ومن قال :
بقتل المرتد ولا بد ، دون ذكر استتابة أو قبولها : كما أوردنا عن
nindex.php?page=showalam&ids=32معاذ ،
nindex.php?page=showalam&ids=110وأبي موسى ،
nindex.php?page=showalam&ids=9وأنس ،
nindex.php?page=showalam&ids=11وابن عباس ،
ومعقل بن مقرن .
ومنهم من قال : بالاستتابة أبدا وإيداع السجن فقط : كما قد صح عن
nindex.php?page=showalam&ids=2عمر مما قد أوردنا قبل ، ووجوب القتال : هو حكم آخر غير وجوب القتل بعد القدرة ، فإن قتال من بغى على المسلم ، أو منع حقا قبله ، وحارب دونه : فرض واجب بلا خلاف - ولا حجة في قتال
nindex.php?page=showalam&ids=1أبي بكر - رضي الله عنه - أهل الردة ، لأنه حق بلا شك ، ولم نخالفكم في هذا ، ولا يصح - أصلا - عن
nindex.php?page=showalam&ids=1أبي بكر أنه ظفر بمرتد عن الإسلام غير ممتنع باستتابة ، فتاب ، فتركه ، أو لم يتب فقتله - هذا ما لا يجدونه .
وأما من بدل كفرا بكفر آخر ؟ قال
nindex.php?page=showalam&ids=13064أبو محمد رحمه الله : اختلف الناس فيمن خرج من كفر إلى كفر ؟ فقال
nindex.php?page=showalam&ids=11990أبو حنيفة ،
nindex.php?page=showalam&ids=16867ومالك [ ص: 117 ] nindex.php?page=showalam&ids=11956وأبو ثور : أنهم يقرون على ذلك ولا يعترض عليهم .
قال
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي ،
nindex.php?page=showalam&ids=15858وأبو سليمان ، وأصحابهما : لا يقرون على ذلك أصلا .
ثم اختلفوا - فقالت طائفة من أصحاب
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي : ينبذ إليه عهده ، ويخرج إلى دار الحرب ، فإن ظفر به بعد ذلك ؟ فمرة قال : إن رجع إلى دينه الكتابي الذي خرج منه أقر على حريته وترك .
ومرة قال : لا يترك بل لا يقبل منه إلا الإسلام أو السيف .
وبهذا يقول أصحابنا - إلا أنهم لا يرون إلحاقه بدار الحرب ، بل يجبر على الإسلام وإلا قتل ؟ قال
nindex.php?page=showalam&ids=13064أبو محمد رحمه الله : فلما اختلفوا نظرنا في ذلك : فوجدنا من قال : إنهم يقرون على ذلك ، يحتجون بقول الله تعالى {
والذين كفروا بعضهم أولياء بعض } وأمره تعالى أن يقول مخاطبا لجميع الكفار {
قل يا أيها الكافرون لا أعبد ما تعبدون ولا أنتم عابدون ما أعبد } ، إلى آخر السورة .
قالوا : فجعل الله تعالى الكفر كله دينا واحدا .
قالوا : وقد قال الله تعالى {
لا إكراه في الدين } فكان هذا ظاهرا يمنع من إكراهه على ترك كفره .
قالوا : ولا يخلو إذا أجبر على ترك الكفر الذي خرج إليه من أحد وجهين ، ولا ثالث لهما : إما أن يجبر على الرجوع إلى دينه الذي خرج عنه - كما قال
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي في أحد قوليه - أو يجبر على الرجوع إلى الإسلام ، كما قال هو في قوله الثاني ، وأصحابكم ، فإن أجبر على الرجوع إلى دينه فقد أجبر على اعتقاد الكفر ، وعلى الرجوع إلى الكفر .
قالوا : واعتقاد جواز هذا كفر ؟ قالوا : إن أكره على الرجوع إلى الإسلام فكيف يجوز أن يجبر على ذلك دون سائر أهل الكفر من
أهل الذمة ، ولا فرق بينه وبينهم ، فهو كافر ، وهم كفار ، ولا فرق ؟
[ ص: 118 ] قال
nindex.php?page=showalam&ids=13064أبو محمد رحمه الله : وهذا كل ما شغبوا به من النصوص ، إلا أن بعضهم قال : أرأيت من أحدث في نصرانية ، أو يهودية ، أو مجوسية : رأيا لم يخرج به عن جملتهم أتجبرونه على ترك ذلك الرأي والرجوع إلى جملتهم ، أو إلى الإسلام ؟ وأرأيتم من خرج من
ملكانية إلى
نسطورية ، أو
يعقوبية ، أو
قادونية ، أو
معدونية ، فدان بعبودية
المسيح ، وأنه نبي الله ، وأن الله تعالى وحده لا شريك له ؟ أتجبرونه على الرجوع إلى التثليث ، أو إلى الرجوع إلى القول بأن الله هو
المسيح ابن مريم ؟ وكذلك من خرج من ربانية إلى عامانية ، أو إلى عيسوية ، أتجبرونه على الرجوع عن الإيمان
بمحمد صلى الله عليه وسلم إلى الكفر ؟ قال
nindex.php?page=showalam&ids=13064أبو محمد رحمه الله : هذا كل ما موهوا به من التشنيع وكل هذا عائد عليهم على ما نبين إن شاء الله تعالى .
أما قول الله تعالى {
والذين كفروا بعضهم أولياء بعض } فحق ، ولا حجة لهم فيه ، لأنه ليس فيه إلا أنهم كلهم أولياء بعضهم لبعض فقط ، وليس في هذه الآية حكم إقرارهم ، ولا حكم قتلهم ، ولا حكم ما يفعل بهم في شيء من أمورهم أصلا .
وكذلك قوله تعالى {
قل يا أيها الكافرون } إلى آخرها ليس فيها أيضا إلا أننا مباينون لجميع الكفار في العبادة ، والدين ، وليس في هذه السورة شيء من أحكامهم ، لا من إقرارهم ولا من ترك إقرارهم .
وقد قال الله تعالى مخاطبا لنا {
ومن يتولهم منكم فإنه منهم } فمن تولاهم منا فهو منهم ، كما قال تعالى إن {
بعضهم أولياء بعض } .
فهلا تركوا المرتد إليهم منا على ردته ؟ بإخبار الله تعالى أنه منهم ، فإن لم تكن هذه الآية حجة في إقرار المرتد منا إليهم على ذلك ، ذانك النصان ليسا بحجة فيما أرادوا التمويه بإيرادهما من أن الخارج منهم من كفر إلى كفر يقر على ذلك - وبالله تعالى التوفيق .
قال
nindex.php?page=showalam&ids=13064أبو محمد رحمه الله : وأما قول الله تعالى {
لا إكراه في الدين } فلا حجة لهم فيه ، لأنه لم يختلف أحد من الأمة كلها في أن هذه الآية ليست على
[ ص: 119 ] ظاهرها ; لأن الأمة مجمعة على إكراه المرتد عن دينه ، فمن قائل : يكره ولا يقتل ، ومن قائل ، يكره ويقتل .
فإن قالوا : خرج المرتد منا بدليل آخر عن حكم هذه الآية ؟ قلنا لهم : وكذلك إن خرج المرتد منهم من كفر إلى كفر بدليل آخر عن حكم هذه الآية ، وإلا فهو كما قلتم ، وإن المحتجين بقول الله تعالى {
والذين كفروا بعضهم أولياء بعض } وبقول الله تعالى {
لكم دينكم ولي دين } في أن الكفر كله ملة واحدة وشيء واحد : هم أول من نقض الاحتجاج وخالفه ، وفرقوا بين أحكام أهل الكفر ، فكلهم مجمع معنا على : أن من أهل الكفر من تنكح نساؤهم ، وتؤكل ذبائحهم ، وأن منهم من لا تنكح نساؤهم ، ولا تؤكل ذبائحهم ؟ قال
nindex.php?page=showalam&ids=13064أبو محمد رحمه الله : وأما قولهم : لا يخلو من أجبر على ترك الكفر الذي خرج إليه من أحد وجهين : إما أن يجبر على الرجوع إلى الكفر الذي خرج منه ، وإما أن يجبر على الإسلام ؟ فنعم : أنه لا يخلو من أحدهما - والذي نقول به : فإنه يجبر على الرجوع إلى الإسلام ولا بد ، ولا يترك يرجع إلى الدين الذي خرج منه .
وأما قولهم : كيف يجوز أن يجبر على الإسلام مع ما ذكرنا ؟ فجوابنا - وبالله تعالى التوفيق : أنه إن لم يقم برهان من القرآن والسنة على وجوب إجباره ، وإلا فهو قولكم .
قال
nindex.php?page=showalam&ids=13064أبو محمد رحمه الله : وكذلك قولهم : إن خرج من فرقة من
النصارى إلى فرقة أخرى فإننا لا نعترض عليهم على ما نبينه بعد - إن شاء الله تعالى .
فبقي الآن الكلام في احتجاجهم بقول الله تعالى {
لا إكراه في الدين } فوجدنا الناس على قولين :
أحدهما : أنها منسوخة ، والثاني : أنها مخصوصة .
فأما من قال : إنها منسوخة ، فيحتج بأن رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يقبل من الوثنيين ؟ فيقال لهم - وبالله تعالى التوفيق - لم يختلف مسلمان في أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لم
[ ص: 120 ] يقبل من الوثنيين من
العرب إلا الإسلام أو السيف - إلى أن مات عليه السلام - فهو إكراه في الدين ، فهذه الآية منسوخة .
وأما من قال : إنها مخصوصة ، فإنهم قالوا : إنما نزلت في
اليهود والنصارى خاصة ، كما روي عن
nindex.php?page=showalam&ids=2عمر بن الخطاب أنه قال لعجوز نصرانية : أيتها العجوز أسلمي تسلمي ، إن الله تعالى بعث إلينا
محمدا صلى الله عليه وسلم بالحق ؟ فقالت العجوز : وأنا عجوز كبيرة وأموت إلى قريب ؟ قال
nindex.php?page=showalam&ids=2عمر : اللهم اشهد ، لا إكراه في الدين .
وبما روينا عن
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس قال : كانت امرأة تجعل على نفسها إن عاش ولدها تهوده ، فلما أجليت
بنو النضير كان فيهم من أبناء
الأنصار ، فقالت
الأنصار : لا ندع أبناءنا ، فأنزل الله تعالى {
لا إكراه في الدين } .
فقد صح أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قد قاتل الكفار إلى أن مات عليه السلام حتى أسلم من أسلم منهم .
وصح عنه الإكراه في الدين ، ثم نزل بعد ذلك {
فإذا انسلخ الأشهر الحرم فاقتلوا المشركين حيث وجدتموهم } الآية إلى قوله تعالى {
فخلوا سبيلهم } .
ونزل قوله تعالى {
قاتلوا الذين لا يؤمنون بالله ولا باليوم الآخر } إلى قوله تعالى {
حتى يعطوا الجزية عن يد وهم صاغرون }
فإن قال قائل : فأين أنتم من قوله تعالى {
فانبذ إليهم على سواء } .
فيقال لهم : لا يختلف اثنان في أن هذه الآية نزلت قبل نزول " براءة " فإذ ذلك كذلك فإن " براءة " نسخت كل حكم تقدم ، وأبطلت كل عهد سلف بقول تعالى {
كيف يكون للمشركين عهد عند الله وعند رسوله إلا الذين عاهدتم عند المسجد الحرام } وإنما كانت آية النبذ على سواء أيام كانت المهادنات جائزة ، وأما بعد نزول {
فإذا انسلخ الأشهر الحرم فاقتلوا المشركين حيث وجدتموهم } فلا يحل ترك مشرك أصلا ، إلا بأن يقتل ، أو يسلم ، أو ينبذ إليه عهده بعد التمكن من قتله حيث وجد ، إلا أن يكون من أبناء الذين أوتوا الكتاب فيقر على الجزية والصغار ، كما أمر الله تعالى ، أو يكون مستجيرا فيجار حتى يقرأ عليه القرآن ، ثم يرد إلى مأمنه ولا بد ، إلى أن يسلم ، ولا يترك أكثر من ذلك ، أو رسولا فيترك مدة أداء رسالته ، وأخذ جوابه ،
[ ص: 121 ] ثم يرد إلى بلده ، وما عدا هؤلاء فالقتل ولا بد ، أو الإسلام ، كما أمر الله تعالى في نص القرآن ، وما صح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم .
فإن ذكروا : ما أنا
حمام أنا
عبد الله بن محمد بن علي الباجي أنا
nindex.php?page=showalam&ids=12252أحمد بن خالد أنا
nindex.php?page=showalam&ids=15089عبيد الله بن محمد الكشوري أنا
محمد بن يوسف الحذافي أنا
nindex.php?page=showalam&ids=16360عبد الرزاق أنا
nindex.php?page=showalam&ids=13036ابن جريج قال : حيث رفع إلى
nindex.php?page=showalam&ids=8علي في يهودي تزندق ونصراني تزندق ؟ قال : دعوه يحول من دين إلى دين .
قال
nindex.php?page=showalam&ids=13064أبو محمد رحمه الله : هذا لم يصح عن
nindex.php?page=showalam&ids=8علي ; لأنه منقطع ولم يولد
nindex.php?page=showalam&ids=13036ابن جريج إلا بعد نحو نيف وثلاثين عاما من موت
nindex.php?page=showalam&ids=8علي بن أبي طالب - رضي الله عنه - ولا حجة في أحد بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم وكم من قولة
nindex.php?page=showalam&ids=8لعلي صحيحة قد خالفوها - وبالله تعالى التوفيق .