1966 - مسألة : من
قال : إذا جاء رأس الشهر فأنت طالق ، أو ذكر وقتا ما ؟ فلا تكون طالقا بذلك ، لا الآن ، ولا إذا جاء رأس الشهر .
برهان ذلك - : أنه لم يأت قرآن ولا سنة بوقوع الطلاق بذلك ، وقد علمنا الله الطلاق على المدخول بها ، وفي غير المدخول بها ، وليس هذا فيما علمنا {
ومن يتعد حدود الله فقد ظلم نفسه } .
وأيضا - فإن كان كل طلاق لا يقع حين إيقاعه فمن المحال أن يقع بعد ذلك في حين لم يوقعه فيه - وقد اختلف الناس في هذا - : فقالت طائفة : من
طلق إلى أجل لم يقع [ بذلك ] الطلاق إلا إلى ذلك الأجل - كما روينا من طريق
أبي عبيد نا
nindex.php?page=showalam&ids=17376يزيد بن هارون عن
الجراح بن المنهال نا
nindex.php?page=showalam&ids=14152الحكم - هو ابن عتيبة - أن
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس كان يقول : من
قال لامرأته : أنت طالق إلى رأس السنة - : أنه يطؤها ما بينه وبين رأس السنة .
ومن طريق
nindex.php?page=showalam&ids=16360عبد الرزاق عن
nindex.php?page=showalam&ids=13036ابن جريج عن
nindex.php?page=showalam&ids=16568عطاء من
قال لامرأته : أنت طالق إذا ولدت ؟ فله أن يصيبها ما لم تلد - ولا يطلق حتى يأتي الأجل .
وكذلك من
قال : أنت طالق إلى سنة
ومن طريق
أبي عبيد نا
nindex.php?page=showalam&ids=17376يزيد بن هارون عن
حبيب بن أبي حبيب عن
عمرو بن هرم عن
nindex.php?page=showalam&ids=11867جابر بن زيد أبي الشعثاء قال : هي طالق إلى الأجل الذي سمي ، وتحل له ما دون ذلك .
[ ص: 480 ]
ومن طريق
أبي عبيد نا
nindex.php?page=showalam&ids=17249هشيم أنا
مغيرة عن
nindex.php?page=showalam&ids=12354إبراهيم النخعي فيمن وقت في الطلاق وقتا ، قال : إذا جاء ذلك الوقت وقع .
ورويناه أيضا عن
الشعبي .
ومن طريق
nindex.php?page=showalam&ids=16000سعيد بن منصور نا
nindex.php?page=showalam&ids=12156أبو معاوية عن
عبيدة عن
الشعبي مثل قول
nindex.php?page=showalam&ids=12354إبراهيم - وروي أيضا : عن
عبد الله بن محمد بن الحنفية .
وروينا عن
nindex.php?page=showalam&ids=16004سفيان الثوري قال : من
قال لامرأته : إذا حضت فأنت طالق ؟ فإنها إذا دخلت في الدم طلقت عليه . قال : فإن
قال لها : متى حضت حيضة فأنت طالق ؟ فلا تطلق حتى تغتسل من آخر حيضتها ، لأنه يراجعها حتى تغتسل . وبأن : لا يقع الطلاق المؤجل إلا إلى أجله
- : يقول
nindex.php?page=showalam&ids=12074أبو عبيد ،
nindex.php?page=showalam&ids=12418وإسحاق بن راهويه ،
nindex.php?page=showalam&ids=13790والشافعي ،
nindex.php?page=showalam&ids=12251وأحمد ،
nindex.php?page=showalam&ids=15858وأبو سليمان ، وأصحابهم . وقول آخر - وهو أن الطلاق يقع في ذلك ساعة يلفظ به - : روينا ذلك من طريق
nindex.php?page=showalam&ids=16360عبد الرزاق عن
nindex.php?page=showalam&ids=16004سفيان الثوري عن
nindex.php?page=showalam&ids=17314يحيى بن سعيد الأنصاري عن
nindex.php?page=showalam&ids=15990سعيد بن المسيب فيمن طلق امرأته إلى أجل ؟ قال : يقع الطلاق ساعتئذ ولا يقربها .
ومن طريق
nindex.php?page=showalam&ids=16000سعيد بن منصور نا
nindex.php?page=showalam&ids=17249هشيم نا
منصور ،
nindex.php?page=showalam&ids=17419ويونس عن
الحسن : أنه كان لا يؤجل في الطلاق - .
وروينا عن
الزهري من طلق إلى سنة ؟ فهي طالق حينئذ .
ومن طريق
أبي عبيد عن
nindex.php?page=showalam&ids=17249هشيم عن
nindex.php?page=showalam&ids=17314يحيى بن سعيد الأنصاري أنه كان لا يؤجل في الطلاق أجلا .
وروي عن
nindex.php?page=showalam&ids=15885ربيعة - وهو قول
nindex.php?page=showalam&ids=15124الليث ، وأحد قولي
nindex.php?page=showalam&ids=11990أبي حنيفة - وهو قول
nindex.php?page=showalam&ids=15922زفر .
وقول ثالث - كما روينا من طريق
nindex.php?page=showalam&ids=16360عبد الرزاق نا
nindex.php?page=showalam&ids=17124معمر عن
nindex.php?page=showalam&ids=16815قتادة عن
الحسن أنه قال : إذا قال : أنت طالق إذا كان كذا - لأمر لا يدري أيكون أم لا ؟ - فليس بطلاق حتى
[ ص: 481 ] يكون ذلك ويطؤها ، فإن ماتا قبل ذلك توارثا . فإن قال : أنت طالق إلى سنة فهي طالق حين يقول ذلك - وهو قول
nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك .
وقول رابع - روي عن
nindex.php?page=showalam&ids=16330ابن أبي ليلى فيمن
قال لامرأته : أنت طالق إلى رأس الهلال ؟ قال : أتخوف أن يكون قد طلقها ؟ فوجدنا من حجة من قال : بأنه وقع عليه الطلاق الآن - : أن قالوا : هذا الطلاق إلى أجل ، فهو باطل كالنكاح إلى أجل ؟ فقلنا لهم : فلم قلتم : إنه إن
قال : إن دخلت الدار فأنت طالق ؟ أنها لا تطلق إلا بدخول الدار ، فإنه طلاق إلى أجل ، فأوقعتموه حين لفظ به .
وبهذا نعارضهم في قولهم : إن ظاهر أمره أنه ندم إذ قال : أنت طالق ، فأتبع ذلك بالأجل ؟ فيلزمهم ذلك فيمن قال : أنت طالق إن دخلت الدار .
وهو قول صح عن
nindex.php?page=showalam&ids=16097شريح ألزمه الطلاق - دخلت الدار أو لم تدخله .
وقالوا : إذا قال : أنت طالق ، فالطلاق مباح ، فإن أتبعه أجلا فهو شرط ليس في كتاب الله تعالى فهو باطل ؟ فقلنا : بل ما طلاقه إلا فاسد لا مباح ؟ إذ علقه بوقت ، ولا يجوز إلزامه بعض ما التزم دون سائره - فظهر فساد هذا القول ، ويكفي من هذا أنه تحريم فرج بالظن على من أباحه الله تعالى له باليقين - ونعوذ بالله من هذا .
ولم نجد لمن فرق بين الأجل الآتي والآبد ، وبين الأجل الذي لا يأتي حجة أصلا ، غير دعواه ؟ لا سيما وهم يفسدون النكاح إذا
أجل الصداق إلى أجل قد يكون وقد لا يكون ، بعكس قولهم في الطلاق ؟ وكلا الأمرين أجل ولا فرق .
وأيضا - فقد يأتي الأجل الذي قالوا فيه : إنه يجيء - وهو ميت أو وهي ميتة ، أو كلاهما ، أو قد طلقها ثلاثا - : فظهر فساد هذا القول جملة - وبالله تعالى التوفيق .
وهم يشنعون خلاف الصاحب الذي لا يعرف له مخالف ؟ وقد خالفوا هاهنا
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس ، وأيضا - فإنهم يوقعون عليه طلاقا لم يلتزمه قط ؟ وهذا باطل .
[ ص: 482 ]
ثم لو عكس عليهم قولهم ، فقيل : بل تطلق عليه إذا أجل أجلا - قد يكون وقد لا يكون - ساعة لفظه بالطلاق ، ولا تطلق عليه إذا أجل أجلا يأتي ولا بد ، لما كان بينهم فرق أصلا - وبالله تعالى التوفيق .
ثم نظرنا فيما يحتج به من أجاز ذلك وجعل الطلاق يقع إذا جاء الأجل - لا قبل ذلك - بأن قال : قال الله تعالى : {
أوفوا بالعقود } ؟ فقلنا : إنما هذا في كل عقد أمر الله تعالى بالوفاء به ، أو ندب إليه - لا في كل عقد جملة ، ولا في معصية ، ومن المعاصي أن يطلق بخلاف ما أمر الله تعالى به ، فلا يحل الوفاء به .
وقالوا : " المسلمون عند شروطهم " .
وهذا كالذي قبله ، لأن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : {
nindex.php?page=hadith&LINKID=28763كل شرط ليس في كتاب الله تعالى فهو باطل } .
والطلاق إلى أجل مشترط بشرط ليس في كتاب الله تعالى فهو باطل .
وقالوا : نقيس ذلك على المداينة إلى أجل ، والعتق إلى أجل ؟ فقلنا : القياس باطل ، ثم لو كان حقا لكان هذا منه باطلا ، لأن المداينة والعتق قد جاء في جوازهما إلى أجل النص ، ولم يأت ذلك في الطلاق .
ثم لو كان القياس حقا لكان هذا منه باطلا ، لأنكم مجمعون على أن
النكاح إلى أجل لا يجوز ، وأن ذلك النكاح باطل ، فهلا قستم الطلاق إلى أجل على ذلك .
وقالوا : قد أجمعوا على وقوع الطلاق عند الأجل ، لأن من أوقعه حين نطق به فقد أجازه ، فالواجب المصير إلى ما اتفقوا عليه ؟ فقلنا : هذا باطل ، وما أجمعوا قط على ذلك ، لأن من أوقع الطلاق - حين لفظ به المطلق - لم يجز قط أن يؤخر إيقاعه إلى أجل والذين أوقعوه عند الأجل لم يجيزوا إيقاعه حين نطق به .
وقالوا : هذا قول صاحب لا يعرف له من الصحابة مخالف ؟
[ ص: 483 ] فقلنا : هذا من رواية
أبي العطوف الجراح بن المنهال الجزري - وهو كذاب مشهور بوضع الحديث - فبطل هذا القول أيضا - .
والحمد لله رب العالمين .