه جدا واطرحه
nindex.php?page=showalam&ids=12251أحمد ، وأساء القول فيه جدا ولم
[ ص: 33 ] يجز الرواية به عنه
يحيى بن سعيد -
وزياد بن ميمون مذكور بالكذب .
وخبر
nindex.php?page=showalam&ids=16360عبد الرزاق عن
محمد بن عبد الرحمن بن ثوبان وهو ضعيف ومرسل مع ذلك - وأيضا ففي الخبر المنسوب إلى
nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة كذب ظاهر وهو قوله : إنه فدى الله به
إبراهيم ولم يفد
إبراهيم بلا شك وإنما فدى ابنه .
وأما الاحتجاج بأنه فدى الذبيح بكبش فباطل ، ما صح ذلك قط ، وقد قيل : إنه كان أروية ، وهبك لو صح فليس فيه فضل سائر الكباش على سائر الحيوان ، ولا كان أمر
إبراهيم عليه السلام أضحية فلا مدخل للأضاحي فيه ، وقد قال تعالى : {
إن الله يأمركم أن تذبحوا بقرة } إلى قوله تعالى : {
فقلنا اضربوه ببعضها كذلك يحيي الله الموتى ويريكم آياته } فينبغي على هذا أن يكون البقر أفضل من الضأن بهذه الآية البينة الواضحة لا بالظن الكاذب في كبش الذبيح .
وقد قال الله تعالى : {
ناقة الله وسقياها } في ناقة
صالح فينبغي أن تكون الإبل أفضل من الضأن بهذه الآية البينة الواضحة لا بالظن الكاذب في كبش
إبراهيم عليه السلام .
وموه بعضهم بذكر الأثر الذي فيه الصلاة في مبارك الغنم والنهي عن الصلاة في معاطن الإبل ، لأنه جن خلقت من جن ؟ فقلنا : فليكن هذا عندكم دليلا في فضل الغنم عليها في الهدي ، وأنتم لا تقولون بهذا .
فإن ذكروا أن رسول الله صلى الله عليه وسلم ضحى بكبشين ؟ قلنا : نعم ، وقد صح أن
nindex.php?page=showalam&ids=25عائشة قالت : {
nindex.php?page=hadith&LINKID=49959كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يترك العمل وهو يحب أن يعمل به مخافة أن يعمل به الناس فيكتب عليهم } .
وأيضا : فقد أهدى غنما مقلدة كما ذكرنا في كتاب الحج فلم يكن ذلك عندكم دليلا على أن
الغنم أفضل في الهدي من البقر ; فمن أين وقع لكم هذا الاستدلال في الأضاحي ؟ - وأيضا : {
nindex.php?page=hadith&LINKID=49960فقد ضحى عليه السلام بالبقر } : روينا من طريق
nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري عن
مسدد نا
nindex.php?page=showalam&ids=16004سفيان الثوري عن
nindex.php?page=showalam&ids=16337عبد الرحمن بن القاسم بن محمد عن أبيه عن
nindex.php?page=showalam&ids=25عائشة أم المؤمنين قالت في حديث {
nindex.php?page=hadith&LINKID=49961لما كنا بمنى أتيت بلحم بقر [ ص: 34 ] كثير فقلت : ما هذا ؟ قالوا : ضحى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن نسائه بالبقر } وهذا في حجة الوداع وهو آخر عمله عليه السلام ولم يضح بعدها .
وروينا من طريق
nindex.php?page=showalam&ids=17080مسلم نا
nindex.php?page=showalam&ids=12166محمد بن المثنى نا
nindex.php?page=showalam&ids=16769محمد بن جعفر غندر نا
nindex.php?page=showalam&ids=16102شعبة عن
زبيد اليامي عن
الشعبي عن
nindex.php?page=showalam&ids=48البراء بن عازب قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " {
nindex.php?page=hadith&LINKID=49962أول ما نبدأ به في يومنا هذا أن نصلي ثم نرجع فننحر } .
ومن طريق
nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري عن
nindex.php?page=showalam&ids=17320يحيى بن بكير نا
nindex.php?page=showalam&ids=15124الليث بن سعد عن
كثير بن فرقد عن
nindex.php?page=showalam&ids=17191نافع أن
nindex.php?page=showalam&ids=12ابن عمر أخبره قال {
nindex.php?page=hadith&LINKID=43786كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يذبح وينحر بالمصلى } .
والنحر عند
nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك - وهو الذي يخالفنا في هذه المسألة - لا يجوز ألبتة في الغنم وإنما هو عنده في الإبل وعلى تكره في البقر - وقد صح أنه عليه السلام كان يضحي بالإبل والبقر ، أو يترك قوله فيجيز النحر في الغنم ولا بد من أحدهما ، ولا يجوز أن يحتج بفعل فعله عليه السلام مباح ذلك الفعل أو غيره بإقرار المحتج على نص قوله عليه السلام في تفضيل الإبل ، ثم البقر ، ثم الضأن .
روينا عن
مسلم بن يسار أنه كان يضحي بجزور من الإبل .
وعن
nindex.php?page=showalam&ids=15990سعيد بن المسيب أنه كان يضحي مرة بناقة ، ومرة ببقرة ، ومرة بشاة ، ومرة لا يضحي .
فأما قول
nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك في فضل الماعز على البقر ، والإبل ، وفضل البقر على الإبل : فلا نعلم له متعلقا أصلا ولا أحدا قال به قبله - وبالله تعالى التوفيق .