[ ص: 414 ] مسألة : ومن
طلق امرأته ثلاثا كما ذكرنا لم يحل له زواجها إلا بعد زوج يطؤها في فرجها بنكاح صحيح في حال عقله وعقلها ولا بد - ولا يحلها له وطء في نكاح فاسد ، ولا وطء في دبر ، ولا وطؤها في نكاح صحيح - وهي في غير عقلها بإغماء أو بسكر أو بجنون ، ولا هو كذلك - فإن بقي من حسه أو من حسها - في هذه الأحوال ، أو في النوم - ما تدرك به اللذة أحلها ذلك إذا مات ذلك الزوج أو طلقها ، أو انفسخ نكاحها منه بعد صحته .
وكذلك إن كان النكاح صحيحا ثم وطئها في حال لا يحل فيه الوطء من صوم
[ ص: 415 ] فرض منه ، أو منها ، أو إحرام كذلك ، أو اعتكاف كذلك ، أو وهي حائض : فكل ذلك لا يحلها - ويحلها العبد يتزوجها ، والذمي - إن كانت هي ذمية - ولا يحلها - إن كانت أمة - : وطء سيدها لها .
برهان ذلك : قول الله عز وجل : {
فلا تحل له من بعد حتى تنكح زوجا غيره فإن طلقها فلا جناح عليهما أن يتراجعا إن ظنا أن يقيما حدود الله } ففي هذه الآية عموم كل زوج ، ولا يكون زواجا إلا من كان زواجه صحيحا .
وأما من تزوج بخلاف ما أمره الله عز وجل فليس زوجا ، ولا عد زواجا ، وفيها تحليل رجعته لها بعد طلاق الزوج .
وبقي أمر الوطء ، وأمر موت الزوج الثاني ، وانفساخ نكاحه : فوجدنا ما رويناه من طريق
nindex.php?page=showalam&ids=11998أبي داود السجستاني نا
مسدد نا
nindex.php?page=showalam&ids=12156أبو معاوية عن
nindex.php?page=showalam&ids=13726الأعمش عن
إبراهيم النخعي عن
الأسود عن
nindex.php?page=showalam&ids=25عائشة أم المؤمنين قالت : {
nindex.php?page=hadith&LINKID=51447سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن رجل طلق امرأته - تعني ثلاثا - فتزوجت غيره فطلقها قبل أن يواقعها ، أتحل لزوجها الأول ؟ قالت : فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : لا تحل للأول حتى تذوق عسيلة الآخر ويذوق عسيلتها } .
[ ص: 416 ]
ففي هذا الخبر زيادة عموم حلها له بالوطء لا بغيره ، فدخل في ذلك موته ، وانفساخ نكاحه بعد صحته ، ودخل في عموم ذوق العسيلة كل ما ذكرنا قبل - وبالله تعالى التوفيق .
وإنما قلنا " إن
وطء السيد لا يحلها لزوجها المطلق لها " لأنه ليس زوجا ، وإنما أحلها له تعالى بعد أن تنكح زوجا غيره .
وفي كثير مما ذكرنا خلاف من ذلك عن
nindex.php?page=showalam&ids=15990سعيد بن المسيب ، قال : كما روينا من طريق
nindex.php?page=showalam&ids=16000سعيد بن منصور نا
nindex.php?page=showalam&ids=17249هشيم أنا
nindex.php?page=showalam&ids=15854داود بن أبي هند عن
nindex.php?page=showalam&ids=15990سعيد بن المسيب في المطلقة ثلاثا ثم تتزوج ؟ قال
nindex.php?page=showalam&ids=15990سعيد : أما الناس فيقولون : يجامعها ، وأما أنا فإني أقول : إذا تزوجها بتزويج صحيح لا يريد بذلك إحلالا ، فلا بأس أن يتزوجها الأول .
[ ص: 417 - 419 ]
قال
nindex.php?page=showalam&ids=13064أبو محمد : كان ينبغي لمن يقول في رده حديث المسح على العمامة وحديث الخمس رضعات إن هذا زائد على القرآن فلا يجوز أن يؤخذ منه إلا ما جاء مجيء تواتر أن يقول بقول
nindex.php?page=showalam&ids=15990سعيد ههنا ، لأن خبر
nindex.php?page=showalam&ids=25عائشة في ذوق العسيلة زائد على ما في القرآن لم يأت إلا من طريق
nindex.php?page=showalam&ids=25عائشة - رضي الله عنها - التي من قبلها جاء خبر الخمس رضعات ولا فرق .
ومن طريق
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس ، وروي غير صحيح من طريق
nindex.php?page=showalam&ids=9أنس ،
nindex.php?page=showalam&ids=12وابن عمر .
وكذلك ينبغي لمن قال برد السنة الثانية في أن لا يتم بيع إلا بأن يفترقا عن موضعهما فإن مما تكثر به البلوى أن يقول بقول
nindex.php?page=showalam&ids=15990سعيد ، ويقول : هذا مما تكثر به البلوى ، فلو صح ما خفي عن
nindex.php?page=showalam&ids=15990سعيد - وجاء عن
الحسن : أنها لا تحل لزوجها الأول وإن وطئها الثاني إلا حتى ينزل فيها .
[ ص: 420 ]
ولقد ينبغي للمالكيين القائلين : إن التحريم يدخل بأرق الأسباب ، ولا يدخل التحليل إلا بأغلظ الأسباب ، أن يقول بقول
الحسن هذا - ولكن تناقضهم أكثر من ذلك .
واختلفوا في
المسلم يطلق الكتابية ثلاثا فتتزوج كتابيا ويطؤها ثم يموت ؟ فقال
الحسن البصري ،
والزهري ،
nindex.php?page=showalam&ids=16004وسفيان الثوري ،
nindex.php?page=showalam&ids=11990وأبو حنيفة ،
nindex.php?page=showalam&ids=13790والشافعي ،
nindex.php?page=showalam&ids=15858وأبو سليمان ، وأصحابهم : أنها قد حلت للأول .
وقال
nindex.php?page=showalam&ids=15885ربيعة ،
nindex.php?page=showalam&ids=16867ومالك : لا يحلها - وما نعلم لهم شغبا إلا قولهم : ليس له طلاق ؟ فقلنا : فكان ماذا ؟ أي شيء في ذلك مما يمنع من إحلالها إن مات أو انفسخ نكاحه منها .
ثم نسألهم :
إن تزوجها ووطئها ثم أسلم ولم يطأها بعد إسلامه ثم طلقها أيحلها له أم لا ؟ فإن قالوا : لا يحلها له ، بطل تعليلهم بأنه لا طلاق له ، إذ قد صح طلاقه ، وإن قالوا : بل يحلها : نقضوا قولهم في أن وطء الزوج الكتابي لا يحلها .
وأما اختلافهم في النكاح الفاسد ، فجمهور الناس على هذا ، إلا شيئا روي عن
الحكم بن عتيبة : أنه يحلها - وهذا خطأ ، لأنه ليس زوجا ، ولو كان زوجا ما حل أن يفرق بينهما بلا معنى إلا فساد عقده فقط .
وأما الاختلاف في هل يحلها وطء سيدها إن كانت أمة ؟ فروينا من طريق
الحجاج بن المنهال نا
nindex.php?page=showalam&ids=17360يزيد بن زريع نا
nindex.php?page=showalam&ids=22خالد عن
مروان الأصفر عن
أبي رافع ، قال : دخلنا على
nindex.php?page=showalam&ids=7عثمان أمير المؤمنين فسألناه عن رجل كانت تحته أمة فطلقها فبانت منه ، فخلف عليها سيدها ثم خلا عنها ، وعنده
nindex.php?page=showalam&ids=47زيد بن ثابت ، ورجل آخر من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فقالا جميعا : لا بأس به .
ومن طريق
nindex.php?page=showalam&ids=15744حماد بن سلمة عن
nindex.php?page=showalam&ids=16815قتادة عن
الحسن : أن
nindex.php?page=showalam&ids=47زيد بن ثابت ،
nindex.php?page=showalam&ids=15والزبير بن العوام كانا لا يريان بأسا بالأمة يطلقها زوجها فيتسراها سيدها ثم يتزوجها زوجها ، قالا جميعا : إذا لم يرد السيد بذلك إحلالها فليس به بأس .
[ ص: 421 ]
ومن طريق
nindex.php?page=showalam&ids=17293يحيى بن سعيد القطان عن
nindex.php?page=showalam&ids=12320أشعث بن عبد الملك الحمراني عن
الحسن البصري عن
nindex.php?page=showalam&ids=47زيد بن ثابت قال : السيد زوج .
ومن طريق
nindex.php?page=showalam&ids=16360عبد الرزاق عن
nindex.php?page=showalam&ids=13036ابن جريج عن
nindex.php?page=showalam&ids=16568عطاء عن
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس في العبد يبت الأمة أنه يحلها أن يطأها سيدها - قال
nindex.php?page=showalam&ids=16568عطاء : من كانت زوجته أمة فبتها ثم ابتاعها قبل أن تنكح غيره فحلال له وطؤها ، فإن وطئها ثم أعتقها فله أن يتزوجها ، فإن أعتقها قبل أن يطأها لم تحل له حتى تنكح زوجا غيره ؟ وهذا تقسيم لا برهان على صحته .
وروينا خلاف هذا عن غيرهم - : كما روينا من طريق
الحجاج بن المنهال نا
nindex.php?page=showalam&ids=17360يزيد بن زريع نا
خالد - هو الحذاء - عن
nindex.php?page=showalam&ids=14152الحكم بن عتيبة عن
nindex.php?page=showalam&ids=8علي بن أبي طالب قال : حتى تحل له من حيث حرمت عليه - يعني : الأمة تطلق فيطأها سيدها دون أن تتزوج زوجا آخر .
وبه إلى
خالد الحذاء عن
أبي معشر عن
nindex.php?page=showalam&ids=12354إبراهيم النخعي عن
عبيدة السلماني عن
nindex.php?page=showalam&ids=10ابن مسعود قال : لا تحل له إلا من حيث حرمت عليه - وصح عن
nindex.php?page=showalam&ids=17073مسروق أنه رجع إلى القول بعد أن أفتى بقول
nindex.php?page=showalam&ids=47زيد .
وأما هل تحل لسيدها بملك اليمين إذا اشتراها بعد أن كانت زوجته وطلقها ثلاثا ؟ فقد ذكرنا آنفا عن
nindex.php?page=showalam&ids=16568عطاء .
ومن طريق
nindex.php?page=showalam&ids=16360عبد الرزاق عن
ابن جرير قلت
nindex.php?page=showalam&ids=16568لعطاء : رجل بت أمة ثم ابتاعها ولم تنكح بعده أحدا ، أتحل له ؟ قال : نعم ، كان
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس يقوله .
ومن طريق
nindex.php?page=showalam&ids=16360عبد الرزاق عن
nindex.php?page=showalam&ids=17124معمر عن
إسماعيل بن أمية عن
ابن قسيط أن
كثيرا مولى الصلت طلقها تطليقتين ثم اشتراها فأعتقها ؟ فقال
nindex.php?page=showalam&ids=47زيد بن ثابت : لو كنت وطئتها بملك حلت لك ، ولكن لا تحل لك حتى تنكح زوجا غيرك .
ومن طريق
nindex.php?page=showalam&ids=15744حماد بن سلمة عن
زياد الأعلم عن
الحسن مثل قول
nindex.php?page=showalam&ids=47زيد nindex.php?page=showalam&ids=16568وعطاء سواء سواء - صح عن غيرهم خلاف ذلك : روينا : أنه لا تحل لسيدها بملك اليمين إذا اشتراها بعد أن طلقها ثلاثا عن
nindex.php?page=showalam&ids=7عثمان ،
nindex.php?page=showalam&ids=47وزيد بن ثابت - وصح عن
nindex.php?page=showalam&ids=36جابر بن عبد الله ، وعن
nindex.php?page=showalam&ids=8علي بن أبي طالب أنه كره
[ ص: 422 ] ذلك - وصح عن
nindex.php?page=showalam&ids=17073مسروق ،
nindex.php?page=showalam&ids=12354والنخعي ،
nindex.php?page=showalam&ids=16536وعبيدة السلماني ،
والشعبي ،
nindex.php?page=showalam&ids=15990وابن المسيب ،
nindex.php?page=showalam&ids=16049وسليمان بن يسار .
قال
nindex.php?page=showalam&ids=13064أبو محمد : ولا يحل للسيد أن يرى من عورتها شيئا إلا ما يرى من حريمته ، ولا أن يتلذذ بها ، لقول الله عز وجل : {
فلا تحل له من بعد حتى تنكح زوجا غيره } فعم تعالى ولم يخص ، بخلاف الكتابية ، والحائض ، والصائمة فرضا ، والمحرمة ، لأن هؤلاء إنما حرم نكاحهن فقط - وهو الوطء - وبالله تعالى التوفيق .