[ ص: 388 ] فصل 1767 - مسألة : قال
nindex.php?page=showalam&ids=13064أبو محمد : قد ذكرنا في " كتاب الزكاة " من كتابنا هذا ، وفي " كتاب الحج " منه ، وفي " كتاب التفليس " منه أن كل من
مات وقد فرط : في زكاة ، أو في حج الإسلام ، أو عمرته ، أو في نذر ، أو في كفارة ظهار ، أو قتل ، أو يمين ، أو تعمد وطء في نهار رمضان ، أو بعض لوازم الحج أو لم يفرط ، فإن كل ذلك من رأس ماله لا شيء للغرماء حتى يقضي ديون الله تعالى كلها ، ثم إن فضل شيء فللغرماء ، ثم الوصية ، ثم الميراث ، كما أمر الله عز وجل ، وذكرنا الحجة في ذلك من قول رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم {
nindex.php?page=hadith&LINKID=51110اقضوا الله فهو أحق بالوفاء فدين الله أحق أن يقضى } .
وذكرنا هنالك قول
الحسن ،
nindex.php?page=showalam&ids=16248وطاوس بأصح طريق عنهما : أن حجة الإسلام ، وزكاة المال هما بمنزلة الدين .
وقول
الزهري : إن الزكاة تؤخذ من رأس مال الميت وكل شيء واجب فهو من جميع المال - وهو قول
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي ،
nindex.php?page=showalam&ids=12251وأحمد ،
nindex.php?page=showalam&ids=15858وأبي سليمان ، وغيرهم .
وقول
nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة : إن الحج والنذر يقضيان عن الميت .
وقول
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس بإيجاب الحج عمن لم يحج من الموتى .
وكذلك قول
nindex.php?page=showalam&ids=16248طاوس ،
والحسن البصري ،
nindex.php?page=showalam&ids=16568وعطاء ، وأن ذلك من رأس المال وإن لم يوص بذلك - وهو قول
nindex.php?page=showalam&ids=15990ابن المسيب ،
nindex.php?page=showalam&ids=16330وعبد الرحمن بن أبي ليلى ،
والأوزاعي ،
nindex.php?page=showalam&ids=14117والحسن بن حي ،
ومحمد بن أبي ليلى ،
nindex.php?page=showalam&ids=16004وسفيان الثوري ،
nindex.php?page=showalam&ids=13790والشافعي ،
nindex.php?page=showalam&ids=11956وأبي ثور ،
nindex.php?page=showalam&ids=12251وأحمد ،
وإسحاق ،
nindex.php?page=showalam&ids=15858وأبي سليمان ، وأصحابهم .
إلا أن
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي مرة قال : تتحاص ديون الله تعالى وديون الناس ، ومرة قال كما قلنا ، وما نعلم أحدا قال بأن لا تخرج الزكاة إلا من الثلث إن أوصى بها من التابعين ، إلا
nindex.php?page=showalam&ids=15885ربيعة .
وبقي أن نذكر أقوال
nindex.php?page=showalam&ids=11990أبي حنيفة ،
nindex.php?page=showalam&ids=16867ومالك في هذه المسألة - : قال
nindex.php?page=showalam&ids=11990أبو حنيفة : إن
أوصى المسلم بوصايا : منها زكاة واجبة ، وحجة الإسلام أنه يبدأ في الثلث بهذه الفروض - سواء ذكرها أولا أو آخرا - وتتحاص الفروض المذكورة ، ثم كما ذكرنا من أقواله في الوصايا .
[ ص: 389 ] وقال
nindex.php?page=showalam&ids=14954أبو يوسف : يبدأ بالزكاة ، ثم بحجة الإسلام ، ومرة قال كقول
nindex.php?page=showalam&ids=11990أبي حنيفة ، قال : ثم بعد الزكاة والحجة المفروضة ما أوصى به من عتق في كفارة يمين ، وكفارة جزاء صيد ، وفدية الأذى : يبدأ بما بدأ به بذكره من ذلك في وصيته ، ثم التطوع .
وقال
nindex.php?page=showalam&ids=16908محمد بن الحسن : يبدأ من حجة الإسلام ومن الزكاة بما بدأ الموصي بذكره في وصيته .
وقال
nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك : يبدأ بالعتق البت في المرض ، والتدبير في الصحة ، ثم بعدهما الزكاة المفروضة التي فرط فيها ، ثم عتق عبد بعينه أوصى بعتقه ، وعتق عبد بعينه أوصى بأن يشترى فيعتق ، ثم الكتابة إذا أوصى بأن يكاتب عبده ، ثم الحج ، ثم إقراره بالدين لمن لا يجوز له إقراره به .
قال : ويبدأ بالزكاة التي أوصى بها على ما أوصى به من عتق رقبة عن ظهار ، أو قتل خطإ ، أو يتحاص رقبة الظهار مع رقبة قتل الخطإ ، ثم ما أوصى به من كفارة الأيمان - قال : ويبدأ بالإطعام عما أوصى به مما فرط فيه من قضاء رمضان على النذر .
قال
nindex.php?page=showalam&ids=13064أبو محمد : في هذه الأقوال عبرة لمن اعتبر ، وآية لمن تدبر - : أما قول
nindex.php?page=showalam&ids=11990أبي حنيفة فهو أطردها لخطئه ، وأقلها تناقضا ، لكن يقال له : إن كانت الزكاة المفروضة ، وحجة الإسلام ، وسائر الفروض ، إذا فرط فيها وتبرأ من ذلك عند موته - : يجري كل ذلك مجرى الوصايا ، فلأي شيء قدمتها على سائر الوصايا ، فإن قال : لأنها أوكد ، قيل له : ومن أين صارت أوكد عندك وأنت قد أخرجتها عن حكم الفرض الذي لا يحل إضاعته إلى حكم الوصايا - فبطل التأكيد على قولك الفاسد ، ووجب أن يكون كسائر الوصايا ولا فرق ، ويكون كل ذلك خارجا عن حكم الوصايا ، وباقيا على حكم الفرض الذي لا يسع تعطيله ، فلم جعلتها من الثلث إن أوصى بها أيضا ؟ وما هذا الخبط والتخليط بالباطل في دين الله عز وجل .
وأما قول
nindex.php?page=showalam&ids=14954أبي يوسف : فآبدة في تقديمه الزكاة على الحج ؟ فإن قال : الزكاة حق في المال ، والحج على البدن ؟ قيل : فلم أدخلته في الوصايا إذا ؟ وهلا منعت من الوصية به كما منع من ذلك
nindex.php?page=showalam&ids=12341أيوب السختياني ،
والقاسم بن محمد ،
nindex.php?page=showalam&ids=12354والنخعي - وروي أيضا عن
nindex.php?page=showalam&ids=12ابن عمر .
[ ص: 390 ] فإن قيل : للنص الوارد في ذلك ؟ قيل : فذلك النص يوجب أنه من رأس المال - وهو خلاف قولك الفاسد - وهذا نفسه يدخل على
nindex.php?page=showalam&ids=16908محمد بن الحسن في تقديمه ذلك على سائر الوصايا ؟ وأما قول
nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك : فأفحشها تناقضا ، وأوحشها وأشدها فسادا ; لأنه قدم بعض الفرائض على بعض بلا برهان ، فقدم بعض التطوع على بعض الفرائض بلا برهان ، وصار كله لا متعلق له بشيء من وجوه الأدلة أصلا ، مع أنه قول لا يعرف عن أحد من خلق الله تعالى قبله ؟ نعني : ذلك الترتيب الذي رتب - وأطرف شيء قوله " إقراره لمن لا يجوز له إقراره " فكيف يجوز ما هو مقر أنه لا يجوز ؟ إن هذا لعجب عجيب ؟ قال
nindex.php?page=showalam&ids=13064علي : فإن قال قائل : لو كان قولكم لما شاء أحد أن يحرم ورثته ماله إلا قدر على ذلك ، بأن يضع فروضه ، ثم يوصي بها عند موته ؟ قلنا له : إن تعمد ذلك فعليه إثمه ، ولا تسقط عنه معصيته حقوق الله تعالى ; إذ لم يأمر الله تعالى بإسقاط حقوقه من أجل ما ذكرتم .
ثم نقول لهم : هلا احتججتم على أنفسكم بهذا الاحتجاج نفسه إذ قلتم : إن ديون الناس من رأس المال ؟ فنقول لكم : لو كان هذا لما شاء أحد أن يحرم ورثته إلا أقر في صحته لمن شاء بما يستوعب ماله ، ثم يظهر ذلك بعد موته ولا فرق .
ويقال لكم أيضا : لو كان قولكم لما شاء أحد أن يبطل حقوق الله تعالى وحقوق أهل الصدقات ؟ ويهني ذلك ورثته إلا قدر على ذلك ؟ ثم إن اعتراضهم بذلك المذكور في غاية الفساد ; لأنه إبطال لأوامر الله تعالى وفرائضه ، فإن ذكروا ما روينا من طريق
nindex.php?page=showalam&ids=16360عبد الرزاق عن
nindex.php?page=showalam&ids=17124معمر عن
nindex.php?page=showalam&ids=16815قتادة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : {
nindex.php?page=hadith&LINKID=51111لا أعرفن امرأ بخل بحق الله حتى إذا حضره الموت أخذ يدغدغ ماله هاهنا وها هنا } ؟ قلنا : هذا حديث باطل ; لأنه لم يسند قط ، ثم لو صح لما كان لهم فيه حجة ; لأنه ليس فيه سقوط حقوق الله تعالى من أجل بخله به إلى أن يموت ؟ إنما فيه إنكار ذلك على
[ ص: 391 ] من فعله فقط ، ونعم ، فهو منكر بلا شك ، وحقوق الله تعالى نافذة في ماله ولا بد - وبالله تعالى التوفيق .