[ ص: 132 ] مسألة : ولا يحل
الجمع في استباحة الوطء بين الأختين من ولادة أو من رضاع كما ذكرنا لا بزواج ولا بملك يمين ، ولا إحداهما بزواج ، والأخرى بملك يمين ، ولا بين العمة وبنت أخيها ، ولا بين الخالة وبنت أختها ، كما قلنا في الأختين سواء سواء .
فمن
اجتمع في ملكه أختان ، أو عمة وبنت أخيها ، أو خالة وبنت أختها ، فهما جميعا عليه حرام ، حتى يخرج إحداهما عن ملكه بموت أو بيع أو هبة أو غير ذلك من الوجوه ، أو حتى تزوج إحداهما بأي هذه الوجوه كان : حل له وطء الباقية .
فإن رجعت إلى ملكه الأخرى رجعت حراما كما كانت ، وبقيت الأولى حلالا كما كانت ، فإن أخرجها عن ملكه أو زوجها أو ماتت : حلت له التي كانت حراما عليه .
وكذلك إن ماتت الزوجة أو طلقها ثلاثا ، أو قبل الدخول : حل له زواج الأخرى .
وكذلك إن طلقها طلاقا رجعيا فتمت عدتها منه .
برهان ذلك - : قول الله عز وجل : {
وأن تجمعوا بين الأختين إلا ما قد سلف } .
قال
nindex.php?page=showalam&ids=13064أبو محمد : معناه أنه تعالى غفر لهم ما قد سلف من ذلك ، لأنه تعالى أبقاهم عليه .
قال
nindex.php?page=showalam&ids=13064علي : لم يختلف الناس في تحريم
الجمع بين الأختين بالزواج ، واختلفوا في الجمع بينهما بملك اليمين ، فطائفة أحلتهما ، وطائفة توقفت في ذلك .
وطائفة قالت : يطأ أيتهما شاء ، فإذا وطئها حرمت عليه الأخرى .
فصح عن
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس ،
وعكرمة ما رويناه من طريق
nindex.php?page=showalam&ids=16360عبد الرزاق نا
nindex.php?page=showalam&ids=13036ابن جريج أخبرني
عمرو بن دينار ، أن
عكرمة مولى ابن عباس كان لا يرى بأسا أن يجمع بين أختين ، والمرأة وابنتها - يعني بملك اليمين - .
وأخبره
عكرمة أن
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس كان يقول : لا تحرمهن عليك قرابة بينهن ، إنما يحرمهن عليك القرابة بينك وبينهن .
[ ص: 133 ] قال
عمرو بن دينار : وكان
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس يعجب من قول
nindex.php?page=showalam&ids=8علي : حرمتهما آية وأحلتهما آية ، ويقول : {
إلا ما ملكت أيمانكم } هي مرسلة .
قال
nindex.php?page=showalam&ids=13064علي : وبه يقول
nindex.php?page=showalam&ids=15858أبو سليمان ، وأصحابنا .
وقال
nindex.php?page=showalam&ids=13064أبو محمد : فهذا قول من أحلهما ، وقول
nindex.php?page=showalam&ids=8علي في التوقف .
وصح عن
nindex.php?page=showalam&ids=2عمر - كما روينا من طريق
nindex.php?page=showalam&ids=16000سعيد بن منصور نا
nindex.php?page=showalam&ids=16008سفيان - هو ابن عيينة - عن
الزهري عن
nindex.php?page=showalam&ids=16523عبيد الله بن عبد الله بن عتبة بن مسعود عن أبيه قال " سئل
nindex.php?page=showalam&ids=2عمر عن الجمع بين أم وابنتها ؟ فقال
nindex.php?page=showalam&ids=2عمر : ما أحب أن يجيزهما جميعا " .
وقال
nindex.php?page=showalam&ids=16523ابن عتبة : فوددت أن
nindex.php?page=showalam&ids=2عمر كان أشد في ذلك مما هو -
عبد الله بن عتبة أدرك
nindex.php?page=showalam&ids=2عمر - وجاء أيضا عن
nindex.php?page=showalam&ids=7عثمان - : كما روينا من طريق
nindex.php?page=showalam&ids=16360عبد الرزاق عن
nindex.php?page=showalam&ids=13036ابن جريج عن
ابن شهاب أخبرني
قبيصة بن ذؤيب أن
نيارا الأسلمي استفتى
nindex.php?page=showalam&ids=7عثمان في امرأة وأختها بملك اليمين ؟ فقال
nindex.php?page=showalam&ids=7عثمان : أحلتهما آية وحرمتهما آية أخرى ، ولم أكن لأفعل ذلك .
وروينا التوقف أيضا عن
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس ، ورويناه أيضا من طريق
nindex.php?page=showalam&ids=17277وكيع عن
nindex.php?page=showalam&ids=12424إسرائيل عن
nindex.php?page=showalam&ids=16376عبد العزيز بن رفيع قال " سألت
nindex.php?page=showalam&ids=14099ابن الحنفية عن الأختين المملوكتين ؟ فقال : حرمتهما آية وأحلتهما آية .
والقول الثالث - قاله
nindex.php?page=showalam&ids=11990أبو حنيفة ،
nindex.php?page=showalam&ids=16867ومالك ،
nindex.php?page=showalam&ids=13790والشافعي .
وأما القول الذي قلنا به - : فكما روينا من طريق
nindex.php?page=showalam&ids=16360عبد الرزاق عن
nindex.php?page=showalam&ids=16004سفيان الثوري عن
nindex.php?page=showalam&ids=16395عبد الكريم الجزري عن
nindex.php?page=showalam&ids=17188ميمون بن مهران عن
nindex.php?page=showalam&ids=12ابن عمر أنه سئل عن الأمة يطؤها سيدها ثم يريد أن يطأ أختها ؟ قال لا ، حتى يخرجها عن ملكه .
وقال
سفيان عن غير واحد من أصحابه : إنهم قالوا : إذا زوجها فلا بأس بأختها - وكان
nindex.php?page=showalam&ids=12ابن عمر يكره ذلك وإن زوجها .
نا
محمد بن سعيد بن نبات نا
أحمد بن عون الله نا
nindex.php?page=showalam&ids=16802قاسم بن أصبغ نا
محمد بن عبد السلام الخشني نا
محمد بن بشار بندار نا
nindex.php?page=showalam&ids=16769محمد بن جعفر غندر نا
nindex.php?page=showalam&ids=16102شعبة عن
المغيرة بن مقسم عن
الشعبي قال : قيل
nindex.php?page=showalam&ids=10لعبد الله بن مسعود : إن
ابن عامر قال : لا بأس أن يجمع بين الأختين المملوكتين ؟ فقال
nindex.php?page=showalam&ids=10ابن مسعود : لا يقربن واحدة منهما .
[ ص: 134 ] وبه إلى
المغيرة عن
nindex.php?page=showalam&ids=12354إبراهيم النخعي قال : إذا كان عند الرجل مملوكتان أختان فلا يغشين واحدة منهما حتى يخرج الأخرى عن ملكه .
قال
nindex.php?page=showalam&ids=16102شعبة : وقال
الحكم بن عتيبة ،
nindex.php?page=showalam&ids=15741وحماد بن أبي سليمان : من عنده أختان مملوكتان لا يطأ واحدة منهما ، ولا يقربنها حتى يخرج إحداهما عن ملكه .
ومن طريق
nindex.php?page=showalam&ids=16000سعيد بن منصور نا
nindex.php?page=showalam&ids=15743حماد بن زيد عن
أيوب السختياني عن
عبد الله بن أبي مليكة أن رجلا سأل
عائشة أم المؤمنين عن أمة له قد كبرت وكان يطؤها ولها ابنة ، أيحل له أن يغشاها ؟ فقالت له أم المؤمنين : أنهاك عنها ومن أطاعني .
ومن طريق
nindex.php?page=showalam&ids=16000سعيد بن منصور قلت
nindex.php?page=showalam&ids=16008لسفيان بن عيينة : حدثك
nindex.php?page=showalam&ids=17098مطرف عن
nindex.php?page=showalam&ids=9489أبي الجهم عن
أبي الأخضر عن
nindex.php?page=showalam&ids=56عمار ، قال : يحرم من الإماء ما يحرم من الحرائر إلا العدد ؟ قال
سفيان : نعم - ورويناه أيضا عن
nindex.php?page=showalam&ids=8علي .
قال
nindex.php?page=showalam&ids=13064أبو محمد : أما من توقف فلم يلح له البيان فحكمه التوقف ، وأما من أحلهما ، فإنه غلب قول الله عز وجل : {
إلا ما ملكت أيمانكم } على قوله تعالى : {
وأن تجمعوا بين الأختين } فخص ملك اليمين من هذا النهي ، وكذلك فعلوا في قوله تعالى : {
وأمهات نسائكم } .
ولا حجة لهم غير هذا - : فنظرنا في ذلك فوجدنا النصين لا بد من تغليب أحدهما على الآخر بأن يستثنى منه - : أما كما قال من ذكرنا فيكون معناه : وأن تجمعوا بين الأختين ، وأمهات نسائكم إلا ما ملكت أيمانكم .
وأما كما قلنا نحن فيكون معناه : إلا ما ملكت أيمانكم إلا أن تكونا أختين ، أو أم امرأة حلت لكم ، أو عمة وبنت أخيها ، أو خالة وبنت أختها ، فإذ لا بد من أحد الاستثناءين ، وليس أحدهما أولى من الآخر إلا ببرهان ضروري ، وأما بالدعوى فلا ، فطلبنا ، هل للمغلبين المستثنين ملك اليمين من تحريم : الأختين ، والأم وابنتها ، والعمة وبنت أخيها ، والخالة وبنت أختها برهان ؟ فلم نجده أصلا ، إلا أن بعضهم قال : قد علمنا أن الله عز وجل لم ينهنا قط عن الجمع بين الأختين في الوطء ; لأنه غير ممكن ، ومحال أن يخاطبنا الله تعالى بالمحال ، أو أن ينهانا عن المحال .
[ ص: 135 ] فصح أنه تعالى إنما نهانا عن معنى يمكن جمعهما فيه ، وليس إلا الزواج لأن جمعهما في ملك اليمين جائز حلال بلا خلاف ؟
فقلنا : صدقتم أنه تعالى ينهانا عن المحال من الجمع بينهما في الوطء ، وأخطأتم في تخصيصكم بنهيه الزواج فقط ، لأنه تخصيص للآية بلا برهان ، بل نهانا عن الجمع بينهما بالزواج ، وباستحلال وطء أيتهما شاء ، وبالتلذذ منهما معا ، فهذا ممكن ، فهلموا دليلا على تخصيصكم الزواج دون ما ذكرنا ؟ فلم نجده عندهم أصلا ، فلزمنا أن نأتي ببرهان على صحة استثنائنا وإلا فهي دعوى ودعوى - : فوجدنا قول الله عز وجل : {
إلا ما ملكت أيمانكم } لا خلاف بين أحد من الأمة كلها - قطعا متيقنا في أنه ليس على عمومه .
بل كلهم مجمع قطعا على أنه مخصوص ، لأنه لا خلاف ولا شك في أن الغلام من ملك اليمين ، وهو حرام لا يحل .
وأن الأم من الرضاعة من ملك اليمين ، والأخت من الرضاعة من ملك اليمين ، وكلتاهما متفق على تحريمهما ، أو الأمة يملكها الرجل قد تزوجها أبوه ووطئها ، وولد له منها : حرام على الابن .
ثم نظرنا في قوله تعالى : {
وأن تجمعوا بين الأختين } . {
وأمهات نسائكم وربائبكم اللاتي في حجوركم من نسائكم اللاتي دخلتم بهن } .
{
ولا تنكحوا المشركات حتى يؤمن } .
لم يأت نص ولا إجماع على أنه مخصوص حاشا زواج الكتابيات فقط ، فلا يحل تخصيص نص لا برهان على تخصيصه ، وإذ لا بد من تخصيص ما هذه صفتها ، أو تخصيص نص آخر لا خلاف في أنه مخصوص ، فتخصيص المخصوص هو الذي لا يجوز غيره .
وبهذه الحجة احتج
nindex.php?page=showalam&ids=10ابن مسعود في هذه المسألة - : كما روينا من طريق
nindex.php?page=showalam&ids=16000سعيد بن منصور نا
إسماعيل بن إبراهيم نا
سلمة بن علقمة عن
nindex.php?page=showalam&ids=16972محمد بن سيرين أنه سمع
عبد الله بن عتبة بن مسعود يقول : لم يزالوا
nindex.php?page=showalam&ids=10بعبد الله بن مسعود [ ص: 136 ] حتى أغضبوه - يعني في الأختين بملك اليمين - فقال
nindex.php?page=showalam&ids=10ابن مسعود : إن حملك مما ملكت يمينك - وبالله تعالى التوفيق .
قال
nindex.php?page=showalam&ids=13064أبو محمد : وأما من أباح له أن يطأ أي الأختين المملوكتين له شاء ، وحينئذ تحرم عليه التي لم يطأ ، فقول في غاية الفساد ، لأنه لا يخلو قائل هذا القول من أن يقول : إنهما قبل أن يطأ إحداهما حرام جميعا - فهذا قولنا ، أو إنهما جميعا حينئذ حلال ، فهذا قول
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس ،
وعكرمة ، ومن وافقهما وكلا القولين خلاف قول هذا القائل ، أو يقول : إن إحداهما بغير عينها حلال له والأخرى حرام ، فهذا باطل قطعا لوجهين - : أحدهما - قول الله عز وجل : {
قد تبين الرشد من الغي } فمحال أن يحرم الله تعالى علينا ما لم يبينه لنا ، وكذلك قوله تعالى : {
وقد فصل لكم ما حرم عليكم } فلا شك في أن ما حرمه الله تعالى علينا قد فصله لنا - وهم يقولون : إن إحداهما حرام لم يفصل لنا تحريمها .
والوجه الثاني - إن هذا التقسيم أيضا باطل على مقتضى قولهم ، لأنهم يبيحون له وطء أيتهما شاء ، وهذا يقتضي تحليلهما جميعا ، لا تحريم إحداهما ; لأنه من المحال تخيير أحد في حرام وحلال ، إلا أن يأتي نص قرآن أو سنة بذلك ، فيوقف عنده ، وأما بالرأي الفاسد فلا .
فصح قولنا يقينا وبطل ما سواه - والحمد لله رب العالمين .
والخبر المشهور من طريق
nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة إلى النبي صلى الله عليه وسلم في أن {
nindex.php?page=hadith&LINKID=51286لا يجمع بين المرأة وعمتها ، والمرأة وخالتها } ، وعلى هذا جمهور الناس ، إلا
nindex.php?page=showalam&ids=16542عثمان البتي فإنه أباحه - : نا
عبد الله بن ربيع نا
محمد بن معاوية نا
أحمد بن شعيب نا
nindex.php?page=showalam&ids=16880مجاهد بن موسى نا
nindex.php?page=showalam&ids=16008سفيان بن عيينة عن
عمرو بن دينار عن
nindex.php?page=showalam&ids=12031أبي سلمة بن عبد الرحمن عن
nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة {
nindex.php?page=hadith&LINKID=51287نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن تنكح المرأة على عمتها أو على خالتها } .
[ ص: 137 ] قال
أحمد بن شعيب : ونا
nindex.php?page=showalam&ids=16818قتيبة بن سعيد نا
nindex.php?page=showalam&ids=15124الليث بن سعد عن
nindex.php?page=showalam&ids=17346يزيد بن أبي حبيب عن
nindex.php?page=showalam&ids=16560عراك بن مالك عن
nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة {
nindex.php?page=hadith&LINKID=51288نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يجمع بين المرأة وعمتها ، والمرأة وخالتها } .