قال
nindex.php?page=showalam&ids=13064أبو محمد : وأما من
نذر المشي إلى مسجد المدينة ، أو مسجد بيت المقدس ، أو إلى مكان سماه من الحرم ، أو إلى مسجد من سائر المساجد ، فإنه إن نذر مشيا ، أو ركوبا ، أو نهوضا إلى
مكة ، أو إلى موضع من
الحرم لزمه ; لأنه نذر طاعة ،
والحرم كله مسجد على ما ذكرنا في " كتاب الحج " فأغنى عن إعادته .
وكذلك إن
نذر مشيا ، أو نهوضا ، أو ركوبا إلى المدينة ، لزمه ذلك .
وكذلك إلى أثر من آثار الأنبياء عليهم السلام ، فإن نذر مشيا ، أو ركوبا ، أو اعتكافا ، أو نهوضا إلى
بيت المقدس لزمه .
فإن نذر صلاة فيه كان مخيرا بين أمرين - :
أحدهما - وهو الأفضل أن ينهض إلى
مكة فيصلي فيها ويجزيه .
والثاني - أن ينهض إلى
بيت المقدس ، فإن نذر مشيا ، ونهوضا ، أو ركوبا إلى مسجد من مساجد الأرض غير هذه ، لم يلزمه شيء أصلا .
برهان ذلك - : {
nindex.php?page=hadith&LINKID=50245أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم نهى عن شد الرحال إلا إلى ثلاثة مساجد فقط ، المسجد الحرام ، ومسجد المدينة ، والمسجد الأقصى } .
روينا من طريق
nindex.php?page=showalam&ids=13863البزار نا
محمد بن معمر نا
nindex.php?page=showalam&ids=15903روح هو ابن عبادة - نا
nindex.php?page=showalam&ids=16892محمد بن أبي حفصة عن
الزهري عن
nindex.php?page=showalam&ids=12031أبي سلمة بن عبد الرحمن بن عوف عن
nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم {
nindex.php?page=hadith&LINKID=48639 : إنما الرحلة إلى ثلاثة مساجد : مسجد الحرام ، ومسجد المدينة ، ومسجد إيلياء } فصار القصد إلى ما سواها معصية ، والمعصية لا يجوز الوفاء بها .
ولا يجوز أن يلزم ما لم ينذره من صلاة في غير المسجد الذي سمى .
[ ص: 266 ] ولا فرق بين النهوض ، والذهاب ، والمشي ، والركوب ، إلا أن المشي طاعة ، والركوب أيضا طاعة ; لأن فيه نفقة زائدة في بر .
وأما من
نذر الصلاة في بيت المقدس أو في غيرها مكة ، أو مسجد المدينة ، فإن كان نذر صلاة تطوع هنالك لم يلزمه شيء من ذلك .
فإن نذر أن يصلي صلاة فرض في أحد هذه المساجد لزمه ; لأن كونه في هذه المساجد طاعة لله عز وجل يلزمه الوفاء بها . وإنما قلنا : لا يلزمه ذلك في نذره صلاة تطوع فيها للأثر الثابت {
nindex.php?page=hadith&LINKID=50246عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم عن ربه - عز وجل - أنه قال ليلة الإسراء إذ فرض - عز وجل - الخمس الصلوات : هن خمس ، وهن خمسون ما يبدل القول لدي } فآمنا بقوله تعالى : {
لا يبدل القول لدي } أن تكون صلاة مفترضة ، غير الخمس لا أقل من خمس ، ولا أكثر من خمس ، معينة على إنسان بعينه أبدا .
وليس ذلك في غير الصلاة إذ لم يأت نص في شيء من الأعمال بمثل هذا - وبهذا أسقطنا وجوب الوتر فرضا مع ورود الأمر ، ووجوب الركعتين فرضا على الداخل المسجد قبل أن يجلس .
فإن قيل : قد قلتم فيمن نذر صلاة في
بيت المقدس ما قلتم ؟ قلنا : نعم ، يستحب له أن يصليها
بمكة ، لما روينا من طريق
أبي داود نا
nindex.php?page=showalam&ids=17173موسى بن إسماعيل نا
nindex.php?page=showalam&ids=15744حماد بن سلمة نا
nindex.php?page=showalam&ids=15681حبيب المعلم عن
nindex.php?page=showalam&ids=16568عطاء بن أبي رباح عن
nindex.php?page=showalam&ids=36جابر بن عبد الله {
nindex.php?page=hadith&LINKID=50247أن رجلا قام يوم الفتح فقال : يا رسول الله إني نذرت لله إن فتح الله عليك مكة ، أن أصلي في بيت المقدس ركعتين ؟ فقال له رسول الله عليه السلام : صل ههنا ، فأعادها عليه ، فقال : صل ههنا ، ثم أعادها ، فقال : شأنك إذا } .
ومن طريق
محمد بن عبد الملك بن أيمن نا
nindex.php?page=showalam&ids=16628علي بن عبد العزيز نا
nindex.php?page=showalam&ids=12074أبو عبيد القاسم بن سلام نا
nindex.php?page=showalam&ids=17014محمد بن كثير عن
nindex.php?page=showalam&ids=15744حماد بن سلمة عن
nindex.php?page=showalam&ids=15681حبيب المعلم عن
nindex.php?page=showalam&ids=16568عطاء عن
nindex.php?page=showalam&ids=36جابر بن عبد الله قال : {
nindex.php?page=hadith&LINKID=50248قال رجل يوم الفتح : يا رسول الله إني نذرت إن فتح الله عليك أن أصلي في بيت المقدس ؟ قال : صل ههنا ، فأعاد الرجل مرتين ، أو ثلاثا ، فقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم : فشأنك إذا } .
[ ص: 267 ] قال
nindex.php?page=showalam&ids=13064أبو محمد : ولم يأت مثل هذا فيمن نذر اعتكافا في
مسجد إيلياء ، وإنما جاء فيمن نذر صلاة فيه فقط : {
وما كان ربك نسيا } .
فإن عجز ركب لقول الله تعالى : {
لا يكلف الله نفسا إلا وسعها } ولا شيء عليه .
قال
nindex.php?page=showalam&ids=13064علي : لما أخبر الرجل النبي صلى الله عليه وآله وسلم بأنه نذر الصلاة في
بيت المقدس فقال له رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم صل ههنا - يعني
بمكة - تبين بذلك أنه ليس عليه وجوب نذره أن يصلي في
بيت المقدس .
وصح أنه ندب مباح وكان في ظاهر الأمر لازما له أن يصلي
بمكة ، {
فلما راجع بذلك النبي صلى الله عليه وآله وسلم فقال عليه السلام : فشأنك إذا } تبين وصح أن أمره عليه السلام له بأن يصلي
بمكة ندب لا فرض أيضا ، هذا ما لا يمكن سواه ، ولا يحتمل الخبر غيره - فصار كل ذلك ندبا فقط .
فإن قيل : فإنكم توجبون صلاة الجنازة فرضا ؟ قلنا : نعم ، على الكفاية لا متعينا على أحد بعينه .
ونسأل من خالف هذا عمن نذر ركعتين في الساعة الثالثة من كل يوم ، فإن ألزمه ذلك كانت صلاة سادسة ؟ وبدل القول الذي أخبر تعالى أنه لا يبدل لديه .
فإن لم يلزمه ذلك سألناه : ما الفرق ؟ ولا سبيل إلى فرق أبدا - وبالله تعالى التوفيق .
فلو نذر النهوض إلى
مكة أو
المدينة أو
بيت المقدس ليصلي فيها لزمه النهوض إليها ولا بد فقط ; لأنه طاعة لله عز وجل ثم يلزمه من صلاة الفرض هنالك ما أدركه وقته ، ويستحب له فيها من التطوع ما يستحب لمن هو هنالك .
وروينا من طريق
nindex.php?page=showalam&ids=12166محمد بن المثنى نا
nindex.php?page=showalam&ids=16349عبد الرحمن بن مهدي نا
nindex.php?page=showalam&ids=16004سفيان الثوري عن
nindex.php?page=showalam&ids=16395عبد الكريم الجزري عن
nindex.php?page=showalam&ids=15990سعيد بن المسيب : أن رجلا أراد أن يأتي
بيت المقدس فقال له
nindex.php?page=showalam&ids=2عمر بن الخطاب : اذهب فتجهز ؟ فتجهز ، ثم أتاه فقال له
nindex.php?page=showalam&ids=2عمر : اجعلها عمرة .
وقد روي نحو هذا عن
أم سلمة أم المؤمنين في امرأة نذرت أن تصلي في
بيت المقدس فأمرتها بأن تصلي في
مسجد النبي صلى الله عليه وآله وسلم .
[ ص: 268 ] وصح عن
nindex.php?page=showalam&ids=15990سعيد بن المسيب أنه قال : من نذر أن يعتكف في
مسجد إيلياء فاعتكف
بمسجد النبي صلى الله عليه وآله وسلم
بالمدينة أجزأ عنه . ومن نذر أن يعتكف في
مسجد المدينة فاعتكف في
المسجد الحرام أجزأ عنه . ومن
نذر أن يعتكف على رءوس الجبال فإنه لا ينبغي له ذلك وليعتكف في مسجد جماعة - :
رويناه من طريق
nindex.php?page=showalam&ids=16360عبد الرزاق عن
nindex.php?page=showalam&ids=17124معمر عن
nindex.php?page=showalam&ids=16395عبد الكريم الجزري عن
nindex.php?page=showalam&ids=15990ابن المسيب .
ومن طريق
nindex.php?page=showalam&ids=16360عبد الرزاق عن
nindex.php?page=showalam&ids=13036ابن جريج قلت
nindex.php?page=showalam&ids=16568لعطاء : رجل نذر أن يمشي إلى
بيت المقدس من
البصرة قال : إنما أمرتم بهذا
البيت ، وكذلك في الجوار قلت : فأوصى في أمر فرأيت خيرا منه ؟ قال : افعل الذي هو خير ما لم تسم لإنسان شيئا ، ولكن إن قال : للمساكين ، أو في سبيل الله ، فرأيت خيرا من ذلك فافعل الذي هو خير - ثم رجع
nindex.php?page=showalam&ids=16568عطاء عن هذا وقال : ليفعل الذي قال ولينفذ أمره .
قال
nindex.php?page=showalam&ids=13036ابن جريج : وقوله الأول أحب إلي ، وقال
nindex.php?page=showalam&ids=13036ابن جريج عن
nindex.php?page=showalam&ids=16446ابن طاوس عن أبيه : أنه كان من قال له : نذرت مشيا إلى
بيت المقدس ، أو زيارة
بيت المقدس ؟ قال له
nindex.php?page=showalam&ids=16248طاوس : عليك
بمكة مكة .
وقال
nindex.php?page=showalam&ids=11990أبو حنيفة وأصحابه : من نذر المشي إلى
مسجد النبي صلى الله عليه وآله وسلم
بالمدينة أو إلى
بيت المقدس ، أو إتيان
بيت المقدس ، أو إتيان
مسجد المدينة لم يلزمه شيء أصلا .
وكذلك من نذر صلاة في
المسجد الحرام بمكة ، أو في
مسجد النبي صلى الله عليه وآله وسلم
بالمدينة أو
بيت المقدس فإنه لا يلزمه شيء من ذلك ، لكن يلزمه أن يصلي في مسكنه من البلاد حيث كان إلا أنه قد روي عن
nindex.php?page=showalam&ids=14954أبي يوسف : أنه إن
نذر صلاة في موضع فصلى في أفضل منه أجزأه ، وإن صلى في دونه لم يجزه .
وقال
nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك : إذا
قال : لله علي أن أمشي إلى المدينة ، أو قال إلى بيت المقدس لم يلزمه ذلك ، إلا أن ينوي صلاة هنالك فعليه أن يذهب راكبا ، والصلاة هنالك ; فإن قال علي المشي إلى
مسجد المدينة ، أو قال : إلى
مسجد بيت المقدس ، فعليه الذهاب إلى ما هنالك راكبا والصلاة هنالك ؟ قال : فإن
نذر المشي إلى عرفة ، أو إلى مزدلفة لم
[ ص: 269 ] يلزمه ، فإن نذر المشي إلى
مكة لزمه .
وقال
nindex.php?page=showalam&ids=15124الليث : من نذر أن يمشي إلى مسجد من المساجد مشى إلى ذلك المسجد - وقال
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي : من نذر أن يصلي
بمكة لم يجزه إلا فيها ، فإن نذر أن يصلي
بالمدينة ، أو
بيت المقدس أجزأه أن يصلي
بمكة ، أو في المسجد الذي ذكر لا فيما سواه ، فإن نذر صلاة في غير هذه الثلاثة المساجد لم يلزمه ، لكن يصلي حيث هو ، فإن نذر المشي إلى
مسجد المدينة ، أو
بيت المقدس أجزأه الركوب إليهما .
قال
nindex.php?page=showalam&ids=13064أبو محمد : أما قول
nindex.php?page=showalam&ids=11990أبي حنيفة ففي غاية الفساد ، وخلاف السنة الواردة فيمن نذر طاعة ، وفي أن صلاة في
مسجد المدينة أفضل من ألف صلاة فيما سواه ، وإن صلاة في
المسجد الحرام أفضل من مائة ألف صلاة فيما سواه من المساجد إلا
مسجد المدينة عموما لا يخص منه نافلة من فرض ، وهذه طاعة عظيمة ، وقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم : {
nindex.php?page=hadith&LINKID=37478من نذر أن يطيع الله فليطعه } فقالوا : لا يطعه .
وأما قول
nindex.php?page=showalam&ids=14954أبي يوسف ففاسد أيضا ; لأنه يجب على قوله من نذر صوم يوم فجاهد فإنه يجزيه من الصوم ; لأنه قد فعل خيرا مما نذر ، وإن من
نذر أن يتصدق بدرهم فتصدق بثوب ، أنه يجزيه - وهذا خطأ ; لأنه لم يف بنذره .
وأما قول
nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك فخطأ لائح أيضا ; لأنه أسقط وجوب المشي عن من نذره إلى
المدينة وأوجبه على من نذره إلى
مكة - وهذا عجب جدا ، لا سيما مع قوله : إن
المدينة أفضل من
مكة ثم تخصيصه فيمن نذر المشي إلى بعض المشاعر ،
كمزدلفة ، أو
عرفة ، فلم يوجب ذلك ، وأوجبه إلى
مكة ، وإلى
الكعبة ، وإلى
الحرم ; وهذا كله تحكم بلا برهان .
وكذلك قول
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي أيضا فإنه ينتقض بما ينتقض به قول
nindex.php?page=showalam&ids=14954أبي يوسف .