[ ص: 3 ] بسم الله الرحمن الرحيم كتاب الشفعة 1595 مسألة :
الشفعة واجبة في كل جزء بيع مشاعا غير مقسوم بين اثنين فصاعدا ، من أي شيء كان مما ينقسم ، ومما لا ينقسم : من أرض ، أو شجرة واحدة ، فأكثر ، أو عبد ، أو ثوب ، أو أمة ، أو من سيف ، أو من طعام ، أو من حيوان ، أو من أي شيء بيع : لا يحل لمن له ذلك الجزء أن يبيعه حتى يعرضه على شريكه أو شركائه فيه ، فإن أراد من يشركه فيه الأخذ له بما أعطى فيه غيره فالشريك أحق به ، وإن لم يرد أن يأخذ فقط سقط حقه ، ولا قيام له بعد ذلك إذا باعه ممن باعه .
فإن لم يعرض عليه كما ذكرنا حتى باعه من غير من يشركه فيه ؟ فمن يشركه مخير بين أن يمضي ذلك البيع وبين أن يبطله ويأخذ ذلك الجزء لنفسه بما بيع به .
وها هنا خلاف في أربعة مواضع :
أحدها هل يجوز
بيع المشاع أم لا ؟
والثاني : هل يكون في بيعه شفعة أم لا ؟
والثالث :
الأشياء التي تكون فيها الشفعة .
والرابع : إن
عرض البائع على من يشركه قبل أن يبيع فأبى شريكه من الأخذ هل يسقط حقه بذلك أم لا ؟ فقال
عبد الملك بن يعلى وهو تابعي قاضي
البصرة : لا يجوز بيع المشاع ، روينا ذلك من طريق
nindex.php?page=showalam&ids=15743حماد بن زيد أنا
nindex.php?page=showalam&ids=12341أيوب السختياني قال : رفع إلى
عبد الملك بن يعلى قاضي
البصرة رجل باع نصيبا له غير مقسوم فلم يجزه ، فذكر
nindex.php?page=showalam&ids=16972لمحمد بن سيرين فرآه غير جائز .
[ ص: 4 ]
وقال
nindex.php?page=showalam&ids=16972محمد بن سيرين : لا بأس بالشريكين يكون بينهما المتاع أو الشيء الذي لا يكال ولا يوزن أن يبيعه قبل أن يقاسمه .
وقال
الحسن : لا يبع منه ولا من غيره حتى يقاسمه إلا أن يكون لؤلؤة أو ما لا يقدر على قسمته .
وأجاز
nindex.php?page=showalam&ids=16542عثمان البتي بيع المشاع ولم ير الشفعة للشريك .
وقال
nindex.php?page=showalam&ids=11990أبو حنيفة ،
nindex.php?page=showalam&ids=13790والشافعي : لا شفعة إلا في الأرض فقط أو في أرض بما فيها من بناء أو شجر نابت فقط .
قال
nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك : الشفعة واجبة في الأرض وحدها ، وفي الأرض بما فيها من بناء أو شجر نابت ، أو في الثمار التي في رءوس الشجر وإن بيعت دون الأصول .
وروينا عن
nindex.php?page=showalam&ids=7عثمان بن عفان رضي الله عنه لا شفعة في بئر ولا فحل : رويناه من طريق
nindex.php?page=showalam&ids=12508ابن أبي شيبة نا
nindex.php?page=showalam&ids=16410عبد الله بن إدريس عن
محمد بن عمارة عن
أبي بكر بن محمد بن عمرو بن حزم عن
nindex.php?page=showalam&ids=11795أبان بن عثمان بن عفان عن أبيه قال : لا شفعة في بئر ولا فحل والأرف يقطع كل شفعة .
الأرف الحدود والمعالم .
قال
nindex.php?page=showalam&ids=13064أبو محمد : وبرهان صحة قولنا : ما رويناه من طريق
nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري أنا
مسدد أنا
nindex.php?page=showalam&ids=16496عبد الواحد هو ابن زياد أنا
nindex.php?page=showalam&ids=17124معمر عن
الزهري عن
nindex.php?page=showalam&ids=12031أبي سلمة بن عبد الرحمن بن عوف عن
nindex.php?page=showalam&ids=36جابر بن عبد الله قال : {
nindex.php?page=hadith&LINKID=14422قضى رسول الله صلى الله عليه وسلم بالشفعة في كل ما لم يقسم فإذا وقعت الحدود وصرفت الطرق فلا شفعة } .
ومن طريق
nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري أيضا أنا
nindex.php?page=showalam&ids=17052محمود هو ابن غيلان أنا
nindex.php?page=showalam&ids=16360عبد الرزاق أنا
nindex.php?page=showalam&ids=17124معمر عن
الزهري عن
nindex.php?page=showalam&ids=12031أبي سلمة بن عبد الرحمن بن عوف عن
nindex.php?page=showalam&ids=36جابر بن عبد الله قال : {
nindex.php?page=hadith&LINKID=50804جعل رسول الله صلى الله عليه وسلم الشفعة في كل مال لم يقسم فإذا وقعت الحدود وصرفت الطرق فلا شفعة } .
[ ص: 5 ]
ووجدت في كتاب
يحيى بن مالك بن عائذ بخطه : أخبرني القاضي
أبو عبد الله الحسين بن أحمد بن محمد بن سلمة المعروف بابن أبي حنيفة قال : نا
nindex.php?page=showalam&ids=14695أبو جعفر الطحاوي قال نا
محمد بن خزيمة أنا
يوسف بن عدي هو القراطيسي أنا
ابن إدريس هو عبد الله الأودي عن
nindex.php?page=showalam&ids=13036ابن جريج عن
nindex.php?page=showalam&ids=16568عطاء عن
nindex.php?page=showalam&ids=36جابر قال : {
nindex.php?page=hadith&LINKID=26686قضى رسول الله صلى الله عليه وسلم بالشفعة في كل شيء } .
قال
nindex.php?page=showalam&ids=14695الطحاوي : وحدثنا
إبراهيم بن أبي داود نا
نعيم أنا
الفضل بن موسى عن
nindex.php?page=showalam&ids=11988أبي حمزة السكري عن
nindex.php?page=showalam&ids=16376عبد العزيز بن رفيع عن
nindex.php?page=showalam&ids=12531ابن أبي مليكة عن
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : {
nindex.php?page=hadith&LINKID=14413الشريك شفيع والشفعة في كل شيء } .
ومن طريق
nindex.php?page=showalam&ids=17080مسلم أنا
أبو الطاهر أنا
nindex.php?page=showalam&ids=16472ابن وهب عن
nindex.php?page=showalam&ids=13036ابن جريج أن
nindex.php?page=showalam&ids=11862أبا الزبير أخبره أنه سمع
nindex.php?page=showalam&ids=36جابر بن عبد الله يقول : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : {
nindex.php?page=hadith&LINKID=50805الشفعة في كل شرك في أرض أو ربع أو حائط ، لا يصلح أن يبيع حتى يؤذن شريكه فيأخذ أو يدع ، فإن أبى فشريكه أحق به حتى يؤذنه } .
[ ص: 6 ]
قال
nindex.php?page=showalam&ids=13064أبو محمد : فهذه آثار متواترة متظاهرة بكل ما قلنا ،
nindex.php?page=showalam&ids=36جابر ،
nindex.php?page=showalam&ids=11وابن عباس عن النبي صلى الله عليه وسلم بأن {
nindex.php?page=hadith&LINKID=50806الشفعة في كل مال ، وفي كل شيء ، وفي كل ما لم يقسم . }
ورواها كذا عن
nindex.php?page=showalam&ids=36جابر :
nindex.php?page=showalam&ids=11862أبو الزبير سماعا منه
nindex.php?page=showalam&ids=16568وعطاء ،
nindex.php?page=showalam&ids=233وأبو سلمة ، ورواه عن
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس :
nindex.php?page=showalam&ids=12531ابن أبي مليكة ، فارتفع الإشكال جملة ولله تعالى الحمد .
وممن قال بقولنا في هذا كما روينا عن
nindex.php?page=showalam&ids=12508ابن أبي شيبة أنا
nindex.php?page=showalam&ids=17376يزيد بن هارون أنا
يحيى بن سعيد عن
عون بن عبيد الله بن أبي رافع عن
عبيد الله بن عبد الله بن عمر بن الخطاب أن
nindex.php?page=showalam&ids=2عمر بن الخطاب قال : إذا وقعت الحدود وعرف الناس حقوقهم فلا شفعة بينهم .
ومن طريق
nindex.php?page=showalam&ids=16000سعيد بن منصور أنا
nindex.php?page=showalam&ids=17249هشيم أنا
nindex.php?page=showalam&ids=16903محمد بن إسحاق عن
منظور بن أبي ثعلبة عن
nindex.php?page=showalam&ids=11795أبان بن عثمان بن عفان أن أباه
عثمان قال : لا مكايلة إذا وقعت الحدود فلا شفعة .
فهذان
nindex.php?page=showalam&ids=2عمر بن الخطاب ،
nindex.php?page=showalam&ids=7وعثمان بن عفان رضي الله عنهما يحملان قطع الشفعة بعد وجوبها بوقوع الحدود ، ومعرفة الناس حقوقهم ولم يخصا أرضا دون سائر الأموال ، بل أجملا ذلك ، والحدود تقع في كل جسم مبيع ، وكذلك معرفة كل أحد حقه .
ومن طريق
nindex.php?page=showalam&ids=12508ابن أبي شيبة أنا
nindex.php?page=showalam&ids=11820أبو الأحوص عن
nindex.php?page=showalam&ids=16376عبد العزيز بن رفيع عن
ابن مليكة قال : {
nindex.php?page=hadith&LINKID=26686قضى رسول الله صلى الله عليه وسلم بالشفعة في كل شيء : الأرض والدار ، والجارية ، والخادم } .
فقال
nindex.php?page=showalam&ids=16568عطاء : إنما الشفعة في الأرض والدار .
فقال له
ابن أبي مليكة : تسمعني لا أم لك ، أقول قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم تقول مثل هذا وإلى هذا رجع
nindex.php?page=showalam&ids=16568عطاء
كما روينا من طريق
nindex.php?page=showalam&ids=17277وكيع قال أنا
أبان عن
عبد الله البجلي قال : سألت
nindex.php?page=showalam&ids=16568عطاء عن الشفعة في الثوب ؟ فقال : له شفعة وسألته عن الحيوان ؟ فقال : له شفعة وسألته عن العبد ؟ فقال : له شفعة .
[ ص: 7 ] فهذان :
nindex.php?page=showalam&ids=16568عطاء ،
وابن أبي مليكة بأصح إسناد عنهما .
قال
nindex.php?page=showalam&ids=13064أبو محمد : فلا تخلو الشفعة من أن تكون من طريق النص كما نقول نحن أو من طريق النظر كما يقول المخالفون .
فإن كانت من طريق النص فهذه النصوص التي أوردنا لا يحل الخروج عنها وإن كانت من طريق النظر كما يزعمون أنها إنما جعلت لدفع ضرر عن الشريك فالعلة بذلك موجودة في غير العقار كما هي موجودة في العقار ، بل أكثر ، وفيما لا ينقسم ، كوجودها فيما ينقسم ، بل هي فيما لا ينقسم أشد ضررا .
فأما من منع بيع المشاع فما نعلم لهم حجة أصلا ، بل هو خلاف القرآن ، والسنة ، قال الله تعالى : {
وأحل الله البيع } .
وقال تعالى : {
وقد فصل لكم ما حرم عليكم } .
فهذا بيع لم يفصل لنا تحريمه فهو حلال .
ولقد كان يلزم الحنفيين المحرمين
رهن الجزء من المشاع ، وهبة الجزء من المشاع ، والصدقة بالجزء من المشاع ، والإجارة للجزء المشاع : أن يمنعوا من بيع الجزء من المشاع ; لأن العلة في كل ذلك واحدة ، والقبض واجب في البيع كما هو في الهبة ، والرهن ، والصدقة والإجارة ولكن التخاذل في أقوالهم في الدين أخف شيء عليهم .
فإن قالوا : اتبعنا في إجازة بيع المشاع الآثار المذكورة ؟ قلنا : ما فعلتم ، بل خالفتموها كما نبين بعد هذا إن شاء الله عز وجل ، وأقرب ذلك مخالفتكم إياها في سقوط حق الشريك إذا عرض عليه الأخذ قبل البيع فلم يأخذ ، فقلتم : بل حقه باق ولا يسقط .
وأيضا فقد جاء نص بهبة المشاع إذ {
nindex.php?page=hadith&LINKID=50807وهب رسول الله صلى الله عليه وسلم الأشعريين ثلاث ذود من الإبل بينهم } فلم تجيزوه .
وأما من لم يقل بالشفعة فإن حجته أن يقول : خبر الشفعة مخالف للأصول ، ومن ملك شيئا بالشراء فلا يجوز لغيره أخذه وهذا خلاف لما ثبت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم .
ولقد كان يلزم الحنفيين المخالفين للثابت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم من حكم المصراة ،
[ ص: 8 ] ومن حكم من وجد سلعته عند مفلس فهو أولى بها ، والقرعة بين الأعبد الستة في العتق ، وقالوا : هذه الأخبار مخالفة للأصول أن يقولوا مثل هذا في خبر الشفعة ، ولكن التناقض أسهل شيء عليهم ، ولا حجة في نظر مع حكم ثابت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم .
وأما الخلاف فيما تكون فيه الشفعة فإنهم قالوا : إنما ذكر في حديث
nindex.php?page=showalam&ids=36جابر من رواية
nindex.php?page=showalam&ids=11862أبي الزبير {
nindex.php?page=hadith&LINKID=50805في كل شرك في أرض أو ربع أو حائط . }
وفي رواية
nindex.php?page=showalam&ids=233أبي سلمة عنه {
nindex.php?page=hadith&LINKID=23577فإذا وقعت الحدود وصرفت الطرق فلا شفعة } وما نعلم لهم شيئا شغبوا به إلا هذا .
فجوابنا وبالله تعالى التوفيق : أنه لا حجة لهم في هذين اللفظين ، أما {
nindex.php?page=hadith&LINKID=50805قوله عليه الصلاة والسلام : في كل شرك في أرض أو ربع أو حائط } فليس فيه أنه لا شفعة إلا في هذا فقط ، وإنما فيه إيجاب الشفعة في الأرض والربع والحائط ، وليس فيه ذكر هل الشفعة فيما عداها أم لا ؟ فوجب طلب حكم ما عدا هذه في غير هذا اللفظ ، وقد وجدنا خبر
nindex.php?page=showalam&ids=36جابر هذا نفسه من طريق
nindex.php?page=showalam&ids=16568عطاء بأن الشفعة في كل شيء ، وما يجهل أن
nindex.php?page=showalam&ids=16568عطاء فوق
nindex.php?page=showalam&ids=11862أبي الزبير إلا جاهل .
وقد جاء هذا الخبر من طريق
أبي خيثمة زهير بن معاوية عن
nindex.php?page=showalam&ids=11862أبي الزبير عن
nindex.php?page=showalam&ids=36جابر عن النبي صلى الله عليه وسلم {
nindex.php?page=hadith&LINKID=50808من كان له شريك في ربعة أو نخل فليس له أن يبيع حتى يؤذن شريكه ، فإن رضي أخذ ، وإن كره ترك } أفترون هذا حجة في أن لا شفعة إلا في ربع أو نخل فقط دون سائر الثمار ؟ فإن قالوا : قد جاء خبر آخر بزيادة ؟ قلنا : وقد جاء خبر آخر لنا أيضا بزيادة {
nindex.php?page=hadith&LINKID=50804كل مال لم يقسم } ولا فرق فكيف والحنفيون ، والمالكيون ، والشافعيون ، المخالفون لنا في هذا أصحاب قياس بزعمهم ، فهلا قاسوا على حكم الأرض ، والحائط ، والبناء : سائر الأملاك بعلة الضرر ودفعه ، كما قاسوا على الذهب ، والفضة ، والبر ، والشعير ، والملح ، والتمر : سائر الأنواع ؟ فليت شعري ما الموجب للقياس هنالك وفي سائر ما قاسوا فيه ومنع منه هاهنا ، لا
[ ص: 9 ] سيما والمالكيون ، والشافعيون يجعلون
الشفعة في الصداق قياسا على البيع ، فهلا قاسوا البيع على البيع ، فهو أولى من قياس الصداق على البيع ؟ والمالكيون يرون
الشفعة في الثمرة دون الأصول ، فهلا قاسوا غير الثمرة على العقار كما قاسوا الثمرة على العقار ، لا سيما مع إقراره بأنه لا يعرف أحدا قال بذلك قبله .
ثم كلهم مخالفون لهذا الخبر نفسه ، في أنهم لا يسقطون حق للشريك في الشفعة إذا عرض عليه شريكه أخذ الشقص بما يعطى فيه فلم يأخذه ، فكيف يحل لمسلم أن يجعل بعض خبر حجة ، لا سيما فيما ليس فيه منه شيء ، ولا يجعله حجة فيما هو فيه منصوص ونعوذ بالله من مثل هذا .
وأما اللفظ الذي في رواية
nindex.php?page=showalam&ids=233أبي سلمة عن
nindex.php?page=showalam&ids=36جابر {
nindex.php?page=hadith&LINKID=23577فإذا وقعت الحدود وصرفت الطرق فلا شفعة } فلا حجة لهم فيه ; لأنه ليس في هذا اللفظ نص ولا دليل على أن ذلك لا يكون إلا في الأرض ، والعقار ، والبناء .
بل الحدود واقعة في كل ما ينقسم من طعام ، وحيوان ، ونبات ، وعروض ، وإلى كل ذلك طريق ضرورة ، كما هو إلى البناء وإلى الحائط ولا فرق ، وكان ذكره عليه السلام للحدود والطرق إعلاما بحكم ما يمكن قسمته ، وبقي الحكم فيما لا يقسم على حسبه ، فكيف وأول الحديث بيان كاف في أن الشفعة واجبة في كل مال يقسم ، وفي كل ما لم يقسم ، وهذا عموم لجميع الأموال ما احتمل منها القسمة وما لم يحتملها .
ومن الباطل الممتنع أن يكون رسول الله صلى الله عليه وسلم يريد بهذا الحكم " الأرض " فقط ; ثم يجمل هذا الإجمال ، حاشا لله من هذا ، وهو مأمور بالبيان لا بالإبهام والتلبيس هذا أمر لا يتشكل في عقل ذي عقل سواه وبالله تعالى التوفيق .
[ ص: 10 ]
قال
nindex.php?page=showalam&ids=13064أبو محمد : فبطل أن يكون لهم متعلق ، وقد جسر بعضهم على جاري عادته في الكذب فادعى الإجماع على وجوب الشفعة في الأرض ، والبناء ، والأشجار فقط ، وادعى الإجماع على سقوط الشفعة فيما سواها .
قال
nindex.php?page=showalam&ids=13064أبو محمد : أما الإجماع على وجوب الشفعة في الأرض وما فيها من بناء وشجر : فقد أوردنا عن
الحسن nindex.php?page=showalam&ids=16972وابن سيرين ،
وعبد الملك بن يعلى nindex.php?page=showalam&ids=16542وعثمان البتي خلاف ذلك ، وهؤلاء فقهاء تابعون .
وأما الإجماع على أن لا شفعة فيما عدا ذلك ، فقد ذكرنا عموم الرواية عن
nindex.php?page=showalam&ids=2عمر nindex.php?page=showalam&ids=7وعثمان ، والرواية عن
ابن أبي مليكة ،
nindex.php?page=showalam&ids=16568وعطاء ، وهو قول فقهاء أهل
مكة ، وهذا
nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك يرى الشفعة في الثمرة المبيعة دون الأصل .
وما نعلم روي إسقاط الشفعة فيما عدا الأرض إلا عن
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس ،
nindex.php?page=showalam&ids=16097وشريح ،
nindex.php?page=showalam&ids=15990وابن المسيب ، ولا يصح عنهم ، وعن
nindex.php?page=showalam&ids=16568عطاء وقد رجع عن ذلك وعن
nindex.php?page=showalam&ids=12354إبراهيم ،
والشعبي ،
والحسن nindex.php?page=showalam&ids=16815وقتادة ،
nindex.php?page=showalam&ids=15741وحماد بن أبي سليمان ،
nindex.php?page=showalam&ids=15885وربيعة ، وهو عن هؤلاء صحيح .
أما
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس : فإن الرواية عنه في ذلك من طريق
nindex.php?page=showalam&ids=16985محمد بن عبد الرحمن عن
nindex.php?page=showalam&ids=16568عطاء عن
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس : لا شفعة في الحيوان
nindex.php?page=showalam&ids=16985محمد بن عبد الرحمن مجهول وليس فيه أيضا : أنه لا شفعة في غير الحيوان ، كما ليس في حديث
عثمان إسقاط الشفعة عن غير البر والفحل فبطل تعلقهم بها جملة .
وأما
nindex.php?page=showalam&ids=15990ابن المسيب : فهو من طريق
ابن سمعان وهو مذكور بالكذب وهو عن
nindex.php?page=showalam&ids=16097شريح من طريق
جابر الجعفي ، ويكفي .
ورويناه من طريق
nindex.php?page=showalam&ids=16000سعيد بن منصور أنا
nindex.php?page=showalam&ids=17249هشيم عن
عبيدة ،
وجرير ،
nindex.php?page=showalam&ids=17419ويونس ، قال
عبيدة عن
nindex.php?page=showalam&ids=12354إبراهيم ، وقال
جرير عن
الشعبي قالا جميعا : لا شفعة إلا في دار ، أو عقار ، وقال
nindex.php?page=showalam&ids=17419يونس عن
الحسن : لا شفعة إلا في تربة .
قال
nindex.php?page=showalam&ids=13064أبو محمد : ومثل عدد هؤلاء لا يعدهم إجماعا إلا كذاب ، قليل الحياء وقد أوردنا الخلاف في ذلك عمن ذكرنا وبالله تعالى التوفيق .
[ ص: 11 ]
وقد خالف هؤلاء كلهم
nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك ، فرأى
الشفعة في التين ، والعنب ، والزيتون ، والفواكه في رءوس الشجر ، وليست دارا ، ولا عقارا ، ولا تربة ورأى
nindex.php?page=showalam&ids=16438ابن شبرمة الشفعة في الماء .
والعجب من المالكيين في إجبارهم الشريك على أن يبيع مع شريكه ، ولم يوجب قط ذلك نص ، ولا أثر ، ولا قياس ، ولا نظر ، ثم لا يوجب له الشفعة ، وقد جاء بها النص .
وعجب آخر منهم ، ومن الحنفيين في قولهم : المسند كالمرسل سواء ، حتى أن بعضهم قال : بل المرسل أقوى ، وقد ذكرنا آنفا : أحسن المراسيل بإيجاب
الشفعة في الجارية وفي الخادم .
وروينا من طريق
nindex.php?page=showalam&ids=16769محمد بن جعفر أنا
nindex.php?page=showalam&ids=16102شعبة عن
nindex.php?page=showalam&ids=16376عبد العزيز بن رفيع عن
nindex.php?page=showalam&ids=12531ابن أبي مليكة ، قال النبي صلى الله عليه وسلم : {
nindex.php?page=hadith&LINKID=50809في العبد شفعة وفي كل شيء } وما نعلم في المرسلات أقوى من هذا فخالفوه ، وما عابوه إلا بإرسال ؟ فأي دين ، أو أي إحياء ، يبقى مع هذا ؟ ونعوذ بالله من الخذلان .
وأما سقوط حق الشريك إذا عرض عليه شريكه الأخذ فلم يأخذه ، فإن الحنفيين حاشا
nindex.php?page=showalam&ids=14695الطحاوي ، والمالكيين ، والشافعيين ، قالوا : لا يسقط حقه بذلك ، بل له أن يأخذ بعد البيع ، واحتجوا بأن قالوا : بأن الشفعة لم تجب له بعد ، وإنما يجب له بعد البيع ؟ فتركه ما لم يجب له بعد لا معنى له ، ولا يسقط حقه إذا وجب ، ما لهم حجة غير هذا أصلا .
وهذا ليس بشيء : أول ذلك قولهم : إن الشفعة لم تجب له بعد ، فهذا باطل ; لأن الشفعة وغير الشفعة من أحكام الديانة كلها لا تجب إلا إذا أوجبها الله تعالى على لسان رسوله صلى الله عليه وسلم وإلا فما لم يجئ هذا المجيء فليس هو من الدين ، ورسول الله صلى الله عليه وسلم هو الذي أوجب حق الشفيع بعرض الشفعة عليه قبل البيع ، وأسقط حقه بتركه الأخذ حينئذ ، ولم يجعل له بعد البيع حقا أصلا ، إلا بأن لا يعرض عليه قبل البيع فحينئذ يبقى له الحق بعد البيع ، وإلا فلا هذا هو حكم الله تعالى على لسان رسوله عليه الصلاة والسلام فليأتونا عنه عليه الصلاة والسلام بأن الأخذ لا يجب للشفيع إلا بعد البيع فقط ، وهذا ما لا يجدونه أبدا فظهر فساد قولهم من كثب .
[ ص: 12 ]
وليت شعري أين كان الحنفيون عن هذا النظر حيث أجازوا الزكاة قبل الحول ، نعم ، وقبل دخوله ، والمالكيون كذلك قبل تمام الحول بشهرين ، والشافعيون كذلك قبل تمام الحول ؟ وأين كان المالكيون عن هذا النظر حيث أجازوا إذن الوارث للموصي في أكثر من الثلث والمال لم يجب لهم بعد ، ولا لهم فيه حق ولعله هو يرثهم أو لعله سيحدث له ولد يحجبهم ؟ وأين كانوا عن هذا النظر في إجازتهم الطلاق قبل النكاح ، والعتق قبل الملك ، فأعجبوا لهذه التخاليط وبه يقول جماعة من أهل العلم : كما روينا من طريق
nindex.php?page=showalam&ids=16360عبد الرزاق نا
سفيان الثوري عن
أشعث عن
الحكم بن عتيبة في الرجلين بينهما دار أو أرض فقال أحدهما للآخر : أريد أن أبيع ولك الشفعة فاشتر مني ، فقال له الآخر : لا حاجة لي به ، قد أذنت لك أن تبيع ، فباع ، ثم يأتي طالب الشفعة فيقول قد قام الثمن وأنا أحق ، قال
الحكم : لا شيء له إذا أذن .
قال
سفيان : وبه نأخذ وهو قول
nindex.php?page=showalam&ids=12074أبي عبيد ،
وإسحاق nindex.php?page=showalam&ids=14117والحسن بن حي .
وأحد قولي
nindex.php?page=showalam&ids=12251أحمد : وطائفة من أصحاب الحديث .
فإن قال قائل : قد جاء هذا الخبر من طريق
nindex.php?page=showalam&ids=11862أبي الزبير عن
nindex.php?page=showalam&ids=36جابر وفيه : لا يحل له أن يبيع ؟ قلنا : لم يذكر فيه
nindex.php?page=showalam&ids=11862أبو الزبير سماعا من
nindex.php?page=showalam&ids=36جابر ، وهو قد اعترف على نفسه بأن ما لم يذكر فيه سماعا فإنه حدثه به من لم يسمه عن
nindex.php?page=showalam&ids=36جابر
ثم لو صح لكان آخر الخبر حاكما على أوله ، ولا يحل ترك شيء ، صح من حكم رسول الله صلى الله عليه وسلم .
وهذا خبر رويناه من طريق
إسحاق بن راهويه نا
nindex.php?page=showalam&ids=16410عبد الله بن إدريس أنا
nindex.php?page=showalam&ids=13036ابن جريج عن
nindex.php?page=showalam&ids=11862أبي الزبير عن
nindex.php?page=showalam&ids=36جابر {
nindex.php?page=hadith&LINKID=26685قضى رسول الله صلى الله عليه وسلم بالشفعة في كل شركة لم تقسم : ربعة ، أو حائط ، لا يحل له أن يبيع حتى يؤذن شريكه ، فإن شاء أخذ وإن شاء ترك فإذا باع ولم يؤذنه فهو أحق به }
[ ص: 13 ] قال
nindex.php?page=showalam&ids=13064أبو محمد : فإنما جعله عليه السلام بعد البيع الذي لا يحل أحق فقط ، فلاح أن الحق في الأخذ أو الترك بعد البيع إلى الشفيع إذا لم يؤذن قبل البيع فإن أبطله بطل وإن أجازه فحينئذ جاز وبالله تعالى التوفيق .