195 - مسألة :
ومن
أجنب يوم الجمعة من رجل أو امرأة - فلا يجزيه إلا غسلان غسل ينوي به الجنابة ولا بد ، وغسل آخر ينوي به الجمعة ولا بد ، فلو
غسل ميتا أيضا لم يجزه إلا غسل ثالث ينوي به ولا بد ، فلو
حاضت امرأة بعد أن وطئت فهي بالخيار إن شاءت عجلت الغسل للجنابة وإن شاءت أخرته حتى تطهر ، فإذا طهرت لم يجزها إلا غسلان ، غسل تنوي به الجنابة وغسل آخر تنوي به الحيض ، فلو
صادفت يوم جمعة وغسلت ميتا لم يجزها إلا أربعة أغسال كما ذكرنا فلو
نوى بغسل واحد غسلين مما ذكرنا فأكثر ، لم يجزه ولا لواحد منهما ، وعليه أن يعيدهما ، وكذلك إن نوى أكثر من غسلين ، ولو أن كل من ذكرنا يغسل كل عضو من أعضائه مرتين إن كان عليه غسلان - أو ثلاثا - إن كان عليه ثلاثة أغسال - أو أربعا - إن
كان عليه أربعة أغسال - ونوى في كل غسلة الوجه الذي غسله له أجزأه ذلك وإلا فلا ، فلو أراد من ذكرنا : الوضوء لم يجزه إلا المجيء بالوضوء بنية الوضوء مفردا عن كل غسل ذكرنا ، حاشا
[ ص: 290 ] غسل الجنابة وحده فقط فإنه إن
نوى بغسل أعضاء الوضوء غسل الجنابة والوضوء معا أجزأه ذلك ، فإن لم ينو إلا الغسل فقط لم يجزه للوضوء ولو نواه للوضوء فقط لم يجزه للغسل ، ولا يجزئ للوضوء ما ذكرنا إلا مرتبا على ما نذكر بعد هذا إن شاء الله تعالى .
برهان ذلك قول الله تعالى : {
وما أمروا إلا ليعبدوا الله مخلصين له الدين } وقول رسول الله صلى الله عليه وسلم : {
nindex.php?page=hadith&LINKID=12419إنما الأعمال بالنيات ولكل امرئ ما نوى } فصح يقينا أنه مأمور بكل غسل من هذه الأغسال ، فإذ قد صح ذلك فمن الباطل أن يجزئ عمل واحد عن عملين أو عن أكثر ، وصح يقينا أنه إن نوى أحد ما عليه من ذلك فإنما له - بشهادة رسول الله صلى الله عليه وسلم الصادقة - الذي نواه فقط وليس له ما لم ينوه ، فإن نوى بعمله ذلك غسلين فصاعدا فقد خالف ما أمر به ، لأنه مأمور بغسل تام لكل وجه من الوجوه التي ذكرنا ، فلم يفعل ذلك ، والغسل لا ينقسم ، فبطل عمله كله ، لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم {
nindex.php?page=hadith&LINKID=36820من عمل عملا ليس عليه أمرنا فهو رد } وأما
غسل الجنابة والوضوء فإنه أجزأ فيهما عمل واحد بنية واحدة لهما جميعا للنص الوارد في ذلك ، كما حدثنا
عبد الرحمن بن عبد الله بن خالد ثنا
إبراهيم بن أحمد ثنا
الفربري ثنا
nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري ثنا
عبد الله بن يوسف ثنا
nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك عن
nindex.php?page=showalam&ids=17245هشام بن عروة عن أبيه عن
nindex.php?page=showalam&ids=25عائشة زوج النبي صلى الله عليه وسلم {
nindex.php?page=hadith&LINKID=47676كان إذا اغتسل من الجنابة بدأ فغسل يديه ثم توضأ كما يتوضأ للصلاة ثم يدخل أصابعه في الماء فيخلل بها أصول شعره ثم يصب على رأسه ثلاث غرفات بيده ، ثم يفيض الماء على جلده كله } .
وهكذا رواه
nindex.php?page=showalam&ids=12156أبو معاوية nindex.php?page=showalam&ids=15743وحماد بن زيد nindex.php?page=showalam&ids=16008وسفيان بن عيينة وغيرهم عن
هشام عن أبيه عن
nindex.php?page=showalam&ids=25عائشة .
حدثنا
عبد الله بن يوسف ثنا
أحمد بن فتح ثنا
عبد الوهاب بن عيسى ثنا
nindex.php?page=showalam&ids=12282أحمد بن محمد [ ص: 291 ] ثنا
nindex.php?page=showalam&ids=12277أحمد بن علي ثنا
nindex.php?page=showalam&ids=17080مسلم بن الحجاج ثنا
nindex.php?page=showalam&ids=16609علي بن حجر السعدي ثنا
nindex.php?page=showalam&ids=16753عيسى بن يونس ثنا
nindex.php?page=showalam&ids=13726الأعمش عن
nindex.php?page=showalam&ids=15957سالم بن أبي الجعد عن
nindex.php?page=showalam&ids=16845كريب عن
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس قال : حدثتني خالتي
ميمونة قالت {
nindex.php?page=hadith&LINKID=47659أدنيت لرسول الله صلى الله عليه وسلم غسله من الجنابة فغسل كفيه مرتين أو ثلاثا ، ثم أدخل يده في الإناء ، ثم أفرغ على فرجه وغسله بشماله ، ثم ضرب بشماله الأرض فدلكها دلكا شديدا ، ثم توضأ وضوءه للصلاة ، ثم أفرغ على رأسه ثلاث حفنات ملء كفيه ، ثم غسل سائر جسده ، ثم تنحى عن مقامه ذلك فغسل رجليه ، ثم أتيته بالمنديل فرده } فهذا رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يعد غسل أعضاء الوضوء في غسله للجنابة ، ونحن نشهد الله أن رسول الله صلى الله عليه وسلم ما ضيع نية كل عمل افترضه الله عليه ، فوجب ذلك في غسل الجنابة خاصة وبقيت سائر الأغسال على حكمها قال
nindex.php?page=showalam&ids=13064أبو محمد : وقال
nindex.php?page=showalam&ids=11990أبو حنيفة nindex.php?page=showalam&ids=16867ومالك nindex.php?page=showalam&ids=13790والشافعي : يجزئ غسل واحد للجنابة والحيض .
وقال بعض أصحاب
nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك : يجزئ غسل واحد للجمعة والجنابة ، وقال بعضهم : إن نوى الجنابة يجزه من الجمعة ، وإن نوى الجمعة أجزأه ، من الجنابة قال
nindex.php?page=showalam&ids=13064علي : وهذا في غاية الفساد ، لأن غسل الجمعة عندهم تطوع ، فكيف يجزئ تطوع عن فرض ؟ أم كيف تجزئ نية في فرض لم تخلص وأضيف إليها نية تطوع ؟ إن هذا لعجب قال
nindex.php?page=showalam&ids=13064علي : واحتجوا في ذلك بأن قالوا : وجدنا وضوءا واحدا وتيمما واحدا يجزئ عن جميع الأحداث الناقضة للوضوء ، وغسلا واحدا يجزئ عن جنابات كثيرة ، وغسلا واحدا يجزئ عن حيض أيام ، وطوافا واحدا يجزئ عن عمرة وحج في القرآن ، فوجب أن يكون كذلك كل ما يوجب الغسل .
قال
nindex.php?page=showalam&ids=13064أبو محمد : وهذا قياس والقياس كله باطل ، ثم لو كان حقا لكان هذا منه عين الباطل لأنه لو صح القياس لم يكن القياس لأن يجزئ غسل واحد عن غسلين
[ ص: 292 ] مأمور بهما على ما ذكروا في الوضوء : بأولى من أن يقاس حكم من عليه غسلان على من عليه يومان من - شهر رمضان ، أو رقبتان عن ظهارين ، أو كفارتان عن يمينين ، أو هديان عن متعتين ، أو صلاتا ظهر من يومين ، أو درهمان من عشرة دراهم عن مالين مختلفين ، فيلزمهم أن يجزئ في كل ذلك صيام يوم واحد ، ورقبة واحدة ، وكفارة واحدة ، وهدي واحد ، وصلاة واحدة ودرهم واحد ، وهكذا في كل شيء من الشريعة وهذا ما لا يقوله أحد ، فبطل قياسهم الفاسد .
ثم نقول لهم وبالله تعالى التوفيق : أما الوضوء فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : {
nindex.php?page=hadith&LINKID=31854لا يقبل الله صلاة من أحدث حتى يتوضأ } وسنذكره إن شاء الله تعالى بإسناده في باب الحدث في الصلاة ، فصح بهذا الخبر أن الوضوء من الحدث جملة ، فدخل في ذلك كل حدث .
وقال تعالى : {
وإن كنتم جنبا فاطهروا } فدخل في ذلك كل جنابة .
وصح أيضا عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وضوء واحد للصلاة من كل حدث سلف ، من نوم وبول وحاجة المرء وملامسة ، وإنه عليه السلام كان يطوف على نسائه بغسل واحد كما حدثنا
أحمد بن محمد بن الجسور ثنا
ابن أبي دليم ثنا
nindex.php?page=showalam&ids=13629ابن وضاح ثنا
nindex.php?page=showalam&ids=12508أبو بكر بن أبي شيبة ثنا
nindex.php?page=showalam&ids=17249هشيم ثنا
حميد الطويل عن
nindex.php?page=showalam&ids=9أنس {
nindex.php?page=hadith&LINKID=47677أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يطوف على نسائه في ليلة بغسل واحد } .
وأما - طواف واحد وسعي واحد في القران عن الحج والعمرة ، فلقول رسول الله صلى الله عليه وسلم : {
nindex.php?page=hadith&LINKID=47678طواف واحد يكفيك لحجك وعمرتك } وقوله عليه السلام : {
nindex.php?page=hadith&LINKID=18788دخلت العمرة في الحج إلى يوم القيامة } .
والعجب كله من
nindex.php?page=showalam&ids=11990أبي حنيفة إذ يجزئ عنده غسل واحد عن الحيض والجنابة والتبرد ، ولا يجزئ عنده للحج والعمرة في القران إلا طوافان وسعيان .
وهذا عكس الحقائق وإبطال السنن .
قال
nindex.php?page=showalam&ids=13064أبو محمد " وممن قال بقولنا جماعة من السلف كما روينا عن
[ ص: 293 ] nindex.php?page=showalam&ids=16349عبد الرحمن بن مهدي قال : ثنا
حبيب nindex.php?page=showalam&ids=16004وسفيان الثوري nindex.php?page=showalam&ids=16418وعبد الله بن المبارك وعبد الأعلى nindex.php?page=showalam&ids=15540وبشر بن منصور .
قال
حبيب عمرو بن هرم قال : سئل
nindex.php?page=showalam&ids=11867جابر بن زيد هو أبو الشعثاء - عن
المرأة تجامع ثم تحيض ؟ قال عليها أن تغتسل - يعني للجنابة - وقال
سفيان عن
nindex.php?page=showalam&ids=15124ليث والمغيرة بن مقسم nindex.php?page=showalam&ids=17240وهشام بن حسان .
قال
nindex.php?page=showalam&ids=15124ليث : عن
nindex.php?page=showalam&ids=16248طاوس ، وقال
المغيرة عن
nindex.php?page=showalam&ids=12354إبراهيم النخعي . وقال
هشام عن
الحسن . قالوا كلهم في المرأة تجنب ثم تحيض أنها تغتسل - يعنون للجنابة - وقال
nindex.php?page=showalam&ids=16418ابن المبارك عن
الحجاج عن
nindex.php?page=showalam&ids=17188ميمون بن مهران nindex.php?page=showalam&ids=16709وعمرو بن شعيب في المرأة تكون جنبا ثم تحيض ، قالا جميعا : تغتسل ، يعنيان للجنابة ، قال وسألت عنها
الحكم بن عتيبة قال : تصب عليها الماء ، غسلة دون غسلة وقال
عبد الأعلى ثنا
nindex.php?page=showalam&ids=17124معمر nindex.php?page=showalam&ids=17419ويونس بن عبيد وسعيد بن أبي عمرويه ، قال
nindex.php?page=showalam&ids=17124معمر عن
الزهري ، وقال
nindex.php?page=showalam&ids=17419يونس عن
الحسن وقال
سعيد عن
nindex.php?page=showalam&ids=16815قتادة قالوا كلهم في المرأة تجامع ثم تحيض ، أنها تغتسل لجنابتها ، وقال
nindex.php?page=showalam&ids=15540بشر بن منصور عن
nindex.php?page=showalam&ids=16484ابن جريج عن
nindex.php?page=showalam&ids=16568عطاء بن أبي رباح في المرأة تجامع ثم تحيض أنها تغتسل ، فإن أخرت فغسلان عند طهرها .
فهؤلاء
nindex.php?page=showalam&ids=11867جابر بن زيد والحسن nindex.php?page=showalam&ids=16815وقتادة nindex.php?page=showalam&ids=12354وإبراهيم النخعي والحكم nindex.php?page=showalam&ids=16248وطاوس nindex.php?page=showalam&ids=16568وعطاء nindex.php?page=showalam&ids=16709وعمرو بن شعيب والزهري nindex.php?page=showalam&ids=17188وميمون بن مهران ، وهو قول
nindex.php?page=showalam&ids=15858داود وأصحابنا .