2118 - مسألة : من
استعان صبيا أو عبدا بغير إذن أهله فتلف ؟ حدثنا
محمد بن سعيد بن نبات نا
عبد الله بن نصر نا
nindex.php?page=showalam&ids=16802قاسم بن أصبغ نا
nindex.php?page=showalam&ids=13629ابن وضاح نا
nindex.php?page=showalam&ids=17180موسى بن معاوية نا
nindex.php?page=showalam&ids=17277وكيع نا
nindex.php?page=showalam&ids=12424إسرائيل عن
nindex.php?page=showalam&ids=36جابر عن
الشعبي أنه قال في رجل أعطى صبيا فرسا فقتله ؟ قال : يضمن الرجل .
وبه - إلى
nindex.php?page=showalam&ids=17277وكيع نا
سفيان عن
أشعث عن
الحكم عن
nindex.php?page=showalam&ids=12354إبراهيم قال : من استعان عبدا بغير إذن أهله فعنت فهو ضامن .
وعن
الشعبي في عبد رجل أكرهه رجل فحمله على دابة فأوطأ رجلا فقتله ؟ قال : يغرم الذي حمل العبد .
قال
nindex.php?page=showalam&ids=13064أبو محمد : من استعان صغيرا حرا أو عبدا فعنت ، فهو ضامن .
ومن
استعان كبيرا حرا أو عبدا فعنت فهو غير ضامن : روينا من طريق
nindex.php?page=showalam&ids=12508أبي بكر بن أبي شيبة نا
nindex.php?page=showalam&ids=17277وكيع نا
nindex.php?page=showalam&ids=12424إسرائيل عن
nindex.php?page=showalam&ids=36جابر عن
الشعبي أنه قال في رجل أعطى رجلا فرسا فقتله : أنه لا يضمن ، إلا أن يكون عبدا أو صبيا .
وعن
nindex.php?page=showalam&ids=16732عوف بن أبي جميلة ، قال : كان
عمر بن حيان الحماني يصنع الخيل ، وأنه حمل ابنه على فرس فخر ، فتقطر من الفرس فمات ، فجعلت ديته على عاقلته زمان
زياد بالبصرة .
وعن
nindex.php?page=showalam&ids=15562بكير بن الأشج أن
nindex.php?page=showalam&ids=12ابن عمر قال : من حمل غلاما لم يبلغ الحلم بغير إذن أهله فسقط فمات ، فقد غرم .
[ ص: 213 ] وعن
nindex.php?page=showalam&ids=16879مجاهد عن
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس مثل قول
nindex.php?page=showalam&ids=12ابن عمر هذا ؟ وقال : يغرم ديته لو جرحه .
وعن
nindex.php?page=showalam&ids=15885ربيعة ،
nindex.php?page=showalam&ids=11863وأبي الزناد أنهما قالا جميعا : من استعان غلاما لم يبلغ الحلم فهو لما أصابه ضامن - وقالا في الحر يملك نفسه : ليس على أحد استعانة شيء إذا أتى ذلك طائعا ؟ قال
nindex.php?page=showalam&ids=15885ربيعة : إلا أن يستغفل ، أو يستجهل .
قال
nindex.php?page=showalam&ids=16472ابن وهب : وسمعت
nindex.php?page=showalam&ids=15124الليث يقول مثل قول
nindex.php?page=showalam&ids=11863أبي الزناد .
وعن
nindex.php?page=showalam&ids=16815قتادة عن
nindex.php?page=showalam&ids=15826خلاس بن عمرو أن
nindex.php?page=showalam&ids=8علي بن أبي طالب قال في الغلام يستعينه رجل - ولم يبلغ خمسة أشبار - : فهو ضامن حتى يرجع - ، وإن استعانه بإذن أهله فلا ضمان عليه .
وعن
nindex.php?page=showalam&ids=12354إبراهيم النخعي قال : من استعان مملوكا بغير إذن مواليه ضمن .
قال
nindex.php?page=showalam&ids=13064أبو محمد : فحصل من هذه الأقوال عن
nindex.php?page=showalam&ids=8علي بن أبي طالب أنه من استعان غلاما - لم يبلغ خمسة أشبار - بغير إذن أهله فهو له ضامن ، فإن بلغ خمسة أشبار فلا ضمان عليه - ، وإن استعانه بإذن أهله - ، وهذا صحيح عن
nindex.php?page=showalam&ids=8علي بن أبي طالب - رضي الله عنه . وعن
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس ،
nindex.php?page=showalam&ids=12وابن عمر - رضي الله عنهما - من حمل غلاما بغير إذن أهله فسقط فمات فقد غرم ، إلا أنه لا يصح عنهما .
أما عن
nindex.php?page=showalam&ids=12ابن عمر فرواه
nindex.php?page=showalam&ids=16457ابن لهيعة - وليس بشيء ، وأما
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس فرواه عنه
يزيد بن عياض - وهو مذكور بالكذب .
وحصل عن
الشعبي : من أعطى صبيا فرسا فقتله ، فالمعطي ضامن وعن
nindex.php?page=showalam&ids=15885ربيعة ،
nindex.php?page=showalam&ids=11863وأبي الزناد ، نحو ذلك .
وعن
nindex.php?page=showalam&ids=15741حماد بن أبي سليمان ، نحو ذلك .
فلم يفرق هؤلاء بين إذن أهله ، ولا بين غير إذنهم .
وحصل من قول
الشعبي : من استعان عبدا بالغا بغير إذن سيده ، فلا ضمان عليه إن تلف - وعن
الزهري ،
nindex.php?page=showalam&ids=16568وعطاء ، نحوه .
[ ص: 214 ] وأما المتأخرون - فإن
nindex.php?page=showalam&ids=11990أبا حنيفة ،
nindex.php?page=showalam&ids=14954وأبا يوسف ،
nindex.php?page=showalam&ids=16908ومحمد بن الحسن ، قالوا : من
غصب صبيا حرا فمات عنده بحمى أو فجأة فلا شيء عليه - فإن أصابته صاعقة ، أو نهشته حية : فديته على عاقلة الغاصب ، وكان
nindex.php?page=showalam&ids=15922زفر يقول : لا يضمن في شيء من ذلك .
وقال
nindex.php?page=showalam&ids=16004سفيان الثوري :
إذا أرسل صبيا في حاجة فجنى الصبي جناية ، قال : فليس على الذي أرسله شيء من جنايته ، قال : فإذا
أرسل مملوكا في حاجة فجنى ، فإن الجناية على الذي أرسله ، قال : فإن استعمل أجيرا صغيرا في حاجة فأكله الذئب فلا شيء عليه .
وقال
nindex.php?page=showalam&ids=14117الحسن بن حي : من أمر صغيرا ، أو مملوكا لغيره بأن يسقيه ماء ، أو يناوله وضوءا فلا بأس بذلك ، قال : فإن عنتا في ذلك فعليه ضمانهما .
وقال
nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك : الأمر الذي عليه الفقهاء منهم : أن الرجل إذا استعان صغيرا ، أو عبدا مملوكا في شيء له بال ، فإنه ضامن لما أصابهما - إذا كان ذلك بغير إذن - وإذا أمر الرجل الصبي الحر أن ينزل في بئر ، أو يرقى في نخلة ، فهلك في ذلك : أن الذي أمره ضامن لما أصابه - فإن استعان كبيرا حرا فأعانه ، فلا شيء عليه إلا أن يستغفل أو يستجهل .
قال
nindex.php?page=showalam&ids=13064أبو محمد : وقد روينا عن
nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك : أن من
غصب حرا فباعه فطلب ؟ فلم يوجد : أنه يضمن ديته - وأما
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي - فلا نعلم له في هذا قولا .
وقد روي عن
أم سلمة أم المؤمنين - رضي الله عنها - أنها بعثت إلى معلم الكتاب ، ابعث لي غلمانا ينفشون صوفا ولا تبعث إلي حرا ؟ قال
nindex.php?page=showalam&ids=13064أبو محمد : فلما اختلفوا - كما ذكرنا - وجب أن ننظر في ذلك ليلوح الحق من ذلك فنتبعه - بعون الله تعالى ومنه - فابتدأنا بما روي في ذلك عن الصحابة رضي الله عنهم : فأما الرواية - عن
أم سلمة رضي الله عنها في طلبها غلمانا ينفشون لها الصوف ، واشترطت : أن لا يكون فيهم حر ؟ فليس فيه من حكم التضمين قليل ولا كثير ، فلا مدخل له في هذا الباب - والله أعلم بمرادها - ولعل نفش الصوف كان بحضرتها
[ ص: 215 ] فكرهت أن يراها حر من الصبيان - ولعله قد قارب البلوغ فلا يحل له ذلك - ورؤية العبيد لها مباح ، ونفش الصوف لا يطيقه إلا من له قوة من الغلمان - والله أعلم - ولا نقطع بهذا أيضا إلا أننا نقطع أنه ليس خبرها هذا من حكم التضمين ؟ .
قال
nindex.php?page=showalam&ids=13064أبو محمد : ثم نظرنا في قول
nindex.php?page=showalam&ids=8علي بن أبي طالب - رضي الله عنه - الذي لم يصح عن صاحب في هذا الباب شيء غيره ، فوجدناه حد مقدار الصبي في ذلك بخمسة أشبار - وقد خالفه الحنفيون ، والمالكيون ، والشافعيون في ذلك ، ومن الباطل أن يحتجوا على خصومهم بقول قد خالفوه هم .
قال
nindex.php?page=showalam&ids=13064أبو محمد : وبقيت الأقوال غيرها ، وهي تنقسم ثلاثة أقسام : أحدها - تضمين من استعان عبدا أو صغيرا بغير إذن أهلهما وترك تضمينه ، إن استعناهما بإذن أهلهما .
والثاني - تضمينه كيفما استعانهما بإذن أهلهما ، أو بغير إذنهما .
والثالث - قول
الشعبي : أن العبد الكبير لا يضمن من استعانه ، لكن من استعان الصغير ضمن .
ثم نظرنا في قول
nindex.php?page=showalam&ids=11990أبي حنيفة ، وأصحابه ، فوجدناه في غاية الفساد ; لأنه فرق في الصغير يغصب بين أن يموت حتف أنفه ، أو بحمى ، أو فجأة ، فلا يضمن غاصبه شيئا ، وبين أن يموت بصاعقة تحرقه ، أو حية تنهشه فيضمن ديته - وهذا عجب لا نظير له .
وهذا قول لا يعضده قرآن ، ولا سنة صحيحة ولا مستقيمة ، ولا إجماع ، ولا قول صاحب ، ولا قياس ، ولا رأي سديد ، ولا معقول ، ولا احتياط - وما نعلم أحدا قال هذا القول قبله ، وهذا مما انفرد به - فسقط هذا القول بلا مرية .
ثم نظرنا في قول
nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك فوجدناه أيضا خطأ ; لأنه فرق بين استعانة الصغير والعبد في الأمر ذي البال فيضمن ، ومن استعانهما في الأمر غير ذي البال فلا يضمن - وهذا أيضا تقسيم لا يؤيده قرآن ، ولا سنة صحيحة ، ولا سقيمة ، ولا إجماع ، ولا قول
[ ص: 216 ] صاحب ، ولا قياس ، ولا رأي سديد ولا معقول - ولا يخلو مستعين الصغير من أن يكون متعديا بذلك ، أو لا يكون متعديا .
- : فإن كان متعديا فحكم العدوان في القليل والكثير سواء - وإن كان ليس متعديا ، فالقليل والكثير مما ليس عدوانا سواء - ، وكذلك إيجاب الدية على من باع حرا فلم يوجد الحر ؟ فهذا لا وجه له ; لأنه لم يقتله .
وأما قول
nindex.php?page=showalam&ids=14117الحسن بن حي فخطأ أيضا ; لأنه لم ير بأسا أن يستسقي المرء الصبي ، وعبد غيره الماء ، أو يكلفهما أن يحملا له وضوءا - ثم رأى عليه ضمانهما إن تلفا في ذلك ، فكيف يجعل الضمان فيما حدث من فعل قد أباحه لفاعله مما لم يباشر هو تلك الجناية هذا ظلم ظاهر .
وأما قول
سفيان فخطأ أيضا من وجوه : أولها - أنه فرق بين الرجل يرسل الصغير والعبد لغيره في حاجته بغير إذن أهلهما فجنى كل واحد منهما جناية فيضمن المرسل جناية العبد الكبير ، ولا يضمن جناية الحر الصغير - وهو قول لا يعضده شيء من الدلائل .
والقول الثاني - من أرسل صغيرا في حاجته فأكله الذئب فلا شيء عليه .
فإن استأجر أجيرا صغيرا في عمل شاق فتلف فيه ضمن - وإن كان الأجير كبيرا لم يضمن - فهذه فروق لم يأت بها نص ولا إجماع ؟ قال
nindex.php?page=showalam&ids=13064أبو محمد : فنظرنا ، هل نجد في شيء من هذا عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ؟ فوجدنا - من طريق
nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري نا
nindex.php?page=showalam&ids=16707عمرو بن زرارة نا
إسماعيل بن إبراهيم عن
عبد العزيز عن
nindex.php?page=showalam&ids=9أنس قال : {
nindex.php?page=hadith&LINKID=51767لما قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم المدينة أخذ nindex.php?page=showalam&ids=86أبو طلحة بيدي فانطلق بي إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : يا رسول الله إن nindex.php?page=showalam&ids=9أنسا غلام كيس فليخدمك ، فخدمته في السفر والحضر ، فوالله ما قال لي لشيء صنعته : لم صنعته هكذا ؟ ولا لشيء لم أصنعه : لم لم تصنع هذا هكذا }
فوجدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم قد استخدم
nindex.php?page=showalam&ids=9أنس بن مالك وهو يتيم ابن عشر سنين في الأسفار البعيدة ، والقريبة ، والغزوات المخيفة ، وفي الحضر .
[ ص: 217 ] فإن قال قائل : إن ذلك كان بإذن أمه وزوجها وأهله ؟ قلنا له - وبالله تعالى التوفيق - : نعم ، قد كان هذا ، ولم يقل رسول الله صلى الله عليه وسلم إني إنما استخدمته لإذن أهله لي في ذلك ، فإذا لم يقل ذلك - عليه الصلاة والسلام فإذنهم وترك إذنهم على السواء وإنما المراعى في ذلك حسن النظر للغلام ، فإن كان ما استعانه في عمله للأجنبي نظرا له فهو فعل خير - أذن أهله ووليه أم لم يأذنوا - وإن كان ليس له نظر له فهو ظلم - : أذن أهله في ذلك أم لم يأذنوا .
برهان ذلك : قول الله تعالى {
كونوا قوامين بالقسط } .
وقوله تعالى {
وتعاونوا على البر والتقوى } ولم يأت بمراعاة إذن أهل الغلام : لا قرآن ، ولا سنة صحيحة ، ولا إجماع - فبطل مراعاة إذنهم بيقين ، ولم يبق إلا أن يكون المستعين بالغلام ناظرا للغلام في تلك الاستعانة أو غير ناظر له - : فإن كان ناظرا له فهو محسن ، وإذا هو محسن فلا ضمان عليه فيما أصابه مما لم يجنه هو ، لقوله تعالى {
ما على المحسنين من سبيل } وإن كان غير ناظر له في ذلك فهو ظالم له ، ولكن ليس كل ظالم يضمن دية المظلوم .
ألا تراهم لا يختلفون فيمن ظلم إنسانا حرا يسخره إلى مكان بعيد فتلف هنالك ؟ فإنه لا يضمنه الظالم له ، ولا فرق هاهنا بين ظلم صغير أو كبير .
وقد قلنا : إنه لا دية إلا على قاتل ، والمستعين الظالم لم يتلف المستعان في ذلك العمل ، فإن المستعين له لا يسمى قاتلا له ، ولا مباشر قتله ، فلا ضمان عليه أصلا - صغيرا كان أو كبيرا - إلا أن يباشر ، أو يأمر بإكراهه وإدخاله البئر ، أو تطليعه في مهواة فيطلع كرها لا اختيار له في ذلك - فهذا قاتل عمد عليه القود ، فظهر أمر الصغير - وبالله تعالى التوفيق .
وأما العبد - يسخره غير سيده ، فإن كان لم يكرهه لكن استعانه برغبة فأعانه فتلف ، فإنه أيضا لم يباشر إتلافه ، ولا ضمه بغصب ، فلا غرامة فيه أصلا ، ولكن عليه إجارة مثله ; لأنه انتفع به في ذلك العمل - وهو مال غيره - فلا يحل له الانتفاع بمال غيره إلا بإذن رب المال .
[ ص: 218 ] قال الله تعالى {
ولا تأكلوا أموالكم بينكم بالباطل } .
وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم {
nindex.php?page=hadith&LINKID=47739إن دماءكم وأموالكم عليكم حرام } .
فإن غصب العبد فاستعمله ، أو أكرهه بالتهديد ، فقد غصب أيضا ، وقد ضمن مغتصبه كل ما أصابه عنده من أي شيء كان ، وإن مات حتف أنفه من غير ما سخره فيه ، أو مما سخره فيه ، وعليه مع ذلك أجرة مثله ; لأنه مال تعدى عليه هذا المكره ، فلزمه رده إلى صاحبه ولا بد ، أو مثله إن فات ، لأنه متعد - والله تعالى يقول : {
فمن اعتدى عليكم فاعتدوا عليه بمثل ما اعتدى عليكم } ، وإن كان بإذن أهله فلا شيء في ذلك ; لأنه لم يعتد ، بخلاف الصغير الذي لا إذن لهم فيه ، إلا فيما هو حظ للصبي فقط ، وإلا في غيره سواء ، وبالله تعالى التوفيق .