2115 - مسألة : ولو أن
إنسانا هيج كلبا ، أو أطلق أسدا ، أو أعطى أحمق سيفا فقتل رجلا : كل من ذكرنا فلا ضمان على المهيج ، ولا على المطلق ، ولا على المعطي السيف ; لأنهم لم يباشروا الجناية ، ولا أمروا بها من يطيعهم .
فلو أنه أشلى الكلب على إنسان ، أو حيوان فقتله : ضمن المال وعليه القود مثل ذلك ، ويطلق عليه كلب مثله حتى يفعل به مثل ما فعل الكلب بإطلاقه ، لأنه هاهنا هو الجاني القاصد إلى إتلاف ما أتلف الكلب بإغرائه .
ولو أن
امرأ حفر حفرة وغطاها ، وأمر إنسانا أن يمشي عليها ، فمشى عليها ذلك الإنسان مختارا للمشي - عالما ، أو غير عالم - : فلا ضمان على آمره بالمشي ، ولا
[ ص: 209 ] على الحافر ، ولا على المعطي ، لأنهم لم يمشوه ، ولا باشروا إتلافه ، وإنما هو باشر شيئا باختياره - ولا فرق بين هذا بين من غر إنسانا فقال له : طريق كذا أمن هو ؟ فقال له : نعم ، هو في غاية الأمن - وهو يدري أن في الطريق المذكور أسدا هائجا ، أو جملا هائجا ، أو كلابا عقارة ، أو قوما قطاعين للطريق ، يقتلون الناس - فنهض السائل مغترا بخبر هذا الغار له ، فقتل وذهب ماله .
وكذلك : من
رأى أسدا فأراد الهروب عنه ؟ فقال له إنسان من غر به : لا تخف ، فإنه مقيد ؟ فاغتر بقوله ومشى ، فقتله الأسد - فهذا كله لا قود على الغار ، ولا ضمان أصلا في دم ولا مال ، لأنه لم يباشر شيئا ، ولا أكره ؟ فلو أنه أكرهه على المشي على الحفرة فهلك فيها ، أو طرحه إلى الأسد أو إلى الكلب ؟ فعليه القود .
فلو طرحه إلى أهل الحرب ، أو البغاة فقتلوه : فهم القتلة لا الطارح - بخلاف طرحه إلى من لا يعقل ، لأن من لا يعقل آلة للطارح .
وكذلك - لو
أمسكه لأسد فقتله ، أو لمجنون فقتله ، فالممسك هاهنا هو القاتل - بخلاف إمساكه إياه لقتل من يعقل - وبالله تعالى التوفيق .