صفحة جزء
2198 - مسألة : من أصاب حدا ولم يدر بتحريمه ؟ قال أبو محمد رحمه الله : من أصاب شيئا محرما - فيه حد أو لا حد فيه - وهو جاهل بتحريم الله تعالى له فلا شيء عليه فيه - لا إثم ولا حد ولا ملامة - لكن يعلم ، فإن عاد أقيم عليه حد الله تعالى ، فإن ادعى جهالة نظر ، فإن كان ذلك ممكنا فلا حد عليه أصلا - وقد قال قوم بتحليفه ، ولا نرى عليه حدا ، ولا تحليفا - وإن كان متيقنا أنه كاذب لم يلتفت إلى دعواه ؟ قال أبو محمد : برهان ذلك قول الله تعالى { لأنذركم به ومن بلغ } فإن الحجة على من بلغته النذارة لا من لم تبلغه ، وقد قال الله تعالى { لا يكلف الله نفسا إلا وسعها } وليس في وسع أحد أن يعلم ما لم يبلغه ، لأنه علم [ ص: 108 ] غيب ، وإذا لم يكن ذلك في وسعه فلا يكلف الله أحدا إلا ما في وسعه ، فهو غير مكلف تلك القصة ، فلا إثم عليه فيما لم يكلفه ، ولا حد ولا ملامة .

وإنما سقط هذا عمن يمكن أن يعلم ، ويمكن أن يجهل ، فلقول رسول الله صلى الله عليه وسلم { إن دماءكم وأموالكم وأعراضكم وأبشاركم عليكم حرام } .

وقد جاءت في هذا عن السلف آثار كثيرة : كما روينا عن سعيد بن المسيب : أن عاملا لعمر بن الخطاب كتب إلى عمر يخبره : أن رجلا اعترف عنده بالزنى ؟ فكتب إليه عمر ، أن سله : هل كان يعلم أنه حرام ، فإن قال : نعم ، فأقم عليه الحد ، وإن قال : لا ، فأعلمه أنه حرام ، فإن عاد فاحدده .

وعن الهيثم بن بدر عن حرقوص قال : أتت امرأة إلى علي بن أبي طالب فقالت : إن زوجي زنى بجاريتي ، فقال : صدقت ، هي ومالها لي حل ، فقال له علي : اذهب ولا تعد ، كأنه درأ عنه الحد بالجهالة ؟

التالي السابق


الخدمات العلمية