صفحة جزء
1527 - مسألة : ولا يحل بيع جملة مجهولة القدر على أن كل صاع منها بدرهم ، أو كل رطل منها بدرهم ، أو كل ذراع منها بدرهم ، أو كل أصل منها ، أو كل واحد منها بكذا وكذا - وهكذا في جميع المقادير والأعداد ، فإن علما جميعا مقدار ما فيها من العدد ، أو الكيل ، أو الوزن أو الذرع ، وعلما قدر الثمن الواجب في ذلك : جاز ذلك ، فإن بيعت الجملة كما هي ولا مزيد ، فهو جائز .

[ ص: 509 ] وكذلك لو بيعت جملة على أن فيها كذا وكذا من الكيل ، أو من الوزن ، أو من الذرع ، أو من العدد ، فهو جائز - فإن وجدت كذلك صح البيع ، وإلا فهو مردود .

برهان ذلك - : أن بيعها على أن كل كيل مذكور منها بكذا ، أو كل وزن بكذا ، أو كل ذرع بكذا ، أو كل واحد بكذا ، بيع بثمن مجهول لا يدري البائع ما يجب له ، ولا المشتري ما يجب عليه حال العقد .

وقد قال الله - تعالى - : { لا تأكلوا أموالكم بينكم بالباطل إلا أن تكون تجارة عن تراض منكم } والتراضي لا يمكن إلا في معلوم فهو أكل مال بالباطل ، وبيع غرر .

وقد صح النهي عن بيع الغرر ، فإذا خرج كل ذلك إلى حد العلم منهما معا ، وكان ذلك بعد العقد ، فمن الباطل أن يبطل العقد حين عقده ، ويصح بعد ذلك حين لم يتعاقداه ، ولا التزماه ، فإذا علما جميعا قدر ذلك عند العقد فهو تراض صحيح لا غرر فيه .

فإن بيعت الجملة هكذا فهو بيع شيء مرئي محاط بثمن معروف ، فهو تراض صحيح لا غرر فيه ، فإن بيعت الجملة بثمن معلوم على أن فيها كذا وكذا ، فهذا بيع بصفة ، وهو صحيح إن وجد كما عقد عليه ، وإلا فإنما وجد غير ما عقد عليه ، فلم يعقد قط على الذي وجد ، فهو أكل مال بالباطل .

روينا من طريق عبد الرزاق عن سفيان الثوري قال : إذا قلت : أبتاع منك ما في هذا البيت ما بلغ ، كل جزء كذا بكذا ، فهو بيع مكروه .

وقال أبو حنيفة : إذا باع هذه الصبرة قفيزا بدرهم لم يلزمه منها إلا قفيز واحد بدرهم فقط - وقال محمد بن الحسن : يلزمه كلها كل قفيز بدرهم - وهذان رأيان فاسدان ; لما ذكرنا - وبالله - تعالى - التوفيق .

التالي السابق


الخدمات العلمية