صفحة جزء
1416 - مسألة : ولا يجوز البيع إلا بلفظ البيع ، أو بلفظ الشراء ، أو بلفظ التجارة ، أو بلفظ يعبر به في سائر اللغات عن البيع ، فإن كان الثمن ذهبا أو فضة غير مقبوضين لكن حالين ، أو إلى أجل مسمى : جاز أيضا بلفظ الدين أو المداينة ، ولا يجوز شيء من ذلك بلفظ الهبة ، ولا بلفظ الصدقة ، ولا بشيء غير ما ذكرنا أصلا .

برهان ذلك - : قول الله تعالى : { وأحل الله البيع وحرم الربا } .

وقوله تعالى : { لا تأكلوا أموالكم بينكم بالباطل إلا أن تكون تجارة عن تراض منكم } . وقوله تعالى : { إذا تداينتم بدين إلى أجل مسمى فاكتبوه } .

فصح أن ما حرم الله تعالى فهو حرام ، وما أحل فهو حلال ، فمتى أخذ مال بغير الاسم الذي أباح الله تعالى به أخذه كان باطلا بنص القرآن .

وصفة البيع والربا واحدة والعمل فيهما واحد ، وإنما فرق بينهما الاسم فقط ، وإنما هما معاوضة مال بمال : أحدهما حلال طيب ، والآخر حرام خبيث ، كبيرة من الكبائر ، قال تعالى { وعلم آدم الأسماء كلها ثم عرضهم على الملائكة فقال أنبئوني بأسماء هؤلاء إن كنتم صادقين قالوا سبحانك لا علم لنا إلا ما علمتنا } .

وقال تعالى : { إن هي إلا أسماء سميتموها أنتم وآباؤكم ما أنزل الله بها من سلطان } .

فصح أن الأسماء كلها توقيف من الله تعالى ، لا سيما أسماء أحكام الشريعة التي لا يجوز فيها الإحداث ، ولا تعلم إلا بالنصوص ، ولا خلاف بين الحاضرين منا ومن [ ص: 233 ] خصومنا في أن امرءا لو قال للآخر : أقرضني هذا الدينار وأقضيك دينارا إلى شهر كذا ، ولم يحد وقتا فإنه حسن ، وأجر ، وبر .

وعندنا إن قضاه دينارين أو نصف دينار فقط ورضي كلاهما فحسن .

ولو قال له : بعني هذا الدينار بدينار إلى شهر ، ولم يسم أجلا ، فإنه ربا ، وإثم ، وحرام ، وكبيرة من الكبائر - والعمل واحد ، وإنما فرق بينهما الاسم فقط .

وكذلك لو قال رجل لامرأة : أبيحي لي جماعك متى شئت ؟ ففعلت ، ورضي وليها ، لكان ذلك زنا - إن وقع - يبيح الدم في بعض المواضع .

ولو قال لها : أنكحيني نفسك ؟ ففعلت ، ورضي وليها لكان حلالا ، وحسنا ، وبرا ، وهكذا - عندنا - في كل شيء .

وأما لفظ الشرى ، فلما روينا من طريق البخاري نا علي بن عياش نا أبو غسان محمد بن مطرف حدثني ابن المنكدر عن جابر بن عبد الله [ رضي الله عنهما ] " أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : { رحم الله امرءا سمحا إذا باع ، وإذا اشترى ، وإذا اقتضى } .

التالي السابق


الخدمات العلمية