صفحة جزء
2005 - مسألة : وتعتد المطلقة غير الحامل ، والحامل المتوفى عنها من حين يأتيها خبر الطلاق ، وخبر الوفاة ، وتعتد الحامل المتوفى عنها من حين موته فقط .

برهان ذلك : قول الله عز وجل : { والذين يتوفون منكم ويذرون أزواجا يتربصن بأنفسهن أربعة أشهر وعشرا } .

وقوله تعالى : { والمطلقات يتربصن بأنفسهن ثلاثة قروء } .

وقال تعالى : { فعدتهن ثلاثة أشهر واللائي لم يحضن } فلا بد من أن يفضون إلى العدة من الوفاة والقروء ، وعدة الأشهر بنية لها ، وتربص منهن ، وإلا فذلك عليهن باق .

وأما الحامل - فإن الله تعالى يقول : { وأولات الأحمال أجلهن أن يضعن حملهن } فليس هاهنا فعل أمرن بقصده والنية له ، لكن المطلقة الحامل خرجت من ذلك مما ذكرنا قبل من أنه لا يكون طلاق الغائب طلاقا أصلا حتى يبلغها فأغنى ذلك عن إعادته .

وبقيت المتوفى عنها على وضع الحمل إثر موت الزوج - وبالله تعالى التوفيق - .

وفي هذا خلاف قديم صح عن ابن عمر ، وابن عباس : أنها تعتد من يوم مات ، أو طلق .

ورويناه عن ابن مسعود من طريق ابن أبي شيبة أنا أبو الأحوص سلام بن سليم عن أبي إسحاق عن أبي الأحوص عن ابن مسعود .

وصح أيضا عن سعيد بن المسيب ، والنخعي ، والشعبي ، وعطاء ، وطاوس ، ومجاهد ، وسعيد بن جبير ، وأبي الشعثاء جابر بن زيد ، والزهري وسليمان بن يسار ، وأبي قلابة ، ومحمد بن سيرين ، وعكرمة ، ومسروق ، وعبد الرحمن بن يزيد - وهو قول أبي حنيفة ، ومالك ، والشافعي ، وأصحابهم .

وقال آخرون غير ذلك - : كما ناه محمد بن سعيد بن نبات أنا أحمد بن عون الله [ ص: 124 ] أنا قاسم بن أصبغ أنا محمد بن عبد السلام الخشني أنا محمد بن بشار بندار أنا أبو داود الطيالسي أنا شعبة عن أبان بن ثعلبة عن الحكم بن عتيبة عن أبي صادق عن ربيعة بن ناجد عن علي بن أبي طالب في المتوفى عنها قال : عدتها من يوم يأتيها الخبر .

ومن طريق وكيع عن أبي الأشهب عن الحسن البصري قال : تعتد من يوم يأتيها الخبر .

ومن طريق عبد الرزاق عن سفيان الثوري ، ومعمر ، قال سفيان عن يونس بن عبيد ، وقال معمر عن أيوب ، ثم اتفق يونس ، وأيوب كلاهما عن الحسن في الطلاق والموت : تعتد من يوم يأتيها من زوجها الخبر - .

زاد أيوب في روايته : ولها النفقة ، قال معمر : وقاله قتادة .

ومن طريق حماد بن سلمة عن قتادة عن خلاس بن عمرو قال : تعتد من يوم يأتيها الخبر .

وقال آخرون : من يوم تقوم البينة - : كما روينا من طريق حماد بن سلمة عن قتادة عن سعيد بن المسيب ، وأبي الشعثاء جابر بن زيد ، وأبي قلابة ، قالوا كلهم في امرأة جاءها طلاق أو موت ؟ قالوا : تعتد من يوم قامت البينة .

ومن طريق ابن أبي شيبة أنا أبو خالد الأحمر ، والثقفي - هو عبد الوهاب بن عبد المجيد - قال أبو خالد عن داود عن سعيد بن المسيب ، والشعبي ، وقال عبد الوهاب عن يزيد عن مكحول ، قالوا كلهم في الرجل يطلق أو يموت : إذا قامت البينة فتعتد من يوم يموت ، وإن لم تقم لها بينة فمن يوم يأتيها الخبر .

ومن طريق عبد الرزاق عن سفيان الثوري ، قال : قال حماد بن أبي سليمان ، ومنصور بن المعتمر عن إبراهيم النخعي ، قال : ما أكلت بعد موته - وهي لا تدري بموته - فهو لها ما حبست نفسها عليه .

وصح عن الشعبي : أنه يؤخذ منها إلا قدر ميراثها .

ومن طريق عبد الرزاق عن معمر قال : لا يتوارثان ، ولا رجعة له عليها في قول الفريقين جميعا - قاله قتادة عن علي ، وابن مسعود .

قال أبو محمد : لم يدرك قتادة عليا ، ولا ابن مسعود ، ولا وجدنا ذلك عن [ ص: 125 ] غيره - والذي نقول به : إنهما يتوارثان ، وله الرجعة عليها ما لم يبلغها طلاقه بالثلاث - ولا ترد ما أكلت في الطلاق ; لأنها زوجته ما لم يبلغها أو يأتيها الخبر .

وأما في الموت فبخلاف ذلك ، وترد ما أكلت ; لأنها أكلت مال الورثة أو مال الغرماء - ولا حق لها عندهم - إنما حقها في مال الزوج ، فما دام المال ماله فحقها فيه باق - وبالله تعالى التوفيق .

التالي السابق


الخدمات العلمية