2090 - المسألة :
وهل يستقاد في الحرم ؟ قال
nindex.php?page=showalam&ids=13064علي : اختلف الناس في هذا ، فقالت طائفة : لا يقاد في
الحرم : كما حدثنا
حمام نا ابن مفرج نا
nindex.php?page=showalam&ids=12585ابن الأعرابي نا
الدبري نا
nindex.php?page=showalam&ids=16360عبد الرزاق نا
nindex.php?page=showalam&ids=17124معمر عن
nindex.php?page=showalam&ids=16446ابن طاوس عن أبيه عن
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس قال : من قتل أو سرق في
الحرم ، أو في الحل ، ثم دخل ، فإنه لا يجالس ، ولا يكلم ، ولا يؤذى ، ويناشد حتى يخرج فيقام عليه الحد .
ومن
قتل أو سرق فأخذ في الحل ثم أدخل الحرم ، فأرادوا أن يقيموا عليه ما أصاب أخرجوه من
الحرم إلى الحل ، فإن قتل في
الحرم أو سرق أقيم عليه في
الحرم .
وعاب
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس على
nindex.php?page=showalam&ids=14ابن الزبير في رجل أخذه في الحل ثم أدخله
الحرم ثم أخرجه إلى الحل فقتله .
وبه : إلى
nindex.php?page=showalam&ids=16360عبد الرزاق حدثني
nindex.php?page=showalam&ids=16008ابن عيينة عن
nindex.php?page=showalam&ids=12397إبراهيم بن ميسرة عن
nindex.php?page=showalam&ids=16248طاوس عن
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس فيمن قتل في الحل ثم أدخل
الحرم ، قال : لا يجالس ، ولا يكلم ، ولا يبايع ، ولا يؤذى - يؤتى إليه فيقال : يا فلان اتق الله في دم فلان اخرج من المحارم .
نا
يحيى بن عبد الرحمن بن مسعود نا
أحمد بن دحيم نا
nindex.php?page=showalam&ids=12369إبراهيم بن حماد نا
nindex.php?page=showalam&ids=12429إسماعيل بن إسحاق نا
علي بن عبد الله بن المديني نا
nindex.php?page=showalam&ids=16008سفيان بن عيينة أخبرني
[ ص: 144 ] nindex.php?page=showalam&ids=12397إبراهيم بن ميسرة - وكان ثقة مأمونا - قال : سمعت
nindex.php?page=showalam&ids=16248طاوسا يقول : سمعت
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس يقول : من أصاب حدا ثم دخل
الحرم ، لم يجالس ، ولم يبايع ، ويأتيه الذي يطلبه ، فيقول : أي فلان اتق الله في دم فلان ، اخرج عن المحارم ، فإذا خرج أقيم عليه الحد .
وبه : إلى
nindex.php?page=showalam&ids=12425إسماعيل نا
nindex.php?page=showalam&ids=16039سليمان بن حرب نا
nindex.php?page=showalam&ids=15744حماد بن سلمة عن
عمرو بن دينار عن
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس في قول الله تعالى : {
مقام إبراهيم ومن دخله كان آمنا } . قال : إذا أحدث الرجل حدثا ثم دخل
الحرم ، لم يجالس ، ولم يبايع ، ولم يطعم ، ولم يسق ، حتى يخرج من
الحرم ، فيؤخذ .
ومن طريق
nindex.php?page=showalam&ids=16360عبد الرزاق قال : قال
nindex.php?page=showalam&ids=13036ابن جريج : سمعت
ابن أبي حسين يحدث عن
عكرمة بن خالد ، قال : قال
nindex.php?page=showalam&ids=2عمر بن الخطاب : لو وجدت فيه - يعني حرم
مكة - قاتل
الخطاب ما مسسته حتى يخرج منه .
قال
nindex.php?page=showalam&ids=13036ابن جريج : وحدثني
nindex.php?page=showalam&ids=11862أبو الزبير قال : قال
nindex.php?page=showalam&ids=12ابن عمر : لو وجدت فيه - يعني حرم
مكة - قاتل
nindex.php?page=showalam&ids=2عمر ما ندهته .
وعن
nindex.php?page=showalam&ids=16568عطاء عن
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس قال : لو وجدت قاتل أبي في
الحرم ما عرضته .
قال
nindex.php?page=showalam&ids=16568عطاء : والشهر الحرام كذلك مثل
الحرم في ذلك كله .
وقال
الزهري : من قتل في الحرم قتل في
الحرم ، ومن قتل في الحل ثم دخل الحرام أخرج إلى الحل فقتل في الحل - قال
الزهري : تلك السنة .
وبه يقول
nindex.php?page=showalam&ids=11990أبو حنيفة ،
nindex.php?page=showalam&ids=12251وأحمد بن حنبل ،
وإسحاق .
قال
nindex.php?page=showalam&ids=13064أبو محمد : وقد روي عن قوم خلاف هذا [ وشيء يظن أنه خلاف هذا ] وهو كما حدثنا
يحيى بن عبد الرحمن بن مسعود نا
أحمد بن دحيم نا
nindex.php?page=showalam&ids=12369إبراهيم بن حماد نا
nindex.php?page=showalam&ids=12429إسماعيل بن إسحاق نا
عبد الله بن معاذ نا أبي نا
nindex.php?page=showalam&ids=12320أشعث - هو ابن عبد الملك - عن
الحسن في قول الله تعالى {
ومن دخله كان آمنا } قال : كان الرجل في
[ ص: 145 ] الجاهلية يقتل الرجل ، ثم يعلق في رقبته الصوفة ، ثم يدخل
الحرم فيلقاه ابن المقتول أو أبوه فلا يحركه .
وعن
nindex.php?page=showalam&ids=16815قتادة في قول الله تعالى {
ومن دخله كان آمنا } قال : كان ذلك في الجاهلية ، فأما اليوم فلو سرق فيه أحد قطع ، وإن قتل قتل ، ولو قدر على المشركين فيه قتلوا .
وعن
nindex.php?page=showalam&ids=15885ربيعة بن أبي عبد الرحمن أنه قال في رجل جرح رجلا في الحرم : أنه يقاد به ، وكذلك لو جرح في الحل أقيد به في الحرم ، وحيث وجد .
وبه يقول
nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك ،
nindex.php?page=showalam&ids=13790والشافعي ،
nindex.php?page=showalam&ids=15858وأبو سليمان ، وأصحابهم .
قال
nindex.php?page=showalam&ids=13064أبو محمد : فهؤلاء من الصحابة
nindex.php?page=showalam&ids=2عمر بن الخطاب ، وابنه
nindex.php?page=showalam&ids=12عبد الله ،
nindex.php?page=showalam&ids=11وابن عباس ،
nindex.php?page=showalam&ids=14وابن الزبير ،
وأبو شريح - على ما نذكر بعد هذا ، إن شاء الله تعالى - ولا مخالف لهم من الصحابة رضي الله عنهم .
ومن التابعين -
nindex.php?page=showalam&ids=16568عطاء ،
nindex.php?page=showalam&ids=16531وعبيد بن عمير ،
nindex.php?page=showalam&ids=16879ومجاهد ،
nindex.php?page=showalam&ids=15992وسعيد بن جبير ،
والزهري ، وغيرهم ، ويخبر بذلك عن علمائهم ، وهم التابعون من أهل
المدينة ، ويخبر : أن السنة مضت بذلك فيما تعلق من تعلق بخلاف ذلك إلا برواية عن
nindex.php?page=showalam&ids=15885ربيعة .
وأما
nindex.php?page=showalam&ids=16815قتادة ،
والحسن ، فليس في قولهما خلاف لمن ذكرنا ، لأن
الحسن إنما أخبر عمن كان في الجاهلية ، ولم يقل إن الإسلام جاء بخلاف ذلك إلا به ، وأما
nindex.php?page=showalam&ids=16815قتادة فلم يقل : إن من أصاب في الحل دما أقيد به في الحرم .
فبطل تعلقهم
nindex.php?page=showalam&ids=16815بقتادة ،
والحسن .
وقال
nindex.php?page=showalam&ids=13064أبو محمد : وجاهر بعضهم أقبح مجاهرة ، فذكر : ما حدثناه
nindex.php?page=showalam&ids=12278أحمد بن عمر نا
عبد الله بن الحسين نا
إبراهيم بن محمد نا
nindex.php?page=showalam&ids=16907محمد بن الجهم نا
أحمد بن الهيثم نا
nindex.php?page=showalam&ids=16285عباد بن العوام عن
سفيان بن الحسين عن
الحكم عن
nindex.php?page=showalam&ids=16879مجاهد عن
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس قال : آيتان نسختا من هذه السورة - يعني المائدة - آية القلائد
[ ص: 146 ] {
فإن جاءوك فاحكم بينهم أو أعرض عنهم } فموه بأن هذا اختلاف من قول
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس .
قال
nindex.php?page=showalam&ids=13064أبو محمد : وهذا البهت الفاضح والكذب المجرد ، ونعم : إن قوله تعالى {
لا تحلوا شعائر الله ولا الشهر الحرام ولا الهدي ولا القلائد ولا آمين البيت الحرام يبتغون فضلا من ربهم ورضوانا } قد قيل : إنه نسخ منه " القلائد " فقط : كما حدثنا
أبو سعيد الجعفري نا
محمد بن علي المقبري نا
nindex.php?page=showalam&ids=12940أبو جعفر أحمد بن محمد بن إسماعيل نا
nindex.php?page=showalam&ids=14695أبو جعفر الطحاوي نا
nindex.php?page=showalam&ids=16023سلمة بن شبيب نا
nindex.php?page=showalam&ids=16360عبد الرزاق نا
nindex.php?page=showalam&ids=17124معمر عن
nindex.php?page=showalam&ids=16815قتادة - وذكر هذه الآية - فقال : منسوخ ، كان الرجل في الجاهلية إذا خرج إلى الحج يقلد من الشعر ، فلا يعرض له أحد ، وإذا تقلد قلادة شعر لم يعرض له أحد ، وكان المشرك يومئذ لا يصدر عن
البيت ، فأمر الله تعالى أن لا يقاتل المشركون في الشهر الحرام ، ولا عند
البيت ، ثم نسخها قول الله تعالى {
فاقتلوا المشركين حيث وجدتموهم } وهذا نص قول
nindex.php?page=showalam&ids=16815قتادة .
فهبك أنه قد صح نسخ " القلائد " فأي شيء في ذلك مما يوجب أن من قال بنسخ " القلائد " فقد خالف ذلك من قوله قول من قال : لا يقام الحد في الحرم ، ولا يقتل أحد في الحرم ، لقد كان ينبغي لمن كان له دين أن يستحيي من أن يعمى هذا العمى ؟ وأن يتبع هواه في الباطل هذا الاتباع ، و " القلائد " هاهنا إنما هي على ظاهرها " قلائد الهدي " التي لا يحل إحلالها .
قال
nindex.php?page=showalam&ids=13064أبو محمد : وعهدنا بالمالكيين ، والشافعيين يعظمون خلاف الصاحب إذا وافق تقليدهم ، وهم قد خالفوا هاهنا خمسة من الصحابة لا يعرف لهم منهم مخالف .
وخالفوا القرآن والسنة الثابتة - على ما نذكر بعد هذا إن شاء الله تعالى .
وأعجب من هذا كله : احتجاجهم
بابن خطل - وهو متعلق بأستار
الكعبة - فهذه قصة نص رسول الله صلى الله عليه وسلم على أنها له خاصة ، ولا تحل لأحد بعده ، كما نبين بعد هذا ، إن شاء الله تعالى .
قال
nindex.php?page=showalam&ids=13064علي : قال الله تعالى {
مقام إبراهيم ومن دخله كان آمنا } وهذا
[ ص: 147 ] أمر من الله تعالى مخرجه مخرج الخبر - هذا لا يخلو القول من أن يكون خبرا أو أمرا - فبطل أن يكن خبرا ، لأننا قد وجدنا "
القرامطة " الكفرة لعنهم الله قد قتلوا فيه أهل الإسلام .
ووجدنا
nindex.php?page=showalam&ids=17374يزيد بن معاوية ، والفاسق
nindex.php?page=showalam&ids=14078الحجاج قد قتلا فيه النفوس المحرمة - فصح يقينا أنه أمر من الله تعالى ، إذ لم يبق غيره .
وأن من ادعى أن هذا إنما هو خبر من الله تعالى عن الجاهلية فقد كذب ، لأنه أخبر عن الله تعالى ، بما لم يقله قط .
وقد قال تعالى {
وأن تشركوا بالله ما لم ينزل به سلطانا وأن تقولوا على الله ما لا تعلمون } ، وقال تعالى {
إنما يأمركم بالسوء والفحشاء وأن تقولوا على الله ما لا تعلمون } ، حاش لله أن يكون الحرم له فضل في الجاهلية بخسه الله تعالى إياه في الإسلام ، بل ما زاد الله تعالى الحرم في الإسلام إلا تعظيما ، وحرمة ، وإكراما .
وقد روينا من طريق
nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري نا
عبيد بن إسماعيل نا
nindex.php?page=showalam&ids=111أسامة عن
nindex.php?page=showalam&ids=17245هشام بن عروة عن أبيه فذكر حديث الفتح ، وفيه {
nindex.php?page=hadith&LINKID=51733إن nindex.php?page=showalam&ids=228سعد بن عبادة قال nindex.php?page=showalam&ids=12026لأبي سفيان : يا nindex.php?page=showalam&ids=12026أبا سفيان اليوم يوم الملحمة ، اليوم تستحل الكعبة المحرمة ، فلما مر رسول الله صلى الله عليه وسلم nindex.php?page=showalam&ids=12026بأبي سفيان قال : ألم تعلم ما قال nindex.php?page=showalam&ids=228سعد بن عبادة ؟ قال : ما قال ؟ قال : قال كذا وكذا . فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم كذب nindex.php?page=showalam&ids=37سعد ، ولكن هذا يوم يعظم الله فيه الكعبة ، ويوم تكسى فيه الكعبة } وذكر الحديث .
واحتج بعضهم : بما روينا من طريق
nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري نا
محمد بن مقاتل أنا
nindex.php?page=showalam&ids=16418عبد الله - هو ابن المبارك - نا
nindex.php?page=showalam&ids=17419يونس عن
الزهري أخبرني
nindex.php?page=showalam&ids=16561عروة بن الزبير قال {
nindex.php?page=hadith&LINKID=51734إن امرأة سرقت على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم في غزوة الفتح ففزع قومها إلى nindex.php?page=showalam&ids=111أسامة بن زيد يستشفعون به قال عروة : فلما كلمه nindex.php?page=showalam&ids=111أسامة فيها تلون وجه رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : تكلمني في حد [ ص: 148 ] من حدود الله ؟ قال nindex.php?page=showalam&ids=111أسامة : فاستغفر لي يا رسول الله - فلما كان العشي قام رسول الله صلى الله عليه وسلم خطيبا فأثنى على الله تعالى بما هو أهله ، ثم قال : أما بعد ، فإنما هلك الناس قبلكم أنهم كانوا إذا سرق فيهم الشريف تركوه ، وإذا سرق فيهم الضعيف أقاموا عليه الحد ، والذي نفس محمد بيده لو أن فاطمة بنت محمد سرقت لقطعت يدها - ثم أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم بتلك المرأة فقطعت يدها } وذكرت
nindex.php?page=showalam&ids=25عائشة الحديث .
قال
nindex.php?page=showalam&ids=13064أبو محمد : وهذا لا متعلق لهم فيه ، لأنه ليس في هذا الخبر أنها قطعت يدها في الحرم ، فإذ ليس ذلك فيه لا يجوز أن يعترض على نص القرآن ; ونص بيان السنن بظن لا حقيقة فيه - ولعل أمرها كان في غير الحرم أو في الطريق . قال الله تعالى {
إن الظن لا يغني من الحق شيئا } ، وأيضا - فإن هذا الخبر ظاهره الإرسال .
وقال بعض من لا يبالي بما أطلق به لسانه : إنما معنى قوله تعالى {
مقام إبراهيم ومن دخله كان آمنا } إنما عنى الصيد - وهذا مع أنه كذب على الله تعالى وجرأة على الباطل فضيحة في اللحن ، لأنه لا يخبر في لغة
العرب لفظة " من " إلا عمن يعقل ، لا عن الحيوان غير الآدمي .
فإن قال قائل : إنما هذا في "
المقام " وحده بنص الآية ؟ قيل له : إن الله تعالى لا يكلم عباده بالمحال ، ولا بما لا يمكن ، وباليقين يدري كل ذي حس سليم أن "
مقام إبراهيم " حجر واحد لا يدخله أحد ، ولا يقدر أحد على ذلك ، وإنما
" مقام إبراهيم " الحرم كله ، كما قال
nindex.php?page=showalam&ids=16879مجاهد ، إنه قال
" مقام إبراهيم " الحرم كله .
فإن قال قائل : إن الله تعالى قال {
ولا تقاتلوهم عند المسجد الحرام حتى يقاتلوكم فيه فإن قاتلوكم فاقتلوهم } . قلنا : نعم ، هكذا قال الله تعالى وبهذا نقول ، ولا يحل قتال أحد لا مشرك ولا
[ ص: 149 ] غيره في
حرم مكة ، لكننا نخرجهم منه ، فإن خرجوا وصاروا في الحل نفذنا عليهم ما يجب عليهم من قتل ، أو أسر ، أو عقوبة ، فإن امتنعوا وقاتلونا قاتلناهم حينئذ في الحرم - كما أمر الله تعالى - وقاتلناهم فيه ، وهكذا نفعل بكل باغ وظالم من المسلمين ولا فرق .
فإن قالوا : فقد قال الله تعالى {
فاقتلوا المشركين حيث وجدتموهم } الآية ؟ قلنا : الذي قال هذا قال {
ولا تقاتلوهم عند المسجد الحرام حتى يقاتلوكم فيه } وكلامه كله وعهوده كلها فرض ، ولا يحل ترك شيء من كلامه لشيء آخر إلا بنسخ متيقن - فواجب علينا أن نستعمل مثل هذه النصوص ونجمعها ، ونستثني الأقل منها من الأكثر ، إذ لا يحل غير ذلك .
فنحن نقتل المشركين حيث وجدناهم إلا عند المسجد الحرام . فنحن إذا فعلنا هذا كنا على يقين من أننا قد أطعنا الله تعالى في كل ما أمرنا به ، ومن خالف هذا العمل فقد عصى الله تعالى في إحدى الآيتين ؟ وهذا لا يحل أصلا .
وكما قلنا - فعل أمير المؤمنين
nindex.php?page=showalam&ids=14عبد الله بن الزبير - رضي الله عنه - فإنه لما ابتدأه الفساق بالقتال في
حرم مكة :
يزيد ،
وعمرو بن سعيد ،
والحصين بن نمير ،
nindex.php?page=showalam&ids=14078والحجاج ، ومن بعثه ومن كان معهم - من جنود السلطان - قاتلهم مدافعا لنفسه وأحسن في ذلك - وبالله تعالى التوفيق .
حدثنا
عبد الرحمن بن عبد الله بن خالد نا
إبراهيم بن أحمد نا
الفربري نا
nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري نا
nindex.php?page=showalam&ids=16544عثمان بن أبي شيبة نا
جرير عن
nindex.php?page=showalam&ids=17152منصور بن المعتمر عن
nindex.php?page=showalam&ids=16879مجاهد عن
nindex.php?page=showalam&ids=16248طاوس عن
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس قال : {
nindex.php?page=hadith&LINKID=51735قال رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم افتتح مكة لا هجرة ، ولكن جهاد ونية ، وإذا استنفرتم فانفروا ، فإن هذا بلد حرمه الله تعالى يوم خلق السماوات والأرض ، فهو حرام بحرمة الله تعالى إلى يوم القيامة ، وإنه لم يحل القتال فيه لأحد قبلي ، ولم يحل لي إلا ساعة من نهار ، فهو حرام بحرمة الله إلى يوم القيامة ، لا يعضد شوكه ، ولا ينفر صيده ، ولا يلتقط لقطته إلا من عرفها ، ولا يختلى خلاها - قال nindex.php?page=showalam&ids=18العباس : يا رسول الله إلا الإذخر فإنه لقينهم ولبيوتهم ؟ قال : إلا الإذخر } .
[ ص: 150 ]
ومن طريق
nindex.php?page=showalam&ids=17080مسلم بن الحجاج نا
زهير بن حرب نا
nindex.php?page=showalam&ids=15500الوليد بن مسلم نا
الأوزاعي عن
nindex.php?page=showalam&ids=17298يحيى بن أبي كثير حدثني
أبو سلمة بن عوف نا
nindex.php?page=showalam&ids=3أبو هريرة قال {
nindex.php?page=hadith&LINKID=51736لما فتح الله تعالى على رسول الله صلى الله عليه وسلم مكة قام في الناس فحمد الله وأثنى عليه ، ثم قال : إن الله تعالى حبس الفيل عن مكة وسلط عليها رسوله والمؤمنين ، وإنها لم تحل لأحد كان قبلي ، وإنها حلت لي ساعة من نهار ، وإنها لن تحل لأحد بعدي ، فلا ينفر صيدها ، ولا يختلى شوكها ، ولا تحل ساقطتها إلا لمنشد } وذكر باقي الحديث بذكر الإذخر .
وقد روينا من طريق
nindex.php?page=showalam&ids=17080مسلم نا
قتيبة بن ليث - هو ابن سعد - عن
سعيد بن أبي سعيد عن
أبي شريح العدوي أنه قال
لعمرو بن سعيد - وهو يبعث البعوث إلى
مكة : ائذن لي أيها الأمير أحدثك قولا قام به رسول الله صلى الله عليه وسلم الغد من يوم الفتح ، سمعته أذناي ، ووعاه قلبي ، وأبصرته عيناي حين تكلم به : أنه حمد الله تعالى ، وأثنى عليه ، ثم قال {
nindex.php?page=hadith&LINKID=12132إن مكة حرمها الله ولم يحرمها الناس فلا يحل لامرئ يؤمن بالله واليوم الآخر أن يسفك بها دما ، ولا يعضد بها شجرة ، فإن أحد ترخص بقتال رسول الله صلى الله عليه وسلم فيها فقولوا : إن الله أذن لرسوله ولم يأذن لكم ، وإنما أذن لي فيها ساعة من نهار ، وقد عادت حرمتها اليوم كحرمتها بالأمس ، وليبلغ الشاهد الغائب } .
قيل
لأبي شريح : ماذا قال لك
عمرو ؟ قال : قال : أنا أعلم بذلك منك يا
أبا شريح ، إن
الحرم لا يعيذ عاصيا ، ولا فارا بخربة .
قال
nindex.php?page=showalam&ids=13064أبو محمد : ولا كرامة للطيم الشيطان شرطي الفاسق يريد أن يكون أعلم من صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم بما سمعه ذلك الصاحب رضي الله عنه من فم رسول الله صلى الله عليه وسلم وإنا لله وإنا إليه راجعون ، على عظيم المصاب في الإسلام ثم على تضاعف المصيبة ممن شاهده يحتج في هذه القصة بعينها بقول الفاسق
عمرو بن سعيد معارضة لرسول الله صلى الله عليه وسلم ثم يتكلم في دين الله تعالى ، ويغر الضعفاء بأنه عالم ، وما العاصي لله تعالى ولرسوله صلى الله عليه وسلم إلا الفاسق
عمرو بن سعيد ، ومن ولاه وقلده ، وما حامل الخربة في الدنيا والآخرة إلا هو ، ومن أمره وأيده ، وصوب قوله ؟ قال
nindex.php?page=showalam&ids=13064أبو محمد : فهذا نقل تواتر ثلاثة من الصحابة أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم
nindex.php?page=showalam&ids=3أبو هريرة nindex.php?page=showalam&ids=11وابن عباس ،
وأبو شريح ، كلهم يروي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال {
nindex.php?page=hadith&LINKID=51737إن مكة حرمها الله تعالى } فبيقين ندري أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يحرم مكة خصوصا القتال المحرم
[ ص: 151 ] بالظلم ، لأنه محرم في كل مكان في الأرض ، لكنه عليه الصلاة والسلام نص على أنه إنما حرم القتال المأمور به في غيرها ، لأنه عليه الصلاة والسلام المقاتل في
مكة ، ولا قتل إلا بحق ، ونهى عن ذلك القتال بعينه غيره ، وحرم أن يحتج به في مثله ، وقطع الأيدي فيه سفك دم ، والقصاص كذلك ، فلا يحل فيها ألبتة .
وقد شغف قوم : بما روينا من طريق
nindex.php?page=showalam&ids=17080مسلم نا
يحيى بن يحيى قلت
nindex.php?page=showalam&ids=16867لمالك : نا
ابن شهاب عن
nindex.php?page=showalam&ids=9أنس : {
nindex.php?page=hadith&LINKID=51738أن النبي صلى الله عليه وسلم دخل مكة على رأسه المغفر ، فلما نزعه جاءه رجل فقال : إن ابن خطل متعلق بأستار الكعبة ؟ فقال : اقتلوه . } قال : نعم ، وهذا لا حجة لهم فيه ، لأن هذا كان حين دخوله
مكة عام الفتح - وهي الساعة التي أحلها الله تعالى له - ثم أخبر عليه الصلاة والسلام في اليوم الثاني أنها قد عادت إلى حرمتها إلى يوم القيامة .
فإذ قد ارتفع الإشكال وجب تأمين من دخل
مكة جملة من كل قتل وقصاص وحد - وبالله تعالى التوفيق .
فإن قال قائل ممن يحتج لهذا القول : إن الله تعالى يقول {
والحرمات قصاص } فمن
انتهك حرمة في الحرم وجب أن ينتهك منه مثل ذلك في
الحرم ؟ قلنا له : هذا عموم يخصه قول الله تعالى {
ومن دخله كان آمنا } ، ويخصه قول رسول الله صلى الله عليه وسلم بتحريمها أن لا يسفك فيها دم أصلا ، إلا من قاتلنا فيه من المشركين ، وبالإجماع في الدفاع عن النفس الظلم .
فصح أن الله تعالى لم يرد قط أن من انتهك حرمة
الحرم أن ننتهكها نحن أيضا قصاصا منه ، وأنه لا يقام عليه حتى يخرج إلى الحل .
وهذا قول
nindex.php?page=showalam&ids=2عمر بن الخطاب ،
nindex.php?page=showalam&ids=12وعبد الله بن عمر ،
nindex.php?page=showalam&ids=11وابن عباس ،
والشعبي ،
nindex.php?page=showalam&ids=15992وسعيد بن جبير ،
والحكم بن عتيبة - وروي أيضا عن
nindex.php?page=showalam&ids=16568عطاء - وبه نأخذ .
وأما نهي الناس عن مبايعته ومكالمته ، فإن الله تعالى يقول {
وأحل الله البيع وحرم الربا } فلا يجوز منعه من البيع بغير نص ، ولا إجماع .
[ ص: 152 ] وكذلك أمر الله تعالى بإفشاء السلام فلا يجوز منعه ، إلا بنص ، أو إجماع .
فإن احتجوا بقول
عبد الرحمن بن فروخ ، قال : اشترى
نافع بن عبد الحارث عامل
nindex.php?page=showalam&ids=2عمر بن الخطاب على
مكة من
nindex.php?page=showalam&ids=90صفوان بن أمية بن خلف دار السجن بأربعة آلاف ، فإن رضي
nindex.php?page=showalam&ids=2عمر فالبيع له ، وإن لم يرض
nindex.php?page=showalam&ids=2عمر nindex.php?page=showalam&ids=90فلصفوان أربع مائة ؟ .
قلنا : قد جاء لبعض السلف خلاف لهذا ، كما روي عن
nindex.php?page=showalam&ids=16248طاوس أنه كره السجن
بمكة ، وقال : لا ينبغي أن يكون بيت عذاب في بيت رحمة - وبهذا نأخذ .
فإن أنكروا علينا خلاف
nindex.php?page=showalam&ids=2عمر ،
ونافع ،
nindex.php?page=showalam&ids=90وصفوان في ذلك . قلنا لهم : نحن لا ننكر هذا إذا أوجبه قرآن أو سنة ، ولكن إذ تنكرون هذا ولا يحل عندكم فكيف استجزتم خلافه في هذا الخبر نفسه ، في أنه نص
nindex.php?page=showalam&ids=2عمر " فله بيعه وإن لم يرض
nindex.php?page=showalam&ids=90فلصفوان أربع مائة " ؟ وهذا عند جميع الحاضرين من المخالفين ربا محض ، فعاد الإثم عليهم والعار أيضا في خلافهم ما لا يستحلون خلافه إلى خلافهم :
nindex.php?page=showalam&ids=2عمر ، وابنه ،
وأبي شريح ،
nindex.php?page=showalam&ids=11وابن عباس ،
nindex.php?page=showalam&ids=14وابن الزبير ، في أن لا يقام قود
بمكة أصلا ، ولا مخالف لهم من الصحابة - رضي الله عنهم - والقرآن معهم ، والسنة ، ورسول الله صلى الله عليه وسلم معهم يهتف بذلك على الناس ثاني يوم الفتح .
فهذا هو الإجماع الثابت المقطوع به على جميع الصحابة أنهم قالوا به .
وأما نحن فلا حجة عندنا في قول الله تعالى ، وقول رسول الله صلى الله عليه وسلم وحكمه - وبالله تعالى التوفيق .