2160 - مسألة :
هل للعادل أن يعمد قتل أبيه الباغي أم لا ؟ قال
nindex.php?page=showalam&ids=13064أبو محمد رحمه الله : قال قائلون : لا يحل لمن كان من أهل العدل قتل أبيه ، أو أخيه ، أو ذي رحم من أهل البغي عمدا ، لكن إن ضربه ليصير بذلك غير ممتنع من أخذ الحق منه ، فلا حرج عليه في ذلك .
قال
nindex.php?page=showalam&ids=13064أبو محمد رحمه الله : ولسنا نقول بهذا ، فإن بر الوالدين وصلة الرحم إنما أمر الله تعالى بهما ما لم يكن في ذلك معصية لله تعالى وإلا فلا ، وقد صح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال {
nindex.php?page=hadith&LINKID=48020لا طاعة لأحد في معصية الله تعالى } وقد أمر الله تعالى بقتال الفئة الباغية ولم يخص بذلك ابنا من أجنبي ، وأمر بإقامة الحدود كذلك قال الله تعالى {
لا ينهاكم الله عن الذين لم يقاتلوكم في الدين } الآية .
{
إنما ينهاكم الله عن الذين قاتلوكم في الدين } إلى قوله تعالى {
ومن يتولهم فأولئك هم الظالمون } وقال تعالى {
لا تجد قوما يؤمنون بالله واليوم الآخر يوادون من حاد الله ورسوله } الآية .
وقتال أهل البغي قتال في الدين ، إلا أننا لا نختار أن يعمد المرء إلى أبيه - خاصة - أو جده ، ما دام يجد غيرهما ، فإن لم يفعل فلا حرج .
وهكذا القول في إقامة الحد عليهما ، وعلى الأم والجدة في القتل ، والقطع والقصاص ، والجلد ، ولا فرق .
[ ص: 350 ] فأما إذا
رأى العادل أباه الباغي ، أو جده ، يقصد إلى مسلم يريد قتله ، أو ظلمه ، ففرض على الابن حينئذ أن لا يشتغل بغيره عنه ، وفرض عليه دفعه عن المسلم - بأي وجه أمكنه - وإن كان في ذلك قتل الأب ، والجد ، والأم .
برهان ذلك : ما روينا من طريق
nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري نا
سعيد بن الربيع نا
nindex.php?page=showalam&ids=16102شعبة عن
الأشعث بن سليم قال : سمعت
معاوية بن سويد بن مقرن يقول : سمعت
nindex.php?page=showalam&ids=48البراء بن عازب قال : {
nindex.php?page=hadith&LINKID=48021أمرنا النبي صلى الله عليه وسلم بسبع ونهانا عن سبع - فذكر - عيادة المرض ، واتباع الجنائز ، وتشميت العاطس ، ورد السلام ، ونصر المظلوم ، وإجابة الداعي ، وإبرار المقسم } وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم {
nindex.php?page=hadith&LINKID=48022انصر أخاك ظالما أو مظلوما ، قيل : يا رسول الله هذا ننصره مظلوما فكيف ننصره ظالما ؟ قال : تمنعه ، تأخذ فوق يده } وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم {
nindex.php?page=hadith&LINKID=48023المسلم أخو المسلم لا يظلمه ولا يسلمه } فهذا أمر من رسول الله صلى الله عليه وسلم أن لا يسلم المرء أخاه المسلم لظلم ظالم ، وأن يأخذ فوق يد كل ظالم ، وأن ينصر كل مظلوم ، فإذا رأى المسلم أباه الباغي ، أو ذا رحمه - كذلك - يريد ظلم مسلم ، أو ذمي ، ففرض عليه منعه من ذلك ، بكل ما لا يقدر على منعه إلا به من قتال أو قتل ، فما دون ذلك على عموم هذه الأحاديث وإنما افترض الله تعالى الإحسان إلى الأبوين ، وأن لا ينهرا ، وأن يخفض لهما جناح الذل من الرحمة ، فيما ليس فيه معصية الله تعالى فقط .
وهكذا نقول : أنه لا يحل لمسلم له أب كافر أو أم كافرة ، أن يهديهما إلى طريق الكنيسة ، ولا أن يحملهما إليها ، ولا أن يأخذ لهما قربانا ، ولا أن يسعى لهما في خمر لشريعتهما الفاسدة ، ولا أن يعينهما على شيء من معاصي الله تعالى من زنى ، أو سرقة ، أو غير ذلك ، وأن لا يدعه يفعل شيئا من ذلك - وهو قادر على منعه ، قال الله تعالى {
وتعاونوا على البر والتقوى ولا تعاونوا على الإثم والعدوان } وهذه وصية جامعة لكل خير في العالم .
[ ص: 351 ] قال
nindex.php?page=showalam&ids=13064أبو محمد رحمه الله : وأما الفئتان الباغيتان معا فلا يحل للمسلمين إلا منعهما وقتالهم جميعا ; لأن كل واحدة منهما باغية على الأخرى ، فمن عجز عن ذلك وسعته التقية وأن يلزم منزله ، ومسجده ، ومعاشه ، ولا مزيد ، وكلاهما لا يدعو إلى الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر .
برهان ذلك : ما روينا من طريق
nindex.php?page=showalam&ids=17080مسلم ني
nindex.php?page=showalam&ids=16696عمرو الناقد نا
nindex.php?page=showalam&ids=16008سفيان بن عيينة عن
nindex.php?page=showalam&ids=12341أيوب السختياني عن
nindex.php?page=showalam&ids=16972محمد بن سيرين قال : سمعت
nindex.php?page=showalam&ids=3أبا هريرة يقول : قال
أبو القاسم صلى الله عليه وسلم {
nindex.php?page=hadith&LINKID=48024من أشار إلى أخيه بحديدة فإن الملائكة تلعنه ، وحتى إن كان أخاه لأبيه وأمه } ومن طريق
nindex.php?page=showalam&ids=17080مسلم نا
nindex.php?page=showalam&ids=16957محمد بن رافع نا
nindex.php?page=showalam&ids=16360عبد الرزاق نا
nindex.php?page=showalam&ids=17124معمر عن
nindex.php?page=showalam&ids=17257همام بن منبه قال : هذا ما نا
nindex.php?page=showalam&ids=3أبو هريرة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم فذكر أحاديث : منها : وقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم {
nindex.php?page=hadith&LINKID=48025لا يشر أحدكم إلى أخيه بالسلاح فإنه لا يدري أحدكم لعل الشيطان ينزغ في يده فيقع في حفرة من النار } .
ومن طريق
أحمد بن شعيب نا
nindex.php?page=showalam&ids=17052محمود بن غيلان نا
nindex.php?page=showalam&ids=14724أبو داود الطيالسي عن
nindex.php?page=showalam&ids=16102شعبة أخبرني
nindex.php?page=showalam&ids=17152منصور - هو ابن المعتمر - قال : سمعت
ربعيا - هو ابن حراش - يحدث عن
nindex.php?page=showalam&ids=130أبي بكرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم {
nindex.php?page=hadith&LINKID=48026إذا أشار المسلم على أخيه بالسلاح فهما على حرف جهنم فإذا قتله خرا فيها جميعا } .
فهذه صفة الطائفتين إذا كانتا باغيتين ، ولا يمكن أن تكونا معا عادلتين ونسأل الله تعالى العافية .
وإنما قلنا : أن يقاد للباغي إذا قوتل ليفيء إلى أمر الله فقط ، ولم نحله بغير هذا الوجه ، فمن قتل باغيا ليفيء إلى أمر الله تعالى فقد قتله كما أمره الله تعالى - وكذلك لو قطع له عضوا في الحرب ، أو عقر تحته فرسا ، أو أفسد له لباسا في المضاربة ، فلا ضمان في شيء من ذلك ; لأنه فعل كل ذلك كما أمره الله تعالى ، ومن فعل كما أمره الله تعالى فقد أحسن ، ومن أحسن فلا شيء عليه ، لقوله تعالى {
ما على المحسنين من سبيل }