[ ص: 333 ] مسألة :
والرجال والنساء في كل ما ذكرنا سواء ، وسفر الطاعة والمعصية في كل ذلك سواء ، وكذلك ما ليس طاعة ولا معصية ، وقليل السفر وكثيره سواء .
برهان ذلك عموم أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم وحكمه ، ولو أراد عليه السلام تخصيص سفر من سفر ، ومعصية من طاعة ، لما عجز عن ذلك ، وواهب الرزق والصحة وعلو اليد للعاصي والمرجو للمغفرة له يتصدق عليه من فسح الدين بما شاء ، وقولنا هو قول
nindex.php?page=showalam&ids=11990أبي حنيفة .
ولا معنى لتفريق من فرق في ذلك بين سفر الطاعة وسفر المعصية - لا من طريق الخبر ولا من طريق النظر .
أما الخبر فالله تعالى يقول : {
لتبين للناس ما نزل إليهم } فلو كان ههنا فرق لما أهمله رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ولا كلفنا علم ما لم يخبرنا به ، ولا ألزمنا العمل بما لم يعرفنا به ، هذا أمر قد أمناه ولله الحمد .
وأما من طريق النظر فإن المقيم قد تكون إقامته إقامة معصية وظلم للمسلمين وعدوانا على الإسلام أشد من سفر المعصية ، وقد يطيع المسافر في المعصية في بعض أعماله ، وأولها الوضوء الذي يكون فيه المسح المذكور الذي منعوه منه ، فمنعوه من المسح الذي هو طاعة ، وأمروه بالغسل الذي هو طاعة أيضا ، وهذا فساد من القول جدا ، وأطلقوا المسح للمقيم العاصي في إقامته .
فإن قالوا المسح رخصة ورحمة ، قلنا ما حجر على الله الترخيص للعاصي في بعض أعمال طاعته ، ولا رحمة الله تعالى له إلا جاهل بالله تعالى ، قائل بما لا علم له به ،
وكل سفر تقصر فيه الصلاة فيمسح فيه مسح سفر ، وما لا قصر فيه فهو حضر وإقامة ، لا يمسح فيه إلا مسح المقيم ، وبالله تعالى التوفيق .