206 - مسألة : ومن
نكس وضوءه أو قدم عضوا على المذكور قبله في القرآن عمدا أو نسيانا لم تجزه الصلاة أصلا ، وفرض عليه أن يبدأ بوجهه ثم ذراعيه ثم رأسه ثم رجليه ، ولا بد في الذراعين والرجلين من الابتداء باليمين قبل اليسار كما جاء في السنة ، فإن جعل الاستنشاق والاستنثار في آخر وضوئه أو بعد عضو من الأعضاء المذكورة لم يجز ذلك ، فإن فعل شيئا مما ذكرنا لزمه أن يعود إلى الذي بدأ به قبل الذي ذكره الله تعالى قبله فيعمله إلى أن يتم وضوءه ، وليس عليه أن يبتدئ من أول الوضوء ، وهو قول
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي nindex.php?page=showalam&ids=11956وأبي ثور nindex.php?page=showalam&ids=12251وأحمد بن حنبل وإسحاق ، فإن
انغمس في ماء جار وهو جنب ونوى الغسل والوضوء معا لم يجزه ذلك من الوضوء ولا من الغسل ، وعليه أن يأتي به مرتبا ، وهو قول
إسحاق .
برهان ذلك ما حدثناه
عبد الله بن ربيع ثنا
محمد بن معاوية ثنا
أحمد بن شعيب ثنا
إبراهيم بن هارون البلخي ثنا
nindex.php?page=showalam&ids=15667حاتم بن إسماعيل ثنا
جعفر بن محمد عن أبيه قال : {
nindex.php?page=hadith&LINKID=47694دخلنا على nindex.php?page=showalam&ids=36جابر بن عبد الله فقلت : أخبرني عن حجة رسول الله عليه السلام قال nindex.php?page=showalam&ids=36جابر خرجنا [ ص: 311 ] معه - فذكر الحديث وفيه - أن رسول الله صلى الله عليه وسلم خرج من الباب إلى الصفا ، فلما دنا إلى الصفا قال : { إن الصفا والمروة من شعائر الله } ابدءوا بما بدأ الله به } .
قال
nindex.php?page=showalam&ids=13064علي : وهذا عموم لا يجوز أن يخص منه شيء ، وإنما قلنا : لا يجزئ في الأعضاء المغموسة معا لا الوضوء ولا الغسل إذا نوى بذلك الغمس كلا الأمرين فلأنه لم يأت بالوضوء كما أمر ، ولم يخلص الغسل فيجزيه ، لكن خلطه بعمل فاسد فبطل أيضا الغسل في تلك الأعضاء ; لأنه أتى به بخلاف ما أمره الله تعالى به ، وأما الاستنشاق والاستنثار فلم يأت فيهما في الوضوء ذكر بتقديم ولا تأخير ، فكيفما أتى بهما في وضوئه أو بعد وضوئه ، وقبل صلاته أو قبل وضوئه : أجزأه .
قال
nindex.php?page=showalam&ids=13064علي : وقال
nindex.php?page=showalam&ids=11990أبو حنيفة : جائز تنكيس الوضوء والأذان والطواف والسعي والإقامة .
وقال
nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك : يجوز تنكيس الوضوء ولا يجوز تنكيس الطواف ولا السعي ولا الأذان ولا الإقامة .
قال
nindex.php?page=showalam&ids=13064أبو محمد : لا يجوز تنكيس شيء من ذلك كله ، ولا يجزئ شيء منه منكسا فأما قول
nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك فظاهر التناقض ; لأنه فرق بين ما لا فرق بينه ، وأما
nindex.php?page=showalam&ids=11990أبو حنيفة فإنه أطرد قولا ، وأكثر خطأ ، والقوم أصحاب قياس بزعمهم ، فهلا قاسوا ذلك على ما اتفق عليه من المنع من تنكيس الصلاة ؟ على أنه قد صح الإجماع في بعض الأوقات على تنكيس الصلاة ، وهي حال من وجد الإمام جالسا أو ساجدا ، فإنه يبدأ بذلك وهو آخر الصلاة ، وهذا مما تناقضوا فيه في قياسهم .
وقد روينا عن
nindex.php?page=showalam&ids=8علي بن أبي طالب nindex.php?page=showalam&ids=11وابن عباس جواز تنكيس الوضوء ، ولكن لا حجة في أحد مع القرآن إلا في الذي أمر ببيانه وهو رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وهذا مما تناقض فيه الشافعيون فتركوا فيه قول صاحبين لا يعرف لهما من الصحابة مخالف .
وبالله تعالى التوفيق .
والعجب كله أن المالكيين أجازوا تنكيس الوضوء الذي لم يأت نص من الله تعالى ولا من رسوله صلى الله عليه وسلم فيه ، ثم أتوا إلى ما أجاز الله تعالى تنكيسه فمنعوا من ذلك ،
[ ص: 312 ] وهو الرمي والحلق والنحر والذبح والطواف ، فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم أجاز تقديم بعض ذلك على بعض ، كما سنذكر إن شاء الله تعالى في كتاب الحج ، فقالوا : لا يجوز تقديم الطواف على الرمي ، ولا تقديم الحلق على الرمي ، وهذا كما ترى .
حدثنا
أحمد بن قاسم ثنا أبي حدثني جدي
nindex.php?page=showalam&ids=16802قاسم بن أصبغ ثنا
محمد بن وضاح ثنا
أحمد بن واقد ثنا
nindex.php?page=showalam&ids=15932زهير بن معاوية عن
nindex.php?page=showalam&ids=13726الأعمش عن
أبي صالح عن
nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم {
nindex.php?page=hadith&LINKID=47695إذا توضأتم ولبستم فابدءوا بميامنكم } .
وأما وجوب تقديم الاستنشاق والاستنثار ولا بد ، فلحديث
رفاعة بن رافع أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : {
nindex.php?page=hadith&LINKID=47696لا تتم صلاة أحدكم حتى يسبغ الوضوء كما أمره الله - عز وجل - ويغسل وجهه ويديه إلى المرفقين ويمسح برأسه ورجليه إلى الكعبين } فصح أن ههنا إسباغا عطف عليه غسل الوجه ، وليس إلا الاستنشاق والاستنثار .