[ ص: 345 ] نكاح الأمة 1942 - مسألة : وإذا كانت
مملوكة لها زوج عبد أو حر - ولو أنه قرشي - فأعتقت في واجب ، أو تطوع ، أو بتمام أداء مكاتبتها ، أو بأي وجه عتقت ، فإنها تخير ، فإن اختارت فراقه فلها ذلك ، وإن اختارت أن تقر عنده فلها ذلك ، وقد بطل خيارها ، وعليها العدة في اختيارها فراقه كعدة الطلاق - وليس في شيء من وجوه الفسخ عدة أصلا إلا في هذا المكان - وعدة الوفاة في موت الزوج فقط ، فإن أرادا جميعا أن يتناكحا لم يجز إلا برضاهما ، وبإشهاد ، وصداق ، وولي ، وله ذلك في عدتها ، وليس ذلك لغيره حتى تتم عدتها ، ولا يسقط خيارها إذا أعتقت طول بقائها معه ولا وطؤه لها برضاها ، أو بغير رضاها ، ولا علمها بأن الخيار لها فإذا أوقفت فلا بد لها من أن تختار فراقه أو البقاء معه ولا تترك تتأنى في ذلك أصلا .
برهان ذلك : {
nindex.php?page=hadith&LINKID=51421فعل رسول الله صلى الله عليه وسلم في تخييره بريرة إذ أعتقتها عائشة أم المؤمنين رضي الله عنها } .
وفي سائر ما ذكرنا خلاف - : قال قوم : إنها تخير تحت العبد ، ولا تخير تحت الحر .
وروينا من طريق
nindex.php?page=showalam&ids=16360عبد الرزاق عن
nindex.php?page=showalam&ids=16004سفيان الثوري عن
nindex.php?page=showalam&ids=16524عبيد الله بن عمر عن
nindex.php?page=showalam&ids=17191نافع عن
nindex.php?page=showalam&ids=12ابن عمر قال : إن أعتقت تحت حر فلا خيار لها .
وصح عن
الحسن ،
والزهري ،
nindex.php?page=showalam&ids=12134وأبي قلابة ،
nindex.php?page=showalam&ids=16568وعطاء ،
وصفية بنت أبي عبيد ،
nindex.php?page=showalam&ids=16561وعروة بن الزبير ،
[ ص: 346 ] وينسب قوم ذلك إلى
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس - ولا نعلم هذا عنه - وهو قول
nindex.php?page=showalam&ids=16330ابن أبي ليلى ،
والأوزاعي ،
nindex.php?page=showalam&ids=16867ومالك ،
nindex.php?page=showalam&ids=15124والليث ،
nindex.php?page=showalam&ids=13790والشافعي nindex.php?page=showalam&ids=11956وأبي ثور ،
nindex.php?page=showalam&ids=12251وأحمد بن حنبل ،
nindex.php?page=showalam&ids=12418وإسحاق بن راهويه ،
nindex.php?page=showalam&ids=15858وأبي سليمان ، وجميع أصحابهم .
وقالت طائفة كقولنا - كما روينا من طريق
أبي داود نا
nindex.php?page=showalam&ids=17014محمد بن كثير نا
سفيان الثوري عن
nindex.php?page=showalam&ids=17152منصور بن المعتمر عن
إبراهيم النخعي عن
الأسود بن يزيد عن
عائشة أم المؤمنين قالت " إن زوج
بريرة كان حرا حين أعتقت وخيرت ؟ فقالت : ما أحب أن أكون معه وأن لي كذا وكذا " .
ومن طريق
أحمد بن شعيب نا
عمرو بن علي نا
nindex.php?page=showalam&ids=16503الثقفي - هو عبد الوهاب بن عبد المجيد - نا
nindex.php?page=showalam&ids=16524عبيد الله بن عمر - مذ ستين سنة - عن
يزيد بن رومان عن
nindex.php?page=showalam&ids=16561عروة بن الزبير عن
بريرة أنها قالت : كانت في ثلاث سنين - فذكرت الحديث - وفيه : {
nindex.php?page=hadith&LINKID=51422فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم nindex.php?page=showalam&ids=25لعائشة اشتريها واشترطي لهم الولاء فإنما الولاء لمن أعتق } فأعتقتني فكان لي الخيار .
قال
nindex.php?page=showalam&ids=13064أبو محمد : فعمت
بريرة ولم تخص تحت عبد من حر .
ومن طريق
nindex.php?page=showalam&ids=16000سعيد بن منصور نا
nindex.php?page=showalam&ids=17249هشيم نا
nindex.php?page=showalam&ids=12526ابن أبي ليلى عن
nindex.php?page=showalam&ids=17191نافع عن
nindex.php?page=showalam&ids=12ابن عمر أنه كان يجعل لها الخيار على الحر - وبه يقول
هشيم .
ومن طريق
الحجاج بن المنهال : نا
nindex.php?page=showalam&ids=17360يزيد بن زريع نا
خالد الحذاء عن
nindex.php?page=showalam&ids=12134أبي قلابة قال : قال
nindex.php?page=showalam&ids=2عمر بن الخطاب " إذا أعتقت الأمة فلها الخيار ما لم يطأها زوجها " فعم
nindex.php?page=showalam&ids=2عمر ولم يخص عبدا من حر .
ومن طريق
nindex.php?page=showalam&ids=15744حماد بن سلمة عن
nindex.php?page=showalam&ids=15741حماد بن أبي سليمان عن
nindex.php?page=showalam&ids=12354إبراهيم النخعي أنه قال في الأمة تعتق تحت زوج : فهي عليه بالخيار - حرا كان أو عبدا - ولو أنه
nindex.php?page=showalam&ids=17243هشام بن عبد الملك .
ومن طريق
nindex.php?page=showalam&ids=16360عبد الرزاق عن
nindex.php?page=showalam&ids=16008سفيان بن عيينة عن
nindex.php?page=showalam&ids=16446عبد الله بن طاوس عن أبيه في الأمة تعتق تحت زوج أنها تخير ولو كانت تحت قرشي .
ومن طريق
nindex.php?page=showalam&ids=16360عبد الرزاق عن
nindex.php?page=showalam&ids=17124معمر عن
nindex.php?page=showalam&ids=16274عاصم عن
الشعبي قال " إذا أعتقت تحت حر فلها الخيار " .
[ ص: 347 ] ومن طريق
nindex.php?page=showalam&ids=17124معمر عن
nindex.php?page=showalam&ids=12341أيوب السختياني عن
nindex.php?page=showalam&ids=16972ابن سيرين إذا أعتقت عند حر فلها الخيار
ومن طريق
nindex.php?page=showalam&ids=16360عبد الرزاق عن
nindex.php?page=showalam&ids=12402إبراهيم بن يزيد عن
عمرو بن دينار عن
nindex.php?page=showalam&ids=15990سعيد بن المسيب قال : كان زوج
بريرة حرا .
ومن طريق
nindex.php?page=showalam&ids=16360عبد الرزاق عن
nindex.php?page=showalam&ids=13036ابن جريج عن
حسين بن مسلم قال : إذا أعتقت عند حر فلها الخيار .
قال
nindex.php?page=showalam&ids=13064أبو محمد : واحتج من لم يوجب لها الخيار إلا تحت العبد - : بما روينا من طريق
nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري نا
nindex.php?page=showalam&ids=16818قتيبة بن سعيد نا
nindex.php?page=showalam&ids=16503عبد الوهاب بن عبد المجيد الثقفي عن
nindex.php?page=showalam&ids=12341أيوب السختياني عن
عكرمة عن
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس قال : كان زوج
بريرة أسود يقال له
مغيث عبدا لبني فلان كأني أنظر إليه - وذكر باقي الخبر - : نا
يوسف بن عبد الله النمري نا
nindex.php?page=showalam&ids=16502عبد الوارث بن سفيان نا
nindex.php?page=showalam&ids=16802قاسم بن أصبغ نا
محمد بن وضاح نا
nindex.php?page=showalam&ids=17406يوسف بن عدي نا
nindex.php?page=showalam&ids=16513عبدة بن سليمان عن
سعيد بن أبي عروبة عن
nindex.php?page=showalam&ids=12341أيوب السختياني ،
nindex.php?page=showalam&ids=16815وقتادة ، كلاهما عن
عكرمة عن
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس : أن زوج
بريرة كان عبدا حين أعتقت .
ومن طريق
أبي داود نا
nindex.php?page=showalam&ids=16544عثمان بن أبي شيبة نا
جرير عن
nindex.php?page=showalam&ids=17245هشام بن عروة عن أبيه عن
عائشة أم المؤمنين في قصة
بريرة - وكان زوجها عبدا {
nindex.php?page=hadith&LINKID=51423فخيرها رسول الله صلى الله عليه وسلم فاختارت نفسها } ولو كان حرا لم يخيرها .
ومن طريق
أحمد بن شعيب نا
إسحاق بن إبراهيم - هو ابن راهويه - نا
المغيرة بن سلمة نا
وهيب عن
nindex.php?page=showalam&ids=16524عبيد الله بن عمر عن
يزيد بن رومان عن
عروة عن
عائشة أم المؤمنين قالت " كان زوج
بريرة عبدا " .
ومن طريق
أحمد بن شعيب نا
إسحاق بن إبراهيم - هو ابن راهويه - نا
nindex.php?page=showalam&ids=15748حماد بن مسعدة نا
ابن موهب عن
nindex.php?page=showalam&ids=14946القاسم بن محمد ، قال : كان
لعائشة أم المؤمنين غلام وجارية ، قالت : فأردت أن أعتقهما ، فذكرت ذلك لرسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : {
nindex.php?page=hadith&LINKID=51424ابتدي بالغلام قبل الجارية } .
[ ص: 348 ] ومن طريق
أحمد بن شعيب أنا
أحمد بن عبد الواحد نا
مروان نا
nindex.php?page=showalam&ids=15124الليث نا
nindex.php?page=showalam&ids=16519عبيد الله بن أبي جعفر عن
الحسن بن عمرو بن أمية الضمري أنه حدثه : أن رجالا من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم حدثوه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : {
أيما أمة كانت تحت عبد فعتقت فهي بالخيار ما لم يطأها زوجها } .
وقالوا : من طريق النظر : كل عقد نكاح صحيح فلا يجوز فسخه إلا بيقين .
وقال أصحاب القياس منهم : إنما جعل لها الخيار لفضل الحرية على الرق فإذا ساواها فلا خيار لها - هذا كل ما احتجوا به ؟ قال
nindex.php?page=showalam&ids=13064أبو محمد : وكل هذا لا حجة لهم فيه - : أما الآثار - بأنه كان عبدا ، فقد اختلف في ذلك عن
عائشة أم المؤمنين - رضي الله عنها - كما أوردنا - وإنما روى هذا الخبر عنها ثلاثة
الأسود ،
وعروة ،
والقاسم - : فأما
الأسود - فلم يختلف عنه عن أم المؤمنين أنه كان حرا .
وأما
عروة - فروي عنه - كما أوردنا - أنه كان عبدا - وقد روي عنه أيضا خلاف ذلك - : نا
أحمد بن قاسم نا
أبي قاسم بن محمد بن قاسم نا جدي
nindex.php?page=showalam&ids=16802قاسم بن أصبغ نا
أحمد بن يزيد المعلم نا
nindex.php?page=showalam&ids=17180موسى بن معاوية نا
جرير عن
nindex.php?page=showalam&ids=17245هشام بن عروة عن أبيه عن
عائشة أم المؤمنين ، قالت : كان زوج
بريرة حرا - فتعارضت الرواية عن
nindex.php?page=showalam&ids=17245هشام بن عروة عن أبيه عن
عائشة أم المؤمنين .
وأما
nindex.php?page=showalam&ids=14946القاسم بن محمد فروينا من طريق
أحمد بن شعيب أخبرني
محمد بن إسماعيل بن علية نا
nindex.php?page=showalam&ids=17296يحيى بن أبي بكير نا
nindex.php?page=showalam&ids=16102شعبة عن
nindex.php?page=showalam&ids=16337عبد الرحمن بن القاسم بن محمد عن أبيه عن
عائشة ، فذكرت أن زوج
بريرة كان عبدا - ثم قال
عبد الرحمن بعد ذلك : ما أدري فاضطربت الرواية عن أم المؤمنين وبقيت رواية
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس : أنه كان عبدا حين أعتقت - وقد عارضتها الرواية عن أم المؤمنين أنه كان حرا حين أعتقت ؟ فتركنا الكلام في ذلك حتى نتكلم في - : حديث
عبيد الله بن أبي جعفر .
وحديث
ابن موهب عن
nindex.php?page=showalam&ids=14946القاسم بن محمد - إن شاء الله عز وجل ؟
[ ص: 349 ] قال
nindex.php?page=showalam&ids=13064أبو محمد : أما الخبر الذي فيه : {
أيما أمة كانت تحت عبد فعتقت ، فهي بالخيار ما لم يطأها زوجها } - فإنما هو من طريق
حسن بن عمرو بن أمية - وهو مجهول - لا يعرف - فسقط التعلق به .
ثم لو صح لما كان فيه حجة أن لا تخير تحت حر ، إنما فيه حكم عتقها تحت العبد فقط ، وسكت فيه عن عتقها تحت الحر - فإن صح في خبر آخر ما يوجب عتقها تحت الحر وجب المصير إليه .
وأما حديث
ابن موهب عن
nindex.php?page=showalam&ids=14946القاسم بن محمد عن
عائشة : أنه كان لها عبد وجارية فأمرها رسول الله صلى الله عليه وسلم أن تبدأ في العتق بالغلام قبل الجارية - فإنه خبر لا يصح - : روينا عن
nindex.php?page=showalam&ids=14798العقيلي أنه قال وقد ذكر هذا الخبر فقال : هذا خبر لا يعرف إلا
لعبيد الله بن عبد الرحمن بن موهب - وهو ضعيف - فسقط التعلق به - : قال
nindex.php?page=showalam&ids=13064أبو محمد : ثم لو صح لما كان فيه حجة ، لأنه ليس فيه : أنهما كانا زوجين ؟ فإقحام القول بالدعوى كذب .
ثم لو صح أنهما كانا زوجين ، فليس فيه : أنه عليه الصلاة والسلام أمر بذلك ليسقط خيار الزوجة ؟ وإقحام هذا في ذلك الخبر كذبة بائنة - هذا عظيم لا يستجيزه من يهاب الكذب ، لا سيما على رسول الله صلى الله عليه وسلم فإنه يوجب النار .
وقد يمكن - لو صح الخبر - أن يكون أمرها أن تبدأ بعتق العبد ، لقول الله عز وجل {
وللرجال عليهن درجة }
لقوله تعالى حاكيا عن
أم مريم {
وليس الذكر كالأنثى }
وللخبر الذي رويناه - من طريق
أبي داود عن
حفص بن عمر عن
nindex.php?page=showalam&ids=16102شعبة عن
nindex.php?page=showalam&ids=16718عمرو بن مرة عن
nindex.php?page=showalam&ids=15957سالم بن أبي الجعد عن
شرحبيل بن السمط أنه قال
لكعب بن مرة أو مرة بن كعب : حدثنا حديثا سمعته من رسول الله صلى الله عليه وسلم فذكر كلاما ، وفيه {
nindex.php?page=hadith&LINKID=51425أيما امرئ أعتق مسلما وأيما امرأة أعتقت امرأة وأيما رجل أعتق امرأتين مسلمتين إلا كانت فكاكه من النار يجزي بكل عظم منها عظما من عظامه } فالأجر في عتق الذكر مضاعف - فسقط هذا الخبر جملة .
[ ص: 350 ]
ونحن نوقن - بلا شك - أنه عليه الصلاة والسلام لا يتحيل في إسقاط حق أوجبه ربه تعالى للمعتقة - فبطل تعلقهم به بيقين لا إشكال فيه .
وأما قولهم : لا يحل فسخ عقد نكاح صحيح إلا بيقين - فصدقوا ، ولولا اليقين ما قلنا به ، وأما قول أصحاب القياس : إنما جعل لها الخيار تحت العبد لفضل الحرية على الرق - فهذه دعوى كاذبة ، لا يجدونها أبدا عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ونعوذ بالله من الإقدام على أن ننسب إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم إلى الله تعالى أنه إنما فعل أمر كذا من أجل أمر كذا ، مما لم يخبر الله تعالى به ولا رسوله صلى الله عليه وآله وسلم ألا إن هذا لهو الكذب على الله تعالى ، وعلى رسوله صلى الله عليه وآله وسلم بلا شك ونسأل الله العافية ؟
قال
nindex.php?page=showalam&ids=13064أبو محمد : فلم يبق إلا تعارض الرواية عن
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس : كان زوج
بريرة عبدا إذ أعتقت ، للرواية عن أم المؤمنين " كان زوج
بريرة حرا إذ أعتقت " .
وكلا الروايتين صحيحة ، لا سيما رواية
الأسود عن
عائشة أم المؤمنين ، وتعارض الرواية عن
عروة في ذلك ، وكل ذلك معارض لرواية
القاسم ، فوجدنا كل ذلك متفقا لا تكاذب فيه ، وما دام يمكن تأليف روايات الثقات فلا يحل أن ينسب الكذب إلى بعضهم ، أو الوهم .
فاعلموا أن من قال : كان عبدا ، ومن قال : كان حرا ، يصح على أنه كان عبدا قبل ثم أعتق ، فصار حرا ، إلا أنه لا يخرج هذا في الرواية عن
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس : أنه كان عبدا حين أعتقت ، لكنه يخرج على أنه كان يدريه عبدا ، أو لم يعلم بحريته .
وروت
عائشة - رضي الله عنها - ما كان في علمها من الزيادة أنه كان حرا حين أعتقت - وليس في رواية
nindex.php?page=showalam&ids=16544عثمان بن أبي شيبة : ولو كان حرا ما خيرها : أنه من كلام أم المؤمنين ، وقد يمكن أن يكون من قول من دونها - فإذ ذلك كذلك فلا يجوز أن ينسب إليها قول بظن ؟
ولا يختلف مالكي ، ولا شافعي ، ولا حنبلي ، ولا ظاهري ، في أن عدلين لو شهدا بأن هذا نعرفه عبدا مملوكا ، وشهد عدلان آخران : أننا ندريه حرا ، فإن الحكم يجب بقول من شهد الحرية ، لأنه شهد بفضل علم كان عنده .
[ ص: 351 ] ثم ندع هذا كله ، فنقول : هبكم أنه لم يرو أحد أنه كان حرا ، بل لم يختلف الرواة في أنه كان عبدا حين أعتقت ؟ هل جاء قط في شيء من الأخبار الثابتة أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال : إنما خيرتها ; لأنها تحت عبد ، ولو كان زوجها حرا ما خيرتها - هذا أمر لا يجدونه أبدا عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم لا في رواية صحيحة ولا سقيمة ، فإذ لا سبيل إلى وجود هذا أبدا فقد صح أنه عليه الصلاة والسلام لما أعتقت
بريرة خيرها في البقاء مع زوجها أو فراقه ، فهذا - لا شك فيه ، فلا يجوز تعديه ، ولا زيادة حكم فيه .
ولا فرق بين من ادعى أنه عليه الصلاة والسلام إنما خيرها ; لأنه كان عبدا ، وبين آخر ادعى أنه لم يخيرها إلا لأنه كان أسود ، وبين ثالث ادعى أن تخييرها إنما كان ، لأن اسمه
مغيث .
وكل هذه ظنون كاذبة لا يحل القول بها ، ولا الحكم بها ، وإنما الحق أن المعتقة خيرها رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بين فراق زوجها ، والبقاء معه ولا مزيد ، فواجب أن تخير كل معتقة ولا مزيد - وبالله تعالى التوفيق .
ومما اختلف فيه - :
هل ينقطع خيارها بوطء زوجها لها أم لا ؟ فروينا من طريق
nindex.php?page=showalam&ids=15744حماد بن سلمة عن
خالد الحذاء عن
nindex.php?page=showalam&ids=12134أبي قلابة أن
nindex.php?page=showalam&ids=2عمر بن الخطاب قال في أمر
بريرة : إن غشيها زوجها فلا خيار لها - وهذا منقطع .
ومن طريق
nindex.php?page=showalam&ids=15744حماد بن سلمة عن
nindex.php?page=showalam&ids=16815قتادة عن
nindex.php?page=showalam&ids=16049سليمان بن يسار قال : أعتقت
حفصة أم المؤمنين جارية يقال لها "
زبراء " ثم قالت لها : اعلمي أنه إن وطئك فلا خيار لك - وبه كان يقول
nindex.php?page=showalam&ids=16049سليمان بن يسار - وصح عن
nindex.php?page=showalam&ids=16815قتادة ،
والزهري ،
nindex.php?page=showalam&ids=17191ونافع مولى ابن عمر .
وذهب آخرون - إلى أنها إن وطئها - وهي لا تعلم أن لها الخيار : لم يسقط بذلك خيارها ، وإن علمت فقد سقط خيارها - : روينا من طريق
nindex.php?page=showalam&ids=16360عبد الرزاق عن
nindex.php?page=showalam&ids=16004سفيان الثوري عن
خالد الحذاء عن
nindex.php?page=showalam&ids=12134أبي قلابة أن
nindex.php?page=showalam&ids=2عمر بن الخطاب قال : إذا جامعها بعد أن تعلم أن لها الخيار ، فلا خيار لها - وهذا منقطع .
[ ص: 352 ]
ومن طريق
nindex.php?page=showalam&ids=16360عبد الرزاق عن
nindex.php?page=showalam&ids=13036ابن جريج : أخبرت عن
nindex.php?page=showalam&ids=4891عبد الله بن عامر بن ربيعة أن
nindex.php?page=showalam&ids=12ابن عمر قال : إن أصابها - وقد عرفت فليس لها خيار ، وإن أصابها - ولم تعرف - فإن لها الخيار إذا علمت ، وإن أصابها ألف مرة حتى يشهد العدول : أنها قد علمت : أن لها الخيار - وهذا منقطع .
ومن طريق
nindex.php?page=showalam&ids=16360عبد الرزاق عن
nindex.php?page=showalam&ids=13036ابن جريج : أخبرت عن
nindex.php?page=showalam&ids=10ابن مسعود أنه قال : إن أعتقت عند عبد ولم تعلم أن لها الخيار ، أو لم تخير حتى عتق زوجها ، أو يموت أو تموت : توارثا - وهذا شديد الانقطاع .
وبه يقول
nindex.php?page=showalam&ids=15990سعيد بن المسيب .
وقول آخر ، وآخر في درجة : روينا من طريق
nindex.php?page=showalam&ids=16360عبد الرزاق عن
nindex.php?page=showalam&ids=16004سفيان الثوري قال : إذا أعتقت وزوجها معها في مجلس وهي تعلم حتى تقوم فلا خيار لها ، فإن ادعت : أنها لم تعلم استحلفت ، ثم خيرت ، قال
سفيان : وبه يقول ناس أن لها الخيار أبدا حتى يقفها الإمام فيخيرها ، بلغني هذا عنه ؟ قال
nindex.php?page=showalam&ids=13064أبو محمد : فهذا
سفيان الثوري يذكر مثل قولنا عمن معه ، أو من قبله ، وقد قال
nindex.php?page=showalam&ids=10ابن مسعود - كما أوردنا - أنها قد تبقى معه ولا تختار حتى يموت أو تموت .
وقال
nindex.php?page=showalam&ids=11990أبو حنيفة وأصحابه : لها الخيار ما لم تعلم : فإذا علمت فلا خيار لها إلا ما دامت في المجلس ، فوجدناهم يحتجون بالخبر الذي ذكرناه قبل - : من طريق
الحسن بن عمرو بن أمية - وقد بينا سقوطه .
وذكروا أيضا أثرا آخر : من طريق
أبي داود نا
عبد العزيز بن يحيى - هو أبو الأصبغ الحراني - حدثني
محمد - يعني ابن سلمة - عن
nindex.php?page=showalam&ids=16903محمد بن إسحاق عن
أبي جعفر ،
وأبان بن صالح ،
nindex.php?page=showalam&ids=17245وهشام بن عروة ، قال
أبو جعفر : إن
بريرة ، وقال
أبان عن
nindex.php?page=showalam&ids=16879مجاهد : إن
بريرة ، وقال
nindex.php?page=showalam&ids=17245هشام بن عروة عن أبيه عن
عائشة : إن
بريرة عتقت .
ثم اتفقوا كلهم : أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم {
nindex.php?page=hadith&LINKID=51426خيرها وقال لها : إن قربك فلا خيار لك } ؟ قال
nindex.php?page=showalam&ids=13064أبو محمد :
أبو الأصبغ الحراني [ ص: 353 ] ضعيف منكر الحديث قال
nindex.php?page=showalam&ids=13064أبو محمد : وقد صح أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم جعل لها الخيار ، فلا يجوز أن يسقطه وطؤه ، ولا طول مقامه معها إذ لم يصح بذلك نص ، ولا يبطل حكمه عليه الصلاة والسلام بالآراء ، ولا حجة في أحد دونه عليه الصلاة والسلام - وبالله تعالى التوفيق .
وقال قوم :
لا تخير المكاتبة إذا أعتقت .
صح عن
nindex.php?page=showalam&ids=12354إبراهيم النخعي : إن أعانها زوجها في كتابتها فلا خيار لها .
وصح عن
الحسن : لا خيار للمكاتبة إذا أعتقت .
وهو قول
nindex.php?page=showalam&ids=16568عطاء ،
nindex.php?page=showalam&ids=12134وأبي قلابة ،
والزهري .
وصح عن
nindex.php?page=showalam&ids=16972ابن سيرين ،
والشعبي .
ورويناه عن
nindex.php?page=showalam&ids=11867جابر بن زيد : أن لها الخيار .
وبه يقول
nindex.php?page=showalam&ids=11990أبو حنيفة ،
nindex.php?page=showalam&ids=16867ومالك ،
nindex.php?page=showalam&ids=13790والشافعي ،
nindex.php?page=showalam&ids=15858وأبو سليمان ، وأصحابهم - وبه نقول - وقال
سفيان الثوري : إن تزوجها بعد الكتابة فلا خيار لها ، وإن تزوجها قبل الكتابة ، أو كانت معه فلها الخيار ؟ قال
nindex.php?page=showalam&ids=13064أبو محمد : خير رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم المعتقة ، ولم يخص مكاتبة من غيرها ، فلا يجوز أن يخص معتقة من معتقة .
ومما اختلفوا فيه : هل
اختيارها فراق زوجها فسخ أو طلاق ؟ فصح عن
nindex.php?page=showalam&ids=16815قتادة أنها واحدة بائنة - ورويناه عن
nindex.php?page=showalam&ids=16673عمر بن عبد العزيز .
وهو قول
nindex.php?page=showalam&ids=11990أبي حنيفة ،
nindex.php?page=showalam&ids=16867ومالك ، وأصحابهما ، وعن
nindex.php?page=showalam&ids=16568عطاء أنها طلقة واحدة - وصح أنه فسخ لا طلاق - عن
nindex.php?page=showalam&ids=15741حماد بن أبي سليمان ،
nindex.php?page=showalam&ids=12354وإبراهيم النخعي .
ورويناه عن
nindex.php?page=showalam&ids=16248طاوس ، وهو قول
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي ،
nindex.php?page=showalam&ids=12251وأحمد بن حنبل ،
nindex.php?page=showalam&ids=12418وإسحاق بن راهويه ،
nindex.php?page=showalam&ids=15858وأبي سليمان ، وأصحابهم ؟ قال
nindex.php?page=showalam&ids=13064أبو محمد : التسمية في الشريعة ليست إلا لرسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ولم يسم رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قط فراق المعتقة لزوجها طلاقا ، ولا جعل له من أحكام الطلاق غير العدة وحدها ، فلا يحل تسميته طلاقا - قال تعالى : {
إن [ ص: 354 ] هي إلا أسماء سميتموها أنتم وآباؤكم ما أنزل الله بها من سلطان إن يتبعون إلا الظن وما تهوى الأنفس ولقد جاءهم من ربهم الهدى }
فصح أنه ليس طلاقا ، لكنه فراق ، أو فسخ ، أو نقض نكاح - وكل اسم يعبر به عن بطلان عصمة النكاح فقط - وبالله تعالى التوفيق .
ومما اختلفوا فيه - إن
تخيرت قبل الدخول فراقه : ماذا لها من الصداق ؟ فقال قوم : لا صداق لها - صح ذلك عن
الزهري - .
وصح عن
nindex.php?page=showalam&ids=16815قتادة : لها نصف الصداق - وقال أصحابنا : لها الصداق كله ؟ قال
nindex.php?page=showalam&ids=13064أبو محمد : إذ قد بينا أنه ليس طلاقا ، فقد بطل قول من قال : لها نصف الصداق ، لأن الله عز وجل لم يجعل لها نصف الصداق إلا في الطلاق قبل المس فقط .
ووجدناه عز وجل قال : {
وآتوا النساء صدقاتهن نحلة }
فصح أن الصداق لها فلا يسقطه شيء ، ولا شيئا منه إلا حيث أسقط الله عز وجل ، النصف في الطلاق قبل المس ، وما عدا ذلك فظلم لا شك فيه .
فإن قيل : إن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال : {
nindex.php?page=hadith&LINKID=51427هو لها بما استحللت من فرجها } .
قلنا : نعم ، وعقد نكاحها استحلال لفرجها ، ولم يقل عليه الصلاة والسلام إنه لها بوطئك لها ، فوجب أن لها جميع الصداق .
وكذلك في كل منفسخة النكاح قبل الدخول بلعان ، أو بأن تصير حريمته برضاع ، أو بأن يطأها أبوه ، أو جده ، أو ابنه بجهالة ، أو بزنى ، أو بأن تسلم هي - وهو كافر - أو بأن يسلم هو - وهي غير كتابية - أو بأن ترتد هي ، أو هو ، أو كلاهما ، أو بأن تموت هي ، أو هو - وقد اختلف في إسلامها دونه - : فأبطل قوم صداقها بذلك - وهذا عون للشيطان ، وصد عن الإسلام - وهل صداقها إلا كدين لها قبله من سائر ديونها ولا فرق .
قال
nindex.php?page=showalam&ids=13064أبو محمد : ولا متعة لها في شيء من ذلك ، لأن الله تعالى لم يجعل المتعة إلا في الطلاق فقط {
ومن يتعد حدود الله فقد ظلم نفسه }