1392 - مسألة :
والقول في هلاك الوديعة أو في ردها إلى صاحبها ، أو في دفعها إلى من أمره صاحبها بدفعها إليه : قول الذي أودعت عنده مع يمينه ، سواء دفعت إليه ببينة أو بغير بينة ; لأن ماله محرم كما ذكرنا فهو مدعى عليه وجوب غرامة ، وقد {
nindex.php?page=hadith&LINKID=50495حكم رسول الله صلى الله عليه وسلم بأن اليمين على من ادعي عليه } . وهو قول
nindex.php?page=showalam&ids=11990أبي حنيفة ،
nindex.php?page=showalam&ids=13790والشافعي ،
nindex.php?page=showalam&ids=15858وأبي سليمان .
وههنا خلاف في مواضع - : منها أن
nindex.php?page=showalam&ids=16867مالكا فرق بين الثقة وغير الثقة ، فرأى أن لا يمين على الثقة ، وهذا خطأ ; لأن رسول الله صلى الله عليه وسلم إذ أوجب اليمين على من ادعي عليه لم يفرق بين ثقة وغير ثقة ، والمالكيون موافقون لنا في أن نصرانيا ، أو يهوديا ، أو فاسقا من المسلمين - معلنا للفسق - يدعي دينا على صاحب من الصحابة رضي الله عنهم ولا بينة له : وجبت اليمين على الصاحب ، ولا فرق بين دعوى جحد الدين ، وبين دعوى جحد الوديعة أو تضييعها ، والمقرض مؤتمن على ما أقرض ، وعلى ما عومل فيه ، كما أن المودع مؤتمن ولا فرق ، وفرق أيضا بين الوديعة تدفع ببينة وبينها إذا دفعت بغير بينة ، فرأى إيجاب الضمان فيها إذا دفعت ببينة - وهذا لا معنى له ; لأنه لم يأت بالفرق بين ذلك : قرآن ، ولا سنة ، والأيمان لا تسقط ، والغرامة لا تجب ، إلا حيث أوجبها الله تعالى أو رسوله صلى الله عليه وسلم : أو حيث أسقطها الله تعالى ، أو رسوله صلى الله عليه وسلم . وفرق قوم بين قول المودع : هلكت الوديعة ، فصدقوه : إما ببينة وإما بغير بينة ، وبين قوله : قد صرفتها إليك - : فألزموه الضمان ، وكذلك في
قوله : أمرتني بدفعها إلى فلان - فضمنوه .
قال
nindex.php?page=showalam&ids=13064أبو محمد : وهذا خطأ ; لأنه لم يأت بالفرق بين ذلك : قرآن ، ولا سنة - والوجه في هذا هو أن كل ما قاله المودع ، مما يسقط به عن نفسه الغرامة ، ولا تخرج عين الوديعة عن ملك المودع : فالقول قوله مع يمينه ; لأن ماله محرم ، إلا بقرآن أو سنة ، سواء
[ ص: 139 ] كانت الوديعة معروفة للمودع ببينة ، أو بعلم الحاكم أو لم تكن ، ولا فرق بين شيء مما فرقوا بينه بآرائهم الفاسدة .
وأما إذا
ادعى المودع شيئا ينقل به الوديعة عن ملك المودع إلى ملك غيره فإنه ينظر ، فإن كانت الوديعة لا تعرف للمودع إلا بقول المودع ، فالقول أيضا قول المودع مع يمينه في كل ما ذكر له من أمره إياه ببيعها ، أو الصدقة بها ، أو بهبتها ، أو أنه وهبها له وسائر الوجوه ولا فرق ; لأنه لم يقر له بشيء في ماله ، ولا بشيء في ذمته ، لا بدين ولا بتعد ، ولا قامت له عليه بينة بحق ولا بتعد ، وماله محرم على غيره .
وأما إن كانت الوديعة معروفة العين للمودع ببينة ، أو بعلم الحاكم فإن المودع مدع نقل ملك المودع عنها ، فلا يصدق إلا ببينة ، وقد أقر حينئذ في مال غيره بما قد منع الله تعالى منه إذ يقول : {
ولا تكسب كل نفس إلا عليها } فهو ضامن - وبالله تعالى التوفيق