1926 - مسألة : فإن
عجز الزوج عن نفقة نفسه وامرأته غنية كلفت النفقة عليه ، ولا ترجع عليه بشيء من ذلك إن أيسر ، إلا أن يكون عبدا فنفقته على سيده لا على امرأته - وكذلك إن كان للحر ولد أو والد فنفقته على ولده ، أو والده إلا أن يكونا فقيرين .
برهان ذلك - : قول الله عز وجل : {
وعلى المولود له رزقهن وكسوتهن بالمعروف لا تكلف نفس إلا وسعها لا تضار والدة بولدها ولا مولود له بولده وعلى الوارث مثل ذلك } .
قال
nindex.php?page=showalam&ids=13064علي : الزوجة وارثة فعليها نفقته بنص القرآن .
قال
nindex.php?page=showalam&ids=13064أبو محمد : ونفقة الزوجة على العبد كما هي على الحر ، لأن الله تعالى إذ
[ ص: 255 ] أوجب على لسان رسوله صلى الله عليه وآله وسلم نفقة النساء وكسوتهن على أزواجهن ، لم يخص حرا من عبد .
وإذ قال الله تعالى : {
وآتوا النساء صدقاتهن نحلة } .
ولم يخص تعالى حرا من عبد : {
وما كان ربك نسيا } . وفيما ذكرنا خلاف نذكر منه ما تيسر إن شاء الله تعالى - :
فمن ذلك أن
nindex.php?page=showalam&ids=14954أبا يوسف قال : في
المرأة البالغة المريضة - التي لم يدخل بها زوجها - أنه لا نفقة لها عليه إذا كان مرضها يمنع من وطئها - فإن بنى بها وهي كذلك فله أن يردها ولا ينفق عليها حتى يقدر على جماعها فإن أمسكها فعليه نفقتها .
قال : فإن مرضت عنده بعد أن دخل بها صحيحة - فعليه نفقتها وليس له ردها .
قال : فإن بنى بالرتقاء فعليه نفقتها وليس له ردها .
وهذه مناقضات طريفة في السخافة جدا .
وقال :
إن سجنت المرأة أو حيل بينها وبين زوجها كرها فلا نفقة لها عليه .
وقد ذكرنا قول
nindex.php?page=showalam&ids=2عمر في وجوب النفقة على الغائب مدة مغيبه وإن طلق .
وروينا من طريق
nindex.php?page=showalam&ids=16472ابن وهب عن
nindex.php?page=showalam&ids=17423يونس بن يزيد ، قال : سئل
ابن شهاب عن المرأة تنفق على نفسها من الذي لها وتتسلف ؟ قال : نرى أن يؤخذ به زوجها بالسداد إلا أن يكون له بينة أنه وضع لها ما يصلحها . قال
nindex.php?page=showalam&ids=17419يونس : وهو قول
nindex.php?page=showalam&ids=15885ربيعة .
قال
nindex.php?page=showalam&ids=13064أبو محمد : هذا الحق ، لأنه إن ادعى أنه أنفق فهو مدع لسقوط حق لها ثبت قبله ، فالبينة عليه ، واليمين عليها .
وهو قول
nindex.php?page=showalam&ids=14102الحسن البصري ،
nindex.php?page=showalam&ids=13790والشافعي ،
nindex.php?page=showalam&ids=15858وأبي سليمان .
روينا عن
nindex.php?page=showalam&ids=12354إبراهيم النخعي : ما أنفقت من مالها فلا شيء لها فيه ، وما استدانت فهو على الزوج - وهذا تقسيم لا يقوم بصحته برهان .
وقال
nindex.php?page=showalam&ids=16438ابن شبرمة : لا نفقة للمرأة إلا إذا شكت إلى الجيران ، فمن حين تشكو تجب لها النفقة ، ويؤخذ بها الزوج - وهذا تحديد فاسد .
[ ص: 256 ] وصح عن
nindex.php?page=showalam&ids=16097شريح أن امرأة قالت له : إن زوجي غاب ، وإني استدنت دينارا فأنفقتها على نفسي ؟ فقال لها
nindex.php?page=showalam&ids=16097شريح : أكان أمر بذلك ؟ قالت : لا ، قال : فاقضي دينك .
وقال
nindex.php?page=showalam&ids=11990أبو حنيفة : لا نفقة للمرأة إلا أن يفرضها لها السلطان .
قال
nindex.php?page=showalam&ids=13064أبو محمد : قد فرضها لها سلطان السلاطين وهو الله تعالى على لسان رسوله صلى الله عليه وسلم فبطل رأي
nindex.php?page=showalam&ids=11990أبي حنيفة .
وقال
nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك : من غاب ثم قدم فطلبته امرأة بالنفقة ، فإن أقامت لها بينة بأنها أقر لها بأنه لم يبعث إليها بشيء قضى لها ، وإلا فلا نفقة لها إلا من يوم ترفعه .
قال
nindex.php?page=showalam&ids=13064أبو محمد : وهذه أيضا قضية لا دليل على صحتها ، ولا يدرى بماذا سقط حقها الواجب لها بدعواه .
وأما من لم يقدر على النفقة فقد اختلف الناس في حكمه - : فقالت طائفة : يسجن فلا يطلق ولا يكلف طلاقا . وهذا قول
عبيد الله بن الحسن العنبري قاضي
البصرة .
قال
nindex.php?page=showalam&ids=13064أبو محمد : ليت شعري لماذا يسجن ؟ وقالت طائفة : يجبر على أن ينفق أو يطلق - : كما روينا عن
nindex.php?page=showalam&ids=16360عبد الرزاق عن
nindex.php?page=showalam&ids=16524عبيد الله بن عمر عن
nindex.php?page=showalam&ids=17191نافع عن
nindex.php?page=showalam&ids=12ابن عمر قال : " كتب
nindex.php?page=showalam&ids=2عمر إلى أمراء الأجناد ادعوا - فلانا وفلانا - ناسا قد انقطعوا عن
المدينة ورحلوا عنها : إما أن يرجعوا إلى نسائهم ، وإما أن يبعثوا بنفقة إليهن ، وإما أن يطلقوا ويبعثوا بنفقة ما مضى " .
ومن طريق
nindex.php?page=showalam&ids=16360عبد الرزاق عن
nindex.php?page=showalam&ids=16004سفيان الثوري عن
nindex.php?page=showalam&ids=17314يحيى بن سعيد الأنصاري عن
nindex.php?page=showalam&ids=15990سعيد بن المسيب قال : إذا لم يجد الرجل ما ينفق على امرأته أجبر على طلاقها .
قال
nindex.php?page=showalam&ids=13064أبو محمد : فنظرنا فيما يحتج به أهل هذه المقالة بما روينا من طريق
nindex.php?page=showalam&ids=13863البزار نا
عمرو بن علي نا
nindex.php?page=showalam&ids=12156أبو معاوية الضرير نا
nindex.php?page=showalam&ids=13726الأعمش عن
أبي صالح عن
nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : {
nindex.php?page=hadith&LINKID=51394أفضل الصدقة ما أبقت غنى ، واليد العليا خير من اليد السفلى } ، تقول امرأتك : أنفق علي أو طلقني .
قال
nindex.php?page=showalam&ids=13064أبو محمد : فنظرنا في هذا الخبر - فوجدنا هذه الزيادة ليست عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم .
[ ص: 257 ] برهان ذلك : ما رويناه من طريق
nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري نا
nindex.php?page=showalam&ids=16665عمر بن حفص بن غياث نا أبي ثنا
nindex.php?page=showalam&ids=13726الأعمش نا
أبو صالح حدثني
nindex.php?page=showalam&ids=3أبو هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم : {
nindex.php?page=hadith&LINKID=1359أفضل الصدقة ما ترك غنى واليد العليا خير من اليد السفلى وابدأ بمن تعول } ، تقول المرأة : إما أن تطعمني .
وإما أن تطلقني " وذكر باقي الخبر - قالوا : يا
nindex.php?page=showalam&ids=3أبا هريرة سمعت هذا من رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال : لا ، هذا من كيس
nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة .
فبطل الاحتجاج بهذا الخبر .
فإن قالوا : هو من قول
nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة ، فهو قول صاحبين ،
nindex.php?page=showalam&ids=2عمر ،
nindex.php?page=showalam&ids=3وأبي هريرة .
قلنا : أما
nindex.php?page=showalam&ids=3أبو هريرة ، فإنه إنما حكى قول المرأة ، ولم يقل : إن هذا هو الواجب في الحكم .
وأما
nindex.php?page=showalam&ids=2عمر ، فلا حجة لهم فيه ، لأنه لم يخاطب بذلك إلا أغنياء قادرين على النفقة ، وليس في خبر
nindex.php?page=showalam&ids=2عمر ذكر حكم المعسر ؟ بل قد صح عنه
إسقاط طلب المرأة للنفقة إذا أعسر بها الزوج - على ما نذكر بعد هذا إن شاء الله تعالى .
وقالت طائفة : يطلقها عليه الحاكم .
ثم اختلفوا - : فقال
nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك : يؤجل في عدم النفقة شهرا أو نحوه ، فإن انقضى الأجل - وهي حائض أخر حتى تطهر ، وفي الصداق عامين ، ثم يطلقها عليه الحاكم طلقة رجعية ، فإن أيسر في العدة فله ارتجاعها .
وقالت طائفة : لا يؤجل إلا يوما واحدا ثم يطلقها الحاكم عليه - : وممن روينا عنه نحو هذا جماعة - : كما روينا من طريق
nindex.php?page=showalam&ids=16360عبد الرزاق عن
nindex.php?page=showalam&ids=16008سفيان بن عيينة عن
nindex.php?page=showalam&ids=11863أبي الزناد قال : سألت
nindex.php?page=showalam&ids=15990سعيد بن المسيب عن الرجل لا يجد ما ينفق على امرأته ؟ قال : يفرق بينهما ، قلت : سنة ؟ قال : نعم ، سنة .
ومن طريق
nindex.php?page=showalam&ids=16472ابن وهب عن
عبد الرحمن بن أبي الزناد وعبد الجبار بن عمر عن
nindex.php?page=showalam&ids=11863أبي الزناد قال : شهدت
nindex.php?page=showalam&ids=16673عمر بن عبد العزيز يقول لزوج امرأة شكت إليه أنه لا ينفق عليها : اضربوا له أجل شهر أو شهرين ، فإن لم ينفق عليها إلى ذلك الأجل فرقوا بينه وبينها - قال :
nindex.php?page=showalam&ids=11863أبو الزناد فسألت عنه
nindex.php?page=showalam&ids=15990سعيد بن المسيب ؟ فقال في الأجل والتفريق مثل قول
nindex.php?page=showalam&ids=16673عمر بن عبد العزيز .
[ ص: 258 ] ومن طريق
nindex.php?page=showalam&ids=16472ابن وهب عن
nindex.php?page=showalam&ids=16457ابن لهيعة عن
nindex.php?page=showalam&ids=16985محمد بن عبد الرحمن أن رجلا شكا إلى
nindex.php?page=showalam&ids=16673عمر بن عبد العزيز : أنه أنكح ابنته رجلا لا ينفق عليها ، فأرسل إلى الزوج فأتى فقال : أنكحني وهو يعلم أنه ليس لي شيء ؟ فقال له
nindex.php?page=showalam&ids=16673عمر بن عبد العزيز : أنكحته وأنت تعرف ، فما الذي أصنع ، اذهب بأهلك .
ومن طريق
nindex.php?page=showalam&ids=16472ابن وهب عن
nindex.php?page=showalam&ids=15124الليث بن سعد عن
nindex.php?page=showalam&ids=17314يحيى بن سعيد الأنصاري قال : "
من تزوج - وهو غني - ثم احتاج فلم يجد ما ينفق على امرأته فرق بينهما "
ومن طريق
nindex.php?page=showalam&ids=16472ابن وهب عن
nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك ، قال : إن من أدركت كانوا يقولون : إذا لم ينفق الرجل على امرأته فرق بينهما ، قيل
nindex.php?page=showalam&ids=16867لمالك : قد كانت الصحابة يعسرون ويحتاجون ؟ قال
nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك : ليس الناس اليوم كذلك ، إنما تزوجته رجاء .
ومن طريق
nindex.php?page=showalam&ids=16360عبد الرزاق عن
nindex.php?page=showalam&ids=17124معمر عن
nindex.php?page=showalam&ids=16815قتادة ،
nindex.php?page=showalam&ids=15741وحماد بن أبي سليمان ، قالا جميعا : إذا لم يجد ما ينفق على امرأته فرق بينهما .
قال
nindex.php?page=showalam&ids=13064أبو محمد : لم نجد لأهل هذه المقالة حجة أصلا ، إلا تعلقهم بقول
nindex.php?page=showalam&ids=15990سعيد بن المسيب : إنه سنة .
قال
nindex.php?page=showalam&ids=13064أبو محمد : قد صح عن
nindex.php?page=showalam&ids=15990سعيد بن المسيب قولان ، كما أوردنا أحدهما - يجبر على مفارقتها ، والآخر - يفرق بينهما ، وهما مختلفان ، فأيهما السنة ، وأيهما كان السنة ، فالآخر خلاف السنة ، بلا شك ، ولم يقل
nindex.php?page=showalam&ids=15990سعيد : إنها سنة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وحتى لو قاله لكان مرسلا لا حجة فيه ، فكيف وإنما أراد - بلا شك - أنه سنة من دونه عليه الصلاة والسلام .
ولعله أراد ما روينا من فعل
nindex.php?page=showalam&ids=2عمر بن الخطاب الذي هو مخالف لقول من يحتج بقول
nindex.php?page=showalam&ids=15990سعيد هذا - والعجب كله ممن يحتج فيما يفرق به بين الزوجين بقول
nindex.php?page=showalam&ids=15990سعيد : إنه سنة ، وهم لا يلتفتون - ما حدثنا به
محمد بن سعيد بن عمر بن نبات نا
عباس بن أصبغ نا
محمد بن قاسم بن محمد نا
محمد بن عبد السلام الخشني نا
nindex.php?page=showalam&ids=12166محمد بن المثنى نا
عبد الأعلى نا
سعيد بن أبي عروبة عن
nindex.php?page=showalam&ids=16815قتادة عن
nindex.php?page=showalam&ids=15826خلاس بن عمرو " أن
nindex.php?page=showalam&ids=7عثمان بن عفان قضى في فداء ولد الأمة الغارة بأنها حرة الملة ، أو السنة كل رأس رأسين " .
ولا يلتفتون - ما حدثناه
أحمد بن محمد بن الجسور نا
nindex.php?page=showalam&ids=17284وهب بن مسرة نا
محمد بن وضاح [ ص: 259 ] نا
nindex.php?page=showalam&ids=12508أبو بكر بن أبي شيبة نا
عبد الأعلى عن
سعيد - هو ابن أبي عروبة - عن
nindex.php?page=showalam&ids=17096مطر الوراق عن
nindex.php?page=showalam&ids=15889رجاء بن حيوة عن
قبيصة بن ذؤيب عن
nindex.php?page=showalam&ids=59عمرو بن العاص قال : " لا تلبسوا علينا سنة نبينا صلى الله عليه وآله وسلم عدة أم الولد عدة المتوفى عنها " .
والصحيح الثابت من طريق
nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري نا
nindex.php?page=showalam&ids=17014محمد بن كثير نا
سفيان عن
nindex.php?page=showalam&ids=15976سعد - هو ابن إبراهيم بن عبد الرحمن بن عوف - عن
طلحة بن عبيد الله بن عوف قال " صليت خلف
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس على جنازة فقرأ بفاتحة الكتاب ، فقال : لتعلموا أنها سنة " . ومن طريق
أحمد بن شعيب أرنا
nindex.php?page=showalam&ids=16818قتيبة بن سعيد أرنا
nindex.php?page=showalam&ids=15124الليث بن سعد عن
ابن شهاب عن
nindex.php?page=showalam&ids=131أبي أمامة بن سهل بن حنيف أنه قال {
nindex.php?page=hadith&LINKID=51395السنة في الصلاة على الجنازة أن يقرأ في التكبيرة الأولى مخافتة ثم يكبر والتسليم عند الآخرة } .
فمن أعجب ممن يرى قول
nindex.php?page=showalam&ids=15990سعيد بن المسيب في قضية اختلف عنه فيها هي سنة حجة ، ولا يرى قول
nindex.php?page=showalam&ids=131أبي أمامة بن سهل هي السنة حجة ؟ وهو مثل
nindex.php?page=showalam&ids=15990سعيد في إدراك الصحابة - رضي الله عنهم - فكيف
nindex.php?page=showalam&ids=7بعثمان ،
nindex.php?page=showalam&ids=59وعمرو بن العاص ،
nindex.php?page=showalam&ids=11وابن عباس ، وكل واحد منهم لا يدرك
nindex.php?page=showalam&ids=15990سعيد يوما من أيامهم أبدا ، وكلهم أعلم بالسنة من
nindex.php?page=showalam&ids=15990سعيد بلا شك - وهذا تحكم في الدين بالباطل .
وأما الرواية عن
nindex.php?page=showalam&ids=16673عمر بن عبد العزيز ،
nindex.php?page=showalam&ids=15990وسعيد بن المسيب في تأجيل شهر أو شهرين ، فساقطة جدا ، لأنها من طريق
عبد الرحمن بن أبي الزناد ،
وعبد الجبار بن عمر ، وكلاهما لا شيء .
ومن أعجب العجب قول
nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك للذي احتج عليه في هذه المسألة بأن الصحابة كانوا يحتاجون ويعسرون بقوله : ليس الناس اليوم كذلك ، إنما تزوجته رجاء " فجمع هذا القول وجوها من الخطأ - : منها - مخالفة أمر الصحابة وما مضوا عليه بإقراره الاعتراف بأن الناس ليسوا كذلك اليوم ، فكيف يجوز له أن يجيز حكما يقر بأن الناس فيه على خلاف ما مضى عليه الصحابة ، ثم من له بذلك ، ومن أين عرف تبدل الناس في هذه القصة وما يعلم أحد فيها أن الناس على خلاف ما كانوا عليه عصر الصحابة ، لأن كل من تزوج من الصحابة ، فإنما تزوجته المرأة للجماع والنفقة بلا شك ، فما الناس اليوم إلا كذلك .
[ ص: 260 ] ثم قوله " إنما تزوجته رجاء " فيقال له : فكان ماذا ؟ وأي شيء في هذا مما يحيل حكم ما مضى عليه الصحابة رضي الله عنهم ؟ واحتج الشافعيون عليهم بحجة ظاهرة - وهي أن قالوا : إذا كلفتموها صبر شهر ، فلا سبيل إلى عيش شهر بلا أكل ، فأي فرق بين ذلك وبين تكليفها الصبر أبدا .
قال
nindex.php?page=showalam&ids=13064أبو محمد : وهذا اعتراض صحيح ، إلا أنه يقال أيضا
nindex.php?page=showalam&ids=13790للشافعي : إذا طلقتموها عليه فإنه لا صبر عن الأكل ، فأنتم تكلفونها العدة - وهي ربما كانت أشهرا - فقد كلفتموها الصبر بلا نفقة مدة لا يعاش فيها بلا أكل ولا فرق - فظهر فساد هذا القول جملة .
واحتجوا أيضا على أصحاب
nindex.php?page=showalam&ids=11990أبي حنيفة ، لا علينا بأن قالوا : قد اتفقنا على التفريق بين من عن عن امرأته وبينها بضرر فقد الجماع ، فضرر فقد النفقة أشد ؟ فقال لهم أصحاب
nindex.php?page=showalam&ids=11990أبي حنيفة : قد اتفقنا نحن وأنتم على أنه
إن وطئها مرة ثم عن عنها أنه لا يفرق بينهما فيلزمكم أن لا تفرقوا بين من أنفق عليها مرة واحدة فأكثر ثم أعسر بنفقتها ؟ فيلزمكم أن لا تفرقوا بينهما .
قال
nindex.php?page=showalam&ids=13064أبو محمد : كلا الطائفتين تركت قياسها الفاسد في هذه المسألة .
قال
nindex.php?page=showalam&ids=13064أبو محمد : وقالت طائفة كقولنا - : كما روينا من طريق
nindex.php?page=showalam&ids=17080مسلم نا
زهير بن حرب نا
nindex.php?page=showalam&ids=15903روح بن عبادة نا
nindex.php?page=showalam&ids=15924زكريا بن إسحاق نا
nindex.php?page=showalam&ids=11862أبو الزبير عن
nindex.php?page=showalam&ids=36جابر بن عبد الله قال : {
nindex.php?page=hadith&LINKID=51396دخل أبو بكر ، nindex.php?page=showalam&ids=2وعمر على رسول الله صلى الله عليه وسلم فوجداه جالسا حوله نساؤه واجما ساكنا ؟ فقال أبو بكر : يا رسول الله ، لو رأيت بنت خارجة سألتني النفقة فقمت إليها فوجأت عنقها ؟ فضحك رسول الله صلى الله عليه وسلم وقال : هن حولي كما ترى يسألنني النفقة ، فقام أبو بكر على nindex.php?page=showalam&ids=25عائشة يجأ عنقها وقام nindex.php?page=showalam&ids=2عمر إلى حفصة يجأ عنقها ، كلاهما يقول : تسألن رسول الله صلى الله عليه وسلم ما ليس عنده ؟ فقلن : والله لا نسأل رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم شيئا أبدا ما ليس عنده ، ثم اعتزلهن عليه الصلاة والسلام شهرا } وذكر الحديث .
قال
nindex.php?page=showalam&ids=13064أبو محمد : إنما أوردنا هذا لما فيه عن
أبي بكر ،
nindex.php?page=showalam&ids=2وعمر - رضي الله عنهما - من ضربهما ابنتيهما ، إذ سألتا النبي صلى الله عليه وآله وسلم نفقة لا يجدها ، وإذ ضرب
أبو بكر امرأته ، إذ سألته نفقة لا يجدها .
[ ص: 261 ] ومن المحال المتيقن أن يضربا طالبة حق ، ومثل هذا لو وجده المخالفون لنا لعظم تسلطهم به - وأما نحن فلا نحتج عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم لما رواه
nindex.php?page=showalam&ids=11862أبو الزبير عن
nindex.php?page=showalam&ids=36جابر ، لم يقل فيه : أنه سمعه منه .
ومن طريق
nindex.php?page=showalam&ids=16360عبد الرزاق .
عن
nindex.php?page=showalam&ids=13036ابن جريج سألت
nindex.php?page=showalam&ids=16568عطاء عمن لم يجد ما يصلح امرأته من النفقة ؟ فقال : ليس لها إلا ما وجدت ، ليس لها إلا ما وجدت ، ليس لها أن يطلقها .
ومن طريق
nindex.php?page=showalam&ids=15744حماد بن سلمة عن غير واحد عن
nindex.php?page=showalam&ids=14102الحسن البصري " أنه قال في الرجل يعجز عن نفقة امرأته ؟ قال : تواسيه تتقي الله عز وجل وتصبر وينفق عليها ما استطاع " .
ومن طريق
nindex.php?page=showalam&ids=16360عبد الرزاق عن
nindex.php?page=showalam&ids=17124معمر قال : سألت
الزهري عن رجل لا يجد ما ينفق على امرأته ، يفرق بينهما ؟ قال : يستأني به ولا يفرق بينهما وتلا {
لا يكلف الله نفسا إلا ما آتاها سيجعل الله بعد عسر يسرا } . قال
nindex.php?page=showalam&ids=17124معمر : وبلغني عن
nindex.php?page=showalam&ids=16673عمر بن عبد العزيز مثل قول
الزهري سواه .
ومن طريق
nindex.php?page=showalam&ids=16360عبد الرزاق عن
nindex.php?page=showalam&ids=16004سفيان الثوري في المرأة يعسر زوجها بنفقتها ؟ قال : هي امرأة ابتليت فلتصبر ، ولا تأخذ بقول من فرق بينهما - وهو قول
nindex.php?page=showalam&ids=16438ابن شبرمة ،
nindex.php?page=showalam&ids=11990وأبي حنيفة ،
nindex.php?page=showalam&ids=15858وأبي سليمان ، وأصحابهما .
قال
nindex.php?page=showalam&ids=13064أبو محمد : برهان صحة قولنا : قول الله عز وجل {
لينفق ذو سعة من سعته ومن قدر عليه رزقه فلينفق مما آتاه الله لا يكلف الله نفسا إلا ما آتاها } .
وقال تعالى {
لا يكلف الله نفسا إلا وسعها } وبالله تعالى التوفيق .