صفحة جزء
455 - مسألة : ففي الصلاة أربع جلسات : جلسة بين كل سجدتين ، وجلسة إثر السجدة الثانية من كل ركعة ، وجلسة للتشهد بعد الركعة الثانية ، يقوم منها إلى الثالثة في المغرب ، والحاضر في الظهر والعصر والعشاء الآخرة ، وجلسة للتشهد في آخر كل صلاة ، يسلم في آخرها .

وصفة جميع الجلوس المذكور أن يجعل أليته اليسرى على باطن قدمه اليسرى مفترشا لقدمه ، وينصب قدمه اليمنى ، رافعا لعقبها ، مجلسا لها على باطن أصابعها ، إلا الجلوس الذي يلي السلام من كل صلاة ، فإن صفته : أن يفضي بمقاعده إلى ما هو جالس عليه ، ولا يقعد على باطن قدمه فقط ؟ حدثنا عبد الله بن ربيع ثنا ابن السليم ثنا ابن الأعرابي ثنا أبو داود ثنا مسدد ثنا بشر بن المفضل عن عاصم بن كليب عن أبيه { عن وائل بن حجر قال : قلت : لأنظرن إلى صلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم كيف يصلي فقام رسول الله صلى الله عليه وسلم فاستقبل القبلة فكبر فرفع يديه حتى حاذتا بأذنيه ثم أخذ شماله بيمينه ، فلما أراد أن يركع رفعهما مثل ذلك ، ثم جلس فافترش رجله اليسرى } ، وذكر باقي الحديث .

فهذا عموم لكل جلوس في الصلاة - : حدثنا عبد الرحمن بن عبد الله ثنا إبراهيم بن أحمد البلخي ثنا محمد بن يوسف الفربري [ ص: 42 ] ثنا البخاري ثنا يحيى بن بكير ثنا الليث هو ابن سعد - عن يزيد بن أبي حبيب ، ويزيد بن محمد عن محمد بن عمرو بن حلحلة عن { محمد بن عمرو بن عطاء أنه كان جالسا في نفر من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم فذكرنا صلاة النبي صلى الله عليه وسلم فقال أبو حميد الساعدي : أنا كنت أحفظكم لصلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم رأيته إذا كبر جعل يديه حذاء منكبيه ، وإذا ركع أمكن يديه من ركبتيه ، ثم هصر ظهره ، فإذا رفع رأسه استوى حتى يعود كل فقار مكانه ، فإذا سجد وضع يديه غير مفترش ولا قابضهما واستقبل بأطراف أصابع رجليه القبلة ، فإذا جلس في الركعتين جلس على رجله اليسرى ونصب الأخرى وقعد على مقعدته } .

قال البخاري : سمع الليث يزيد بن أبي حبيب ، وسمع يزيد بن حلحلة وابن حلحلة عن ابن عطاء ، وروينا من طريق عبد الرزاق عن عطاء ونافع مولى ابن عمر ، كلاهما عن ابن عمر : أنه كان يجلس في مثنى فيجلس على اليسرى رجليه ، يتبطنها جالسا عليها ، ويقعي على أصابع يمناه ثانيها وراءه ؟ وهو قول الشافعي ، وأبي سليمان ؟ وقال أبو حنيفة : الجلوس كله - لا نحاش شيئا - مفترشا بأليته اليسرى باطن قدمه اليسرى ؟ وقال مالك : الجلوس كله - لا نحاش شيئا - مفضيا بمقاعده إلى الأرض قال علي : وكلا القولين خطأ وخلاف للسنة الثابتة التي أوردنا ؟ ومن العجب احتجاج الطائفتين كلتيهما بحديث أبي حميد المذكور في إسقاط الجلسة إثر السجدة الثانية من الركعة الأولى والثالثة ، وليس فيه ذكر لها أصلا ، لا بإثبات ولا بإسقاط ، ثم يخالفون حديث أبي حميد في نص ما فيه من صفة الجلوس وهذا غريب جدا

[ ص: 43 ] واعترض بعض المعترضين بالباطل على حديث أبي حميد هذا بأن العطاف بن خالد رواه عن محمد بن عمرو بن عطاء عن رجل عن أبي حميد ، وأن محمد بن عمرو بن عطاء روى هذا الحديث أيضا عن عباس بن سهل الساعدي عن أبيه وليس فيه هذا التقسيم .

قال علي : هذا اعتراض من لا يتقي الله ; لأن عطاف بن خالد ساقط لا تحل الرواية عنه إلا على بيان ضعفه ، فلا يجوز أن يحتج به على رواية الليث عن يزيد بن أبي حبيب عن محمد بن عمرو عن عطاء أنه شهد الأمر .

وأما رواية محمد بن عمرو عن عباس بن سهل فهذا خطأ ممن قال ذلك .

إنما رواه عيسى بن عبد الله بن مالك عن عباس بن سهل ، أو عياش - هكذا بالشك .

ورواه أيضا فليح بن سليمان عن عباس بن سهل - : وهاتان الروايتان أيضا - على علاتهما - موافقتان لروايتي أبي حميد .

وقال بعض القائلين : إن بعض الرواة روى حديث محمد بن عمرو بن عطاء عن أبي حميد فذكر فيه : أن أبا قتادة شهد المجلس وأبو قتادة قتل مع علي ، ولم يدركه محمد بن عمرو .

قال علي : والذي ذكر عن أبي قتادة أنه قتل مع علي من أحاديث السمريين والروافض ، ولا يصح ذلك ، ولا يعترض بمثل هذا على رواية الثقات . [ ص: 44 ]

وأيضا : فإنما ذكر أبا قتادة : عبد الحميد بن جعفر ، ولعله وهم فيه ، فبطل ما شغبوا به ، وبالله تعالى التوفيق

التالي السابق


الخدمات العلمية