1718 - مسألة :
ولا عول في شيء من مواريث الفرائض وهو أن يجتمع في الميراث ذوو فرائض مسماة لا يحتملها الميراث ، مثل : زوج أو زوجة ، وأخت شقيقة وأخت لأم ، أو أختين شقيقتين أو لأب ، وأخوين لأم ، أو زوج أو زوجة وأبوين وابنة ، أو ابنتين فإن هذه فرائض ظاهرها أنه يجب النصف والنصف والثلث ، أو نصف ونصف وثلثان ، أو نصف ونصف وسدس ، ونحو هذا .
فاختلف الناس . فقال بعضهم : يحط كل واحد من فرضه شيئا حتى ينقسم المال عليهم ، ورتبوا ذلك على أن يجمعوا سهامهم كاملة ، ثم يقسم المال بينهم على ما اجتمع ، مثل : زوج وأم وأختين شقيقتين وأختين لأم ، فهذه : ثلثان وثلث ونصف وسدس - ولا يصح هذا في بنية العالم .
قالوا : فيجعل للزوج النصف وهو ثلاثة من ستة ، وللأم السدس وهو واحد من ستة ، فهذه أربعة سهام ،
[ ص: 278 ] وللشقيقتين الثلثان ، وهما أربعة من ستة ، فهذه ثمانية ، وللأختين للأم الثلث ، وهو اثنان من ستة - فهذه عشرة ، يقسم المال بينهم على عشرة أسهم ، فللزوج الذي له النصف ثلاثة من عشرة ، فهو أقل من الثلث . وللأم التي لها السدس واحد من عشرة وهو العشر . وللشقيقتين اللتين لهما الثلثان أربعة من عشرة ، فذلك خمسان . وللأختين للأم اللتين لهما الثلث اثنان من عشرة ، فهو الخمس - وهكذا في سائر هذه المسائل .
وهو قول أول من قال به
nindex.php?page=showalam&ids=47زيد بن ثابت ، ووافقه عليه
nindex.php?page=showalam&ids=2عمر بن الخطاب وصح عنه هذا ، وروي عن
nindex.php?page=showalam&ids=8علي ،
nindex.php?page=showalam&ids=10وابن مسعود غير مسند ، وذكر عن
nindex.php?page=showalam&ids=18العباس ولم يصح ، وصح عن
nindex.php?page=showalam&ids=16097شريح ، ونفر من التابعين يسير .
وبه يقول
nindex.php?page=showalam&ids=11990أبو حنيفة ،
nindex.php?page=showalam&ids=16867ومالك ،
nindex.php?page=showalam&ids=13790والشافعي ،
nindex.php?page=showalam&ids=12251وأحمد ، وأصحاب هؤلاء القوم إذا اجتمع رأيهم على شيء كان أسهل شيء عليهم دعوى الإجماع ، فإن لم يمكنهم ذلك لم تكن عليهم مؤنة من دعوى : أنه قول الجمهور ، وأن خلافه شذوذ ، وأن خصومهم ليرثون لهم من تورطهم في هذه الدعاوى الكاذبة - نعوذ بالله من مثلها .
وأيم الله لا أقدم على أن ينسب إلى أحد قول لم يثبت عنده أن ذلك المرء قاله إلا مستسهل الكذب ، مقدم عليه ساقط العدالة .
وأما نحن فإن صح عندنا عن إنسان أنه قال قولا نسبناه إليه ، وإن رويناه ولم يصح عندنا ، قلنا : روي عن فلان ، فإن لم يرو لنا عنه قول لم ننسب إليه قولا لم يبلغنا عنه ، ولا نتكثر بالكذب ، ولم نذكره لا علينا ولا لنا .
رويناه من طريق
nindex.php?page=showalam&ids=16000سعيد بن منصور نا
عبد الرحمن بن أبي الزناد عن أبيه عن
nindex.php?page=showalam&ids=15786خارجة بن زيد بن ثابت عن أبيه : أنه أول من عال في الفرائض ، وأكثر ما بلغ بالعول مثل ثلثي رأس الفريضة .
قال
nindex.php?page=showalam&ids=13064أبو محمد : هذا يكفي من إبطال هذا القول أنه محدث لم تمض به سنة من رسول الله صلى الله عليه وسلم وإنما هو احتياط ممن رآه من السلف رضوان الله عليهم ، قصدوا به الخير .
[ ص: 279 ] وقال بالقول الأول :
nindex.php?page=showalam&ids=11عبد الله بن عباس كما روينا من طريق
nindex.php?page=showalam&ids=17277وكيع نا
nindex.php?page=showalam&ids=13036ابن جريج عن
nindex.php?page=showalam&ids=16568عطاء عن
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس قال الفرائض لا تعول
ومن طريق
nindex.php?page=showalam&ids=16000سعيد بن منصور نا
nindex.php?page=showalam&ids=16008سفيان - هو ابن عيينة - عن
عمرو بن دينار قال : قال
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس : لا تعول فريضة .
ومن طريق
nindex.php?page=showalam&ids=16000سعيد بن منصور نا
nindex.php?page=showalam&ids=16008سفيان بن عيينة نا
nindex.php?page=showalam&ids=16903محمد بن إسحاق عن
الزهري عن
nindex.php?page=showalam&ids=16523عبيد الله بن عبد الله بن عتبة بن مسعود عن
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس قال : أترون الذي أحصى رمل عالج عددا جعل في مال نصفا ونصفا وثلثا ، إنما هو نصفان ، وثلاثة أثلاث ، وأربعة أرباع .
ومن طريق
إسماعيل بن إسحاق القاضي نا
علي بن عبد الله - هو ابن المديني - نا
يعقوب بن إبراهيم بن سعد بن إبراهيم بن عبد الرحمن بن عوف نا أبي عن
nindex.php?page=showalam&ids=16903محمد بن إسحاق حدثني
ابن شهاب الزهري عن
nindex.php?page=showalam&ids=16523عبيد الله بن عبد الله بن عتبة بن مسعود قال : خرجت أنا ،
وزفر بن أوس إلى
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس فتحدثنا عنده حتى عرض ذكر فرائض المواريث فقال
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس : سبحان الله العظيم أترون الذي أحصى رمل عالج عددا جعل في مال نصفا ونصفا وثلثا : النصفان قد ذهبا بالمال ، أين موضع الثلث ؟ فقال له
nindex.php?page=showalam&ids=15922زفر : يا
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن العباس من أول من أعال الفرائض ؟ فقال :
nindex.php?page=showalam&ids=2عمر بن الخطاب ، لما التقت عنده الفرائض ، ودافع بعضها بعضا ، وكان امرأ ورعا ، فقال : والله ما أدري أيكم قدم الله عز وجل ولا أيكم أخر ، فما أجد شيئا هو أوسع من أن أقسم بينكم هذا المال بالحصص ،
فأدخل على كل ذي حق ما دخل عليه من العول . قال
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس : وأيم الله لو قدم من قدم الله عز وجل ما عالت فريضة ؟ فقال له
nindex.php?page=showalam&ids=15922زفر : وأيها يا
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس قدم الله عز وجل ؟ قال : كل فريضة لم يهبطها الله عز وجل عن فريضة إلا إلى فريضة ، فهذا ما قدم ، وأما ما أخر فكل فريضة إذا زالت عن فرضها لم يكن لها إلا ما بقي ، فذلك الذي أخر .
[ ص: 280 ] فأما الذي قدم ، فالزوج له النصف ، فإن دخل عليه ما يزيله رجع إلى الربع لا يزايله عنه شيء .
والزوجة لها الربع ، فإن زالت عنه صارت إلى الثمن لا يزايلها عنه شيء .
والأم لها الثلث فإن زالت عنه بشيء من الفرائض ودخل عليها صارت إلى السدس لا يزايلها عنه شيء ، فهذه الفرائض التي قدم الله عز وجل .
والتي أخر : فريضة الأخوات والبنات لهن النصف فما فوق ذلك ، والثلثان ، فإذا أزالتهن الفرائض عن ذلك لم يكن لهن إلا ما يبقى .
فإذا اجتمع ما قدم الله عز وجل وما أخر : بدئ بمن قدم وأعطي حقه كملا ، فإن بقي شيء كان لمن أخر ، وإن لم يبق شيء فلا شيء له ؟ فقال له
nindex.php?page=showalam&ids=15922زفر : فما منعك يا
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس أن تشير عليه بهذا الرأي ؟ قال
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس : هبته .
قال
ابن شهاب : والله لولا أنه تقدمه إمام عادل لكان أمره على الورع فأمضى أمرا مضى ما اختلف على
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس من أهل العلم اثنان فيما قال .
وبقول
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس هذا يقول
nindex.php?page=showalam&ids=16568عطاء nindex.php?page=showalam&ids=12691ومحمد بن علي بن أبي طالب ،
ومحمد بن علي بن الحسين ،
nindex.php?page=showalam&ids=15858وأبو سليمان ، وجميع أصحابنا ، وغيرهم .
قال
nindex.php?page=showalam&ids=13064أبو محمد : فنظرنا فيما احتج به من ذهب إلى العول فوجدنا ما ذكره
nindex.php?page=showalam&ids=2عمر رضي الله عنه من أنه لم يعرف من قدم الله تعالى ، ولا من أخر .
زاد المتأخرون منهم أن قالوا : ليس بعضهم أولى بالحطيطة من بعض فالواجب أن يكونوا كالغرماء ، والموصى لهم ، يضيق المال عن حقوقهم ، فالواجب أن يعموا بالحطيطة ، وادعوا على من أبطل العول تناقضا في مسألة واحدة فقط ، وقال بعضهم في مسألة أخرى فقط : ما لهم حجة أصلا غير ما ذكرنا ، ولا حجة لهم في شيء منه . أما قول
nindex.php?page=showalam&ids=2عمر رضي الله عنه " ما أدري أيهم قدم الله عز وجل ولا أيهم أخر " فصدق : ، ومثله لم يدع ما لم يتبين له ، إلا أننا على يقين وثلج من أن الله تعالى لم
[ ص: 281 ] يكلفنا ما لم يتبين لنا ، فإن كان خفي على
nindex.php?page=showalam&ids=2عمر فلم يخف على
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس ، وليس مغيب الحكم عمن غاب عنه حجة على من علمه ، وقد غاب عن
nindex.php?page=showalam&ids=2عمر رضي الله عنه علم جواز كثرة الصداق ، وموت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ، وما الكلالة ، وأشياء كثيرة ، فما كدح ذلك في علم من علمها .
وأما تشبيههم ذلك بالغرماء والموصى لهم ، فباطل وتشبيه فاسد ; لأن المال لو اتسع على ما هولوا وسع الغرماء والموصى لهم ، ولوجد بعد التحاص مال الغريم يقسم على الغرماء والموصى لهم أبدا ، حتى يسعهم ، وليس كذلك أمر العول ، فإن كل ما خلق الله تعالى في الدنيا والجنة والنار والعرش لا يتسع لأكثر من : نصفين ، أو ثلاثة أثلاث ، أو أربعة أرباع ، أو ستة أسداس ، أو ثمانية أثمان ، فمن الباطل أن يكلفنا الله عز وجل المحال وما ليس في الوسع ، ومن الباطل أن يكلفنا من المخرج من ذلك والمخلص منه ما لم يبين عنا كيف نعمل فيه
وأما قولهم " ليس بعضهم أولى بالحطيطة من بعض " فكلام صحيح إن زيد فيه ما ينقص منه ، وهو أن لا يوجب حط بعضهم دون بعض نص أو ضرورة .
ويقال لهم هاهنا أيضا : ولا لكم أن تحطوا أحدا من الورثة مما جعل الله تعالى باحتياطك وظنك ، لكن بنص أو ضرورة .
وأما دعواهم التناقض من المانعين بالعول في المسألة التي ذكروا فسنذكرها إن شاء الله تعالى ونرى أنهم لم يتناقضوا فيها أصلا .
فإذ قد بطل كل ما شغبوا به فالواجب أن ننظر فيما احتج به المبطلون للعول . فوجدنا
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس في الخبر الذي قد أوردنا من طريق
عبيد الله بن عبد الله عنه قد انتظم بالحجة في ذلك بما لا يقدر أحد على الاعتراض فيه ، وأول ذلك إخباره بأن
nindex.php?page=showalam&ids=2عمر أول من عال الفرائض باعترافه ; أنه لم يعرف مراد الله تعالى في ذلك ، فصح أنه رأي لم يتقدمه سنة - وهذا يكفي في رد هذا القول .
وأما
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس : فإنه وصف أن قوله في ذلك هو نص القرآن ، فهو الحق ، وبين أن الكلام في العول لا يقع إلا في فريضة فيها أبوان وزوج وزوجة وأخوات وبنات فقط ، أو بعضهم .
[ ص: 282 ]
قال
nindex.php?page=showalam&ids=13064أبو محمد : ولا يشك ذو مسكة عقل في أن الله تعالى لم يرد قط إعطاء فرائض لا يسعها المال ، ووجدنا ثلاث حجج قاطعة موجبة صحة قول
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس . إحداها - التي ذكر من تقديم من لم يحطه الله تعالى قط عن فرض مسمى ، على من حطه عن الفرض المسمى إلى أن لا يكون له إلا ما بقي .
والثانية - أنه بضرورة العقل عرفنا أن تقديم من أوجب الله تعالى ميراثه على كل حال ، ومن لا يمنعه من الميراث مانع أصلا ، إذا كان هو والميت حرين على دين واحد ، على من قد يرث وقد لا يرث ; لأن من لم يمنعه الله تعالى قط من الميراث لا يحل منعه مما جعل الله تعالى له ، وكل من قد يرث وقد لا يرث ، فبالضرورة ندري أنه لا يرث إلا بعد من يرث ولا بد .
ووجدنا الزوجين والأبوين يرثون أبدا على كل حال .
ووجدنا الأخوات قد يرثن وقد لا يرثن .
ووجدنا البنات لا يرثن إلا بعد ميراث من يرث معهن .
والثالثة - أن ننظر فيمن ذكرنا فإن وجدنا المال يتسع لفرائضهن أيقنا أن الله عز وجل أرادهم في تلك الفريضة نفسها بما سمي لهم فيها في القرآن ، وإن وجدنا المال لا يتسع لفرائضهم نظرنا فيهم واحدا واحدا ، فمن وجدنا ممن ذكرنا قد اتفق جميع أهل الإسلام اتفاقا مقطوعا به معلوما بالضرورة على أنه ليس له في تلك الفريضة ما ذكر الله عز وجل في القرآن أيقنا قطعا أن الله تعالى لم يرده قط فيما نص عليه في القرآن فلم نعطه إلا ما اتفق له عليه فإن لم يتفق له على شيء لم نعطه شيئا ، لأنه قد صح أن لا ميراث له في النصوص في القرآن .
ومن وجدنا ممن ذكرنا قد اختلف المسلمون فيه . فقالت طائفة : له ما سمى الله تعالى له في القرآن .
وقالت طائفة : ليس له إلا بعض المسمى في القرآن ، وجب ولا بد يقينا أن يقضى له بالمنصوص في القرآن ، وأن لا يلتفت إلى قول من قال بخلاف النص ، إذ لم يأت في تصحيح دعواه بنص آخر .
وهذا غاية البيان ، ولا سبيل إلى شذوذ شيء عن هذه القضية ; لأن الأبوين ،
[ ص: 283 ] والزوجين في مسائل العول كلها يقول المبطلون للعول : إن الواجب لهم ما سماه الله تعالى لهم في القرآن - وقال القائلون بالعول : ليس لهم إلا بعضه ، فوجب الأخذ بنص القرآن لا بقول من خالفه .
وأما الأخوات والبنات : فقد أجمع القائلون بالعول والمبطلون للعول ، وليس في أهل الإسلام لهاتين الطائفتين ثالث لهما ، ولا يمكن أن يوجد لهما ثالث ، إذ ليس في الممكن إلا إثبات أو نفي : على أنه لا يجب في جميع مسائل العول لهن ما جاء في نص القرآن ، لكن إما بعض ذلك ، وإما لا شيء فكان إجماعهم حقا بلا شك ، وكان ما اختلفوا فيه لا تقوم به حجة ، إذ لم يأت به نص ، فوجب إذ لا حق لهن بالنص أن لا يعطوا إلا ما صح الإجماع لهن به ، فإن لم يجمع لهن على شيء وقد خرجن بالإجماع وبالضرورة عن النص ، فلا يجوز أن يعطين شيئا بغير نص ولا إجماع - وهذا بيان لا إشكال فيه - وبالله تعالى التوفيق .
وأما المسألة التي ادعوا علينا فيها التناقض ، فهي : زوج ، وأم ، وأختان لأب ، وأختان لأم - ومسألة أخرى ادعوا فيها التناقض على بعضنا دون بعض ، وهي : زوج ، وأم ، وأختان لأم ، فقالوا في هذه المسألة كل هؤلاء أولو فرض مسمى ، لا يرث منهم أحد بغير الفرض المسمى في شيء من الفرائض ، وليس هاهنا من يرث مرة بفرض مسمى فتقدموه ، ومرة ما بقي فتسقطوه أو تؤخروه .
وقالوا في الأم والأخوات الشقائق ، أو للأب فقط ، أو للأم فقط ، ممن قد يرث وقد لا يرث شيئا : فمن أين لكم إسقاط بعض وإثبات بعض ؟ قال
nindex.php?page=showalam&ids=13064أبو محمد : أما مسألة : الزوج ، والأم ، والأختين للأب ، والأختين للأم . فلا تناقض فيها أصلا ، لأن الأختين للأب قد يرثان بفرض مسمى مرة ، وقد لا يرثان إلا ما بقي - إن بقي شيء - : فلا يعطيان ما لم يأت به نص لهما ، ولا اتفاق .
وليس للأم هاهنا إلا السدس ; لأن للميت إخوة ، فوجب للزوج النصف بالنص ، وللأم السدس بالنص ، فذلك الثلثان ، وللأختين للأم الثلث بالنص .
وأيضا : فهؤلاء كلهم مجمع على توريثهم في هذه الفريضة بلا خلاف من أحد ، ومختلف في حطهم فوجب توريثهم بالنص والإجماع ، وبطل حطهم بالدعوى المخالفة
[ ص: 284 ] للنص ، وصح بالإجماع المتيقن : أن الله تعالى لم يعط الأختين للأب في هذه الفريضة الثلثين ، ولا نص لهما بغيره ، ولم يجمع لهما على شيء يعطيانه ، فإذ لا ميراث لهما بالنص ولا بالإجماع : فلا يجوز توريثهما أصلا .
وأما مسألة : الزوج ، والأم ، والأختين للأم : فإنها لا تلزم
nindex.php?page=showalam&ids=15858أبا سليمان ومن وافقه ممن يحط الأم إلى السدس بالاثنين من الإخوة .
وأما نحن ومن أخذ بقول
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس في أن لا يحط إلى السدس إلا بثلاثة من الإخوة فصاعدا ؟ فجوابنا فيها - وبالله تعالى التوفيق . أن الزوج والأم يرثان بكل وجه ، وفي كل حال .
وأما الأختان للأم ، فقد يرثان وقد لا يرثان ، فلا يجوز منع من نحن على يقين من أن الله تعالى أوجب له الميراث في كل حال وأبدا ، ولا يجوز توريث من قد يرث وقد لا يرث إلا بعد توريث من نحن على يقين من وجوب توريثه وبعد استيفائه ما نص الله تعالى له عليه ، فإن فضل عنه شيء أخذه الذي قد لا يرث ، وإن لم يفضل شيء لم يكن له شيء ، إذ ليس في وسع المكلف إلا هذا ، أو مخالفة القرآن بالدعوى بلا برهان : فللزوج النصف بالقرآن ، وللأم الثلث بالقرآن ، فلم يبق إلا السدس ، فليس للإخوة للأم غيره ، إذ لم يبق لهم سواه - وبالله تعالى التوفيق .