1215 - مسألة :
فإن
مات الرهن ، أو تلف ، أو أبق ، أو فسد ، أو كانت أمة فحملت من سيدها ، أو أعتقها ، أو باع الرهن ، أو وهبه ، أو تصدق به ، أو أصدقه - : فكل ذلك نافذ ، وقد بطل الرهن وبقي الدين كله بحسبه ، ولا يكلف الراهن عوضا مكان شيء من ذلك ، ولا يكلف المعتق ولا الحامل استسعاء ، إلا أن يكون الراهن لا شيء له من أين ينصف غريمه غيره ، فيبطل عتقه ; وصدقته ، وهبته - ولا يبطل بيعه ولا إصداقه .
روينا من طريق
nindex.php?page=showalam&ids=12508ابن أبي شيبة نا
nindex.php?page=showalam&ids=17294يحيى بن آدم نا
nindex.php?page=showalam&ids=12424إسرائيل عن
المغيرة بن مقسم الضبي عن
nindex.php?page=showalam&ids=12354إبراهيم النخعي فيمن
رهن عبده ثم أعتقه ؟ قال : العتق جائز ، ويتبع المرتهن الراهن ، قال
يحيى : وسمعت
nindex.php?page=showalam&ids=14117الحسن بن حي يقول فيمن رهن عبدا ثم أعتقه : العتق جائز ، وليس عليه سعاية .
برهان ذلك - : أن الدين قد ثبت فلا يبطله شيء إلا نص قرآن ، أو سنة ، فلا سبيل إلى وجود إبطاله فيهما .
ولا يجوز تكليف عوض ولا استسعاء ، لأنه لم يأمر الله تعالى بذلك ولا رسوله صلى الله عليه وسلم والذمم بريئة إلا بنص قرآن ، أو سنة .
فأما العتق ، والبيع ، والهبة ، والإصداق ، والصدقة ; فإن الرهن مال الراهن بلا خلاف - : وكل هذه الوجوه مباحة للمرء في ماله بنص القرآن والسنة ، والإجماع المتيقن ، إلا من لا شيء له غير ذلك لقول النبي صلى الله عليه وسلم {
nindex.php?page=hadith&LINKID=28826كل معروف صدقة } وقوله : {
nindex.php?page=hadith&LINKID=50236الصدقة عن ظهر غنى } .
[ ص: 372 ] فمن ادعى أن الارتهان يمنع شيئا من ذلك فقوله باطل ، ودعواه فاسدة إذ لا سبيل له إلى قرآن ولا سنة ، بتصحيح دعواه .
قال تعالى : {
قل هاتوا برهانكم إن كنتم صادقين } .
وقد اختلفوا في ذلك - : فقال
nindex.php?page=showalam&ids=16542عثمان البتي ،
nindex.php?page=showalam&ids=11956وأبو ثور ،
nindex.php?page=showalam&ids=15858وأبو سليمان : العتق باطل بكل حال - وهو قول
nindex.php?page=showalam&ids=16568عطاء
وقال
nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك ،
nindex.php?page=showalam&ids=13790والشافعي : إن كان موسرا نفذ عتقه وكلف قيمة يجعلها رهنا مكانه ، وإن كان معسرا فالعتق باطل .
وقال
nindex.php?page=showalam&ids=12251أحمد بن حنبل : العتق نافذ على كل حال ، فإن كان موسرا كلف قيمته تكون رهنا ، وإن كان معسرا لم يكلف قيمته ، ولا كلف العبد استسعاء ونفذ العتق .
وقال
nindex.php?page=showalam&ids=11990أبو حنيفة : العتق نافذ بكل حال ، ثم قسم كما نذكر بعد هذا .
وقال
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي : إن رهن أمة له فوطئها فحملت ، فإن كان موسرا خرجت من الرهن وكلف رهنا آخر مكانها ، وإن كان معسرا ، فمرة قال : تخرج من الرهن ولا يكلف رهنا مكانها ولا تكلف هي شيئا - ومرة قال : تباع إذا وضعت ولا يباع الولد ، وتكليف رهن آخر - : والتفريق هاهنا بين الموسر والمعسر ، وبيعها بعد وضعها دون ولدها - أقوال فاسدة بلا برهان .
وقال
nindex.php?page=showalam&ids=11956أبو ثور : هي خارجة من الرهن ، ولا يكلف لا هو ولا هي شيئا سواء معسرا كان أو موسرا .
وروينا عن
nindex.php?page=showalam&ids=16815قتادة : أنها تباع هي ، ويكلف سيدها أن يفتك ولده منها .
قال
nindex.php?page=showalam&ids=13064أبو محمد : افتكاك الولد لا ندري وجهه ، ولئن كان مملوكا فلأي معنى يكلف والده افتكاكه ؟ وإن كان حرا فلم يباع حتى يحتاج إلى افتكاكه .
وروينا عن
nindex.php?page=showalam&ids=16438ابن شبرمة : أنها تستسعى - وكذلك العبد المرهون إذا أعتق .
قال
nindex.php?page=showalam&ids=13064أبو محمد : وهذا عجب : وما ندري من أين حل أخذ مالهما وتكليفهما غرامة لم يكلفهما الله تعالى قط إياها ، ولا رسوله صلى الله عليه وسلم وما جعل الله تعالى فيهما شركا للمرتهن فيستسعى له ؟
[ ص: 373 ] وأما
nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك فقال : إن كان موسرا كلف أن يأتي بقيمتها فتكون القيمة رهنا وتخرج هي من الرهن ، وإن كان معسرا فإن كانت تخرج إليه وتأتيه فهي خارجة من الرهن ، ولا تتبع بغرامة ولا يكلف هو رهنا مكانها ، ولكن يتبع بالدين الذي عليه فقط ، وإن كان تسور عليها بيعت هي وأعطي هو ولده منها .
قال
nindex.php?page=showalam&ids=13064أبو محمد : في هذا القول خمسة أوجه من الخطإ - : وهي : تفريقه بين المعسر ، والموسر ، في ذلك والحق عليهما واحد .
وتكليفه إحضار قطعة من ماله لترهن لم يعقد قط فيها رهنا .
وتفريقه بين خروجها إلى سيدها وبين تسوره عليها .
وهما آمنة في كلا الوجهين ، وهي مرهونة في كلا الوجهين ، وهذا عجب جدا .
وبيعه إياها وهي أم ولد ، وإخراجه ولدها من حكم الرهن بلا تكليف عوض بخلاف الأم ، وكلاهما عنده لا يجوز رهنهما .
وكل هذه أوجه فاحشة الخطإ لا متعلق لها فيها بقرآن ولا سنة ، ولا رواية سقيمة ، ولا إجماع ، ولا دليل ، ولا قياس ، ولا رأي له وجه ، ولا قول صاحب - نعم ، ولا قول أحد نعلمه قبله .
وقال
nindex.php?page=showalam&ids=11990أبو حنيفة ، وأصحابه إن حملت فأقر بحملها ، فإن كان موسرا خرجت من الرهن وكلف قضاء الدين إن كان حالا ، أو كلف رهنا بقيمتها إن كان إلى أجل .
فإن كان معسرا كلفت أن تستسعى في الدين الحال بالغا ما بلغ ، ولا ترجع به على سيدها ، ولا يكلف ولدها سعاية ، فإن كان الدين إلى أجل كلفت أن تستسعى في قيمتها فقط ، فجعلت رهنا مكانها ، فإذا حل أجل الدين كلفت من ذي قبل أن تستسعى في باقي الدين إن كان أكثر من قيمتها .
قالوا : فإن كان السيد استلحق ولدها بعد وضعها له - وهو معسر - قسم الدين على قيمتها يوم ارتهنها ، وعلى قيمة ولدها يوم استلحق ، فما أصاب الأم سعت فيه بالغا ما بلغ للمرتهن ، ولم ترجع به على سيدها ، وما أصاب الولد سعى في الأقل من الدين أو قيمته ورجع به على أبيه ويأخذ المرتهن كل ذلك .
قالوا : فلو كان الرهن عبدا فأعتقه نفذ فيه العتق ، وخرج من الرهن .
[ ص: 374 ] فإن كان الراهن موسرا والدين حالا كلف غرم الدين .
فإن كان الدين إلى أجل كلف السيد قيمة العبد تكون رهنا مكانه .
فإن كان معسرا استسعي العبد في الأقل من قيمته أو الدين ، ورجع به على سيده ، ورجع المرتهن على الراهن بباقي دينه .
قال
nindex.php?page=showalam&ids=13064أبو محمد : إن في هذه الأقوال لعبرة لمن اعتبر - ونعوذ بالله من الخذلان - وإن من العجب تفريقه بين ما تستسعى فيه الأم وبين ما يستسعى فيه العبد المعتق ، وبين ما يستسعى فيه الولد - وهو عنده حر لاحق النسب - فما بال أمة خرجت أم ولد من سيدها بوطء مباح .
وما بال إنسان حر ابن حر ولد على فراش أبيه .
وما بال عبد عتق يكلفون الغرامات دون جناية جنوها ولا ذنب اقترفوه فتستباح أموالهم بالباطل ، ويكلفون ما لم يكلفهم الله تعالى به قط ولا رسوله عليه السلام ، ولا أحد من المسلمين قبل
nindex.php?page=showalam&ids=11990أبي حنيفة ثم يكلفونهم ما ذكرنا ، ويسلمون صاحب الجناية عندهم من الغرامة ؟ ما شاء الله كان .
وكل ما يدخل على
nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك مما ذكرنا قبل فإنه يدخل على
nindex.php?page=showalam&ids=11990أبي حنيفة إلا فرق
nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك بين خروجها إليه وبين تسوره عليها .
ويزيد من التناقض والفساد في قول
nindex.php?page=showalam&ids=11990أبي حنيفة تفريقه بين الدين الحال والمؤجل في ذلك - وتفريقه بين ما تكلفه الأم وبين ما يكلفه الولد .
وتفريقه بين إقراره بالحمل وبين إقراره بالولد بعد الوضع فيما يكلفه من الاستسعاء في الحالين .
وتفريقه بين ما تكلفه أم الولد وبين ما يكلفه العبد بعتق .
وتفريقه بين الرجوع مرة على السيد بما غرم الغارم منهم وبين منعهم من الرجوع عليه مرة بذلك .
وأغرب من ذلك كله قوله : إن الولد يستسعى ، فليت شعري إلى متى بقي هذا الدين المسخوط حتى ولد المحمول به ، وحتى فطم ، وكبر ، وبلغ ، وتصرف ؟ أفإن مات قبل ذلك ماذا يكون ؟ كل هذا بلا دليل أصلا ، لا من قرآن ، ولا سنة ، ولا رواية سقيمة ،
[ ص: 375 ] ولا قول أحد من ولد آدم قبلهم ، ولا قياس أصلا ، ولا رأي له وجه ما مثل عقول أنتجت هذه الأقوال بمأمونة على تدبير نواة محرقة ، فكيف على التحكم في الدين ؟ وإن نعم الله تعالى علينا لعظيمة في توفيقه لنا إلى اتباع كتابه ، وسنن رسوله صلى الله عليه وسلم .
ولا يموهون بأن يقول : قسنا ذلك على الاستسعاء الثابت عن النبي صلى الله عليه وسلم في العبد المشترك يعتقه سيده وهو معسر ، فإن ذلك الحكم في عبد يملكه اثنان فصاعدا وليس هاهنا مالك غير المعتق عبده والمولد أمته .
ولو كان القياس حقا لكان هذا منه عين الباطل ، لأنه قياس حكم على ما لا يشبهه ، وعلى ما ليس منه في ورود ولا في صدر ؟ قال
nindex.php?page=showalam&ids=13064أبو محمد : ثم نسألهم ؟ ما الفرق بين عتقه وهبته وبيعه وإصداقه ، إذ أجزتم البيع بغير إجماع ، ومنعتم من سائر ذلك ؟ وأما
هلاك الرهن بغير فعل الراهن ولا المرتهن ، فللناس فيه خمسة أقوال - : قالت طائفة : يترادان الفضل - : تفسير ذلك - : أن الرهن إن كانت قيمته وقيمة الدين سواء ، فقد سقط الدين عن الذي كان عليه ولا ضمان عليه في الرهن .
فإن كانت قيمة الرهن أكثر سقط الدين بمقداره من الرهن وكلف المرتهن أن يؤدي إلى الراهن مقدار ما كان تزيده قيمة الرهن على قيمة الدين .
وإن كانت قيمة الرهن أقل سقط من الدين بمقداره وأدى الراهن إلى المرتهن فضل ما زاد الدين على قيمة الرهن .
روينا من طريق
الحكم ،
nindex.php?page=showalam&ids=16815وقتادة : أن
nindex.php?page=showalam&ids=8علي بن أبي طالب قال : يتراجعان الفضل - يعني في الرهن يهلك .
وروي أيضا عن
nindex.php?page=showalam&ids=12ابن عمر - وهو قول
عبيد الله بن الحسن ،
nindex.php?page=showalam&ids=12074وأبي عبيد ،
nindex.php?page=showalam&ids=12418وإسحاق بن راهويه .
وقالت طائفة : إن كانت قيمة الرهن أكثر من قيمة الدين أو مثلها فقد بطل الدين كله ، ولا غرامة على المرتهن في زيادة قيمة الرهن على قيمة الدين ، فإن كانت قيمة الرهن أقل من قيمة الدين سقط من الدين بمقدار قيمة الرهن وأدى الراهن إلى المرتهن ما
[ ص: 376 ] بقي من دينه - : روينا هذا من طريق
nindex.php?page=showalam&ids=17096مطر الوراق عن
nindex.php?page=showalam&ids=16568عطاء عن
nindex.php?page=showalam&ids=16531عبيد بن عمير عن
nindex.php?page=showalam&ids=2عمر بن الخطاب
ومن طريق
nindex.php?page=showalam&ids=17277وكيع عن
nindex.php?page=showalam&ids=16626علي بن صالح بن حي عن
عبد الأعلى بن عامر عن
nindex.php?page=showalam&ids=12691محمد بن الحنفية عن
nindex.php?page=showalam&ids=8علي بن أبي طالب - : ومن طريق
nindex.php?page=showalam&ids=16815قتادة عن
عبد ربه عن
أبي عياض عن
nindex.php?page=showalam&ids=8علي
ومن طريق
nindex.php?page=showalam&ids=17277وكيع عن
إدريس الأودي عن
إبراهيم بن عمير قال : سمعت
nindex.php?page=showalam&ids=12ابن عمر يقول : مثل ذلك - وهو قول
nindex.php?page=showalam&ids=12354إبراهيم النخعي ،
nindex.php?page=showalam&ids=16815وقتادة - وبه يقول
nindex.php?page=showalam&ids=11990أبو حنيفة ، وأصحابه .
وقالت طائفة : ذهب الرهن بما فيه سواء كان كقيمة الدين أو أقل أو أكثر إذا تلف سقط الدين ولا يغرم أحدهما للآخر شيئا - صح هذا عن
nindex.php?page=showalam&ids=14102الحسن البصري ،
nindex.php?page=showalam&ids=12354وإبراهيم النخعي ،
nindex.php?page=showalam&ids=16097وشريح ،
والشعبي ،
والزهري ،
nindex.php?page=showalam&ids=16815وقتادة - وصح عن
nindex.php?page=showalam&ids=16248طاووس في الحيوان يرتهن - وروينا عن
nindex.php?page=showalam&ids=12354النخعي ،
والشعبي فيمن ارتهن عبدا فأعور عنده قالا : ذهب بنصف دينه .
وقالت طائفة : إن كان الرهن مما يخفى كالثياب ، ونحوها ، فضمان ما تلف منها على المرتهن بالغة ما بلغت ويبقى دينه بحسبه حتى يؤدي إليه بكماله ، وإن كان الرهن مما يظهر كالعقار ، والحيوان ، فلا ضمان فيه على المرتهن ودينه باق بكماله حتى يؤدي إليه - وهو قول
nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك .
وقالت طائفة : سواء كان مما يخفى أو مما لا يخفى لا ضمان فيه على المرتهن أصلا ودينه باق بكماله حتى يؤدي إليه - وهو قول
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي ،
nindex.php?page=showalam&ids=11956وأبي ثور ،
nindex.php?page=showalam&ids=12251وأحمد بن حنبل ،
nindex.php?page=showalam&ids=15858وأبي سليمان ، وأصحابهم .
وروينا من طريق
الحجاج بن المنهال نا
nindex.php?page=showalam&ids=17258همام بن يحيى أنا
nindex.php?page=showalam&ids=16815قتادة عن
خلاس أن
nindex.php?page=showalam&ids=8علي بن أبي طالب قال في الرهن : يترادان الفضل فإن أصابته جائحة برئ
فصح أن
nindex.php?page=showalam&ids=8علي بن أبي طالب لم ير تراد الفضل إلا فيما تلف بجناية المرتهن لا فيما أصابته جائحة ، بل رأى البراءة له مما أصابته جائحة - وصح عن
nindex.php?page=showalam&ids=16568عطاء أنه قال : الرهن وثيقة إن هلك فليس عليه غرم يأخذ الدين الذي له كله . وعن
الزهري أنه قال في الرهن يهلك أنه لم يذهب حق هذا إنما هلك من رب الرهن له غنمه وعليه غرمه .
[ ص: 377 ] قال
nindex.php?page=showalam&ids=13064أبو محمد : أما تفريق
nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك بين ما يخفى وبين ما لا يخفى - : فقول لا برهان على صحته لا من قرآن ، ولا من سنة ، ولا من رواية سقيمة ، ولا قياس ، ولا قول أحد نعلمه قبله - فسقط ، وإنما بنوه على التهمة ; والتهمة ظن كاذب يأثم صاحبه ولا يحل القول به ، والتهمة متوجهة إلى أحد وفي كل شيء .
وأما قول
nindex.php?page=showalam&ids=11990أبي حنيفة فإنهم احتجوا بخبر مرسل رويناه من طريق
nindex.php?page=showalam&ids=15990سعيد بن المسيب أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : {
nindex.php?page=hadith&LINKID=50315لا يغلق الرهن من صاحبه له غنمه وعليه غرمه ، لا يغلق الرهن ممن رهنه له غنمه وعليه غرمه } .
وقالوا : قد أجمع الصحابة على
تضمين الرهن ، والمرتهن أمين فيما زاد من قيمة الرهن على قيمة دينه .
قال
nindex.php?page=showalam&ids=13064أبو محمد : أما قولهم : إن المرتهن أمين فيما فضل من قيمة الرهن على قيمة دينه ، فدعوى فاسدة ، وتفريق بلا دليل ، وما هو إلا أمين في الكل أو غير أمين في الكل .
وأما قولهم : أجمع الصحابة على تضمين الرهن ، فقول جروا فيه على عادتهم الخفيفة على ألسنتهم من الكذب على الصحابة بلا مؤنة .
ويا للمسلمين هل جاء في هذا كلمة عن أحد من الصحابة إلا عن
nindex.php?page=showalam&ids=2عمر ،
nindex.php?page=showalam&ids=8وعلي ،
nindex.php?page=showalam&ids=12وابن عمر فقط .
فأما
nindex.php?page=showalam&ids=2عمر فلم يصح عنه ذلك ، لأنه من رواية
nindex.php?page=showalam&ids=16531عبيد بن عمير وعبيد لم يولد إلا بعد موت
nindex.php?page=showalam&ids=2عمر أو أدركه صغيرا لم يسمع منه شيئا .
[ ص: 378 ] وأما
nindex.php?page=showalam&ids=12ابن عمر فلا يصح عنه ; لأنه من رواية
إبراهيم بن عمير عنه وهو مجهول - وقد روي عنه يترادان الفضل .
وأما
nindex.php?page=showalam&ids=8علي فمختلف عنه في ذلك ، وأصح الروايات عنه إسقاط التضمين فيما أصابته جائحة كما أوردنا آنفا .
ثم أعجب شيء دعواهم أن الصحابة أجمعوا على تضمين الرهن ، فإن صح ذلك فهم قد خالفوا الإجماع ، لأنهم لا يضمنون بعض الرهن وهو ما زاد من قيمته على قيمة الدين فهذا حكمهم على أنفسهم .
وأما الحديث الذي ذكروا فمرسل ، ولا حجة في مرسل ، ثم لو صح لما كان لهم فيه حجة أصلا ، لأنه لا يدل على شيء من قولهم ولا تقسيمهم ، وإنما مقتضاه لو صح هو أن قول {
nindex.php?page=hadith&LINKID=50315لا يغلق الرهن ممن رهنه } بضم الراء وكسر الهاء ، له غنمه وعليه غرمه ، فوجب ضمان الرهن على المرتهن ولا بد بخلاف قولهم .
وقوله {
nindex.php?page=hadith&LINKID=50315لا يغلق الرهن من صاحبه له غنمه وعليه غرمه } إن كان أراد بصاحبه مالكه ، وهو الأظهر ، فهو يوجب أن خسارته منه ، ولا يضمنه له المرتهن ، وإن كان أراد بصاحبه المرتهن فهو يوجب ضمانه له بكل حال ، فصار حجة عليهم بكل وجه ، وبطل قولهم ، ونقول لهم : في أي الأصول وجدتم شيئا واحدا رهنا كله عن دين واحد بعضه مضمون وبعضه أمانة ؟ وأنتم تردون السنن بخلافها بالأصول بزعمكم ثم تخالفونها جهارا بلا نص .
وأما من قال " يترادان الفضل " فما نعلم لهم حجة أصلا إلا أنه استحسان وكأنه لما كان الرهن مكان الدين تقاصا فيه ، وهذا رأي ، والدين لا يؤخذ بالآراء .
وأما من قال " ذهبت الرهون بما فيها " فإنهم احتجوا بخبر رويناه من طريق
nindex.php?page=showalam&ids=17093مصعب بن ثابت عن
nindex.php?page=showalam&ids=16568عطاء {
nindex.php?page=hadith&LINKID=50316أن رجلا رهن فرسا فهلك عنده فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ذهب حقك } .
قال
nindex.php?page=showalam&ids=13064أبو محمد : هذا مرسل ،
nindex.php?page=showalam&ids=17093ومصعب بن ثابت ليس بالقوي .
قال
nindex.php?page=showalam&ids=13064أبو محمد : فإذ قد بطل كل ما موهوا به ، فالواجب الرجوع إلى القرآن ،
[ ص: 379 ] والسنة ، فوجدنا ما حدثناه
أحمد بن قاسم نا
أبي قاسم بن محمد بن قاسم نا جدي
nindex.php?page=showalam&ids=16802قاسم بن أصبغ حدثني
محمد بن إبراهيم حدثني
يحيى بن أبي طالب الأنطاكي وجماعة من أهل الثقة نا
نضر بن عاصم الأنطاكي نا
nindex.php?page=showalam&ids=16087شبابة عن
ورقاء نا
أبي ذئب عن
الزهري عن
nindex.php?page=showalam&ids=15990سعيد بن المسيب ،
nindex.php?page=showalam&ids=12031وأبي سلمة بن عبد الرحمن بن عوف عن
nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : {
nindex.php?page=hadith&LINKID=31799لا يغلق الرهن ، الرهن لمن رهنه ، له غنمه ، وعليه غرمه } .
فهذا مسند من أحسن ما روي في هذا الباب ، وادعوا أن
أبا عمر المطرز غلام ثعلب ، قال : أخطأ من قال : إن الغرم الهلاك .
قال
nindex.php?page=showalam&ids=13064أبو محمد : وقد صح في ذم قوم في القرآن قوله تعالى : {
ومن الأعراب من يتخذ ما ينفق مغرما } .
أي يراه هالكا بلا منفعة ، فالقرآن أولى من رأي
المطرز
قال
nindex.php?page=showalam&ids=13064أبو محمد : ووجدنا النبي صلى الله عليه وسلم قد قال : {
nindex.php?page=hadith&LINKID=47739إن دماءكم وأموالكم عليكم حرام } .
فلم يحل لغريم المرتهن شيئا ، ولا أن يضمن الرهن بغير نص في تضمينه إلا أن يتعدى فيه ، أو بأن يضيعه فيضمنه حينئذ باعتدائه في كلا الوجهين .
وكذلك الدين قد وجب فلا يسقطه ذهاب الرهن ، فصح يقينا من هذين الأصلين الصحيحين بالقرآن ، والإجماع ، والسنة : أن هلاك الرهن من الراهن ، ولا ضمان على المرتهن ، وأن دين المرتهن باق بحسبه لازم للراهن وبالله تعالى التوفيق .