2280 - مسألة : اختلاف الشهادة في ذلك ؟ قال
nindex.php?page=showalam&ids=13064أبو محمد رحمه الله : قال
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي ،
nindex.php?page=showalam&ids=14954وأبو يوسف ،
nindex.php?page=showalam&ids=16908ومحمد بن الحسن ،
nindex.php?page=showalam&ids=11956وأبو ثور : إن
اختلف الشاهدان ، فقال أحدهما : سرق بقرة ، وقال الآخر : بل ثورا - أو قال أحدهما : سرق بقرة حمراء ، وقال الآخر : بل سوداء - أو قال أحدهما : سرق يوم الخميس ، وقال الآخر : بل يوم الجمعة ، فلا قطع عليه - فإن قال أحدهما : سرق بقرة حمراء ، وقال الآخر : بل سوداء فعليه القطع .
وقال
nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك : إن قال : أحد الشاهدين : سرق يوم الخميس ، وقال الآخر : بل يوم
[ ص: 331 ] الجمعة ، وقال اثنان : زنى يوم الخميس ، وقال اثنان : بل يوم الجمعة ، فقد بطل عنه حد السرقة ، وحد الزنى .
قال : فلو قال أحدهما : قذف زيدا يوم الجمعة ، وقال الآخر : قذفه يوم الخميس - أو قال أحدهما : شرب الخمر يوم الخميس ، وقال الآخر : بل يوم الجمعة ، فعليه حد القذف ، وحد الخمر . وهذا كله تخليط ، وإنما أوردناه لنري - بعون الله تعالى - من نصح نفسه ، وأراد الله تعالى به خيرا ، بطلان أقوالهم في التشبيه ، الذي هو عندهم أصل لقياسهم الباطل ، وأنه من ميزه لم يعجز أن يعارض عللهم بمثلها ، أو بأقوى منها ؟ فنقول لجميعهم : أخبرونا عمن شهد عليه شاهدان بأنه سرق بقرة حمراء ، وقال الآخر : بيضاء - وعمن شهد عليه شاهدان بأنه قذف زيدا ، وقال أحدهما : أمس ، وقال الآخر : بل اليوم - أو قال أحدهما : شرب خمرا أمس ، وقال الآخر : بل اليوم - أهذه الشهادة على سرقة واحدة ؟ أو على سرقتين مختلفتين ؟ وعلى قذف واحد ، أم على قذفين متغايرين ؟ وعلى شرب واحد ، أم على شربين مفترقين ؟ فإن قالوا : بل على سرقة واحدة ، وشرب واحد ، وقذف واحد ، كابروا العيان ; لأنه لا يشك ذو حس سليم في أن شرب يوم الخميس ليس هو شرب يوم الجمعة ، وإنما هو شرب آخر - وأن سرقة بقرة صفراء ليست هي سرقة بقرة سوداء ، وإنما هي سرقة أخرى ؟ وإن قالوا : بل هي سرقتان مختلفتان ، وشربان مختلفان ، وقذفان مختلفان متغايران ؟ قيل لهم : فأي فرق بين هذا وبين الشهادات بزنا مختلف ، أو بسرقة ثور ، أو بقرة ، أو باختلاف الشهادة في المكان - وهذا ما لا سبيل لهم منه إلى التخلص أصلا ، لا بنص قرآن ، ولا سنة صحيحة ولا إجماع ، ولا قول صاحب ، ولا قياس ، ولا رأي سديد - فسقط بيقين قول من فرق بين الأحكام التي ذكرنا ، ولم يبق إلا قول من ساوى بينهما ، فراعى الاختلاف في كل ذلك ، أو لم يراع الاختلاف في شيء من ذلك ؟ قال
nindex.php?page=showalam&ids=13064أبو محمد رحمه الله : فوجدنا من راعى الاختلاف في كل ذلك يقول : إذا
[ ص: 332 ] اختلف الشاهدان في صفة المسروق ، أو في زمانه ، أو في مكانه فإنما حصل من قولهم فعلان متغايران ، فإذ ذلك كذلك ، فإنما حصل على فعل شاهد واحد ، ولا يجوز القطع بشاهد واحد - وكذلك القذف ، فلا يجوز إقامة حد قذف ، ولا حد خمر ، بشاهد واحد - فهذه حجتهم ، ما لهم حجة غيرها .
فنظرنا فيها فوجدناها لا تصح ; لأن الذي ينبغي أن يضبط في الشهادة ، ويطلب به الشاهد ، إنما هو ما لا تتم الشهادة إلا به ، والذي إن نقص لم تكن شهادة ، فهذا هو الذي إن اختلف الشاهد فيه بطلت الشهادة ; لأنها لم تتم .
وأما ما لا معنى لذكره في الشهادة ، ولا يحتاج إليه فيها ، وتتم الشهادة مع السكوت عنه ، فلا ينبغي أن يلتفت إليه - وسواء اختلف الشهود فيه ، أو لم يختلفوا ، وسواء ذكروه ، أو لم يذكروه - واختلافهم فيه كاختلافهم في قصة أخرى ليست من الشهادة في شيء ، ولا فرق ، فلما وجب هذا كان ذكر اللون في الشهادة لا معنى له ، وكان أيضا ذكر الوقت في الشهادة في الزنا وفي السرقة ، وفي القذف ، وفي الخمر لا معنى له - وكان أيضا ذكر المكان في كل ذلك لا معنى له ، فكان اختلافهم في كل ذلك كاتفاقهم ، كسكوتهم ، ولا فرق ; لأن الشهادة في كل ذلك تامة دون ذكر شيء من ذلك ، وإنما حكم الشهادة ؟ وحسب الشهود أن يقولوا : إنه زنى بامرأة أجنبية نعرفها ، أولج ذكره في قبلها ، رأينا ذلك فقط ، وما نبالي قالوا : إنها سوداء ، أو بيضاء ، أو زرقاء أو كحلاء مكرهة ، أو طائعة ، أمس ، أو اليوم ، أو منذ سنة
بمصر ، أو
ببغداد .
وكذلك - لو اختلفوا في لون ثوبه حينئذ ، أو لون عمامته .
وكذلك - حسبهم أن يقولوا : سرق رأسا من البقر مختفيا بأخذه ، ولا عليهما أن يقولا : أقرن ، أو أعضب ، أو أبتر ، أو وافي الذنب أبيض أو أسود - وهكذا في القذف ، وشرب الخمر ، ولا فرق .
فصح أن الشهادة في كل ذلك تامة مع اختلاف الشهود ، وما لا يحتاج إلى ذكره في الشهادة ، إذا اقتضت شهادتهم وجود الزنا منه ، أو وجود السرقة ، أو وجود القذف منه ، أو وجود شرب الخمر منه فقط ; لأنهم قد اتفقوا في ذلك .
[ ص: 333 ]
وهذا هو الموجب للحد ، فإنما أوجب الله تعالى الحد في كل ذلك بوقوع الزنا ، ووجوب السرقة ، أو القذف ، وأثبت الأربعة الزنا فقد وجب الحد في ذلك بنص القرآن ، والسنة ولم يقل الله تعالى قط ، ولا رسوله صلى الله عليه وسلم لا تقبلوا الشهادة حتى يشهدوا على زنا واحد ، في وقت واحد ، في مكان واحد ، وعلى سرقة واحدة لشيء واحد في وقت واحد ، في مكان واحد {
وما كان ربك نسيا } .
وتالله ، لو أراد الله تعالى ذلك لما أهمله ، ولا أغفله حتى يبينه فلان وفلان ، وحاش لله من هذا . فصح أن ما اشترطوه من ذلك خطأ لا معنى له - وبالله تعالى التوفيق : فليعلموا أن قولهم : لا نعلمه عن أحد من الصحابة - رضي الله عنهم ولا نذكره عن تابع ، إلا شيئا ورد عن
nindex.php?page=showalam&ids=16815قتادة : وحدثنا
حمام نا
nindex.php?page=showalam&ids=13542ابن مفرج نا
nindex.php?page=showalam&ids=12585ابن الأعرابي نا
الدبري نا
nindex.php?page=showalam&ids=16360عبد الرزاق عن
nindex.php?page=showalam&ids=17124معمر عن
nindex.php?page=showalam&ids=16815قتادة ، في رجل شهد عليه رجل أنه سرق بأرض ، وشهد عليه آخر بأنه سرق بأرض أخرى ؟ قال : لا قطع عليه .
وقد صح عن بعض التابعين ممن نعلمه أعلى من
nindex.php?page=showalam&ids=16815قتادة خلاف هذا : كما نا
عبد الله بن ربيع نا
عبد الله بن محمد بن عثمان نا
nindex.php?page=showalam&ids=12252أحمد بن خالد نا
nindex.php?page=showalam&ids=16628علي بن عبد العزيز نا
الحجاج بن المنهال نا
nindex.php?page=showalam&ids=15744حماد بن سلمة أنا
nindex.php?page=showalam&ids=17245هشام بن عروة بن الزبير عن أبيه ، قال : تجوز شهادة الرجل وحده في السرقة - وقد ذكرنا مثل هذا عن
nindex.php?page=showalam&ids=16518عبيد الله بن أبي بكرة - وإن كنا لا نقول به - ولكن لنريهم أن تمويههم بأنها شهادة واحدة على فعل واحد : كلام فاسد - وبالله تعالى التوفيق .