2302 - مسألة :
تارك الصلاة عمدا حتى يخرج وقتها ؟ قال
nindex.php?page=showalam&ids=13064أبو محمد رحمه الله : ذهب
nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك ،
nindex.php?page=showalam&ids=13790والشافعي إلى أن
من قال : الصلاة حق فرض إلا أني لا أريد أن أصلي - فإنه يتأنى به حتى يخرج وقت الصلاة ، ثم يقتل - وقال
nindex.php?page=showalam&ids=11990أبو حنيفة ،
nindex.php?page=showalam&ids=15858وأبو سليمان ، وأصحابهما : لا قتل عليه ، لكن يعزر حتى يصلي ؟ قال
nindex.php?page=showalam&ids=13064أبو محمد رحمه الله : أما
nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك ،
nindex.php?page=showalam&ids=13790والشافعي ، فإنهما يريان تارك الصلاة الذي ذكرنا مسلما ; لأنهما يورثان ماله ولده ، ويصليان عليه ، ويدفنانه مع المسلمين ، ولا يفرقان بينه وبين امرأته ، وينفذان وصيته ، ويورثانه من مات قبله من ورثته من المسلمين ، فإذ ذلك كذلك فقد سقط قولهما في قتله ; لأنه لا يحل دم امرئ مسلم إلا بإحدى ثلاث : كفر بعد إيمان ، أو زنى بعد إحصان ، أو نفس بنفس وتارك الصلاة متعمدا - كما ذكرنا - لا يخلو من أن يكون بذلك كافرا ، أو يكون غير كافر - فإن كان كافرا ، فهم لا يقولون بذلك ; لأنهم لو قالوه للزمهم أن يلزموه حكم المرتد في التفريق بينه وبين امرأته ، وفي سائر أحكامه - فإذ ليس كافرا ، ولا قاتلا ، ولا زانيا محصنا ، ولا محاربا ، ولا محدودا في الخمر ثلاث مرات ، فدمه حرام بالنص ، فسقط قولهم بيقين لا إشكال فيه - والحمد لله رب العالمين .
فإن احتجوا بالخبر الثابت الذي ذكرناه آنفا من قول رسول الله صلى الله عليه وسلم {
nindex.php?page=hadith&LINKID=48365أمرت أن أقاتل الناس حتى يشهدوا أن لا إله إلا الله وأني محمد رسول الله ويقيموا الصلاة [ ص: 384 ] ويؤتوا الزكاة فإذا فعلوا ذلك عصموا مني دماءهم وأموالهم إلا بحق الإسلام وحسابهم على الله } .
وبقول الله تعالى {
فاقتلوا المشركين حيث وجدتموهم وخذوهم واحصروهم واقعدوا لهم كل مرصد فإن تابوا وأقاموا الصلاة وآتوا الزكاة فخلوا سبيلهم } .
قالوا : ولا يجوز تخلية من لم يصل ، ولم يزك .
وذكروا ما روينا من طريق
nindex.php?page=showalam&ids=17080مسلم نا
هداب بن خالد نا
nindex.php?page=showalam&ids=17258همام بن يحيى نا
nindex.php?page=showalam&ids=16815قتادة عن
الحسن عن
ضبة بن محصن عن
nindex.php?page=showalam&ids=54أم سلمة أم المؤمنين أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال {
nindex.php?page=hadith&LINKID=48366ستكون أمراء فتعرفون وتنكرون ، فمن عرف برئ ومن أنكر سلم ، قال : فمن رضي وتابع ، قالوا : أفلا نقاتلهم ؟ قال : لا ، ما صلوا } .
ومن طريق
nindex.php?page=showalam&ids=17080مسلم نا
nindex.php?page=showalam&ids=15856داود بن رشيد نا
nindex.php?page=showalam&ids=15500الوليد بن مسلم نا
nindex.php?page=showalam&ids=16351عبد الرحمن بن يزيد بن جابر أخبرني
مولى بني فزارة زريق بن حيان أنه سمع
سليم بن قرظة ابن عم عوف بن مالك الأشجعي يقول سمعت
nindex.php?page=showalam&ids=6201عوف بن مالك يقول سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : {
nindex.php?page=hadith&LINKID=18588خيار أئمتكم الذين تحبونهم ويحبونكم وتصلون عليهم ويصلون عليكم ، وشرار أئمتكم الذين تبغضونهم ويبغضونكم وتلعنونهم ويلعنونكم ، قلنا : يا رسول الله أفلا ننابذهم عند ذلك ؟ قال : لا ، ما أقاموا فيكم الصلاة ، لا ، ما أقاموا فيكم الصلاة } وذكر باقي الخبر .
والحديثين اللذين فيهما {
nindex.php?page=hadith&LINKID=48367نهيت عن قتل المصلين فأولئك الذين نهاني الله عن قتلهم } و " لا لعله يكون يصلي " .
ومن طريق
nindex.php?page=showalam&ids=17080مسلم نا
nindex.php?page=showalam&ids=16818قتيبة نا
nindex.php?page=showalam&ids=16496عبد الواحد - هو ابن زياد - عن
nindex.php?page=showalam&ids=16654عمارة بن القعقاع نا
عبد الرحمن بن أبي النعم قال : سمعت
nindex.php?page=showalam&ids=44أبا سعيد الخدري يقول {
nindex.php?page=hadith&LINKID=48368بعث nindex.php?page=showalam&ids=8علي بن أبي طالب إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم بذهيبة في أديم مقروظ لم تحصل من ترابها وذكر الحديث - [ ص: 385 ] وفيه فقام رجل غائر العينين مشرف الوجنتين ، ناشز الجبهة ، كث اللحية ، محلوق الرأس مشمر الإزار فقال : يا رسول الله اتق الله ، فقال : ويلك ، ألست أحق أهل الأرض أن يتقي الله ؟ قال : ثم ولى الرجل ، فقال nindex.php?page=showalam&ids=22خالد بن الوليد : يا رسول الله ألا أضرب عنقه ؟ قال : لعله يكون يصلي ؟ } قال
nindex.php?page=showalam&ids=13064أبو محمد رحمه الله : ومن طريق
nindex.php?page=showalam&ids=17080مسلم نا
nindex.php?page=showalam&ids=17259هناد بن السري نا
nindex.php?page=showalam&ids=11820أبو الأحوص عن
سعيد بن مسروق عن
عبد الرحمن بن أبي نعم عن
nindex.php?page=showalam&ids=44أبي سعيد الخدري قال {
nindex.php?page=hadith&LINKID=48369بعث nindex.php?page=showalam&ids=8علي بن أبي طالب إلى النبي صلى الله عليه وسلم بذهبية في تربتها فذكر الخبر . وفيه فجاء رجل كث اللحية مشرف الوجنتين غائر العينين ناتئ الجبين محلوق الرأس ، فقال : اتق الله يا محمد ؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم فمن يطع الله إن لم أطعه ؟ أيأمنني على أهل الأرض ، ولا تأمنني - ثم أدبر الرجل ، فاستأذن رجل من القوم في قتله - يرون أنه nindex.php?page=showalam&ids=22خالد بن الوليد فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم يخرج من ضئضئ هذا قوم يقرءون القرآن لا يجاوز حناجرهم ، يقتلون أهل الإسلام ويدعون أهل الأوثان ، يمرقون من الإسلام كما يمرق السهم من الرمية ، لئن أدركتهم لأقتلنهم قتل عاد } ؟ . قال
nindex.php?page=showalam&ids=13064أبو محمد رحمه الله : فأخبر عليه السلام أنه يقاتل الناس حتى يقولوا : لا إله إلا الله ، ويقيموا الصلاة ، ويؤتوا الزكاة ، فإذا فعلوا ذلك حرمت دماؤهم . فصح أنهم إن لم يفعلوا ذلك حلت دماؤهم ، ونهى عن قتل الأئمة ما صلوا .
فصح أنهم إن لم يصلوا قوتلوا .
وصح أن القتل بالصلاة حرام ، فوجب أنه بغير الصلاة حلال .
وصح أنه نهى عن قتل المصلين .
فصح أنه لم ينه عن قتل غير المصلين - ما نعلم لهم حجة في إباحة قتل من لا يصلي غير هذا - وكله لا حجة لهم فيه ، على ما نبين إن شاء الله تعالى : أما الآية - فإن نصها قتال المشركين حتى يقيموا الصلاة ، ويؤتوا الزكاة .
ولا يختلف اثنان من الأمة في أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يزل يدعو المشركين إلى الإيمان حتى مات - إلى رضوان الله تعالى وكرامته - وأنه في كل ذلك لم يثقف من
[ ص: 386 ] أجابه إلى الإسلام حتى يأتي وقت صلاة فيصلي ، ثم حتى يحول الحول فيزكي ، ثم يطلقه - هذا ما لا يقدر أحد على دفعه .
وأما الأحاديث في ذلك : فأما حديث
nindex.php?page=showalam&ids=54أم سلمة ،
nindex.php?page=showalam&ids=6201وعوف بن مالك - رضي الله عنهما - فلا حجة لهم في ذلك ، فإنه ليس فيه إلا المنع من قتل الولاة ما صلوا ولسنا معهم في مسألة القتال ، وإنما نحن معهم في مسألة القتل صبرا وليس كل من جاز قتله إذا قدر عليه قتل - قال الله تعالى {
وإن طائفتان من المؤمنين اقتتلوا فأصلحوا بينهما } إلى قوله تعالى : {
المقسطين } فأمر الله تعالى بقتال البغاة من المؤمنين إلى أن يفيئوا ، ثم حرم قتلهم إذا فاءوا .
وهكذا كل من منع حقا من أي حق كان - ولو أنه فلس - وجب عليه لله تعالى ، أو لآدمي ، وامتنع دون أدائه فإنه قد حل قتاله ; لأنه باغ على أخيه ، وباغ في الدين .
وكذلك كل من امتنع من عمل لله تعالى لزمه وامتنع دونه ، ولا فرق ، فإذا قدر عليهم أجبروا على أداء ما عليهم بالتعزير والسجن .
كما أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم فيمن أتى منكرا فلا يزال يؤدب حتى يؤدي ما عليه أو يموت - غير مقصود إلى قتله - وحرمت دماؤهم بالنص والإجماع ، وتارك الصلاة الممتنع منها واحد من هؤلاء ، إن امتنع قوتل ، وإن لم يمتنع لم يحل قتله ; لأنه لم يوجب ذلك نص ولا إجماع ، بل يؤدب حتى يؤديها أو يموت كما قلنا - غير مقصود إلى قتله - ولا فرق .
فصح أن هذين الحديثين - حديث
nindex.php?page=showalam&ids=54أم سلمة ، وحديث
عوف - إنما هو في باب القتال للأئمة ، لا في باب القتل المقدور عليه لا يصلي .
وأما حديث
nindex.php?page=showalam&ids=44أبي سعيد الخدري " لعله يصلي " فإنما فيه المنع من قتل من يصلي ، وليس فيه قتل من لا يصلي أصلا ، بل هو مسكوت عنه ، وإذا سكت رسول الله صلى الله عليه وسلم عن حكم فلا يحل لأحد أن يقوله عليه السلام ما لم يقل ، فيكذب عليه ، ويخبر عن مراده بما لا علم له به فيتبوأ مقعده من النار ؟ قال
nindex.php?page=showalam&ids=13064أبو محمد رحمه الله : وأما {
nindex.php?page=hadith&LINKID=12874نهيت عن قتل المصلين } و " أولئك الذين نهاني
[ ص: 387 ] الله عنهم " فنعم ، لا يحل قتل مصل إلا بنص وارد في قتله ، وليس فيه ذكر لقتل من ليس مصليا إذا أقر بالصلاة ، أصلا .
وقد قلنا : إنه لا يحل لأحد أن ينسب إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ما لم يقل . ويقال لمن جسر على هذا : أقال رسول الله صلى الله عليه وسلم هذا الذي تقول ؟ فإن قال : نعم ، كذب جهارا ، وإن قال : لم يقل ، لكنه دل عليه ؟ قيل له : أين دليلك على ذلك ؟ فلا سبيل له إلى دليل أصلا ، إلا ظنه الكاذب - فلم يبق لهم دليل أصلا ، لا من قرآن ، ولا من سنة ولا من إجماع ، ولا قول صاحب ، ولا قياس ، ولا رأي صحيح - وما كان هكذا من الأقوال فهو خطأ بلا شك ؟ قال
nindex.php?page=showalam&ids=13064أبو محمد رحمه الله : وهذا الكلام كله إنما هو مع من قال بقتله ، وهو عنده غير كافر - وأما من قال بتكفيره بترك صلاة واحدة حتى يخرج وقتها ، فليس هذا مكان الكلام فيه معهم ، فسيقع الكلام في ذلك متقصى في " كتاب الإيمان " من الجامع إن شاء الله عز وجل ؟ قال
nindex.php?page=showalam&ids=13064أبو محمد رحمه الله : فإذ قد بطل هذا القول فإنا نقول - وبالله تعالى التوفيق - : إنه قد صح - على ما ذكرنا - في قول رسول الله صلى الله عليه وسلم {
nindex.php?page=hadith&LINKID=48072من رأى منكم منكرا فليغيره بيده إن استطاع } فكان هذا أمرا بالأدب على من أتى منكرا - والامتناع من الصلاة ، ومن الطهارة من غسل الجنابة ، ومن صيام رمضان ، ومن الزكاة ، ومن الحج ، ومن أداء جميع الفرائض كلها ومن كل حق لآدمي - بأي وجه كان - كل ذلك منكر ، بلا شك وبلا خلاف من أحد من الأمة ; لأن كل ذلك حرام ، والحرام منكر بيقين .
فصح بأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم إباحة ضرب كل من ذكرنا باليد .
وصح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أن لا يضرب في التعزير أكثر من عشرة على ما نورد في " باب كم يكون التعزير " إن شاء الله تعالى .
[ ص: 388 ] فإذ ذلك كذلك فواجب أن يضرب كل من ذكرنا عشر جلدات فإن أدى ما عليه من صلاة أو غيرها ، فقد برئ ولا شيء عليه ، وإن تمادى على الامتناع فقد أحدث منكرا آخر بالامتناع الآخر ، فيجلد أيضا عشرا - وهكذا أبدا ، حتى يؤدي الحق الذي عليه لله تعالى أو يموت - غير مقصود إلى قتله - ولا يرفع عنه الضرب أصلا حتى يخرج وقت الصلاة وتدخل أخرى فيضرب ليصلي التي دخل وقتها ، وهكذا أبدا إلى نصف الليل ، فإذا خرج وقت العتمة ترك ; لأنه لا يقدر على صلاة ما خرج وقتها - ثم يجدد عليه الضرب إذا دخل وقت صلاة الفجر حتى يخرج وقتها - ثم يترك إلى أول الظهر ، ويتولى ضربه من قد صلى ، فإذا صلى غيره خرج هذا إلى الصلاة ويتولى الآخر ضربه - وبالله تعالى التوفيق - حتى يترك المنكر الذي يحدث أو يموت ، فالحق قتله ، وهو مسلم مع ذلك - وبالله تعالى التوفيق .