صفحة جزء
[ ص: 120 ] مسألة : ولا يحل السؤال تكثرا إلا لضرورة فاقة ، أو لمن تحمل حمالة ، فالمضطر فرض عليه أن يسأل ما يقوته هو وأهله مما لا بد لهم منه ، من : أكل ، وسكنى ، وكسوة ، ومعونة ، فإن لم يفعل فهو ظالم ، فإن مات في تلك الحال فهو قاتل نفسه .

وأما من طلب غير متكثر فليس مكروها .

وكذلك من سأل سلطانا فلا حرج في ذلك - : روينا من طريق مسلم حدثني أبو الطاهر أخبرني عبد الله بن وهب أخبرني الليث هو ابن سعد - عن عبيد الله بن أبي جعفر عن حمزة بن عبد الله بن عمر عن أبيه أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال : { ما يزال الرجل يسأل الناس حتى يأتي يوم القيامة ليس في وجهه مزعة لحم } .

ومن طريق مسلم نا أبو كريب نا ابن فضيل عن عمارة بن القعقاع عن أبي زرعة عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم { من سأل الناس أموالهم تكثرا فإنما يسأل جمرا فليستقل أو ليستكثر } .

ومن طريق مسلم نا يحيى بن يحيى نا حماد بن زيد عن هارون بن رئاب حدثني كنانة بن نعيم العدوي عن قبيصة بن المخارق الهلالي ، { أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال له : يا قبيصة إن المسألة لا تحل إلا لأحد ثلاثة : رجل تحمل حمالة فحلت له المسألة حتى يصيبها ثم يمسك ، ورجل أصابته جائحة اجتاحت ماله فحلت له المسألة حتى يصيب قواما من عيش ، أو قال سدادا من عيش ، ورجل أصابته فاقة حتى يقوت ثلاثة من ذوي الحج من قومه فيقولون : لقد أصابت فلانا فاقة ، فحلت له المسألة حتى يصيب قواما من عيش ، أو قال : سدادا من عيش - فما سواهن من المسألة يا قبيصة سحت يأكلها صاحبها سحتا } .

ومن طريق أحمد بن شعيب أنا محمود بن غيلان قال : نا وكيع نا سفيان عن عبد الملك بن عمير [ ص: 121 ] عن زيد بن عقبة عن سمرة بن جندب قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : { المسألة كد يكد الرجل بها وجهه ، إلا أن يسأل الرجل ذا سلطان ، أو في الأمر لا بد له منه } .

فهذا نص ما قلنا حرفا بحرف - ولله الحمد .

ومن طريق النظر : أننا قد ذكرنا في " كتاب الزكاة " من ديواننا هذا وجوب قيام ذوي الفضل من المال بمن لا مال معه ، يقوم منه بنفسه وعياله ، فإذ ذلك كذلك فالمحتاج إنما يسأل حقه الواجب ، ودينه اللازم ، الذي على الحاكم أن يحكم له به ، وله أخذه كيف قدر إن منعه ، فلا غضاضة عليه في ذلك .

وأما السلطان فليس يسأل من ماله شيء ، إنما بيده أموال المسلمين ، فلا حرج على المسلم أن يسأل من أموال المسلمين الذين هو أحدهم .

وأما سؤال غير المتكثر فقد ذكرنا في " كتاب الحج { قول رسول الله صلى الله عليه وسلم لأبي قتادة وأصحابه في الحمار الذي عقروه : معكم منه شيء ؟ فقلت : نعم : فناولته العضد فأكلها حثى نفذها ، وهو محرم . } وقوله عليه الصلاة والسلام في حديث أبي سعيد الخدري الذي رقي على قطيع من الغنم : { اقتسموا واضربوا لي بسهم معكم }

التالي السابق


الخدمات العلمية