حدثنا
عبد الله بن يوسف ثنا
أحمد بن فتح ثنا
عبد الوهاب بن عيسى ثنا
nindex.php?page=showalam&ids=12282أحمد بن محمد ثنا
nindex.php?page=showalam&ids=12277أحمد بن علي ثنا
nindex.php?page=showalam&ids=17080مسلم بن الحجاج حدثني
أبو الطاهر أحمد بن عمرو بن السرح أخبرني
nindex.php?page=showalam&ids=16472ابن وهب حدثني
جابر بن إسماعيل عن
عقيل عن
ابن شهاب عن
nindex.php?page=showalam&ids=9أنس عن النبي صلى الله عليه وسلم {
nindex.php?page=hadith&LINKID=48485أنه كان إذا عجل عليه السفر يؤخر الظهر إلى أول وقت العصر [ ص: 205 ] فيجمع بينهما ; ويؤخر المغرب حتى يجمع بينهما ، وبين العشاء حين يغيب الشفق } ، وهكذا رويناه من طريق
nindex.php?page=showalam&ids=12ابن عمر أيضا {
nindex.php?page=hadith&LINKID=48486إذا جد به السفر } .
وهذا الخبر : يقضي على كل خبر جاء بأنه عليه السلام جمع بين صلاتي : الظهر والعصر ; وبين صلاتي : المغرب والعشاء في السفر ; ولا سبيل إلى وجود خبر يخالف ما ذكرنا ؟ ، وأما في غير السفر : فلا سبيل ألبتة إلى وجود خبر فيه : الجمع بتقديم العصر إلى وقت الظهر .
ولا بتأخير الظهر إلى أن يكبر لها في وقت العصر ; ولا بتأخير المغرب إلى أن يكبر لها بعد مغيب الشفق .
ولا بتقديم العتمة إلى قبل غروب الشفق ، فإذ لا سبيل إلى هذا ; فمن قطع بهذه الصفة على تلك الأخبار التي فيها الجمع ; فقد أقدم على الكذب ومخالفة السنن الثابتة ، ونحن نرى
الجمع بين الظهر والعصر ; ثم بين المغرب والعشاء أبدا بلا ضرورة ولا عذر ، ولا مخالفة للسنن ; لكن بأن يؤخر الظهر كما فعل رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى آخر وقتها ; فيبتدأ في وقتها ويسلم منها وقد دخل وقت العصر ; فيؤذن للعصر ، ويقام وتصلى في وقتها ; وتؤخر المغرب كذلك إلى آخر وقتها ; فيكبر لها في وقتها ويسلم منها ، وقد دخل وقت العشاء : فيؤذن لها ويقام وتصلى العشاء في وقتها .
فقد صح بهذا العمل موافقة الأحاديث كلها ; وموافقة يقين الحق : في أن تؤدى كل صلاة في وقتها - ، ولله الحمد .
فإن ادعوا العمل بالجمع
بالمدينة ; فلا حجة في عمل
الحسن بن زيد ؟ ولا يجدون عن أحد من الصحابة رضي الله عنهم : صفة الجمع الذي يراه
nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك nindex.php?page=showalam&ids=13790والشافعي ; وقد أنكره
nindex.php?page=showalam&ids=15124الليث وغيره والعجب أن أصح حديث في الجمع : هو ما رويناه من طريق
nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك عن
nindex.php?page=showalam&ids=11862أبي الزبير [ ص: 206 ] عن
nindex.php?page=showalam&ids=15992سعيد بن جبير عن
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس قال : {
nindex.php?page=hadith&LINKID=48487صلى لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم الظهر والعصر جميعا ، والمغرب والعشاء جميعا في غير خوف ولا سفر } .
قال
nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك : أرى ذلك في مطر ، وما رويناه من طريق
nindex.php?page=showalam&ids=16544عثمان بن أبي شيبة عن
nindex.php?page=showalam&ids=12156أبي معاوية عن
nindex.php?page=showalam&ids=13726الأعمش عن
حبيب عن
nindex.php?page=showalam&ids=15992سعيد بن جبير عن
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس {
nindex.php?page=hadith&LINKID=48488جمع رسول الله صلى الله عليه وسلم - بين الظهر والعصر ، والمغرب والعشاء - بالمدينة ، من غير خوف ولا مطر ؟ قيل nindex.php?page=showalam&ids=11لابن عباس : ما أراد إلى ذلك ؟ . قال : أراد أن لا يحرج أمته } .
قال
nindex.php?page=showalam&ids=13064علي : والمالكيون والشافعيون لا يقولون بهذا ; وليس في هذين الخبرين خلاف لقولنا - ولله الحمد - ولا صفة الجمع ; فبطل التعلق بهما علينا ؟ فإن ذكر ذاكر : حديث
nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك عن
nindex.php?page=showalam&ids=11862أبي الزبير عن
nindex.php?page=showalam&ids=11871أبي الطفيل : أن
nindex.php?page=showalam&ids=32معاذ بن جبل أخبرهم {
nindex.php?page=hadith&LINKID=48489أنهم خرجوا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في غزوة تبوك فكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يجمع بين الظهر والعصر ، والمغرب والعشاء ; فأخر الصلاة يوما ، ثم خرج فصلى الظهر والعصر جميعا ; ثم دخل ثم خرج فصلى المغرب والعشاء جميعا } .
فهذا أيضا كما قلنا : ليس فيه صفة الجمع على ما يقولون ; فليسوا أولى بظاهره منا ، وهذا أيضا : خبر رويناه من طريق
nindex.php?page=showalam&ids=15124الليث بن سعد عن
nindex.php?page=showalam&ids=17241هشام بن سعد عن
nindex.php?page=showalam&ids=11862أبي الزبير عن
nindex.php?page=showalam&ids=11871أبي الطفيل عن
nindex.php?page=showalam&ids=32معاذ بن جبل {
nindex.php?page=hadith&LINKID=48490أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان في غزوة تبوك إذا زاغت الشمس قبل أن يرتحل جمع بين الظهر والعصر ، وإن ارتحل قبل أن تزيغ الشمس أخر الظهر حتى ينزل للعصر ، وإن غابت الشمس قبل أن يرتحل جمع بين المغرب [ ص: 207 ] والعشاء ; وإن ارتحل قبل أن يغيب الشفق أخر المغرب حتى ينزل للعشاء ; ثم يجمع بينهما } . فهذا خبر ساقط ; لأنه من رواية
nindex.php?page=showalam&ids=17241هشام بن سعد وهو ضعيف
وأيضا : فلو صح لما كان مخالفا لقولنا ; لأنه ليس فيه بيان أنه عليه السلام عجل العصر قبل وقتها ; والعتمة قبل وقتها ; ومن تأمل لفظ الخبر رأى ذلك واضحا - والحمد لله ; وإنما هي ظنون أعملوها ; فزل فيها من زل بغير تثبت
وهكذا القول سواء سواء في الحديث الذي رويناه من طريق
nindex.php?page=showalam&ids=15124الليث عن
nindex.php?page=showalam&ids=17346يزيد بن أبي حبيب عن
nindex.php?page=showalam&ids=11871أبي الطفيل عن
nindex.php?page=showalam&ids=32معاذ بن جبل - : {
nindex.php?page=hadith&LINKID=9578أن النبي صلى الله عليه وسلم كان في غزوة تبوك إذا ارتحل قبل أن تزيغ الشمس أخر الظهر حتى يجمعها إلى العصر ; فيصليهما جميعا وإذا ارتحل بعد زيغ الشمس صلى الظهر والعصر جميعا ثم سار ، وكان إذا ارتحل قبل المغرب أخر المغرب حتى يصليها مع العشاء ، وإذا ارتحل بعد المغرب عجل العشاء فصلاها مع المغرب . } - : فإن هذا الحديث أردى حديث في هذا الباب لوجوه - : أولها : أنه لم يأت هكذا إلا من طريق
nindex.php?page=showalam&ids=17346يزيد بن أبي حبيب عن
nindex.php?page=showalam&ids=11871أبي الطفيل ، ولا يعلم أحد من أصحاب الحديث
ليزيد سماعا من
nindex.php?page=showalam&ids=11871أبي الطفيل ؟ والثاني : أن
nindex.php?page=showalam&ids=11871أبا الطفيل " صاحب راية المختار " وذكر : أنه كان يقول بالرجعة والثالث : أننا روينا عن
nindex.php?page=showalam&ids=12070محمد بن إسماعيل البخاري مؤلف الصحيح - أنه قال : قلت
nindex.php?page=showalam&ids=16818لقتيبة : مع من كتبت عن
nindex.php?page=showalam&ids=15124الليث حديث
nindex.php?page=showalam&ids=17346يزيد بن أبي حبيب عن
nindex.php?page=showalam&ids=11871أبي الطفيل ؟ يعني هذا الحديث الذي ذكرنا بعينه ؟ قال : فقال لي
nindex.php?page=showalam&ids=16818قتيبة : كتبته مع
خالد المدائني [ ص: 208 ] قال
nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري : كان
خالد المدائني يدخل الأحاديث على الشيوخ ؟ يريد : أنه كان يدخل في روايتهم ما ليس منها .
ثم لو صح لما كان فيه خلاف لقولنا ; لأنه ليس فيه : أنه عليه السلام قدم العصر إلى وقت الظهر ; ولا أنه عليه السلام قدم العتمة إلى وقت المغرب ، فبطل كل ما تعلقوا به في اشتراك الوقتين ; وفي تقديم صلاة إلى وقت التي قبلها ; وتأخيرها إلى وقت غيرها بالرأي والظن ؟ لا سيما مع نصه عليه السلام على أن {
nindex.php?page=hadith&LINKID=48479وقت الظهر ما لم تحضر العصر } .
وأن {
nindex.php?page=hadith&LINKID=48491آخر وقت المغرب ما لم يغرب الأفق ، وأول وقت العشاء إذا غاب الأفق ؟ } فهذا نص يبطل الاشتراك جملة ، وأما الناسي والنائم فقد ذكرنا قبل قول رسول الله صلى الله عليه وسلم {
nindex.php?page=hadith&LINKID=37462من نام عن صلاة أو نسيها فليصلها إذا ذكرها } .
فصح أن وقتها ممتد للناسي وللنائم أبدا ، وكذلك وقت الظهر والمغرب ممتد للمجد في السير ، وفي
مزدلفة ليلة النحر ، ووقت العصر : منتقل يوم
عرفة بعرفة .
وانتقال الأوقات أو تماديها أو حدها لا يجوز أن يؤخذ إلا عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ولم يلتزموا قياسا في شيء مما قالوه على ما بينا ؟ ، وأما قول
nindex.php?page=showalam&ids=11990أبي حنيفة : إن وقت الظهر يمتد إلى أن يصير ظل كل شيء مثليه ، وحينئذ يدخل وقت العصر - : فإنهم احتجوا بحديث ذكر : أن
أبا بكر بن محمد بن عمرو بن حزم رواه عن
أبي مسعود {
nindex.php?page=hadith&LINKID=48492أن جبرائيل نزل على رسول الله صلى الله عليه وسلم حين صار ظل كل شيء مثله وأمره بصلاة الظهر } .
[ ص: 209 ] قالوا : فيتعين أنه يدري أمره بابتداء الصلاة بعد ذلك ; لأن الظل لا يستقر ؟ قال
nindex.php?page=showalam&ids=13064علي : وهذا لا حجة لهم فيه - : أول ذلك : أنه منقطع ; لأن
أبا بكر هذا لم يولد إلا بعد موت
أبي مسعود .
والثاني : أنهم جروا فيه على عادة لهم في توثيب أحكام الأحاديث إلى ما ليس فيه ، وترك ما فيها ، وذلك : أنه ليس في هذا الخبر لا إشارة ، ولا دليل ، ولا معنى يوجب امتداد وقت الظهر إلى أن يكون ظل كل شيء مثليه .
ولا فيه : أنه عليه السلام ابتدأ الصلاة بعد زيادة الظل على المثل .
ولو صح هذا الخبر لما كان فيه إلا جواز ابتداء الصلاة حين يصير ظل كل شيء مثله ; وهو الوقت الذي أمره فيه
جبريل بأن يصلي الظهر فيه ، لا فيما بعده ؟ وذكر بعض مقلديه الحديث الصحيح المشهور من طريق
أيوب عن
nindex.php?page=showalam&ids=17191نافع عن
nindex.php?page=showalam&ids=12ابن عمر عن النبي صلى الله عليه وسلم {
nindex.php?page=hadith&LINKID=48493مثلكم ومثل أهل الكتاب ، ثم ذكر عليه السلام الأجراء الذين عملوا من غدوة إلى نصف النهار على قيراط ، فعملت اليهود ، ثم الذين عملوا من نصف النهار إلى صلاة العصر على قيراط ; فعملت النصارى ، ثم الذين عملوا من العصر إلى مغيب الشمس على قيراطين ، وهم نحن ؟ فغضبت اليهود والنصارى ; فقالوا : ما لنا أكثر عملا وأقل عطاء ؟ فقال : هل نقصتكم من حقكم ؟ قالوا : لا ; قال : فذلك فضلي أوتيه من أشاء } .
والحديث الصحيح أيضا المأثور من طريق
nindex.php?page=showalam&ids=11935أبي بردة بن أبي موسى الأشعري عن أبيه عن النبي صلى الله عليه وسلم بمثل هذا ; وفيه {
nindex.php?page=hadith&LINKID=48494أن المستأجر لهم قال للذين عملوا إلى حين صلاة العصر : أكملوا بقية عملكم ; فإنما بقي من النهار شيء يسير ؟ } .
فقال المحتج بهذين الخبرين : لو كان وقت الظهر يخرج بالزيادة على ظل المثل ، ويدخل حينئذ وقت العصر - : لكان مقدار وقت العصر مثل مقدار وقت الظهر ;
[ ص: 210 ] وهذا خلاف ما في ذينك الخبرين ؟ قال
nindex.php?page=showalam&ids=13064أبو محمد : وهذا مما قلنا من تلك العوائد الملعونة ، والإيهام بتوثيب الأحاديث عما فيها إلى ما ليس فيها .
وبيان ذلك - : أنه ليس في شيء من هذين الخبرين - لا بدليل ولا بنص - أن وقت العصر أوسع من وقت الظهر ; وإنما فيه : أن
اليهود والنصارى قالوا : نحن أكثر عملا وأقل أجرا ; فمن أضل وأخزى في المعاد ممن جعل قول
اليهود والنصارى الذي لم يصدقه رسول الله صلى الله عليه وسلم .
وأيضا - : فإنه يخالف قول رسول الله صلى الله عليه وسلم حجة يرد بها تمويها وتخيلا نص قوله عليه السلام : {
nindex.php?page=hadith&LINKID=48495إن وقت الظهر ما دام ظل الرجل كطوله ما لم تحضر العصر } .
فكيف والذي قالت
اليهود لا يخالف ما حده النبي صلى الله عليه وسلم وهو أنهم عملوا من أول النهار إلى وقت العصر ; وقالوا : نحن أكثر عملا وأقل عطاء ؟ وهذا صحيح ; لأن الوقت الذي عملوه كلهم أكثر مما عملناه نحن ; بل الذي عملت كل طائفة أكثر من الذي عملناه نحن والذي من أول الزوال إلى أن يبلغ ظل كل شيء مثله - في كل زمان ومكان - أكثر مما في حين زيادة الظل على المثل إلى غروب الشمس ، والذي أخذ به كل طائفة أقل مما أخذنا وفي الحديث الآخر {
nindex.php?page=hadith&LINKID=48496إنما بقي من النهار شيء يسير ؟ } .
وهذا حق ; لأن من وقت العصر إلى آخر النهار يسيرا بالإضافة إلى ما هو أكثر ، من أول النهار إلى وقت العصر ، نعم وبالإضافة أيضا إلى وقت الظهر على قولنا ; لأن كل شيء فهو بلا شك يسير إذا أضيف إلى ما هو أكثر منه ; فبطل تمويههم بهذين الخبرين - ولله الحمد
[ ص: 211 ]
قال
nindex.php?page=showalam&ids=13064علي : ولو قال قائل : إنه ' عليه السلام إنما عنى آخر أوقات العصر ، وهو مقدار تكبيرة قبل غروب آخر القرص - : لصدق ; لأنه عليه السلام قد نص على أنه بعث والساعة كهاتين ، وضم أصبعه إلى الأخرى وأننا في الأمم كالشعرة البيضاء في الثور الأسود - فهذا أولى ما حمل عليه قول رسول الله صلى الله عليه وسلم لتتفق أخباره كلها ; بل لا يجوز غير هذا أصلا - ، وبالله تعالى التوفيق .
وأما قوله ، وقول
nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك ،
nindex.php?page=showalam&ids=13790والشافعي : إن وقت العتمة يمتد إلى طلوع الفجر ، وزاد
nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك ،
nindex.php?page=showalam&ids=13790والشافعي امتداد صلاة المغرب إلى ذلك الوقت ؟ - : فخطأ ظاهر ; لأنه دعوى بلا دليل ، وخلاف لجميع الأحاديث ، أولها عن آخرها ; وما كان هكذا فهو ساقط بيقين ، وقد احتج في هذا بعض من ذهب إلى ذلك من أصحابنا بقول رسول الله صلى الله عليه وسلم : {
nindex.php?page=hadith&LINKID=48480إنما التفريط في اليقظة أن تؤخر صلاة حتى يدخل وقت أخرى } وراموا بهذا اتصال وقت العتمة بوقت صلاة الصبح فإن هذا لا يدل على ما قالوه أصلا ، وهم مجمعون معنا - بلا خلاف من أحد من الأمة - أن وقت صلاة الفجر لا يمتد إلى وقت صلاة الظهر ؟ فصح أن هذا الخبر لا يدل على اتصال وقت كل صلاة بوقت التي بعدها ، وإنما فيه معصية من أخر صلاة إلى وقت غيرها فقط ، سواء اتصل آخر وقتها بأول الثانية لها ، أم لم يتصل ؟ وليس فيه : أنه لا يكون مفرطا أيضا من أخرها إلى خروج وقتها ، وإن لم يدخل وقت أخرى ، ولا أنه يكون مفرطا ; بل هو مسكوت عنه في هذا الخبر ، ولكن بيانه في سائر الأخبار التي فيها نص على خروج وقت كل صلاة .
والضرورة توجب أن من تعدى بكل عمل وقته الذي حده الله تعالى لذلك العمل فقد تعدى حدود الله ، وقال تعالى : {
ومن يتعد حدود الله فأولئك هم الظالمون } فكل من قدم صلاة قبل وقتها الذي حده الله تعالى لها وعلقها به ، وأمر بأن تقام فيه ، ونهى عن التفريط في ذلك ; أو أخرها عن ذلك الوقت - : فقد تعدى حدود الله تعالى ؟ فهو ظالم عاص .
وهذا لا خلاف فيه من أحد من الحاضرين من المخالفين
[ ص: 212 ] وأما تعمد تأخيرها عن وقتها فمعصية بإجماع من تقدم وتأخر ، مقطوع عليه متيقن ، ومن شبه الصلاة بالدين ، لزمه إجازة تقديمها قبل وقتها ; كالدين يقدم قبل أجله فهو حسن ولزمه أن يقول بعصيان من أخرها عامدا قادرا عن وقتها ، كالدين يمطل بأدائه عن وقته بغير عذر ؟ .
وهذا هو القياس في هذا الباب ، وقد خالفوه فإن ادعوا إجماعا على قولهم ؟ كذبوا ، فقد صح عن بعض السلف جواز تقديم الصلاة قبل وقتها ; وما جاز قط عند أحد تعمد تأخيرها عن وقتها بغير عذر - ، وبالله تعالى التوفيق ؟ .
وأما إنكار
nindex.php?page=showalam&ids=11990أبي حنيفة تأخير المسافر الذي جد به السير ، ولم ينزل قبل الزوال ، ولا بعده صلاة الظهر إلى وقت العصر كغيره وتأخير المغرب كذلك إلى وقت العتمة كغيره ؟ - : فهو خلاف مجرد للسنن الثابتة في ذلك ؟ رواها
nindex.php?page=showalam&ids=9أنس nindex.php?page=showalam&ids=12وابن عمر بأصح طريق ; وقد ذكرنا رواية
nindex.php?page=showalam&ids=9أنس ; وغنينا بها عن ذكر رواية
nindex.php?page=showalam&ids=12ابن عمر ولا أعجب من قول بعض المقلدين له في حديث
nindex.php?page=showalam&ids=12ابن عمر {
nindex.php?page=hadith&LINKID=48497فلما كان بعد غروب الشفق نزل فصلى المغرب ، ثم العتمة ؟ } .
فقال هذا المفتون : إنما أراد قبل غروب الشفق ; فقال : بعد غروب الشفق على المقاربة واحتج بقول الله تعالى : {
فإذا بلغن أجلهن فأمسكوهن بمعروف أو فارقوهن بمعروف } .
وقول رسول الله صلى الله عليه وسلم : {
nindex.php?page=hadith&LINKID=48498فكلوا واشربوا حتى ينادي nindex.php?page=showalam&ids=100ابن أم مكتوم فإنه أعمى لا ينادي حتى يقال له : أصبحت أصبحت } .
قال
nindex.php?page=showalam&ids=13064علي : وهذه مجاهرة لا ينبغي أن يستسهلها ذو ورع وحياء أن يقول الثقة {
nindex.php?page=hadith&LINKID=48497بعد غروب الشفق } فيقول قائل : إنما أراد قبل غروب الشفق ومن سلك هذه الطريقة دخل في طريق
الروافض الذين يحرفون الكلم عن مواضعه ، ويفسرون الجبت والطاغوت وأن تذبحوا بقرة على ما هم
[ ص: 213 ] أولى به وفي هذا بطلان جميع الشريعة ، وبطلان جميع المعقول ، والسفسطة المجردة - ونعوذ بالله من البلاء ؟ .
وأما قوله تعالى : {
فإذا بلغن أجلهن } فليس كما ظن ، بل هو على حقيقته ، ومراد الله تعالى أجل الكون في العدة ، لا أجل انقضائها ، لا يجوز غير ذلك أصلا ، وحاشا لله أن يأمر بالباطل وكذلك {
nindex.php?page=hadith&LINKID=48499قوله عليه السلام لا يؤذن حتى يقال له : أصبحت أصبحت } أيضا حقيقة على ظاهره - وما أذان
nindex.php?page=showalam&ids=100ابن أم مكتوم إلا بعد الفجر ، وأمر الإصباح : لا قبلهما ؟ ولو كان ما ظنوه : لحرم الأكل قبل طلوع الفجر وهذا ما لا يقولونه ، ولا يقوله مسلم ؟ وأما قول
nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك بتقديم المريض - الذي يخشى ذهاب عقله - العصر إلى وقت الظهر ، والعتمة إلى وقت المغرب - : خطأ ظاهر .
ولا يخلو وقت الظهر من أن يكون أيضا وقتا للعصر ، ويكون وقت المغرب وقتا للعتمة ، أو لا يكون شيئا من ذلك ؟ فإن كان وقت كل واحدة من الظهر والمغرب وقتا للعصر وللعتمة أيضا - : فتقديم العتمة إلى وقت المغرب - الذي هو وقت لها - وتقديم وقت العصر إلى وقت الظهر - الذي هو وقت لها أيضا - : جائز لغير المريض ; لأنه يصلي العتمة والعصر أيضا في وقتيهما ، وهذا ما لا يقوله ؟ .
وإن كان وقت الظهر ليس وقتا للعصر ، ووقت المغرب ليس وقتا للعتمة - : فقد أباح له أن يصلي صلاة قبل وقتها ، وهذا لا يجوز ؟ ولئن جاز ذلك في هاتين الصلاتين ليجوزن ذلك له أيضا في تقديم الظهر قبل الزوال ، وتقديم المغرب قبل غروب الشمس ، وتقديم الصبح قبل طلوع الفجر ، وهذا ما لا يقوله - فقد ظهر التناقض فإن قال : ليس وقت الظهر وقتا للعصر إلا للمريض الذي يخشى ذهاب عقله : كلف الدليل على هذا التخصيص المدعى بلا برهان ، والذي لا يعجز عن مثله أحد ، ولا
[ ص: 214 ] سبيل له إليه ، وقد ذكرنا بطلان قول جميعهم في الجمع وفي اشتراك الوقتين - ، وبالله تعالى التوفيق .
وههنا حديث ننبه عليه ; لئلا يظن ظان أننا أغفلناه ، وأن فيه معنى زائدا وهو حديث رويناه من طريق
أبي بشر جعفر بن أبي وحشية عن
بشير بن ثابت عن
حبيب بن سالم عن
nindex.php?page=showalam&ids=114النعمان بن بشير : {
nindex.php?page=hadith&LINKID=48500أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يصلي العشاء الآخرة لمغيب القمر ليلة ثالثة } .
قال
nindex.php?page=showalam&ids=13064علي :
بشير بن ثابت لم يرو عنه أحد نعلمه إلا
nindex.php?page=showalam&ids=11937أبو بشر ، ولا روى عنه
nindex.php?page=showalam&ids=11937أبو بشر إلا هذا الحديث ، وقد وثق وتكلم فيه ، وهو إلى الجهالة أقرب ؟
وحبيب بن سالم مولى النعمان بن بشير وكاتبه ; وليس مشهور الحال في الرواة .
ولو صح لما كانت فيه حجة في أن هذا هو أول وقت العتمة ; بل قد يدخل وقتها قبل ذلك ؟ والقمر يغيب ليلة ثالثة في كل زمان ومكان بعد ذهاب ساعتين ونصف ساعة ونصف سبع ساعة من ساعات تلك الليلة المجزأة على اثنتي عشرة ساعة ، والشفق الذي هو البياض يتأخر ، والشفق الذي هو الحمرة يغيب قبل سقوط القمر في الليلة الثالثة بحين كبير جدا مغيبة بعد سقوط القمر ليلة ثالثة ساعة ونصفا من الساعات المذكورة .
فليس في هذا الخبر - لو صح - حجة في شيء أصلا مما يختلف - وبالله تعالى التوفيق .