1793 - مسألة : وكل عدل فهو مقبول لكل أحد وعليه ، كالأب والأم لابنيهما ، ولأبيهما والابن والابنة للأبوين والأجداد ، والجدات ، والجد ، والجدة لبني بنيهما ، والزوج لامرأته ، والمرأة لزوجها ، وكذلك سائر الأقارب بعضهم لبعض ، كالأباعد ولا فرق .
وكذلك الصديق الملاطف لصديقه ، والأجير لمستأجره ، والمكفول لكافله ، والمستأجر لأجيره ، والكافل لمكفوله ، والوصي ليتيمه .
وفيما ذكرنا خلاف - : فروينا من طريق لا تصح عن
nindex.php?page=showalam&ids=16097شريح أنه لا يقبل الأب لابنه ، ولا الابن لأبيه ، ولا أحد الزوجين للآخر .
وصح هذا كله عن
nindex.php?page=showalam&ids=12354إبراهيم النخعي ، وعن
الحسن ،
والشعبي في أحد قوليهما في الأب ، والابن .
وروي عن
الحسن ،
والشعبي : قول آخر ، وهو أن الولد يقبل لأبيه ، ولا يقبل الأب لابنه ; لأنه يأخذ ماله متى شاء ، وأن الزوج يقبل لامرأته ولا تقبل هي له - وهو قول
nindex.php?page=showalam&ids=16330ابن أبي ليلى ،
nindex.php?page=showalam&ids=16004وسفيان الثوري .
[ ص: 506 ]
ولم يجز
الأوزاعي ،
nindex.php?page=showalam&ids=16004والثوري ،
nindex.php?page=showalam&ids=12251وأحمد بن حنبل ،
nindex.php?page=showalam&ids=12074وأبو عبيد الأب للابن ، ولا الابن للأب .
وأجازوا الجد والجدة لأولاد بنيهما ، وأولاد بنيهما لهما .
ولم يجز
nindex.php?page=showalam&ids=11990أبو حنيفة ،
nindex.php?page=showalam&ids=16867ومالك ،
nindex.php?page=showalam&ids=13790والشافعي أحدا من هؤلاء ، إلا أن
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي أجاز كل واحد من الزوجين للآخر .
وأما من روي عنه إجازة كل ذلك - : فكما روينا من طريق
nindex.php?page=showalam&ids=16360عبد الرزاق عن
أبي بكر بن أبي سبرة عن
nindex.php?page=showalam&ids=11863أبي الزناد عن
nindex.php?page=showalam&ids=4891عبد الله بن عامر بن ربيعة ، قال : قال
nindex.php?page=showalam&ids=2عمر بن الخطاب : تجوز
شهادة الوالد لولده ، والولد لوالده ، والأخ لأخيه .
وعن
عمرو بن سليم الزرقي عن
nindex.php?page=showalam&ids=15990سعيد بن المسيب مثل هذا .
وروي : أن
nindex.php?page=showalam&ids=8علي بن أبي طالب - رضي الله عنه شهد -
nindex.php?page=showalam&ids=129لفاطمة - رضي الله عنها - عند
nindex.php?page=showalam&ids=1أبي بكر الصديق - رضي الله عنه - ومعه
nindex.php?page=showalam&ids=11406أم أيمن فقال له
nindex.php?page=showalam&ids=1أبو بكر : لو شهد معك رجل أو امرأة أخرى لقضيت لها بذلك .
ومن طريق
nindex.php?page=showalam&ids=16472ابن وهب عن
nindex.php?page=showalam&ids=17423يونس بن يزيد عن
الزهري قال : لم يكن يتهم سلف المسلمين الصالح شهادة الوالد لولده ، ولا الولد لوالده ، ولا الأخ لأخيه ، ولا الزوج لامرأته - ثم دخل الناس بعد ذلك ، فظهرت منهم أمور حملت الولاة على اتهامهم ، فتركت
شهادة من يتهم إذا كانت من قرابة وصار ذلك من الولد ، والوالد ، والأخ ، والزوج ، والمرأة ، لم يتهم إلا هؤلاء في آخر الزمان .
ومن طريق
أبي عبيد نا
الحسن بن عازب عن جده
شبيب بن غرقدة قال : كنت جالسا عند
nindex.php?page=showalam&ids=16097شريح ، فأتاه
علي بن كاهل ، وامرأة وخصم لها ، فشهد لها
علي بن كاهل - وهو زوجها - وشهد لها أبوها ، فأجاز
nindex.php?page=showalam&ids=16097شريح شهادتهما ، فقال الخصم : هذا أبوها ، وهذا زوجها . فقال له
nindex.php?page=showalam&ids=16097شريح : هل تعلم شيئا تجرح به شهادتهما ؟ كل مسلم شهادته جائزة .
ومن طريق
nindex.php?page=showalam&ids=16360عبد الرزاق نا
nindex.php?page=showalam&ids=16008سفيان بن عيينة عن
شبيب بن غرقدة قال : سمعت
nindex.php?page=showalam&ids=16097شريحا : أجاز لامرأة شهادة أبيها وزوجها فقال الرجل : إنه أبوها وزوجها . فقال
nindex.php?page=showalam&ids=16097شريح : فمن يشهد للمرأة إلا أبوها وزوجها .
[ ص: 507 ]
ومن طريق
nindex.php?page=showalam&ids=12508ابن أبي شيبة نا
nindex.php?page=showalam&ids=16087شبابة عن
nindex.php?page=showalam&ids=12493ابن أبي ذئب عن
سليمان بن أبي سليمان ، قال : شهدت لأمي عند
nindex.php?page=showalam&ids=11949أبي بكر بن محمد بن عمرو بن حزم ، فقضى بشهادتي .
ومن طريق
nindex.php?page=showalam&ids=16360عبد الرزاق عن
nindex.php?page=showalam&ids=17124معمر عن
عبد الرحمن بن عبد الله الأنصاري قال : أجاز
nindex.php?page=showalam&ids=16673عمر بن عبد العزيز شهادة الابن لأبيه إذا كان عدلا .
فهؤلاء :
nindex.php?page=showalam&ids=2عمر بن الخطاب ، وجميع الصحابة ،
nindex.php?page=showalam&ids=16097وشريح ،
nindex.php?page=showalam&ids=16673وعمر بن عبد العزيز nindex.php?page=showalam&ids=11949وأبو بكر بن محمد بن عمرو بن حزم .
وبهذا يقول
nindex.php?page=showalam&ids=12444إياس بن معاوية ،
nindex.php?page=showalam&ids=16542وعثمان البتي ،
nindex.php?page=showalam&ids=12418وإسحاق بن راهويه ،
nindex.php?page=showalam&ids=11956وأبو ثور ،
nindex.php?page=showalam&ids=15215والمزني ،
nindex.php?page=showalam&ids=15858وأبو سليمان ، وجميع أصحابنا .
ورأى
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي : وأصحابه : قبول
شهادة الزوجين : كل واحد منهما للآخر
ورأى
الأوزاعي : أن لا يقبل الأخ لأخيه .
وذكر ذلك
الزهري عن المتأخرين من الولاة الذين ردوا الأب لابنه والابن لأبيه ، وأحد الزوجين لصاحبه .
وأجاز
nindex.php?page=showalam&ids=11990أبو حنيفة ،
nindex.php?page=showalam&ids=13790والشافعي : الأخ لأخيه .
وأجاز
nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك لأخيه إلا في النسب خاصة .
ورد
nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك شهادة الصديق الملاطف لصديقه
قال
nindex.php?page=showalam&ids=13064أبو محمد : احتج المخالفون لنا بما روينا من طريق
أبي عبيد نا
مروان بن معاوية عن
يزيد الجزري ، قال : أحسبه
nindex.php?page=showalam&ids=17362يزيد بن سنان عن
الزهري عن
عروة عن
nindex.php?page=showalam&ids=25عائشة عن النبي صلى الله عليه وسلم {
nindex.php?page=hadith&LINKID=51170لا تجوز شهادة خائن ولا خائنة ، ولا ظنين في ولاء أو قرابة ، ولا مجلود في حد } .
قال
nindex.php?page=showalam&ids=13064أبو محمد : وهذا عليهم لا لهم لوجوه - : أولها - أنه لا يصح لأنه عن
يزيد - وهو مجهول - فإن كان
nindex.php?page=showalam&ids=17362يزيد بن سنان فهو معروف بالكذب ، ثم لو صح لكانوا أول مخالف له في موضعين - : أحدهما - تفريقهم بين الأخ والأب ، وبين العم وابن الأخ ، وبين الأب والابن - وكلهم سواء - إذ هم متقاربون في التهمة بالقرابة .
[ ص: 508 ]
وكلهم يجيز المولى لمولاه - وهذا خلاف الخبر - .
وكلهم يجيز المجلود في الحد إذا تاب - وهو خلاف هذا الخبر - فمن أضل سبيلا ، أو أفسد دليلا ممن يحتج بخبر هو حجة عليه ، وهو مخالف له . وذكروا : ما رويناه عن
nindex.php?page=showalam&ids=17277وكيع عن
عبد الله بن أبي حميد قال : كتب
nindex.php?page=showalam&ids=2عمر إلى
أبي موسى : المسلمون عدول بعضهم على بعض إلا مجلودا في حد ، أو مجربا عليه شهادة زور ، أو ظنينا في ولاء ، أو في قرابة ، والقول في هذا كالذي قبله من أنه لم يصح قط عن
nindex.php?page=showalam&ids=2عمر ، ثم قد خالفوه كما ذكرنا سواء والأثبت عن
nindex.php?page=showalam&ids=2عمر : قبول الأب لابنه .
ومن عجائب الدنيا : احتجاجهم في هذا بالخبر الثابت من قول النبي صلى الله عليه وسلم {
nindex.php?page=hadith&LINKID=7028أنت ومالك لأبيك } .
ومن {
nindex.php?page=hadith&LINKID=51171أمره هندا بأخذ قوتها من مال زوجها } .
وهم أول مخالف لهذين الخبرين وهذا عجب جدا .
وأما نحن فنصححهما ، ونقول : ليس فيهما منع من قبول شهادة الابن لأبويه ، ولا من قبول الأبوين له - وإن كان هو وماله لهما - فكان ماذا ؟ ونحن كلنا لله تعالى وأموالنا وقد أمرنا بأن نشهد له عز وجل ، فقال عز وجل : {
كونوا قوامين بالقسط شهداء لله } وكل ذي حق فهو مأمور بأخذ حقه ممن هو له عنده متى قدر على ذلك أجنبيا كان أو غير أجنبي ومن لم يفعل ذلك فقد عصى الله عز وجل وأعان على الإثم والعدوان وقدر على تغيير منكر فلم يفعل بل أقر المنكر والباطل والحرام ولم يغير شيئا من ذلك ، ومن أغرب ما وقع : احتجاج بعضهم في هذا بقول الله تعالى : {
أن اشكر لي ولوالديك } .
قال
nindex.php?page=showalam&ids=13064أبو محمد : وهذه أعظم حجة عليهم ; لأن من الشكر لهما بعد شكر الله تعالى : أن يشهد لهما بالحق ، وليس من الشكر لهما أن يشهد لهما بالباطل .
وقد قال الله عز وجل : {
وبالوالدين إحسانا وبذي القربى واليتامى والمساكين والجار ذي القربى والجار الجنب والصاحب بالجنب وابن السبيل وما ملكت أيمانكم } فقد سوى الله تعالى بين كل من ذكرنا في وجوب الإحسان إليهم ، فيلزم من اتهمه لذلك في الوالدين ، وفي بعض ذوي القربى والصاحب بالجنب ، وما
[ ص: 509 ] ملكت يمينه : أن يتهمه في سائرهم ، فلا يقبل شهادة أحدهم لقريب جملة ، ولا لجار ، ولا لابن سبيل ، ولا ليتيم ، ولا لمسكين ، وإلا فقد تلوثوا في التخليط بالباطل ما شاءوا ، فلم يبق في أيديهم إلا التهمة ، والتهمة لا تحل .
وبالضرورة ندري أن من حملته قرابة أبويه وبنيه وامرأته على أن يشهد لهم بالباطل فمضمون منعه قطعا أن يشهد لمن يرشوه من الأباعد لا فرق .
وليس للتهمة في الإسلام مدخل - ونحن نسألهم عن
nindex.php?page=showalam&ids=1584أبي ذر ،
nindex.php?page=showalam&ids=54وأم سلمة أم المؤمنين : لو ادعيا على يهودي بدرهم بحق ، أتقضون لهما بدعواهما ؟ فإن قالوا : نعم ، خالفوا الله ورسوله - عليه الصلاة والسلام - وإجماع الأمة المتيقن وتركوا قولهم .
وإن قالوا : لا ، قلنا : سبحان الله ، والله ما على أديم الأرض من يقول : إنه مسلم يتهم
nindex.php?page=showalam&ids=1584أبا ذر ،
nindex.php?page=showalam&ids=54وأم سلمة - رضي الله عنهما - أنهما يدعيان الباطل في الدنيا بأسرها ، فكيف في درهم على يهودي ؟ ثم نسألهم أتبرئون اليهودي الكذاب المشهور بالفسق بيمينه من دعواهما ؟ فمن قولهم : نعم ، قلنا لهم : وهل مقر التهمة ، والظنة ، إلا في الكفار المتيقن كذبهم على الله تعالى وعلى رسوله - عليه الصلاة والسلام ؟ .
والعجب كله : من إعطاء
nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك ،
nindex.php?page=showalam&ids=13790والشافعي : المدعي المال العظيم بدعواه ويمينه ، وإن كان أشهر في الكذب والمجون من
حاتم في الجود ، إذا أبى المدعى عليه من اليمين ، وإعطاء
nindex.php?page=showalam&ids=11990أبي حنيفة إياه ذلك بدعواه المجردة بلا بينة ولا يمين ، ولا يتهمونه برأيهم : لا بقرآن ولا بسنة ، ثم يتهمون الناسك الفاضل البر التقي في شهادته لابنه ، أو لامرأته أو لأبيه بدرهم - نبرأ إلى الله تعالى من هذه المذاهب التي لا شيء أفسد منها .
قال
nindex.php?page=showalam&ids=13064أبو محمد : وهم يشنعون بخلاف الصاحب لا يعرف له مخالف ، وقد خالفوه هاهنا ، ولا يعرف له من الصحابة مخالف .
ثم قد حكى
الزهري : أنه لم يختلف الصدر الأول في قبول الأب لابنه والزوجين أحدهما للآخر ، والقرابة بعضهم لبعض حتى دخلت في الناس الداخلة - وهذا إخبار
[ ص: 510 ] عن إجماع الصحابة رضي الله عنهم - فكيف استجازوا خلافهم لظن فاسد من المتأخرين .
ثم ليت شعري : ما الذي حدث مما لم يكن ، والله لقد كان على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم المنافقون - الذين هم شر خلق الله عز وجل - والكفار ، والزناة ، والسراق ، والكذابون ، فما ندري ما الذي حدث ، وحاش لله تعالى أن يحدث شيء بغير الشريعة .
ونحن نشهد بشهادة الله عز وجل : أنه تعالى لو أراد أن لا يقبل أحد ممن ذكرنا لمن شهد له لبينه وما أغفله - فظهر فساد قول مخالفينا بيقين لا مرية فيه .
وأعجب شيء أنهم أجازوا الأخ لأخيه
والزهري يحكي عن المتأخرين اتهامهم له ، فقد خالفوا من تقدم ومن تأخر ، وكفى بهذا شنعة - . وبالله تعالى التوفيق .