فإن
خيرها قبل أن يدخل بها ؟ فهي إن اختارت نفسها طلقة واحدة فقط - فلو قالت التي لم يدخل بها : قد اخترت نفسي بثلاث طلقات ؟ فقال هو : لم أرد إلا واحدة ، فهي واحدة .
وقال : فلو
قالت المدخول بها : قد قبلت أمري ؟ لم يكن طلاقا إلا أن تقول هي : أردت الطلاق فيكون ثلاثا ولا بد ، لا أقل من ذلك .
فلو
قالت له : قد خليت سبيلك ، فهي ثلاث ولا بد .
واختلف قوله في
المخيرة تقوم من مجلس التخيير قبل أن تختار ؟ فمرة قال : بطل خيارها بخلاف التمليك ، ثم رجع فقال : بل لها الخيار حتى توقف فتختار أو تترك ، فلو وطئها مكرهة لم يبطل خيارها ، فلو وطئها طائعة بطل خيارها .
قال
nindex.php?page=showalam&ids=13064أبو محمد : ذكر هذه الأقوال يغني عن تكلف الرد عليها ، لشدة
[ ص: 300 ] اختلاطها - وبالجملة فلم يقل أحد قبله بهذه التقسيمات ، وإنما تعلق بقول من أحد أقوال ثلاثة رويت عن
nindex.php?page=showalam&ids=47زيد في إن اختارت نفسها ، فهي ثلاث فقط ، وخالفه في ذلك القول نفسه في الفرق بين المدخول بها وغير المدخول بها ، وفي تسوية
nindex.php?page=showalam&ids=47زيد بين التخيير والتمليك - فبطل تعلقه
بزيد .
وقد خالف هذا القول قول
nindex.php?page=showalam&ids=47لزيد آخر ، وقول
nindex.php?page=showalam&ids=2لعمر ، وقول
nindex.php?page=showalam&ids=8لعلي - وكل هذه الأقوال لا حجة في تصحيحها ، من قرآن ، ولا سنة ، ولا معقول ، ولا قول متقدم لم يخالفه فيه من هو مثله ، ولا قياس ، ولا رأي له وجه يعقل .
واحتج من رأى أن التخيير له تأثير في الطلاق بأن {
nindex.php?page=hadith&LINKID=51407رسول الله صلى الله عليه وسلم خير نساءه ؟ } قال
nindex.php?page=showalam&ids=13064أبو محمد : أما المالكيون فلا متعلق لهم بذلك أصلا ، لأنهم يقولون : لا يكون التخيير إلا في البقاء ، أو في الطلاق الثلاث .
ويقولون : إن
طلاق الثلاث بدعة ومعصية ، فكيف يجوز - عندهم - أن يخير رسول الله صلى الله عليه وسلم في إنفاذ معصية ، حاشا لله من هذا .
وقال بعضهم : إنما خيرهن بين الدنيا والآخرة ؟ فقلنا : قد بطل تعلقكم في أن للتخيير تأثيرا في الطلاق {
بتخييره صلى الله عليه وسلم نساءه } إذ لم يخبرهن تخييرا عندكم يكن به إن اخترن الطلاق طوالق ، وأما غيرهم فنقول لهم : الآية نفسها تبطل دعواكم لأن نصها : {
إن كنتن تردن الحياة الدنيا وزينتها فتعالين أمتعكن وأسرحكن سراحا جميلا } .
فإنما نص الله تعالى أنه عليه الصلاة والسلام إن أردن الدنيا ، ولم يردن الآخرة : طلقهن حينئذ من قبل نفسه مختارا للطلاق ، لا أنهن طوالق بنفس اختيارهن الدنيا - ومن ادعى غير هذا فقد حرف كلام الله عز وجل وأقحم في حكم الآية كذبا محضا ليس فيها منه نص ولا دليل .
وموه بعضهم بأخبار موضوعة - : منها - ما رويناه من طريق
nindex.php?page=showalam&ids=16472ابن وهب عن
عبد الجبار بن عمر ،
ويحيى بن عبد الله ، كلاهما عن
ربيعة : {
أن واحدة من نساء النبي صلى الله عليه وسلم اختارت نفسها فكانت ألبتة } ،
وعبد الجبار بن عمر ،
ويحيى بن عبد الله - هالكان - ثم هو مرسل .
[ ص: 301 ] ومن طريق
nindex.php?page=showalam&ids=16472ابن وهب عن
عبد الجبار بن عمر عن
الزهري : أن النبي صلى الله عليه وسلم إذ خير نساءه ؟ تخيرت امرأة منهن نفسها فذهبت -
وعبد الجبار قد بينا أمره - وهو مرسل أيضا .
ومن طريق
nindex.php?page=showalam&ids=16472ابن وهب عن
nindex.php?page=showalam&ids=16457ابن لهيعة عن
nindex.php?page=showalam&ids=17346يزيد بن أبي حبيب عن
nindex.php?page=showalam&ids=16709عمرو بن شعيب بنحو ذلك ، قال : وهي بنت
الضحاك العامري - ابن لهيعة لا شيء - ومرسل أيضا ، وما تزوج عليه الصلاة والسلام قط بنت
الضحاك العامري - ويوضح كذب هذه الفضائح الخبر الثابت الذي رويناه من طرق : منها - من طريق
nindex.php?page=showalam&ids=17080مسلم حدثني
حرملة بن يحيى نا
nindex.php?page=showalam&ids=16472ابن وهب حدثني
nindex.php?page=showalam&ids=17423يونس بن يزيد عن
ابن شهاب : أخبرني
nindex.php?page=showalam&ids=12031أبو سلمة بن عبد الرحمن بن عوف : أن
عائشة قالت ، فذكرت نزول آية التخيير ، {
nindex.php?page=hadith&LINKID=51410وأن رسول الله صلى الله عليه وسلم تلاها عليها } ؟ فقالت : إني أريد الله ورسوله والدار الآخرة ، قالت : ثم فعل أزواج النبي صلى الله عليه وسلم مثل ما فعلت .
ومن طريق
nindex.php?page=showalam&ids=17080مسلم نا
nindex.php?page=showalam&ids=15106إسحاق بن منصور نا
nindex.php?page=showalam&ids=16349عبد الرحمن - هو ابن مهدي - عن
nindex.php?page=showalam&ids=16004سفيان الثوري عن
عاصم الأحول ،
nindex.php?page=showalam&ids=12428وإسماعيل بن أبي خالد عن
الشعبي عن
nindex.php?page=showalam&ids=17073مسروق عن
عائشة أم المؤمنين ، قالت {
nindex.php?page=hadith&LINKID=51411 : خيرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم فاخترناه ، فلم يعده طلاقا } .
قال
nindex.php?page=showalam&ids=13064أبو محمد : قد تقصينا كل هذه الآثار ، وأرينا عظيم كذب من ادعى الإجماع في شيء من ذلك ، ووقفنا على أنه ليس في التخيير شيء إلا عن
nindex.php?page=showalam&ids=2عمر ،
nindex.php?page=showalam&ids=8وعلي ،
nindex.php?page=showalam&ids=47وزيد : أقوال خالف فيها كل واحد منهم صاحبه وأثر لا يصح عن
nindex.php?page=showalam&ids=10ابن مسعود ، وآثار ساقطة عن
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس ، والثابت عنه كقولنا : أنه لا معنى للتخيير أصلا ، وأنه ليس في التمليك إلا أقوال مختلفة عن
nindex.php?page=showalam&ids=47زيد ،
nindex.php?page=showalam&ids=12وابن عمر فقط ، لا ثالث لهما من الصحابة - رضي الله عنهم - إلا قولا ذكر عن
فضالة بن عبيد فيه : أن القضاء ما قضت .
وأثران : من طريق
nindex.php?page=showalam&ids=7عثمان ،
nindex.php?page=showalam&ids=11وابن عباس ، موافقان لقولنا ، وأنه ليس " في أمرك بيدك " إلا أقوال مختلفة عن
nindex.php?page=showalam&ids=2عمر ،
nindex.php?page=showalam&ids=8وعلي ،
nindex.php?page=showalam&ids=47وزيد ،
nindex.php?page=showalam&ids=7وعثمان nindex.php?page=showalam&ids=12وابن عمر ،
nindex.php?page=showalam&ids=13وابن عمرو ،
nindex.php?page=showalam&ids=3وأبي هريرة ،
nindex.php?page=showalam&ids=10وابن مسعود ،
nindex.php?page=showalam&ids=14وابن الزبير ، ورجال لم يسموا من الصحابة رضي الله عنهم .
وفي بعض هذه قول عن
nindex.php?page=showalam&ids=36جابر بن عبد الله لم يوافق
nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك أحدا منهم ، إلا رواية عن
nindex.php?page=showalam&ids=12ابن عمر صحت عنه في المناكرة فقط - ومثلها عن
nindex.php?page=showalam&ids=2عمر - لم تصح عنه - ولم يوافق
nindex.php?page=showalam&ids=11990أبو حنيفة منهم أحدا .
ووافقنا نحن قولا روي عن
nindex.php?page=showalam&ids=10ابن مسعود ،
nindex.php?page=showalam&ids=2وعمر .
[ ص: 302 ] قال
nindex.php?page=showalam&ids=13064أبو محمد : لا حجة في أحد دون رسول الله صلى الله عليه وسلم وإذ لم يأت في القرآن ، ولا عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أن قول الرجل لامرأته : " أمرك بيدك ، أو قد ملكتك أمرك ، أو اختاري " يوجب أن تكون طالقا ، أو أن لها أن تطلق نفسها ، أو أن تختار طلاقا ، فلا يجوز أن يحرم على الرجل فرج أباحه الله تعالى له ورسوله صلى الله عليه وسلم بأقوال لم يوجبها الله تعالى ولا رسوله صلى الله عليه وسلم وهذا في غاية البيان - والحمد لله رب العالمين