1766 - مسألة : ومن
أوصى بما لا يحمله ثلثه بدئ بما بدأ به الموصي في الذكر أي شيء كان حتى يتم الثلث ، فإذا تم بطل سائر الوصية .
فإن كان أجمل الأمر تحاصوا في الوصية ، وهذا مكان اختلف الناس فيه - : فروي عن
nindex.php?page=showalam&ids=12ابن عمر ،
وعطاء الخراساني .
وصح عن
nindex.php?page=showalam&ids=17073مسروق ،
nindex.php?page=showalam&ids=16097وشريح ،
والحسن البصري ،
nindex.php?page=showalam&ids=12354وإبراهيم النخعي ،
nindex.php?page=showalam&ids=15990وسعيد بن المسيب ،
والزهري ،
nindex.php?page=showalam&ids=16815وقتادة ،
nindex.php?page=showalam&ids=16004وسفيان الثوري ،
وإسحاق بن راهويه : أنه يبدأ بالعتق على جميع الوصايا .
وقول آخر : رويناه من طريق
nindex.php?page=showalam&ids=16000سعيد بن منصور نا
جرير عن
المغيرة عن
nindex.php?page=showalam&ids=12354إبراهيم النخعي قال : إنما يبدأ بالعتق إذا كان مملوكا له سماه باسمه ، فأما إذا قال : أعتقوا عني نسمة ، فالنسمة وسائر الوصية سواء - وهو قول
الشعبي .
[ ص: 380 ] ورويناه من طريق
nindex.php?page=showalam&ids=16000سعيد بن منصور قال : نا
nindex.php?page=showalam&ids=12318أشعث بن سوار عن
الشعبي قال
nindex.php?page=showalam&ids=17249هشيم : وسمعت
nindex.php?page=showalam&ids=16330ابن أبي ليلى ،
nindex.php?page=showalam&ids=16438وابن شبرمة يقولانه .
وقول ثالث : وهو أنه تتحاص الوصايا ، العتق وغيره سواء - : رويناه من طريق
الحجاج بن المنهال نا
nindex.php?page=showalam&ids=15744حماد بن سلمة نا
nindex.php?page=showalam&ids=15743حماد بن زيد ، قال
ابن سلمة : أنا
قيس عن
nindex.php?page=showalam&ids=16568عطاء بن أبي رباح ، وقال
ابن زيد : أنا
nindex.php?page=showalam&ids=12341أيوب السختياني عن
nindex.php?page=showalam&ids=16972محمد بن سيرين ، ثم اتفق
nindex.php?page=showalam&ids=16568عطاء ،
nindex.php?page=showalam&ids=16972وابن سيرين فيمن أوصى بعتق وأشياء ، فزادت على الثلث : أن الثلث بينهم بالحصص .
ومن طريق
nindex.php?page=showalam&ids=16000سعيد بن منصور نا
nindex.php?page=showalam&ids=17249هشيم نا
nindex.php?page=showalam&ids=17097مطرف - هو ابن طريف - عن
nindex.php?page=showalam&ids=12354إبراهيم النخعي ، قال : يبدأ بالعتاقة ، وقال
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي : بالحصص .
ومن طريق
nindex.php?page=showalam&ids=16000سعيد بن منصور قال
nindex.php?page=showalam&ids=17249هشيم : أنا
nindex.php?page=showalam&ids=17419يونس بن عبيد عن
الحسن أنه قال : يبدأ بالعتق ، ثم قال بعد ذلك : بالحصص - وهو قول
nindex.php?page=showalam&ids=12251أحمد بن حنبل ،
nindex.php?page=showalam&ids=11956وأبي ثور ، وأحد قولي
nindex.php?page=showalam&ids=16438ابن شبرمة ، وزاد : أنه يستسعي في العتق فيما فضل عن الوصية .
وأما المتأخرون : فإن
nindex.php?page=showalam&ids=15124الليث بن سعد قال : يبدأ بالمدبر والمعتق بتلا في المرض ويتحاصان إن لم يحملهما الثلث ، ثم من بعدهما بمن أوصى بعتقه بعينه ، وهو في ملكه حين الوصية ، ثم يتحاص العتق الموصى به جملة مع سائر الوصايا
وقال
nindex.php?page=showalam&ids=14117الحسن بن حي : يبدأ بالمعتق بتلا في المرض ، ثم العتق وسائر الوصايا سواء ، يتحاص في كل ذلك .
وقال
nindex.php?page=showalam&ids=11990أبو حنيفة : يبدأ بالمحاباة في المرض ، ثم بعده بالعتق بتلا في المرض إذا كان العتق بعد المحاباة ، فإن أعتق في مرضه ثم حابى تحاصا جميعا ، فإن حابى في مرضه ثم أعتق ، ثم حابى ، فللبائع المحابي أولا نصف الثلث ، ويكون نصف الثلث الباقي بين المعتق في المرض بتلا وبين المحابي في المرض آخرا - فهذا يقدم على جميع الوصايا ، سواء قدم في ذلك في الذكر أو آخره .
فإن
أوصى مع ذلك بحج وعتق وصدقة ووصايا لقوم بأعيانهم : قسم الثلث ، أو ما بقي منه بين الموصى لهم بأعيانهم وبين سائر القرب ، فما وقع للموصى لهم بأعيانهم
[ ص: 381 ] دفع إليهم وتحاصوا فيه ، وما وقع لسائر القرب بدئ بما بدأ به الموصي في الذكر ، فإذا تم فلا شيء لما بقي .
وقال
nindex.php?page=showalam&ids=14954أبو يوسف ،
nindex.php?page=showalam&ids=16908ومحمد بن الحسن القاضي يبدأ بالعتق في المرض أبدا على المحاباة في المرض ثم المحاباة .
فإن أوصى بعتق مطلق ، أو بعتق عبد في ملكه ، وبمال مسمى في سبيل الله عز وجل ، وبصدقة ، وفي الحج ، ولإنسان بعينه : تحاص كل ذلك ، فما وقع للموصى له بعينه أخذه ، وسائر ذلك يبدأ بما بدأ به الموصي بذكره أولا فأولا ، فإذا تم الثلث فلا شيء لما بقي .
وقال
nindex.php?page=showalam&ids=15922زفر بن الهذيل : إن أعتق بتلا في مرضه ، ثم حابى في مرضه بدئ بالعتق ، وإن حابى في مرضه ثم أعتق بدئ بالمحاباة ، ثم سائر الوصايا ، سواء ما أوصى به من القرب وما أوصى به لإنسان بعينه : كل ذلك بالحصص ، لا يقدم منه شيء على شيء .
وقال
nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك : يبدأ بالمحاباة في المرض ، ثم بالعتق بتلا في المرض ، والمدبر في الصحة ، ويتحاصان ، ثم عتق من أوصى بعتقه وهو في ملكه ، وعتق من سماه وأوصى بأن يبتاع فيعتق بعينه ، ويتحاصان ، ثم سائر الوصايا ، ويتحاص مع ما أوصى به من عتق غير معين .
وقد روي عنه : أن المدبر يبدأ أبدا على العتق بتلا في المرض .
وقال
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي : إذا أعتق في المرض عبدا بتلا بدئ بمن أعتق أولا فأولا ، ولا يتحاصون في ذلك ، ويرق من لم يحمله الثلث ، أو يرق منه ما يحمله الثلث .
والهبة في المرض مبداة على جميع الوصايا بالعتق وغيره .
وقال مرة أخرى : يتحاص في المحاباة في المرض وسائر الوصايا على السواء ، قال : وقد قيل : إن المحاباة في البيع في المرض مفسوخ ، لأنه وقع على غرر .
قال
nindex.php?page=showalam&ids=13064أبو محمد : أما قول
nindex.php?page=showalam&ids=11990أبي حنيفة ،
nindex.php?page=showalam&ids=14954وأبي يوسف ،
nindex.php?page=showalam&ids=16908ومحمد بن الحسن ،
nindex.php?page=showalam&ids=15922وزفر ،
nindex.php?page=showalam&ids=16867ومالك ،
nindex.php?page=showalam&ids=13790والشافعي ،
nindex.php?page=showalam&ids=15124والليث ،
nindex.php?page=showalam&ids=14117والحسن بن حي : فظاهرة الخطأ ; لأنها دعاوى وآراء بلا برهان ، لا من قرآن ، ولا من رواية سقيمة ، ولا قول أحد من خلق الله تعالى نعلمه قبلهم ، ولا قياس ولا رأي سديد .
[ ص: 382 ] وليس لأحد أن يموه هاهنا بكثرة القائلين ; لأنهم كلهم مختلفون كما ترى ، وأفسدها كلها قول
nindex.php?page=showalam&ids=11990أبي حنيفة ، ثم قول
nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك لكثرة تناقضهما ، وتفاسد أقسامهما ، وهي أقوال تؤدي إلى تبديل الوصية بعد ما سمعت ، وفي هذا ما فيه .
ثم نقول - وبالله تعالى التوفيق - قولا جامعا في إبطال ما اتفق عليه المذكورون من تبدية العتق بتلا في المرض ، والمحاباة في المرض ، فنقول لهم : يا هؤلاء أخبرونا عن قضاء المريض في عتقه ، وهبته ، ومحاباته في بيعه ، أهو كله وصية ، أم ليس وصية ؟ ولا بد من أحدهما ؟ فإن قالوا : ليس شيء منه وصية ؟ قلنا : صدقتم ، وهذا قولنا ، وإذا لم يكن وصية فلا مدخل له في الثلث أصلا ; لأن الثلث بالسنة المسندة مقصور على الوصايا ، فقد أبطلتم إذ جعلتم ذلك في الثلث ؟ فإن قالوا : بل كل ذلك وصية ؟ قلنا لهم : من أين وقع لكم تبدية ذلك على سائر الوصايا ، وإبطال ما أوصى به المسلم ، وتبديله بعد ما سمعتموه ، وقد قال الله تعالى : {
فمن بدله بعد ما سمعه فإنما إثمه على الذين يبدلونه }
واعلموا : أنه لا متعلق لهم بمن روي عنه تبدية العتق من
nindex.php?page=showalam&ids=12ابن عمر ،
nindex.php?page=showalam&ids=17073ومسروق ،
nindex.php?page=showalam&ids=16097وشريح ،
والزهري ،
nindex.php?page=showalam&ids=16815وقتادة - ثم عن
nindex.php?page=showalam&ids=12354النخعي ،
والشعبي ،
والحسن ، في أحد أقوالهم ; لأنه لم يأت قط عن أحد من هؤلاء ، ولا من غيرهم تبدية العتق في المرض في الثلث ، والمحاباة في المرض في الثلث ، على سائر الوصايا ، إنما جاء عمن ذكرنا تبدية العتق على سائر الوصايا .
وعن
nindex.php?page=showalam&ids=12354النخعي ،
والشعبي في أحد قوليهما : تبدية عتق من أوصى بعتقه باسمه وعينه - وهو في ملك الموصي - على سائر الوصايا - فقد خالف المذكورون كل من ذكرنا بآراء مخترعة في غاية الفساد .
فإن قالوا : وقع ذلك لنا ; لأن العتق في المرض ، والمحاباة في المرض : أوكد من سائر الوصايا ؟ قلنا : هذا باطل من وجهين - : أحدهما - أنه دعوى كاذبة لا دليل على صحتها ،
[ ص: 383 ] ومن أين وجب أن تكون محاباة النصراني في بيع ثوب حرير ، أو لخليع ماجن في بيع تفاح لنقله : أوكد من الوصية في سبيل الله عز وجل في ثغور مهمة ، ومن فك مسلم فاضل ، أو مسلمة كذلك ، أو صغار مسلمين من أسر العدو ، ونخاف عليهم الفتنة في الدين ، والفضيحة في النفس ، إن هذا لعجب ما مثله عجب ؟ ودعاوى فاحشة مفضوحة بالكذب ؟ فإن قالوا : العتق في المرض قد استحقه المعتق ، وكذلك المحاباة ؟ قلنا : فإن كانا قد استحقاه فلم تردانهما إلى الثلث إذا ، وما هذا التخليط ؟ تارة يستحق ذلك ، وتارة لا يستحق - وفي هذا كفاية في فساد تلك الأقوال التي هي النهاية في الفساد - ونحمد الله تعالى على تخليصه إيانا من الحكم بها في دينه ، وعلى عباده .
ولم يبق إلا قول من قال بتقديم العتق جملة على سائر الوصايا ؟ وهو قول من ذكرنا من المتقدمين ، وقول
سفيان ،
وإسحاق .
قال
nindex.php?page=showalam&ids=13064أبو محمد : احتج هؤلاء بما صح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم من قوله : {
nindex.php?page=hadith&LINKID=51106ومن أعتق رقبة أعتق الله بكل عضو منها عضوا من أعضائه من النار ، حتى فرجه بفرجه } .
وقالوا : من الدليل على تأكيد العتق : {
أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنفذ عتق الشريك في حصة شريكه } - وذكروا خبرا رواه
nindex.php?page=showalam&ids=15541بشر بن موسى عن
عبد الله بن يزيد المقري عن
nindex.php?page=showalam&ids=15784حيوة بن شريح عن
nindex.php?page=showalam&ids=17314يحيى بن سعيد الأنصاري عن
nindex.php?page=showalam&ids=15990سعيد بن المسيب ، قال : مضت السنة أن يبدأ بالعتاق في الوصية ؟ وقالوا : هو قول
nindex.php?page=showalam&ids=12ابن عمر ، وهو صاحب لا يعرف له من الصحابة مخالف ؟ وقالوا : هو قول جمهور العلماء ؟ وقال بعضهم : العتق لا يلحقه الفسخ ، وسائر الأشياء يلحقها الفسخ ؟ وقال بعضهم : لو أن
امرأ أعتق عبد غيره وباعه آخر ، فبلغ ذلك السيد ، فأجاز الأمرين جميعا ، أنه يجوز العتق ، ويبطل البيع - ولو أن
امرأ وكل رجلا بعتق عبده ، ووكل آخر ببيعه فوقع البيع والعتق من الوكيلين معا : أن العتق نافذ ، والبيع باطل ؟ قال
nindex.php?page=showalam&ids=13064علي : أما هاتان القضيتان - فهو نصر منهم للخطأ بالضلال ، وللوهم
[ ص: 384 ] بالباطل ، بل ليس للسيد إجازة عتق وقع بغير إذنه ، ولا إجازة بيع وقع بغير أمره ; لأن كل ذلك حرام بنص القرآن ، والسنة ، والإجماع .
قال الله تعالى : ( {
ولا تكسب كل نفس إلا عليها } ) .
وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : {
nindex.php?page=hadith&LINKID=47739إن دماءكم وأموالكم عليكم حرام } .
فمن أحل الحرام فتحليله باطل ، وقوله مردود ، لكن إن أحب إنفاذ عتق عبده فليعتقه هو بلفظه مبتدئا وإن أحب بيعه فليبعه كذلك مبتدئا ولا بد .
والتوكيل في العتق : لا يجوز ; لأنه لم يأت بإجازته قرآن ، ولا سنة .
وأما التوكيل في البيع : فجائز بالسنة ، فمن وكل بعتق عبده لم ينفذ عتقه أصلا ، ومن وكل في بيعه : جاز ذلك .
وأما قولهم : العتق لا يلحقه فسخ وسائر الأشياء يلحقها فسخ : فقد كذبوا ، وكل عقد من عتق أو غيره وقع صحيحا فلا يجوز فسخه ، إلا أن يأتي بإيجاب فسخه قرآن ، أو سنة ، والعتق الصحيح قد يفسخ ، وذلك من أعتق عبدا نصرانيا ثم إن ذلك العبد النصراني لحق بدار الحرب فسبى وقسم ، فإن عتقه الأول يفسخ عندنا وعندهم - فظهر فساد قولهم كله .
وأما قولهم : إنه قول جمهور العلماء ، فقد خالفهم من ليس دونهم ،
nindex.php?page=showalam&ids=16568كعطاء ،
nindex.php?page=showalam&ids=16972وابن سيرين ،
والشعبي ،
والحسن ، وليس قول الجمهور حجة ; لأنه لم يأت بذلك قرآن ، ولا سنة ، وما كان هكذا فلا يعتمد عليه في الدين .
وأما قولهم : إنه قول
nindex.php?page=showalam&ids=12ابن عمر ، ولا يعرف له مخالف من الصحابة ، فإنه عن
nindex.php?page=showalam&ids=12ابن عمر لا يصح ; لأنه من رواية
nindex.php?page=showalam&ids=12318أشعث بن سوار - وهو ضعيف - ولم يأمر الله تعالى بالرد عند التنازع إلا إلى كلامه ، وكلام رسوله عليه الصلاة والسلام لا إلى كلام صاحب ولا غيره ، فمن رد عند التنازع إلى غير كلام الله تعالى وكلام رسوله صلى الله عليه وسلم فقد تعدى حدود الله تعالى : {
ومن يتعد حدود الله فقد ظلم نفسه } .
قال تعالى : {
فإن تنازعتم في شيء فردوه إلى الله والرسول إن كنتم تؤمنون بالله واليوم الآخر }
وأما الرواية عن
nindex.php?page=showalam&ids=15990سعيد بن المسيب مضت السنة أن يبدأ بالعتاق في الوصية ، فهذا
[ ص: 385 ] غير مسند ، ولا مرسل أيضا ، ومن أضاف إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم مثل هذا فقد كذب عليه ، ومن كذب عليه متعمدا فليتبوأ مقعده من النار ، ولم يقل
nindex.php?page=showalam&ids=85سعيد رحمه الله إن هذا قول رسول الله صلى الله عليه وسلم ولا حكمه وقد يقول
nindex.php?page=showalam&ids=15990ابن المسيب وغيره : مثل هذا في قول صاحب .
ومن أعجب ممن لا يرى قول
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس بأصح طريق إليه في قراءة أم القرآن في الصلاة على الجنازة أنها السنة حجة ، ثم يرى قول
nindex.php?page=showalam&ids=15990سعيد بن المسيب لذلك : حجة ، وحتى لو أن
nindex.php?page=showalam&ids=15990سعيد بن المسيب يقول : إن هذا حكم رسول الله صلى الله عليه وسلم وقوله لكان مرسلا ، لا حجة فيه .
وأما احتجاجهم في تأكيد العتق بالخبر الثابت عن النبي صلى الله عليه وسلم فيمن أعتق رقبة ، وإنفاذه عليه الصلاة والسلام عتق الشريك في حصة شريكه : فهما سنتا حق بلا شك ، وليس فيهما إلا فضل العتق والحكم فيه فقط ، ولم يخالفونا في شيء من هذا .
وليس في هذين الخبرين : أن العتق أوكد مما سواه من القرب أصلا ، ومن ادعى ذلك فيهما فقد كذب وقال الباطل ، بل قد جاء نص القرآن بالتسوية بين العتق والإطعام لمسكين قال تعالى : ( {
وما أدراك ما العقبة فك رقبة أو إطعام في يوم ذي مسغبة يتيما ذا مقربة أو مسكينا ذا متربة } )
وكذلك في كفارة الأيمان ، وهذه كفارة حلق الرأس في الحج لمن به أذى منه لو أعتق فيه ألف رقبة ما أجزأه ، وإنما يجزيه صيام أو صدقة أو نسك ، أفترى هذا دليلا على فضل النسك على العتق حاش لله من هذا ؟ إنما هي أحكام يطاع لها ولا يزاد فيها ما ليس فيها - ثم قد جاء النص الصحيح بأن بعض القرب أفضل من العتق ببيان لا إشكال فيه يكذب دعواهم في تأكيد العتق على سائر القرب .
حدثنا
عبد الله بن يوسف نا
أحمد بن فتح نا
عبد الوهاب بن عيسى نا
nindex.php?page=showalam&ids=12282أحمد بن محمد نا
nindex.php?page=showalam&ids=12277أحمد بن علي نا
nindex.php?page=showalam&ids=17080مسلم بن الحجاج نا
محمد بن جعفر بن زياد نا
nindex.php?page=showalam&ids=12350إبراهيم بن سعد عن
ابن شهاب عن
nindex.php?page=showalam&ids=15990سعيد بن المسيب عن
nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة قال {
nindex.php?page=hadith&LINKID=12939سئل رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أي الأعمال أفضل ؟ قال : إيمان بالله ورسوله ، قيل : ثم ماذا ؟ قال : الجهاد في سبيل الله ، قيل : ثم ماذا ؟ قال : حج مبرور } .
[ ص: 386 ] حدثنا
عبد الله بن ربيع نا
محمد بن معاوية نا
أحمد بن شعيب أنا
أحمد بن يحيى بن الوزير بن سليمان قال : سمعت
nindex.php?page=showalam&ids=16472ابن وهب قال : أخبرني
nindex.php?page=showalam&ids=16700عمرو بن الحارث عن
nindex.php?page=showalam&ids=15562بكير - هو ابن الأشج - أنه سمع
كريبا مولى بن عباس يقول : سمعت
nindex.php?page=showalam&ids=156ميمونة بنت الحارث - هي أم المؤمنين - تقول : {
nindex.php?page=hadith&LINKID=51109أعتقت وليدة في زمان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فذكرت ذلك لرسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فقال : لو أعطيت أخوالك كان أعظم لأجرك } " .
فهذا نص جلي يغني الله تعالى به عن تقحم الكذب وتكلف القول بالباطل بالظن الكاذب والحمد لله رب العالمين .
ثم لو صح لهم أن العتق أفضل من كل قربة ، فمن أين لهم إبطال سائر ما تقرب به الموصي إلى الله تعالى إيثارا للعتق الذي هو أقرب ؟ وهذا تحكم لا يجوز ، ويلزم من قال بهذا أن يقول بما صح عن
nindex.php?page=showalam&ids=16568عطاء ،
nindex.php?page=showalam&ids=13036وابن جريج ، الذي رويناه من طريق
nindex.php?page=showalam&ids=16360عبد الرزاق عن
nindex.php?page=showalam&ids=13036ابن جريج ، قال : قلت
nindex.php?page=showalam&ids=16568لعطاء : أوصى إنسان في أمر فرأيت غيره خيرا منه ؟ قال : فافعل الذي هو خير للمساكين ، أو في سبيل الله فرأيت خيرا من ذلك فافعل الذي هو خير ما لم يسم إنسانا باسمه ، قال
nindex.php?page=showalam&ids=16484ابن جريج : ثم رجع عطاء عن ذلك فقال : لينفذ قوله - قال
nindex.php?page=showalam&ids=16484ابن جريج : وقوله الأول أعجب إلي .
قال
nindex.php?page=showalam&ids=13064أبو محمد : من أبطل شيئا مما أوصى به المسلم إيثارا للعتق فقد سلك سبيل قول
nindex.php?page=showalam&ids=16568عطاء الأول ، وقول
nindex.php?page=showalam&ids=16484ابن جريج ، إلا أنهم جمعوا إلى ذلك تناقضا قبيحا زائدا .
قال
nindex.php?page=showalam&ids=13064علي : فإذ قد بطل قول من يرى تبدية بعض الوصايا على بعض ، فلم يبق إلا قولنا ، أو قول من رأى التحاص في كل ذلك - : فنظرنا في ذلك ، فوجدنا من فعل ذلك قد خالف ما أوصى به الموصي أيضا بغير نص ، من قرآن ، أو سنة ، وهذا لا يجوز .
فإن قالوا : وأنتم قد خالفتم أيضا ما أوصى به الموصي ؟ قلنا : خلافنا لما أوصى غير خلافكم ; لأنكم قد خالفتموه بغير نص ، من قرآن ولا سنة ، ونحن خالفناه بنص القرآن والسنة ، وهذا هو الحق الذي لا يجوز غيره .
[ ص: 387 ] قال
nindex.php?page=showalam&ids=13064أبو محمد : فلما عري هذا القول أيضا من البرهان لزمنا أن نأتي بالبرهان على صحة قولنا فنقول - وبالله تعالى التوفيق - : وجدنا الله تعالى يقول : {
أطيعوا الله وأطيعوا الرسول } وصح أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يجز الوصية إلا بالثلث فأقل ، فصح يقينا أن من أوصى بثلثه فأقل : أنه مطيع لله تعالى ، فوجب إنفاذ طاعة الله عز وجل .
ووجدنا من أوصى بأكثر من الثلث عاصيا لله عز وجل إن تعمد ذلك على علم وقصد ، وإما مخطئا معفوا عنه الإثم إن كان جهل ذلك ، وفعله باطل بكل حال ، ولا يحل إنفاذ معصية الله عز وجل ، ولا إمضاء الخطأ .
قال الله تعالى : {
ليحق الحق ويبطل الباطل } .
ووجدنا الموصي إذا أوصى في وجه ما بمقدار ما دون الثلث فقد وجب إنفاذ كل ما أوصى به ، كما ذكرنا ، فإذا زاد على الثلث كانت الزيادة باطلا لا يحل إنفاذه - فصح نص قولنا حرفا حرفا كما أمر الله تعالى ورسوله عليه الصلاة والسلام
فإن قال قائل : ومن قال هذا قبلكم ؟ قلنا له : إن كان حنيفيا أو مالكيا ومن قال قبل
nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك nindex.php?page=showalam&ids=11990وأبي حنيفة بأقوالهما في هذه المسألة إلا أن بين الأمرين فرقا ، وهو أن أقوالهما لا يوافقهما نص ولا قياس ، وقولنا هو نفس ما أمر به الله تعالى ورسوله عليه الصلاة والسلام .
وإنما في هذه المسألة قول عن عشرة من التابعين ، وواحد من الصحابة رضي الله عنهم وهم عشرات ألوف ، فأين أقوال سائرهم ؟ فكيف وقد قال بتبدية ما ابتدأ به الموصي
nindex.php?page=showalam&ids=11990أبو حنيفة ،
nindex.php?page=showalam&ids=13790والشافعي ، كما ذكرنا في بعض أقوالهما ، وما نقول هذا متكثرين بأحد غير رسول الله صلى الله عليه وسلم ولا مستوحشين إلى سواه ، ولكن لنري المخالف فساد اعتراضه ، وفاحش انتقاضه - وبالله تعالى التوفيق .
قال
nindex.php?page=showalam&ids=13064أبو محمد : فإن لم يبدأ الموصي بشيء ، لكن قال فلان وفلان وفلان : يعطى كل واحد منهم كذا وكذا ، فلم يحمل الثلث ذلك ، فهاهنا يتحاصون ولا بد ; لأنه ليس لهم إلا الثلث فيجوز لهم ما أجازه الله تعالى ، ويبطل لهم ما أبطله الله تعالى ، وكذلك سائر القرب - وبالله تعالى التوفيق .