1530 - مسألة : وأما المضطر إلى البيع ، كمن
جاع وخشي الموت فباع فيما يحيي به نفسه وأهله ، وكمن لزمه فداء نفسه أو حميمه من دار الحرب أو كمن
أكرهه ظالم على غرم ماله بالضغط ولم يكرهه على البيع ، لكن ألزمه المال فقط ، فباع في أداء ما أكره عليه بغير حق ؟ فقد اختلف الناس في هذا - : فروينا من طريق
nindex.php?page=showalam&ids=16000سعيد بن منصور نا
nindex.php?page=showalam&ids=17249هشيم أنا
صالح بن رستم نا شيخ من
بني تميم قال : خطبنا
nindex.php?page=showalam&ids=8علي ، أو قال : قال
nindex.php?page=showalam&ids=8علي : " سيأتي على الناس زمان عضوض يعض الموسر على ما في يديه ، ولم يؤمر بذلك ، قال {
ولا تنسوا الفضل بينكم } وينهد الأشرار ، ويستذل الأخيار ، ويبايع المضطرون وقد {
nindex.php?page=hadith&LINKID=50735نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن بيع المضطر ، وعن بيع الغرر ، وعن بيع الثمر قبل أن يطعم } .
[ ص: 511 ] وبه إلى
nindex.php?page=showalam&ids=17249هشيم عن
كوثر بن حكيم عن
مكحول ، قال : بلغني عن
nindex.php?page=showalam&ids=21حذيفة أنه حدث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال : {
إن بعد زمانكم هذا زمانا عضوضا يعض الموسر على ما في يديه ، ولم يؤمر بذلك ، قال الله - تعالى - { وما أنفقتم من شيء فهو يخلفه وهو خير الرازقين } وينهد شرار خلق الله - تعالى - يبايعون كل مضطر ، ألا إن بيع المضطرين حرام ، المسلم أخو المسلم ، لا يظلمه ، ولا يخونه ، وإن كان عندك خير فعد به على أخيك ولا تزده هلاكا إلى هلاكه } .
قال
nindex.php?page=showalam&ids=13064أبو محمد : لو استند هذان الخبران لقلنا بهما مسارعين ، لكنهما مرسلان ، ولا يجوز القول في الدين بالمرسل .
ولقد كان يلزم من رد السنن الثابتة برواية شيخ من
بني كنانة ، ويقول : المرسل كالمسند من الحنفيين ، والمالكيين أن يقول بهذين الخبرين شيخ من
بني تميم ، وشيخ من
بني كنانة ، وهذه الرواية أمكن وأوضح ، ثم هي عن
nindex.php?page=showalam&ids=8علي ، وعن رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم عن
nindex.php?page=showalam&ids=21حذيفة ، ولكنهم قوم مضطربون .
قال
nindex.php?page=showalam&ids=13064أبو محمد : فإذا لم يصح هذان الخبران فلنطلب هذا الحكم من غيرهما - : فوجدنا كل من يبتاع قوت نفسه وأهله للأكل واللباس فإنه مضطر إلى ابتياعه بلا شك ، فلو بطل ابتياع هذا المضطر لبطل بيع كل من لا يصيب القوت من ضيعته - وهذا باطل بلا خلاف ، وبضرورة النقل من الكواف وقد ابتاع النبي صلى الله عليه وسلم أصوعا من شعير لقوت أهله ، ومات عليه السلام ودرعه مرهونة في ثمنها فصح أن
بيع المضطر إلى قوته وقوت أهله ، وبيعه ما يبتاع به القوت بيع صحيح لازم ، فهو أيضا بيع تراض لم يجبره أحد عليه ، فهو صحيح بنص القرآن .
ثم نظرنا فيمن
باع في إنقاذ نفسه ، أو حميمه ، من يد كافر أو ظلم ظالم - : فوجدنا الكافر والظالم لم يكرها فادي الأسير ، ولا الأسير ، ولا المضغوط على بيع ما باعوا في استنقاذ أنفسهم ، أو من يسعون لاستنقاذه وإنما أكرهوهم على إعطاء المال فقط ، ولو أنهم أتوهما بمال من قرض ، أو من غير البيع ما ألزموهما البيع - فصح أنه بيع تراض .
والواجب على من طلب بباطل أن يدفع عن نفسه ، وأن يغير المنكر الذي نزل به
[ ص: 512 ] لا أن يعطي ماله بالباطل : فصح أن بيعه صحيح لازم له ، وأن الذي أكره عليه من دفع المال في ذلك هو الباطل الذي لا يلزمه ، فهو باق في ملكه ، كما كان يقضي له به متى قدر على ذلك ، ويأخذه من الظالم ، ومن الحربي الكافر ، متى أمكنه ، أو متى وجده في مغنم قبل القسمة ، وبعد القسمة ، من يد من وجده في يده ، من مسلم ، أو ذمي ، أو من يد ذلك الكافر ، لو تذمم ، أو أسلم أبدا - هذا إذا وجد ذلك المال بعينه ; لأنه ماله كما كان ، ولا يطلب الكافر بغيره بدلا منه ; لأن الحربي إذا أسلم أو تذمم غير مؤاخذ بما سلف من ظلم أو قتل .
وأما المسلم الظالم فيتبعه به أبدا ، أو بمثله ، أو قيمته ، سواء كان خارجيا أو محاربا ، أو باغيا ، أو سلطانا ، أو متغلبا ; لأنه أخذ منه بغير حق ، والله - تعالى - يقول : {
فمن اعتدى عليكم فاعتدوا عليه بمثل ما اعتدى عليكم } .