2181 - مسألة :
الإقرار بالحد بعد مدة ، وأيهما أفضل الإقرار أم الاستتار به ؟ قال
nindex.php?page=showalam&ids=13064أبو محمد رحمه الله : اختلف الناس في ذلك ، فلما اختلفوا وجب أن ننظر فيما اختلفوا فيه لنعلم الحق من ذلك فنتبعه - بعون الله تعالى - : فنظرنا فيما احتجت به الطائفة المختارة للستر ، وأن جميع الأمة متفقون على أن الستر مباح ، وأن الاعتراف مباح ، إنما اختلفوا في الأفضل ، ولم يقل أحد من أهل الإسلام : إن المعترف بما عمل مما يوجب الحد : عاص لله تعالى في اعترافه ، ولا قال أحد من أهل الإسلام قط : إن الساتر على نفسه ما أصاب من حد : عاص لله تعالى : فنظرنا في تلك الأخبار التي جاءت في ذلك فوجدناها كلها لا يصح منها شيء ،
[ ص: 51 ] إلا خبرا واحدا في آخرها ، لا حجة لهم فيه ، على ما نبين إن شاء الله تعالى .
وأما خبر
هزال الذي صدرنا به من طريق
nindex.php?page=showalam&ids=16102شعبة عن
nindex.php?page=showalam&ids=16920محمد بن المنكدر عن
ابن هزال عن أبيه : فمرسل ، فلا حجة فيه ; لأنه مرسل .
وكذلك الذي من طريق
nindex.php?page=showalam&ids=16418ابن المبارك عن
يحيى بن سعيد عن
ابن المنكدر -
ويزيد بن النعيم أيضا مرسل .
وكذلك حديث
nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك عن
nindex.php?page=showalam&ids=17314يحيى بن سعيد الأنصاري : مرسل أيضا .
وحديث
nindex.php?page=showalam&ids=15124الليث عن
يحيى بن سعيد مرسل أيضا - فبطل الاحتجاج برواية
يحيى بن سعيد - وبالله تعالى التوفيق .
ثم نظرنا في هذا الخبر من طريق
nindex.php?page=showalam&ids=16585عكرمة بن عمار ، فوجدناه لا حجة فيه لوجهين : أحدهما : أنه مرسل ، والثاني : أن
nindex.php?page=showalam&ids=16585عكرمة بن عمار ضعيف .
ثم نظرنا فيه من طريق
nindex.php?page=showalam&ids=15679حبان بن هلال عن
أبان بن يزيد عن
nindex.php?page=showalam&ids=17298يحيى بن أبي كثير عن
nindex.php?page=showalam&ids=12031أبي سلمة بن عبد الرحمن بن عوف عن
يزيد بن نعيم بن هزال الأنصاري عن
nindex.php?page=showalam&ids=16430عبد الله بن دينار فوجدناه أيضا مرسلا .
ثم نظرنا فيه من طريق
nindex.php?page=showalam&ids=13036ابن جريج عن
nindex.php?page=showalam&ids=17314يحيى بن سعيد الأنصاري عن
nindex.php?page=showalam&ids=16430عبد الله بن دينار : فوجدناه أيضا مرسلا .
ثم نظرنا فيه من رواية
nindex.php?page=showalam&ids=17124معمر عن
nindex.php?page=showalam&ids=12341أيوب السختياني عن
nindex.php?page=showalam&ids=15771حميد بن هلال : فوجدناه أيضا مرسلا .
ثم نظرنا فيه من رواية
الحبلي عن
nindex.php?page=showalam&ids=12134أبي قلابة - فوجدناه مرسلا .
وأما حديث
nindex.php?page=showalam&ids=15744حماد بن سلمة ، ففيه
أبو المنذر لا يدرى من هو -
وأبو أمية المخزومي ولا يدرى من هو ؟ وهو أيضا مرسل ، وحتى لو صح هذا الخبر لما كان لهم فيه حجة ، لأنه ليس فيه إلا {
nindex.php?page=hadith&LINKID=34173ما إخالك سرقت } ورسول الله صلى الله عليه وسلم لا يقول إلا الحق - فلو صح أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال للذي سيق إليه بالسرقة {
nindex.php?page=hadith&LINKID=34173ما إخالك سرقت } لكنا على
[ ص: 52 ] يقين من أنه عليه السلام قد صدق في ذلك ، وأنه على الحقيقة يظن أنه لم يسرق ، وليس في هذا تلقين له ، ولا دليل على أن الستر أفضل - فبطل تعلقهم بهذا الخبر جملة .
وأما حديث
nindex.php?page=showalam&ids=17080مسلم في الإجهاد فلا حجة فيه لوجهين :
أحدهما : أنه من رواية
محمد بن عبد الله بن أخي الزهري ، وهو ضعيف .
والثاني : أنه لو صح لما كانت لهم فيه حجة أصلا ، لأن الإجهاد المذكور إنما هو ما ذكره المرء مفتخرا به ، لأنه ليس في هذا الخبر أنه يخبر به الإمام معترفا ليقام عليه كتاب الله تعالى ، وإنما فيه ذم المجاهرة بالمعصية - وهذا لا شك فيه حرام .
ثم نظرنا في حديث
nindex.php?page=showalam&ids=17080مسلم الذي رواه
ابن شهاب عن
nindex.php?page=showalam&ids=233أبي سلمة ،
nindex.php?page=showalam&ids=15990وسعيد بن المسيب عن
nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة {
أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أعرض عن المعترف مرات } فوجدناه صحيحا لا داخلة فيه لأحد ، إلا أنه لا حجة لهم فيه ، لأن الناس في سبب إعراض رسول الله صلى الله عليه وسلم عنه على قولين : فطائفة قالت : إنما أعرض عنه ، لأن الإقرار بالزنى لا يتم إلا
[ ص: 53 ] بتمام أربع مرات ، وطائفة قالت : إنما أعرض عنه - عليه السلام - لأنه ظن أن به جنونا ، أو شرب خمرا - ولم يقل أحد من الأمة : أن الحاكم إذا ثبت عنده الإقرار بالحد جاز له أن يستره ولا يقيمه - فبطل تعلقهم بهذا الخبر ، وسنستقصي الكلام في تصحيح أحد هذين الوجهين بعد هذا - إن شاء الله تعالى .
قال
nindex.php?page=showalam&ids=13064أبو محمد : فلم يبق لهذه الطائفة خبر يتعلقون به أصلا ؟ ثم نظرنا فيما روي في ذلك عن الصحابة - رضي الله عنهم - فوجدناه أيضا لا يصح منه شيء : أما الرواية عن
nindex.php?page=showalam&ids=1أبي بكر ،
nindex.php?page=showalam&ids=2وعمر - رضي الله عنهما - في قولهما
للأسلمي : استتر بستر الله ، فلا تصح ، لأنها عن
nindex.php?page=showalam&ids=15990سعيد بن المسيب مرسلة .
وكذلك حديث
nindex.php?page=showalam&ids=12377إبراهيم بن طهمان عن
nindex.php?page=showalam&ids=17177موسى بن عقبة عن
nindex.php?page=showalam&ids=16474عبد الله بن يزيد عن
nindex.php?page=showalam&ids=16985محمد بن عبد الرحمن : أن
nindex.php?page=showalam&ids=1أبا بكر فهو مرسل .
قال
nindex.php?page=showalam&ids=13064أبو محمد : ثم نظرنا فيما احتجت به الطائفة الأخرى ، فوجدنا الرواية عن الصحابة أن الطائفة منهم قالت : ما توبة أفضل من توبة
ماعز : جاء إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فوضع يده في يده وقال : اقتلني بالحجارة .
فصح هذا من قول طائفة عظيمة من الصحابة - رضي الله عنهم - بل لو قلنا : إنه لا مخالف لهذه الطائفة من الصحابة - رضي الله عنهم - لصدقنا ، لأن الطائفة الأخرى لم تخالفها ، وإنما قالت : لقد هلك
ماعز ، لقد أحاطت به خطيئته - فإنما أنكروا أمر الخطيئة لا أمر الاعتراف ، فوجدنا تفضيل الاعتراف لم يصح عن أحد من الصحابة - رضي الله عنهم - خلافه .
ثم نظرنا فيما احتجوا به من الآثار : فوجدناها في غاية الصحة والبيان ، لأن رسول الله صلى الله عليه وسلم حمد توبة
ماعز ، والغامدية ، وذكر عليه السلام : أن توبة
ماعز لو قسمت بين أمة لوسعتهم - وأن الغامدية لو تاب توبتها صاحب مكس لغفر له - وأن الجهينية لو قسمت توبتها بين سبعين من أهل
المدينة لوسعتهم ، ثم رفع - عليه السلام - الإشكال جملة ، فقال : إنها لم تجد أفضل من أن جادت بنفسها لله .
[ ص: 54 ]
فصح يقينا أن الاعتراف بالذنب ليقام عليه الحد أفضل من الاستتار له بشهادة النبي صلى الله عليه وسلم أنه لا أفضل من جود المعترف بنفسه لله تعالى .
قال
nindex.php?page=showalam&ids=13064أبو محمد رحمه الله : ومن البرهان على ذلك أيضا .
ما رويناه من طريق
nindex.php?page=showalam&ids=17080مسلم أنا
يحيى بن يحيى ،
nindex.php?page=showalam&ids=12508وأبو بكر بن أبي شيبة ،
nindex.php?page=showalam&ids=16696وعمرو الناقد ،
nindex.php?page=showalam&ids=12418وإسحاق بن إبراهيم - هو ابن راهويه -
ومحمد بن عبد الله بن نمير كلهم عن
nindex.php?page=showalam&ids=16008سفيان بن عيينة - واللفظ
لعمرو ، قال
nindex.php?page=showalam&ids=16008سفيان بن عيينة عن
الزهري عن
nindex.php?page=showalam&ids=11811أبي إدريس الخولاني عن {
nindex.php?page=hadith&LINKID=45570 nindex.php?page=showalam&ids=63عبادة بن الصامت قال : كنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في مجلس ، فقال : بايعوني على أن لا تشركوا بالله شيئا ، ولا تزنوا ، ولا تسرقوا ، ولا تقتلوا النفس التي حرم الله إلا بالحق ، فمن وفى منكم فأجره على الله ، ومن أصاب شيئا من ذلك فعوقب به فهو كفارة له ، ومن أصاب شيئا فستره الله عليه ، فأمره إلى الله ، إن شاء عفا عنه ، وإن شاء عذبه } .
قال
nindex.php?page=showalam&ids=13064علي رحمه الله : فارتفع الإشكال جملة - والحمد لله رب العالمين - وصح بنص كلام رسول الله صلى الله عليه وسلم وإعلامه أمته ، ونصيحته إياهم بأحسن ما علمه ربه تعالى ، أن من أصاب حدا فستره الله عليه فإن أمره إلى الله تعالى - إن شاء عذبه وإن شاء غفر له - وأن من أقيم عليه الحد فقد سقط عنه ذلك الذنب ، وكفره الله تعالى عنه - وبالضرورة ندري : أن يقين المغفرة أفضل من التعزير في إمكانها أو عذاب الآخرة ، وأين عذاب الدنيا كلها من غمسة في النار ؟ - نعوذ بالله منها - فكيف من أكثر من ذلك ؟ قال
nindex.php?page=showalam&ids=13064أبو محمد رحمه الله : فصح أن
اعتراف المرء بذنبه عند الإمام أفضل من الستر بيقين ، وأن الستر مباح بالإجماع - وبالله تعالى التوفيق