صفحة جزء
1928 - مسألة : ويجبر أيضا على نفقة حيوانه كله أو تسريحه للرعي إن كان يعيش من المرعى إن أبى بيع عليه كل ذلك .

برهان ذلك - : ما رويناه من طريق البخاري نا موسى نا أبو عوانة نا عبد الملك عن وراد - كاتب المغيرة بن شعبة - قال : كتب المغيرة بن شعبة إلى معاوية { أن نبي الله صلى الله عليه وآله وسلم كان ينهى عن قيل وقال ، وكثرة السؤال ، وإضاعة المال } وذكر الحديث .

قال أبو محمد : فإضاعة المال حرام وإثم ، وعدوان ، بلا خلاف ، ومنع المرء حيوانه مما فيه معاشه ، أو إصلاحه إضاعة لماله ، فالواجب منعه من ذلك ، لقول الله تعالى : { وتعاونوا على البر والتقوى ولا تعاونوا على الإثم والعدوان } .

والإحسان إلى الحيوان بر وتقوى ، فمن لم يعن على إصلاحه فقد أعان على الإثم والعدوان ، وعصى الله تعالى .

وقال أبو حنيفة : لا يباع عليه حيوانه ، لكن صلى الله عليه وسلم يؤمر بالإحسان إليه فقط ، ولا يجبر على ذلك .

قال أبو محمد : وهذا ضلال ظاهر - كما ذكرنا - واحتج له بعض مقلديه بضلال آخر قال : لا يجبر على حفظ ماله إذا أراد إضاعته ، كما لا يجبر على سقي نخله ؟ قال أبو محمد : وهذا عجب آخر ، بل يجبر على سقي النخل إن كان في ترك سقيه هلاك النخل ، وكذلك في الزرع .

برهان ذلك - : قول الله عز وجل : { وإذا تولى سعى في الأرض ليفسد فيها ويهلك الحرث والنسل والله لا يحب الفساد } .

[ ص: 265 ] قال أبو محمد : فمنع الحيوان ما لا معاش له إلا به من علف أو رعي ، وترك سقي شجر الثمر والزرع حتى يهلكا - بنص الله تعالى - فساد في الأرض وإهلاك للحرث والنسل ، والله تعالى لا يحب هذا العمل ، فمن أضل ممن ينصر هذه الأقوال الفاسدة العائدة بالفساد الذي لا يحبه الله تعالى .

فإن قيل : فأنتم لا تجبرون أحدا على زرع أرضه إذا لم يرد ذلك ؟ قلنا : إنما نتركه ، وذلك إذا كان له معاش غيره يغني عن زرعها - وهذا بلا شك صلاح للأرض وإحمام لها .

وأما إذا لم يكن له غنى عن زرعها ، فإنما يجبره على زرعها إن قدر على ذلك ، أو على إعطائها بجزء مما يخرج منها ، ولا نتركه يبقى عالة على المسلمين بإضاعته لماله ، ومعصيته لله عز وجل بذلك - وبالله تعالى نستعين .

التالي السابق


الخدمات العلمية