صفحة جزء
277 - مسألة : ولا على مجنون ، ولا مغمى عليه ، ولا حائض ، ولا نفساء ، ولا قضاء على واحد منهم إلا ما أفاق المجنون والمغمى عليه ; أو طهرت الحائض والنفساء في وقت أدركوا فيه بعد الطهارة الدخول في الصلاة .

برهان ذلك قول رسول الله صلى الله عليه وسلم { رفع القلم عن ثلاثة فذكر المجنون حتى يفيق } وأما الحائض والنفساء ، وإسقاط القضاء عنها فإجماع متيقن ، وأما المغمى عليه فإننا روينا عن عمار بن ياسر وعطاء ومجاهد وإبراهيم وحماد بن أبي سليمان وقتادة أن المغمى عليه يقضي ، وقال سفيان : يقضي إن أفاق عند غروب الشمس الظهر والعصر فقط ، وقال أبو حنيفة : إن أغمي عليه خمس صلوات قضاهن ، فإن أغمي عليه أكثر لم يقض شيئا .

قال علي : أما قول أبي حنيفة ففي غاية الفساد ; لأنه لا نص أتى بما قال ، ولا [ ص: 9 ] قياس ; لأنه أسقط عن المغمى عليه ست صلوات ولم ير عليه قضاء شيء منهن .

وأوجب عليه إن أغمي عليه خمس صلوات أن يقضيهن ; فلم يقس المغمى عليه على المغمى عليه في إسقاط القضاء ، ولا قاس المغمى عليه على النائم في وجوب القضاء عليه في كل ما نام عنه .

وقد صح عن ابن عمر خلاف قول عمار على أن الذي روينا عن عمار إنما هو إنه أغمي عليه أربع صلوات فقضاهن ، كما روينا عن عبد الرزاق بن جريج عن نافع أن ابن عمر اشتكى مرة غلب فيها على عقله حتى ترك الصلاة ثم أفاق فلم يصل ما ترك من الصلاة ; وعن عبد الله بن عمر عن نافع : أغمي على ابن عمر يوما وليلة فلم يقض ما فاته .

وعن ابن جريج عن ابن طاووس عن أبيه : إذا أغمي على المريض ثم عقل لم يعد الصلاة .

قال معمر : سألت الزهري عن المغمى عليه فقال لا يقضي وعن حماد بن سلمة عن يونس بن عبيد عن الحسن البصري ومحمد بن سيرين أنهما قالا في المغمى عليه : لا يعيد الصلاة التي أفاق عندها .

قال حماد قلت لعاصم بن بهدلة : أعدت ما كان مغمى عليك ؟ قال أما ذاك فلا .

قال علي : المغمى عليه لا يعقل ، ولا يفهم ; فالخطاب عنه مرتفع ، وإذا كان كل من ذكرنا غير مخاطب بها في وقتها الذي ألزم الناس أن يؤدوها فيه : فلا يجوز أداؤها في غير وقتها ; لأنه لم يأمر الله تعالى بذلك ، وصلاة لم يأمر الله تعالى بها لا تجب ، وبالله تعالى التوفيق .

التالي السابق


الخدمات العلمية