519 - مسألة : من
حضره خوف من عدو ظالم كافر ، أو باغ من المسلمين ، أو من سيل ، أو من نار ، أو من حنش ، أو سبع ، أو غير ذلك وهم في ثلاثة فصاعدا - : فأميرهم مخير بين أربعة عشر وجها ، كلها صح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قد بيناها غاية البيان والتقصي في غير هذا الكتاب ، والحمد لله رب العالمين ؟ وإنما كتبنا كتابنا هذا للعامي والمبتدئ وتذكرة للعالم ، فنذكر ههنا بعض تلك الوجوه ، مما يقرب حفظه ويسهل فهمه ، ولا يضعف فعله ، وبالله تعالى التوفيق ؟ فإن كان في سفر ، فإن شاء صلى بطائفة ركعتين ثم سلم وسلموا ، ثم تأتي طائفة أخرى فيصلي بهم ركعتين ثم يسلم ويسلمون ، وإن كان في حضر صلى بكل طائفة أربع ركعات ، وإن كانت الصبح صلى بكل طائفة ركعتين ، وإن كانت المغرب صلى بكل
[ ص: 233 ] طائفة ثلاث ركعات ، الأولى فرض الإمام ، والثانية تطوع له وإن شاء في السفر أيضا صلى بكل طائفة ركعة ثم تسلم تلك الطائفة ويجزئهما ، وإن شاء هو سلم ، وإن شاء لم يسلم ، ويصلي بالأخرى ركعة ويسلم ويسلمون ويجزئهم .
وإن شاءت الطائفة أن تقضي الركعة والإمام واقف فعلت ، ثم تفعل الثانية أيضا كذلك ؟ فإن كانت الصبح صلى بالطائفة الأولى ركعة ثم وقف ولا بد وقضوا ركعة ثم سلموا ، ثم تأتي الثانية فيصلي بهم الركعة الثانية ، فإذا جلس قاموا فقضوا ركعة ، ثم سلم ويسلمون ؟ فإن كانت المغرب صلى بالطائفة الأولى ركعتين ، فإذا جلس قاموا فقضوا ركعة وسلموا وتأتي الأخرى فيصلي بهم الركعة الباقية ، فإذا قعد صلوا ركعة ثم جلسوا وتشهدوا ، ثم صلوا الثالثة ثم يسلم ويسلمون ؟ فإن كان وحده فهو مخير بين ركعتين في السفر ، أو ركعة واحدة وتجزئه وأما الصبح فاثنتان ولا بد ، والمغرب ثلاث ولا بد ، وفي الحضر أربع ولا بد ؟ سواء ههنا الخائف من طلب بحق ، أو بغير حق .
قال الله تعالى : {
وإذا ضربتم في الأرض فليس عليكم جناح أن تقصروا من الصلاة إن خفتم أن يفتنكم الذين كفروا إن الكافرين كانوا لكم عدوا مبينا وإذا كنت فيهم فأقمت لهم الصلاة فلتقم طائفة منهم معك وليأخذوا أسلحتهم فإذا سجدوا فليكونوا من ورائكم ولتأت طائفة أخرى لم يصلوا فليصلوا معك وليأخذوا حذرهم وأسلحتهم } .
فهذه الآية تقتضي بعمومها الصفات التي قلنا نصا ثم كل ما صح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم فلا يحل لأحد أن يرغب عن شيء منه ، قال الله تعالى آمرا لرسوله صلى الله عليه وسلم أن يقول : {
قل إنني هداني ربي إلى صراط مستقيم دينا قيما ملة [ ص: 234 ] إبراهيم حنيفا وما كان من المشركين } .
وقال تعالى : {
ومن يرغب عن ملة إبراهيم إلا من سفه نفسه } .
وكل شيء فعله رسول الله صلى الله عليه وسلم فهو من ملته ، وملته هي ملة
إبراهيم عليه السلام وقد ذكرنا قبل هذا بيسير في باب من نسي صلاة فوجد جماعة يصلون يصلي صلاة أخرى في حديث
أبي بكرة nindex.php?page=showalam&ids=36وجابر {
nindex.php?page=hadith&LINKID=48932أن رسول الله صلى الله عليه وسلم صلى بطائفة ركعتين في الخوف ثم سلم ، وبطائفة أخرى ركعتين ثم سلم } .
وذكرنا من قال ذلك من السلف ، فأغنى عن إعادته ، وهذا آخر فعل رسول الله صلى الله عليه وسلم ; لأن
أبا بكرة شهده معه ولم يسلم إلا يوم
الطائف ، ولم يغز عليه السلام بعد
الطائف غير
تبوك فقط .
فهذه
أفضل صفات صلاة الخوف لما ذكرنا .
وقال بهذا
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي ،
nindex.php?page=showalam&ids=12251وأحمد بن حنبل .
وقد ذكرنا أيضا حديث
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس " فرض الله الصلاة على لسان نبيكم صلى الله عليه وسلم في الحضر أربعا ، وفي السفر ركعتين ، وفي الخوف ركعة " - : حدثنا
عبد الله بن ربيع ثنا
أحمد بن معاوية ثنا
أحمد بن شعيب أنا
عمرو بن علي ثنا
nindex.php?page=showalam&ids=17293يحيى بن سعيد القطان ثنا
nindex.php?page=showalam&ids=16004سفيان الثوري حدثني
أشعث بن سليم هو ابن أبي الشعثاء - عن
nindex.php?page=showalam&ids=13704الأسود بن هلال عن
ثعلبة بن زهدم قال : " كنا مع
nindex.php?page=showalam&ids=74سعيد بن العاص بطبرستان فقال : أيكم صلى مع رسول الله صلى الله عليه وسلم صلاة الخوف ؟ فقال
nindex.php?page=showalam&ids=21حذيفة : أنا ، فقام
nindex.php?page=showalam&ids=21حذيفة وصف الناس خلفه صفين صفا خلفه وصفا موازي العدو ، فصلى بالذين خلفه ركعة ، وانصرف هؤلاء إلى مكان هؤلاء ، وجاء أولئك ، فصلى بهم ركعة ولم يقضوا " .
قال
سفيان : وحدثني
الركين بن الربيع عن
القاسم بن حسان عن
nindex.php?page=showalam&ids=47زيد بن ثابت عن النبي صلى الله عليه وسلم مثل صلاة
nindex.php?page=showalam&ids=21حذيفة .
قال
nindex.php?page=showalam&ids=13064علي :
nindex.php?page=showalam&ids=13704الأسود بن هلال ثقة مشهور ،
وثعلبة بن زهدم أحد الصحابة حنظلي وفد على رسول الله صلى الله عليه وسلم وسمع منه وروى عنه .
وصح هذا أيضا مسندا من طريق
nindex.php?page=showalam&ids=17360يزيد بن زريع ،
nindex.php?page=showalam&ids=14724وأبي داود الطيالسي كلاهما عن
[ ص: 235 ] عبد الرحمن بن عبد الله المسعودي عن
nindex.php?page=showalam&ids=17364يزيد الفقير عن
nindex.php?page=showalam&ids=36جابر عن النبي صلى الله عليه وسلم وأخبر
nindex.php?page=showalam&ids=36جابر أن القصر المذكور في الآية عند الخوف هو هذا ؟ لا كون الصلاة ركعتين في السفر
وصح أيضا : من طريق
الزهري عن
nindex.php?page=showalam&ids=16523عبيد الله بن عبد الله بن عتبة بن مسعود عن
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس عن النبي صلى الله عليه وسلم وروي أيضا عن
nindex.php?page=showalam&ids=12ابن عمر .
فهذه آثار متظاهرة متواترة ، وقال بهذا جمهور من السلف .
كما روي عن
nindex.php?page=showalam&ids=21حذيفة أيام
عثمان رضي الله عنه ومن معه من الصحابة ، لا ينكر ذلك أحد منهم ، وعن
nindex.php?page=showalam&ids=36جابر ، وغيره ؟ وروينا عن
nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة أنه صلى بمن معه صلاة الخوف ، فصلاها بكل طائفة ركعة إلا أنه لم يقض ولا أمر بالقضاء ؟ وعن
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس : يومئ بركعة عند القتال ؟ وعن
الحسن : أن
nindex.php?page=showalam&ids=110أبا موسى الأشعري صلى في الخوف ركعة وعن
nindex.php?page=showalam&ids=17124معمر عن
nindex.php?page=showalam&ids=16446عبد الله بن طاوس عن أبيه قال : إذا كانت المسايفة فإنما هي ركعة يومئ إيماء حيث كان وجهه ، راكبا كان أو ماشيا ؟
وعن
nindex.php?page=showalam&ids=16004سفيان الثوري عن
nindex.php?page=showalam&ids=17419يونس بن عبيد عن
الحسن قال في صلاة المطاردة : ركعة ومن طريق
سعيد بن عبد العزيز عن
nindex.php?page=showalam&ids=17134مكحول في صلاة الخوف : إذا لم يقدر القوم على أن يصلوا على الأرض صلوا على ظهور الدواب ركعتين فإذا لم يقدروا فركعة وسجدتان ، فإن لم يقدروا أخروا حيث يأمنوا ؟ قال
nindex.php?page=showalam&ids=13064علي : أما تأخيرها عن وقتها فلا يحل ألبتة ; لأنه لم يسمح الله تعالى في تأخيرها ولا رسوله صلى الله عليه وسلم . قال الله تعالى : {
فإن خفتم فرجالا أو ركبانا } .
وقال
nindex.php?page=showalam&ids=16004سفيان الثوري : حدثني
سالم بن عجلان الأفطس سمعت
nindex.php?page=showalam&ids=15992سعيد بن جبير [ ص: 236 ] يقول : كيف يكون قصر وهم يصلون ركعتين ؟ وإنما هو ركعة ركعة ، يومئ بها حيث كان وجهه ؟ وعن
nindex.php?page=showalam&ids=16102شعبة عن
أبي مسلمة هو سعيد بن يزيد - عن
nindex.php?page=showalam&ids=12179أبي نضرة عن
جابر بن غراب كنا مصافي العدو
بفارس ، ووجوهنا إلى المشرق ، فقال
nindex.php?page=showalam&ids=17234هرم بن حيان : ليركع كل إنسان منكم ركعة تحت جنته حيث كان وجهه وعن
nindex.php?page=showalam&ids=16349عبد الرحمن بن مهدي عن
nindex.php?page=showalam&ids=16102شعبة قال : سألت
الحكم بن عتيبة ،
وحماد بن أبي سليمان ،
nindex.php?page=showalam&ids=16815وقتادة عن
صلاة المسايفة ؟ فقالوا : ركعة حيث كان وجهه وعن
nindex.php?page=showalam&ids=17277وكيع عن
nindex.php?page=showalam&ids=16102شعبة عن
المغيرة بن مقسم عن
nindex.php?page=showalam&ids=12354إبراهيم مثل قول
الحكم ،
وحماد ،
nindex.php?page=showalam&ids=16815وقتادة .
وعن
أبي عوانة عن
nindex.php?page=showalam&ids=11937أبي بشر عن
nindex.php?page=showalam&ids=16879مجاهد في قول الله تعالى : {
فإن خفتم فرجالا أو ركبانا } قال : في العدو يصلي راكبا وراجلا يومئ حيث كان وجهه ، والركعة الواحدة تجزئه .
وبه يقول
nindex.php?page=showalam&ids=16004سفيان الثوري ،
nindex.php?page=showalam&ids=12418وإسحاق بن راهويه ؟ قال
nindex.php?page=showalam&ids=13064علي : وهذان العملان أحب العمل إلينا ، من غير أن نرغب عن سائر ما صح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في ذلك ، ومعاذ الله من هذا .
لكن ملنا إلى هذين لسهولة العمل فيهما على كل جاهل ، وعالم ، ولكثرة من رواهما عن النبي صلى الله عليه وسلم .
ولكثرة من قال بهما من الصحابة والتابعين . ولتواتر الخبر بهما عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ولموافقتهما القرآن ؟
[ ص: 237 ] وقد قال بعض من لا يبالي بالكذب ، عصبية لتقليده المهلك له - : الأمر عندنا على أنهم قضوا قال
nindex.php?page=showalam&ids=13064علي : هذا انسلاخ من الحياء جملة ، وقصد إلى الكذب جهارا
ولا فرق بين من قال هذا القول وبين من قال : الأمر عندنا على أنهم أتموا أربعا ؟ وقال : لم نجد في الأصول صلاة من ركعة ؟ وقلنا لهم : ولا وجدتم في الأصول صلاة الإمام بطائفتين ، ولا صلاة إلى غير القبلة ، ولا صلاة يقضي فيها المأموم ما فاته قبل تمام صلاة إمامه ، ولا صلاة يقف المأموم فيها لا هو يصلي مع إمامه ولا هو يقضي ما بقي عليه من صلاته ، وهذا كله عندكم جائز في الخوف ، ولا وجدتم شيئا من الديانة حتى جاء بها رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الله تعالى ، والأصول ليست شيئا غير القرآن والسنن ؟
فإن قيل : قد روي من طريق
nindex.php?page=showalam&ids=21حذيفة : أنه أمر بقضاء ركعة قلنا : هذا انفرد به
nindex.php?page=showalam&ids=15689الحجاج بن أرطاة ، وهو ساقط لا تحل الرواية عنه ، ثم لو صح لما منع من رواية الثقات أنهم لم يقضوا ، بل كان يكون كل ذلك جائزا ؟
وقال بعضهم : قد روي عن
nindex.php?page=showalam&ids=21حذيفة صلاة الخوف ركعتين وأربع سجدات ؟ قلنا : هذا من رواية
يحيى الحماني وهو ضعيف ، عن
شريك ، وهو مدلس ،
وخديج ، وهو مجهول . ثم لو صح ذلك لكان مقصودا به صلاة إمامهم بهم وكذلك القول في رواية
سليم بن صليع السلولي - وهو مجهول
- عن
nindex.php?page=showalam&ids=21حذيفة : أنه قال
لسعيد : مر طائفة من أصحابك فيصلون معك ، وطائفة خلفكم ، فتصلي بهم ركعتين وأربع سجدات ؟ وهكذا نقول : في صلاة الإمام بهم
وقال بعضهم : قد صح عن النبي صلى الله عليه وسلم : {
nindex.php?page=hadith&LINKID=20800صلاة الليل والنهار مثنى مثنى } ؟ قلنا : نعم ، إلا ما جاء نص فيه أنه أقل من مثنى ، كالوتر ، وصلاة الخوف أو أكثر من مثنى ، كالظهر ، والعصر ، والعشاء .
وقال بعضهم : قد نهي عن " البتيراء " ؟
[ ص: 238 ] قال
nindex.php?page=showalam&ids=13064علي : وهذه كذبة وخبر موضوع .
وما ندري " البتيراء " في شيء من الدين - ولله الحمد وقال بعضهم : أنتم تجيزون للإمام أن يصلي بهم إن شاء ركعة ويسلم ، وإن شاء وصلها بأخرى بالطائفة الثانية ، وبيقين ندري أن ما كان للمرء فعله وتركه فهو تطوع لا فرض ، وإذ ذلك كذلك فمحال أن يصل فرضه بتطوع لا يفصل بينهما سلام ؟ قال
nindex.php?page=showalam&ids=13064علي : إنما يكون ما ذكروا فيما لم يأت به نص ، وأما إذا جاء النص فالنظر كله باطل ، لا يحل به معارضة الله تعالى ورسوله صلى الله عليه وسلم .
ثم نقول لهم : أليس مصلي الفرض من إمام أو منفرد - عندكم وعندنا - مخيرا بين أن يقرأ مع " أم القرآن " سورة إن شاء طويلة وإن شاء قصيرة وإن شاء اقتصر على " أم القرآن " فقط وإن شاء سبح في ركوعه وسجوده تسبيحة تسبيحة وإن شاء طولهما ؟ فمن قولهم : نعم .
فقلنا لهم : فقد أبحتم ههنا ما قد حكمتم بأنه باطل ومحال من صلته فريضة بما هو عندكم تطوع إن شاء فعله وإن شاء تركه ؟ قال
nindex.php?page=showalam&ids=13064علي : وليس كما قالوا ، بل كل هذا خير فيه البر ، فإن طول ففرض أداه ، وإن لم يطول ففرض أداه ، وإن كان صلى ركعة في الخوف فهي فرضه ، وإن صلى ركعتين فهما فرضه .
كما فعل عليه السلام وكما أمر {
وما ينطق عن الهوى إن هو إلا وحي يوحى } {
لا يسأل عما يفعل وهم يسألون }
قال
nindex.php?page=showalam&ids=13064علي وسائر الوجوه الصحاح التي لم تذكر أخذ ببعضها
nindex.php?page=showalam&ids=8علي بن أبي طالب رضي الله عنه
nindex.php?page=showalam&ids=110وأبو موسى الأشعري ،
nindex.php?page=showalam&ids=12وابن عمر ، وجماعة من التابعين والفقهاء رضي الله عنهم .
وههنا أقوال لم تصح قط عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ولم ترو عنه أصلا ، ولكن رويت عمن دون رسول الله صلى الله عليه وسلم فمن الصحابة رضي الله عنهم - :
nindex.php?page=showalam&ids=77عبد الرحمن بن سمرة بن حبيب بن عبد شمس ،
والحكم بن عمرو الغفاري .
[ ص: 239 ] ومن التابعين - :
nindex.php?page=showalam&ids=17073مسروق ، ومن الفقهاء - :
الحسن بن حي ،
وحميد الرؤاسي صاحبه .
ومن جملتها قول رويناه عن
سهل بن أبي حثمة ، رجع
nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك إلى القول به ، بعد أن كان يقول ببعض الوجوه التي صحت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو : أن يصف الإمام أصحابه طائفتين ، إحداهما خلفه ، والثانية مواجهة العدو ، فيصلي الإمام بالطائفة التي معه ركعة بسجدتيها ، فإذا قام إلى الركعة الثانية ثبت واقفا وأتمت هذه الطائفة لأنفسها الركعة التي بقيت عليها ، ثم سلمت ونهضت فوقفت بإزاء العدو ، والإمام في كل ذلك واقف في الركعة الثانية ، وتأتي الطائفة الثانية التي لم تصل فتصف خلف الإمام وتكبر ، فيصلي بهم الركعة الثانية بسجدتيها ، هي لهم أولى ، وهي للإمام ثانية ، ثم يجلس الإمام ويتشهد ويسلم ، فإذا سلم قامت هذه الطائفة الثانية فقضت الركعة التي لها ؟
قال
nindex.php?page=showalam&ids=13064علي : وهذا العمل المذكور - قضاء الطائفة الأولى والإمام واقف ، وقضاء الطائفة الثانية بعد أن يسلم الإمام - لم يأت قط جمع هذين القضاءين على هذه الصفة في شيء مما صح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أصلا .
وهو خلاف ظاهر القرآن ; لأنه تعالى قال : {
ولتأت طائفة أخرى لم يصلوا فليصلوا معك } ولأن الطائفة لم تصل بعض صلاتها معه ، وما كان خلافا لظاهر القرآن دون نص من بيان النبي صلى الله عليه وسلم - : " فلا يجوز القول به ، وليس يوجب هذا القول قياس ، ولا نظر " . وليس تقليد
سهل بن أبي حثمة رضي الله عنه بأولى من تقليد من خالفه من الصحابة ، ممن قد ذكرناه - :
كعمرو ،
nindex.php?page=showalam&ids=13وابن عمرو ،
وأبي موسى ،
nindex.php?page=showalam&ids=36وجابر ،
nindex.php?page=showalam&ids=11وابن عباس ،
والحكم بن عمرو ،
nindex.php?page=showalam&ids=21وحذيفة ،
وثعلبة بن زهدم ،
nindex.php?page=showalam&ids=9وأنس ،
nindex.php?page=showalam&ids=77وعبد الرحمن بن سمرة ، وغيرهم .
فإن قيل : إن
سهل بن أبي حثمة روى بعض تلك الأعمال وخالفه .
ولا يجوز أن يظن به أنه خالف ما حضر مع رسول الله صلى الله عليه وسلم إلا لأمر علمه هو ناسخ لما رواه ؟ قلنا : هذا باطل ، وحكم بالظن ، وترك لليقين ، وإضافة إلى الصاحب رضي الله عنه
[ ص: 240 ] ما لا يحل أن يظن به ، من أنه روى لنا المنسوخ وكتم الناسخ .
ولا فرق بين قولكم هذا وبين من قال : لا يصح عنه أنه يخالف ما روى ، فالداخلة إنما هي فيما روي منه ما أضيف إليه ، لا فيما رواه هو عن النبي صلى الله عليه وسلم واستدل على ذلك بأنه لا يجوز أن يخالف حكم رسول الله صلى الله عليه وسلم .
قال
nindex.php?page=showalam&ids=13064علي : ولسنا نقول : بشيء من هذين القولين ، بل نقول : إن الحق أخذ رواية الراوي ، لا أخذ رأيه ، إذ قد يتأول فيهم ، وقد ينسى ، ولا يجوز ألبتة أن يكتم الناسخ ويروي المنسوخ ؟ ولا يجوز لهم أن يوهموا ههنا بعمل أهل
المدينة ; لأن
nindex.php?page=showalam&ids=12ابن عمر ،
nindex.php?page=showalam&ids=16523وعبيد الله بن عبد الله بن عتبة ،
والزهري : مخالفون لاختيار
nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك ، وما وجدنا ما اختاره
nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك عن أحد قبله إلا عن
سهل بن أبي حثمة وحده - وبالله تعالى التوفيق - : ومنها قول رويناه عن
nindex.php?page=showalam&ids=16523عبيد الله بن عتبة بن مسعود nindex.php?page=showalam&ids=12354وإبراهيم النخعي ، أخذ به
nindex.php?page=showalam&ids=11990أبو حنيفة وأصحابه إلا أن
nindex.php?page=showalam&ids=14954أبا يوسف رجع عنه - : وهو أن يصفهم الإمام صفين : طائفة خلفه ، وطائفة بإزاء العدو - : فيصلي بالتي خلفه ركعة بسجدتيها ، فإذا قام إلى الركعة الثانية وقف ، ونهضت الطائفة التي صلت معه فوقفوا بإزاء العدو ، وهم في صلاتهم بعد .
ثم تأتي الطائفة التي كانت بإزاء العدو فتكبر خلف الإمام ، ويصلي بهم الإمام الركعة الثانية له وهي لهم الأولى ، فإذا جلس وتشهد : سلم ، وتنهض الطائفة الثانية التي صلت معه الركعة الثانية ، وهم في صلاتهم ، فتقف بإزاء العدو .
وتأتي الطائفة التي كانت صلت مع الإمام الركعة الأولى فترجع إلى المكان الذي صلت فيه مع الإمام ، فتقضي فيه الركعة التي بقيت لها ، وتسلم ، ثم تأتي فتقف بإزاء العدو .
وترجع الطائفة الثانية إلى المكان الذي صلت فيه مع الإمام ، فتقضي فيه الركعة التي بقيت لها .
إلا أن
nindex.php?page=showalam&ids=11990أبا حنيفة زاد من قبل رأيه زيادة لا تعرف من أحد من الأمة قبله - : وهي أنه
[ ص: 241 ] قال : تقضي الطائفة الأولى الركعة التي بقيت عليها بلا قراءة شيء من القرآن فيها .
وتقضي الطائفة الثانية الركعة التي بقيت عليها بقراءة القرآن فيها ولا بد قال
nindex.php?page=showalam&ids=13064علي : وهذا عمل لم يأت قط عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ولا عن أحد من الصحابة رضي الله عنهم ، وذلك أن فيه مما قد يخالف كل أثر جاء في صلاة الخوف ، تأخير الطائفتين معا إتمام الركعة الباقية لهما إلى أن يسلم الإمام ، فتبتدئ أولاهما بالقضاء ، ثم لا تقضي الثانية إلا حتى تسلم الأولى .
وفيه أيضا مما يخالف كل أثر روي في صلاة الخوف - : مجيء كل طائفة للقضاء خاصة إلى الموضع الذي صلت فيه مع الإمام بعد أن زالت عنه إلى مواجهة العدو
فإن قيل : قد روي نحو هذا عن
nindex.php?page=showalam&ids=10ابن مسعود ؟ قلنا : قلتم الباطل والكذب ، إنما جاء عن
nindex.php?page=showalam&ids=10ابن مسعود - من طريق واهية - خبر فيه ابتداء الطائفتين معا بالصلاة معا مع الإمام ، وأن الطائفة التي صلت آخرا هي بدأت بالقضاء قبل الثانية ، وليس هذا في قول
nindex.php?page=showalam&ids=11990أبي حنيفة ، وأنتم تعظمون خلاف الصاحب ، لا سيما إذا لم يرو عن أحد من الصحابة خلافه ؟ فإن قالوا : إنما تخيرنا ابتداء طائفة بعد طائفة اتباعا للآية ؟ قلنا : فقد خالفتم الآية في إيجابكم صلاة كل طائفة ما بقي عليها بعد تمام صلاة الإمام ، وإنما قال تعالى : {
فليصلوا معك } فخالفتم القرآن ، وجميع الآثار عن النبي صلى الله عليه وسلم صحيحها وسقيمها ، وجميع الصحابة رضي الله عنهم بلا نظر ولا قياس واحتج بعضهم بنادرة ، وهي : أنه قال : يلزم الإمام العدل بينهم ، فكما صلت الطائفة الواحدة أولا فكذلك تقضي أولا ؟ قال
nindex.php?page=showalam&ids=13064علي : وهذا باطل ، بل هو الجور والمحاباة ، بل العدل والتسوية هو أنه إذا صلت الواحدة أولا أن تقضي الثانية أولا ، فتأخذ كل طائفة بحظها من التقدم وبحظها من التأخر وقال بعضهم : لم نر قط مأموما بدأ بالقضاء قبل تمام صلاة إمامه ؟
[ ص: 242 ] فقيل لهم : ولا رأيتم قط مأموما يترك صلاة إمامه ويمضي إلى شغله ويقف برهة طويلة بعد تمام صلاة إمامه لا يقضي ما فاته منها ، وأنتم تقولون : بهذا بغير نص ولا قياس ، ثم تعيبون من اتبع القرآن والسنن ألا ذلك هو الضلال المبين لا سيما تقسيم
nindex.php?page=showalam&ids=11990أبي حنيفة في قضاء الطائفتين ، إحداهما بقراءة والأخرى بغير قراءة ، فما عرف هذا عن أحد قبله ، ولا يؤيده رأي سديد ، ولا قياس ؟ ومنها قول ذهب إليه
nindex.php?page=showalam&ids=14954أبو يوسف في آخر قوليه ، وهو قول
nindex.php?page=showalam&ids=14111الحسن اللؤلؤي ، وهو : أن لا تصلى صلاة الخوف بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم .
قال
nindex.php?page=showalam&ids=13064علي : وهذا خلاف قول الله تعالى : {
لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة } .
قال
nindex.php?page=showalam&ids=13064علي : إلا أن من قال : إن النكاح بسورة من القرآن خاص للنبي صلى الله عليه وسلم والصلاة جالسا كذلك - : لا يقدر أن ينكر على
nindex.php?page=showalam&ids=14954أبي يوسف قوله ههنا ؟ ومنها قول رويناه عن
الضحاك بن مزاحم ،
nindex.php?page=showalam&ids=16879ومجاهد ،
والحكم بن عتبة ،
nindex.php?page=showalam&ids=12418وإسحاق بن راهويه ، وهو : أن تكبيرتين فقط تجزئان في صلاة الخوف وروينا أيضا عن
الحكم ،
nindex.php?page=showalam&ids=16879ومجاهد : تكبيرة واحدة تجزئ في صلاة الخوف
وهذا خطأ ; لأنه لم يأت به نص - وبالله تعالى التوفيق . فإن قال قائل : كيف تقولون بصلاة الخوف على جميع هذه الوجوه ، وقد رويتم عن
nindex.php?page=showalam&ids=47زيد بن ثابت {
nindex.php?page=hadith&LINKID=48933أن رسول الله صلى الله عليه وسلم صلى صلاة الخوف مرة ، لم يصل بنا قبلها ولا بعدها } ؟ قلنا : هذا لو صح لكان أشد عليكم ; لأنه يقال لكم : من أين كان لكم بأن الوجه الذي اخترتموه هو العمل الذي عمله رسول الله صلى الله عليه وسلم إذ صلاها ؟ لا سيما إن كان المعترض بهذا حنفيا أو مالكيا ؟ لأن اختيار هاتين الفرقتين لم يأت قط عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وكيف وهذا حديث ساقط ؟ لم يروه إلا
يحيى الحماني ، وهو ضعيف ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=16101شريك القاضي ، وهو مدلس لا
[ ص: 243 ] يحتج بحديثه ، فكيف يستحل ذو دين أن يعارض بهذه السوءة أحاديث الكواف من الصحابة رضي الله عنهم أجمعين : إنهم شهدوا صلاة الخوف مع رسول الله صلى الله عليه وسلم مرات : مرة
بذي قرد ، ومرة
بذات الرقاع ، ومرة
بنجد ، ومرة بين
ضجنان وعسفان ، ومرة
بأرض جهينة ، ومرة
بنخل ، ومرة
بعسفان ، ومرة يوم محارب وثعلبة ، ومرة إما
بالطائف وإما
بتبوك .
وقد يمكن أن يصليها في يوم مرتين للظهر والعصر ، وروى ذلك عن الصحابة أكابر التابعين والثقات الأثبات ؟ ونعوذ بالله من الخذلان ؟ قال
nindex.php?page=showalam&ids=13064علي : وإنما قلنا : بالصلاة ركعة واحدة في كل خوف لعموم حديث
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس " فرضت الصلاة على لسان نبيكم صلى الله عليه وسلم في الحضر أربعا ، وفي السفر ركعتين ، وفي الخوف ركعة " ولا يجوز تخصيص حكمه عليه السلام بالظنون الكاذبة - وبالله تعالى التوفيق .