مسألة : وكل
ما ذبحه ، أو نحره يهودي ، أو نصراني ، أو مجوسي - نساؤهم ، أو رجالهم - : فهو حلال لنا ، وشحومها حلال لنا إذا ذكروا اسم الله تعالى عليه . ولو نحر اليهودي بعيرا أو أرنبا حل أكله ، ولا نبالي ما حرم عليهم في التوراة وما لم يحرم . وقال
nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك : لا يحل
أكل شحوم ما ذبحه اليهودي ، ولا ما ذبحوه مما لا يستحلونه - وهذا قول في غاية الفساد ، لأنه خلاف القرآن ، والسنن ، والمعقول .
[ ص: 144 ] أما القرآن فإن الله تعالى يقول : {
وطعام الذين أوتوا الكتاب حل لكم وطعامكم حل لهم } ] . وقد اتفقنا على أن المراد بذلك ما ذكوه ، لا ما أكلوه ، لأنهم يأكلون الخنزير ، والميتة ، والدم ، ولا يحل لنا شيء من ذلك بإجماع منهم ومنا ، فإذ ذلك كذلك فلم يشترط الله تعالى ما أكلوه مما لم يأكلوه {
وما كان ربك نسيا } .
وأما القرآن ، والإجماع : فقد جاء القرآن ، وصح الإجماع بأن دين الإسلام نسخ كل دين كان قبله ، وأن من التزم ما جاءت به التوراة أو الإنجيل ، ولم يتبع القرآن فإنه كافر مشرك ، غير مقبول منه ، فإذ ذلك كذلك فقد أبطل الله تعالى كل شريعة كانت في التوراة ، والإنجيل ، وسائر الملل ، وافترض على الجن ، والإنس : شرائع الإسلام ، فلا حرام إلا ما حرم فيه ، ولا حلال إلا ما حلل فيه ، ولا فرض إلا ما فرض فيه - ومن قال في شيء من الدين خلاف هذا فهو كافر بلا خلاف من أحد من الأئمة . وأما السنة : فقد ذكرنا في كتاب الجهاد من كتابنا هذا من حديث جراب الشحم المأخوذ في
خيبر فلم يمنع النبي صلى الله عليه وسلم من أكله ، بل أبقاه لمن وقع له من المسلمين . وروينا من طريق
nindex.php?page=showalam&ids=14724أبي داود الطيالسي نا
nindex.php?page=showalam&ids=16034سليمان بن المغيرة عن
nindex.php?page=showalam&ids=15771حميد بن هلال العدوي سمعت {
nindex.php?page=hadith&LINKID=50081 nindex.php?page=showalam&ids=5078عبد الله بن مغفل يقول دلي جراب من شحم يوم خيبر فأخذته والتزمته فقال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم هو لك } . والخبر المشهور من طريق
nindex.php?page=showalam&ids=16102شعبة عن
هشام بن زيد عن
nindex.php?page=showalam&ids=9أنس بن مالك {
nindex.php?page=hadith&LINKID=50082أن يهودية أهدت لرسول الله صلى الله عليه وسلم شاة مسمومة فأكل منها } ولم يحرم عليه السلام منها لا شحم بطنها ولا غيره . وأما المعقول : فمن المحال الباطل أن تقع الذكاة على بعض شحم الشاة دون بعض ، وما نعلم لقولهم ههنا حجة أصلا ، لا من قرآن ، ولا من سنة صحيحة ، ولا رواية سقيمة ، ولا قياس . والعجب أنهم يسمعون الله تعالى يقول : {
وطعامكم حل لهم } ومن طعامنا الشحم ، والجمل ، وسائر ما يحرمونه أو حرمه الله تعالى عليهم على لسان
موسى ، ثم نسخه وأبطله وأحله على لسان
عيسى ومحمد عليهما السلام بقوله تعالى عن
عيسى [ ص: 145 ] {
ولأحل لكم بعض الذي حرم عليكم } .
وبقوله تعالى عن
محمد صلى الله عليه وسلم : {
النبي الأمي الذي يجدونه مكتوبا عندهم في التوراة والإنجيل يأمرهم بالمعروف وينهاهم عن المنكر ويحل لهم الطيبات ويحرم عليهم الخبائث } . وبقوله تعالى : {
ومن يبتغ غير الإسلام دينا فلن يقبل منه } ثم يصرون على تحريم ما يحرمونه مما هم مقرون بأنه حلال لهم ويسألون عن الشحم والجمل أحلال هما اليوم
لليهود أم هما حرام عليهم إلى اليوم ؟ فإن قالوا : بل هو حرام عليهم إلى اليوم كفروا ، بلا مرية ; إذ قالوا : إن ذلك لم ينسخه الله تعالى . وإن قالوا : بل هما حلال صدقوا ولزمهم ترك قولهم الفاسد في ذلك . ونسألهم عن يهودي مستخف بدينه يأكل الشحم فذبح شاة . أيحل لنا أكل شحمها لاستحلال ذابحها له أم يحرم علينا تحقيقا في اتباع دين
اليهود دين الكفر ودين الضلال ؟ ولا بد من أحدهما ، وكلاهما خطة خسف . ويلزمهم أن لا يستحلوا أكل ما ذبحه يهودي يوم سبت ولا أكل حيتان صادها يهودي يوم سبت ، وهذا مما تناقضوا فيه . وقد روينا عن
nindex.php?page=showalam&ids=2عمر بن الخطاب ،
nindex.php?page=showalam&ids=8وعلي ،
nindex.php?page=showalam&ids=10وابن مسعود ،
وعائشة أم المؤمنين ،
nindex.php?page=showalam&ids=4وأبي الدرداء ،
وعبد الله بن يزيد ،
nindex.php?page=showalam&ids=11وابن عباس ،
nindex.php?page=showalam&ids=143والعرباض بن سارية :
وأبي أمامة ،
nindex.php?page=showalam&ids=63وعبادة بن الصامت ،
nindex.php?page=showalam&ids=12وابن عمر : إباحة ما ذبحه
أهل الكتاب دون اشتراط لما يستحلونه مما لا يستحلونه .
وكذلك عن جمهور التابعين
nindex.php?page=showalam&ids=12354كإبراهيم النخعي ،
nindex.php?page=showalam&ids=15622وجبير بن نفير ،
nindex.php?page=showalam&ids=12150وأبي مسلم الخولاني ،
وضمرة بن حبيب ،
nindex.php?page=showalam&ids=14947والقاسم بن مخيمرة ،
nindex.php?page=showalam&ids=17134ومكحول ،
nindex.php?page=showalam&ids=15990وسعيد بن المسيب ،
nindex.php?page=showalam&ids=16879ومجاهد ،
nindex.php?page=showalam&ids=16330وعبد الرحمن بن أبي ليلى ،
والحسن ،
nindex.php?page=showalam&ids=16972وابن سيرين ،
والحارث العكلي ،
nindex.php?page=showalam&ids=16568وعطاء ،
والشعبي ،
ومحمد بن علي بن الحسين ،
nindex.php?page=showalam&ids=16248وطاوس ،
وعمرو بن الأسود ،
nindex.php?page=showalam&ids=15741وحماد بن أبي سليمان ، وغيرهم ، لم نجد عن أحد منهم هذا القول إلا عن
nindex.php?page=showalam&ids=16815قتادة - ثم عن
nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك ،
وعبيد الله بن الحسن .
[ ص: 146 ] وهذا مما خالفوا فيه طائفة من الصحابة لا مخالف لهم منهم وخالفوا فيه جمهور العلماء . وقولنا هو قول
nindex.php?page=showalam&ids=16004سفيان الثوري ،
والأوزاعي ،
nindex.php?page=showalam&ids=15124والليث بن سعد ،
nindex.php?page=showalam&ids=11990وأبي حنيفة ،
nindex.php?page=showalam&ids=13790والشافعي ،
nindex.php?page=showalam&ids=15858وأبي سليمان ،
nindex.php?page=showalam&ids=12251وأحمد ،
وإسحاق ، وأصحابهم .
وأما
المجوس : فقد ذكرنا في كتاب الجهاد أنهم أهل كتاب فحكمهم كحكم
أهل الكتاب في كل ذلك : فإن ذكروا : ما روينا من طريق
nindex.php?page=showalam&ids=17277وكيع عن
سفيان عن
قيس بن مسلم الجدلي عن
الحسن بن محمد {
nindex.php?page=hadith&LINKID=50083كتب رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى مجوس من أهل هجر يدعوهم إلى الإسلام فمن أسلم قبل منه ومن لم يسلم ضربت عليه الجزية ولا تؤكل لهم ذبيحة ولا تنكح منهم امرأة } فهذا مرسل ولا حجة في مرسل . نا
حمام نا
عبد الله بن محمد الباجي نا
أحمد بن مسلم نا
nindex.php?page=showalam&ids=11956أبو ثور إبراهيم بن خالد نا
عبد الوهاب عن
سعيد بن أبي عروبة عن
nindex.php?page=showalam&ids=16815قتادة عن
nindex.php?page=showalam&ids=15990سعيد بن المسيب أنه سئل عن
رجل مريض أمر مجوسيا أن يذبح ويسمي ، ففعل ذلك ؟ فقال
nindex.php?page=showalam&ids=15990سعيد بن المسيب : لا بأس بذلك - وهو قول
nindex.php?page=showalam&ids=16815قتادة ،
nindex.php?page=showalam&ids=11956وأبي ثور قال
nindex.php?page=showalam&ids=13064أبو محمد : لم يفسح الله تعالى في أخذ الجزية من غير كتابي ، وأخذها النبي صلى الله عليه وسلم من
المجوس وما كان ليخالف أمر ربه تعالى . فإن ذكروا قول الله تعالى : {
أن تقولوا إنما أنزل الكتاب على طائفتين من قبلنا وإن كنا عن دراستهم لغافلين } . قلنا : إنما قال الله تعالى هذا بنص الآية نهيا عن هذا القول لا تصحيحا له ; وقد قال تعالى : {
ورسلا لم نقصصهم عليك } .